شارل الياس شرتوني/لبنان بين علي ومعاوية، الاسلاميون الشيعة والاسلاميون السنة وصراعات الخلافات المتأهبة

126

لبنان بين علي ومعاوية، الاسلاميون الشيعة والاسلاميون السنة وصراعات الخلافات المتأهبة
شارل الياس شرتوني/16 تموز/2020

لقد انتهى الكيان الوطني اللبناني وما نشهده اليوم هو صراع مكشوف بين الامپرياليتين الشيعية والسنية وعملية تقاسم مناطق النفوذ في الداخل اللبناني.

ان المعلومات العائدة لعودة الاسلاميين السنة الى واجهة الحدث من خلال البوابة الطرابلسية وتحت اشراف المخابرات التركية وادواتها المحلية ( اشرف ريفي، بهاء الحريري، جمعية الاحباش، نبيل الحلبي … )، يدخلنا في فصل جديد من فصول التفكك النافذ والمتسارع للجمهورية اللبنانية لحساب سياسات النفوذ الاسلامية المتنازعة.

لقد استعاد الاسلاميون في طرابلس الزخم الذي افتقدوه منذ زمن بعيد تحت تأثير الحكم البعثي-العلوي لسوريا (هذا كان موضوع حديث طويل بيني وبين صديقي فاروق المقدم وادمون صهيون في الثمانينات في دير مار مارون -عنايا)، وانتهت المرحلة العروبية والمحلية لحساب العودة لرحم الامة الاسلامية كما وثقتها واظهرتها دراسات ميشال سورا وبرنار روجييه (٨٥ ١٩، ٢٠١٥).

نحن امام نقلات نوعية تنقلنا من الاشكاليات المحلية العائدة لدولة مفلسة ومأزومة على كل المستويات، الى دولة تشهد فصلا جديدا من فصول تفككها، لحساب سياسات تقاسم بين امپرياليات متنازعة على رقعة جيو-استراتيجية تبدأ من التخوم التركية وتنتهي عند خطوط التماس المتحركة لسياسات النفوذ التركية والايرانية.

لقد انتهت اشكالية الدولة الوطنية في لبنان كما في سائر المنطقة لحساب التمدد الاسلامي الامپريالي ونزاعاته المفتوحة، الامر الذي يحيلنا الى مرحلة صراعات مفتوحة على كل التداعيات والمداخلات التي سوف تنهي ما تبقى من الوهم القانوني الذي تندرج تحت خانته الدولة اللبنانية.

لم نعد في ظل التعايش بين سياسة النفوذ الشيعية والدولة الصورية، لقد انتقلنا فعليا الى مرحلة المواجهة المباشرة بين الامپرياليات الاسلامية وسقوط مفهوم الدولة الوطنية كمتغير ناظم للحياة السياسية.

ان زخم المواجهات التي شهدناها في وسط بيروت بين الاسلاميين السنة والاسلاميين الشيعة، كانت نذيرا للتبدلات الاستراتيجية السريعة التي نشهدها اليوم، وليست مشهدا من مشاهد التململ المدني حيال بنية دولاتية فاسدة واداراتها الاوليغارشيات المتعاقبة.

نحن نعيش اليوم في لبنان حدثا مماثلا لما شهدته ثورات الربيع العربي تطلعاتها الاصلاحية، لحساب تدمير البنية الدولاتية الوطنية، وحلول الانتظامات السياسية الامپريالية التي تفرضها مفكرات سياسات النفوذ التركية والايرانية ومداراتها الصراعية المفتوحة على كامل ارجاء المنطقة. تملي علينا هذه المستجدات اعادة قراءة جذرية للواقع السياسي الداخلي والجيوپوليتيكي الاقليمي، والتعايش مع الظروف الحياتية المأساوية المتزامنة كما فعل اسلافنا في بدايات المئوية الاولى، وما نتج عنها من مجاعة وهجرة وافقار وتبدلات جيو-استراتيجية.