د.وليد فارس/خيال “كارمينا بورانا” والطريق الصعب

135

خيال “كارمينا بورانا” والطريق الصعب
د.وليد فارس/فايسبوك/06 تموز/2020

ان الحفلات الموسيقية الجميلة التي لا تزال تقام في لبنان وخاصة في بعلبك هي مورفين ثقافية للذين هم لا يزالون قادرين على حضورها، فيلتجئوا اليها لبضعة ساعات.

اما حزب الله، الذي لا يذيع هكذا احتفالات، يستعملها لاقناع العالم بأنه ليس متطرفاً كالطالبان او التكفيريين وان وضع عقوبات على بلد ينظم الحفلات الموسيقية الراقية خطاء. وليقنع الطبقة الوسطى في لبنان انه لا يزال لديهم اوقات محدودة يتمتعون فيها بما كانت احلامهم القديمة لذلك اللبنان ما قبل سنة ١٩٧٥ الذي حاولوا الرجوع اليه في التسعينات.

حزب الله يستعمل هذه الفسحات من الاحتفالات التى “يسمح بها” كنوع من البروباغندا والمُخدر للناس.

فكم من التغريدات قرأنا من لبنانيين يتحسّرون على “ماضٍ عظيم توارى” ويتسألون على “الطريقة اللبنانية” لماذا لا يرجع.

جواب حزب الله يبدأ عندما يترك الناس مسرح باخوس و يعودون الى بلداتهم واحيائهم. فهم يعبرون “دولة حزب الله” من جزيرة المسرح الى منازلهم.

وكأن حزب الله يقول لهم: “بامكانكم ان تتمتعوا بالحفلات وتدعوا المشاهير الى بعلبك. ادفعوا ثمن التذكرة واحلموا لبضعة ساعات. اما بعد ذلك فانتم في دولة حزب الله وتحت مظلة المحور. نعطيكم المورفين ولكننا نحكم البلد.”

في تشرين الثاني ١٩٩٠ ظنت البورجوازية التجارية في لبنان ان اجتياح الجيش السوري للقصر الجمهوري ووزارة الدفاع كان حادثاً عابراً لن يؤثر على الحياة اليومية وانفتاح لبنان الثقافي والفني.

ومرّت ٣٠ سنة والاحتفالات تتواصل والسيادة تتقلّص حتى شهر تموز ٢٠٢٠.

وبدأ بعض المستمعين الى “كارمينا بورانا” يدخلون الصدمة النفسية و صيحون على منصات التواصل: “ماذا جرى؟ اين اللبنان الجميل، اين الحضارة والفن؟” وكأن جرعة المورفين انتهى مفعولها واتت “الَفكَرة بعد السكرة”

الجواب لا احد يريد ان يقوله ولكن لا مهرب منه: صح النوم واهلا وسهلا الى الواقع. Welcome to reality.

“كارمينا بورانا” كانت هي الخيال، والواقع هو خارج هذا المسرح الخلّاب. العودة او الانتقال الى اي لبنان غير هذا المفروض له طريق واحد لا غير، وهو طريق صعب، وضيق وفيه حواجز لا بد من تخطيها.