جمال مرعشلي:اتق الله في شعبك أيها الرئيس، أطعم جائعهم، اكسُ عاريهم، حافظ على أموالهم، كن حَكَمًا بينهم، لا تثأر لنفسك لأن جائعًا شتمك أو خاصمك/رلى موفّق: التهويل على قوى المعارضة وتهديد الشارع لم يخفت صدى مضبطة الاتهام لحزب الله/توفيق شومان: نلعن النظام أم نطبق النظام؟

116

*اتق الله في شعبك أيها الرئيس، أطعم جائعهم، اكسُ عاريهم، حافظ على أموالهم، كن حَكَمًا بينهم، لا تثأر لنفسك لأن جائعًا شتمك أو خاصمك
جمال مرعشلي/جنوبية/26 حزيران/2020

حوار بعبدا» استعان على الخيبة بزرع ألغام الانقلاب على الدستور
التهويل على قوى المعارضة وتهديد الشارع لم يخفت صدى مضبطة الاتهام لـ «حزب الله»
رلى موفّق/اللواء/26 حزيران/2020

نلعن النظام أم نطبق النظام؟
توفيق شومان/26 حزيران/2020

*******
اتق الله في شعبك أيها الرئيس، أطعم جائعهم، اكسُ عاريهم، حافظ على أموالهم، كن حَكَمًا بينهم، لا تثأر لنفسك لأن جائعًا شتمك أو خاصمك

جمال مرعشلي/جنوبية/26 حزيران/2020
قانون قيصر
على وقع التظاهرات احتجاجًا على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والارتفاع الفلكي لسعر الدولار في السوق السوداء جارًّا خلفه أسعار سلع أساسية أصبحت أو تكاد حلمًا لدى شريحة كبيرة من الشعب، والتي تخللها حرق للإطارت وقطع للطرقات واشتباكات مع القوى الأمنية،
وعلى وقع “قانون قيصر” الذي وُضع لمحاصرة سوريا وستزيد ارتداداته الأكيدة على لبنان معاناةَ اللبنانيين اللذين بلغوا حافةَ هاويةِ الجوع مع حرق نار الدولار زيت الليرة والمشاهد الصادمة للبرادات الخاوية ولآكلي القمامة، عقد رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا “اللقاء الوطني” الأبتر، بغياب ممثلي أكثر من نصف اللبنانيين، متابعًا مشواره المتواصل منذ31 تشرين الأول 2016 في وضع النقاط السياسية على الحروف الخطأ، جاعلًا نقطة الخاء على الحاء، ونقطة الزاي على العين… وهلمّ جرًّأ، فلم يشأ له كبرياؤه التخلي عن صورة “الطَّرَف” في هذا الظرف المصيري وتأجيل الحوار إلى موعد آخر لإجراء مزيد من المشاورات مع المستنكفين عن الحضور -بحكم وظيفته الأصلية التي ينص عليها الدستور وهي أن يكون حَكَمًا بين اللبنانيين- ومناقشة اعتراضاتهم، بل سار بلقاء أعور أعرج أبكم، معلنًا المزيد من تكريس صورته القابعة في أذهان اللبنانيين، فهل بهذه التصرفات الرعناء المتمثلة بتجاهل شطر اللبنانيين ويزيد يكرس “بيّ الكلّ” العنوان الذي كان أعلنه للحوار قبل انعقاده، وهو “حماية الاستقرار والسلم الأهلي” الذي قال إنه “خط أحمر والمفترض التقاء جميع الإرادات لتحصينه، لأنه مسؤولية الجميع وليس على همة حزب أو طرف أو فرد واحد مهما علت مسؤولياته”؟؟!!
أجندات خارجية مشبوهة
وهل أفاده اعتبارُه ما جرى في طرابلس وبيروت وعين الرمانة “إنذارًا لنا جميعًا للتنبه من الفتنة التي تقرع باسم المطالب… مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة” في تقريب الصفوف و”الوقوف عند خاطر” القيادات المعارضة لنزع فتيل هذه الأجندات؟؟!! وإذا كان عون –كما يدّعي- قد دعا إلى “لقاء وطني جامع لوضع حدٍّ نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير” فلماذا لم يحافظ عليه بأشفار عينيه ليصل إلى هذا الحد؟؟!!
اتق الله في شعبك أيها الرئيس، أطعم جائعهم، اكسُ عاريهم، حافظ على أموالهم، كن حَكَمًا بينهم، لا تثأر لنفسك لأن جائعًا شتمك أو خاصمك
وإذا كان مفجّر حربين فاشلتين (حرب التحرير التي دمرت لبنان وحرب الإلغاء التي دمرت ما كان يسمى المناطق الشرقية) قد توصل بخبرته “التدميرية” إلى حكمة أطلقها في كلمته، ومفادها أن “إطفاء النار ليس بسهولة إشعالها”، داعيًا إلى عدم الغفلة “عن دروس الماضي القريب كما عن دروس المنطقة والجوار”، أوليس كان أجدى بالحكيم العمل بحكمته والاتعاظ بماضيه للتوصل إلى حقيقة أن تجاهل قيادات الناس هو أسهل الطرق لإشعال هذه النار وإذكاء لهيبها؟؟!!
تبادل أدوار
أما قلب عون الحقائق بشكل جعل الحمل والذئب يتبادلان الأدوار فهو العجب العجاب، إذ اعتبر أن من يجوِّع الناس هم “العابثون بالأمن والشارع، والمجيشون العواطف الطائفية والمذهبية، والمتناغمون مع أطراف خارجية لتحقيق مكاسب عبر تجويع الناس وترويعهم وخنقهم اقتصاديًا” في حين شاهد القاصي والداني أن حلفاء محوره هم من جيَّش الناس مذهبيًّا وطائفيًّا في الرينغ وعين الرمانة وبربور، وهم المتسببون بتجويع الناس، عبر مقايضتهم السكوت عن فساد الطبقة السياسية وسرقتها المال العام وودائع اللبنانيين في المصارف مقابل تغاضي هؤلاء عن سلاحهم الفتنوي غير الشرعي، بالإضافة إلى تسبب أصحاب هذا السلاح بوقف تدفق أموال أصدقاء لبنان إليه وإجاعة اللبنانيين، بسبب شتمهم المتكرر والدعاء عليهم بالموت والدمار من حلفاء “الرئيس القوي”، في وقتٍ ما بخل هؤلاء على وطنهم الشقيق لبنان يومًا (وعلى أصحاب السلاح شخصيًّا إثر حرب تموز 2006) بمد يد المساعدة في أحلك الظروف وبإرسال السواح الذين كانوا يرفدون الخزينة بمعظم أموال السياحة، فما وجدوا جزاء الإحسان إلا عضّ اليد الممدودة، فانتفضوا لكرامتهم وانسحبوا من لبنان نهائيًّا تاركينه لقدره الأسود الذي يلاقيه اليوم.
ونتساءل محتارين: ماذا فعل رئيس الجمهورية لرد “المخاطر التي قد تنشأ عن قانون قيصر” كما قال، والتي رأى أن “الوحدة حول الخيارات المصيرية” هي سبيلها؟
هل حاور قيادات اللبنانيين؟
هل سعى وراء من سرق أموالهم؟
هل فعل شيئًا ملموسًا في هذا المؤتمر المسخ سوى زيادة الفرقة بين اللبنانيين والكره والعداوة وتربص مكوناتهم كل منها بالأخرى؟
هل فعل شيئًا أمام واقع لاميثاقية الحكومة والحكم؟
والسؤال الأهم: هل كرّس على الأرض إجراءات تمنع اندلاع حرب اهلية لا قدّر الله ستكون حرباه الغابرتان نزهةً أمامها؟؟!!
فاتق الله في شعبك أيها الرئيس، أطعم جائعهم، اكسُ عاريهم، حافظ على أموالهم، كن حَكَمًا بينهم، لا تثأر لنفسك لأن جائعًا شتمك أو خاصمك، وتعلَّم من الإمام عليٍّ رضي الله عنه حين قال: “عجبتُ لمن لا يجد قوتَ يومِه كيف لا يخرج على الناس شاهرًا سيفه!!”،
وتعلم من القائد العظيم عمر بن الخطاب حين أمر المصري بضرب ابن فاتح مصر والأمير عليها عمرو بن العاص لأنه ضرب المصريَّ بسبب فوزه عليه في سباق الخيل، وبعد أن ضربه قال عمر له: “أَجِلْها على رأس عمرو، فوالله ما ضربك إلا لسلطان أبيه” (لكنّ المصري أبى)، ثم التفت ابن الخطاب إلى عمرو مطلقًا قولته الخالدة: “يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟”. فإما أن تكون المستبدّ العادل أو تنحَّ وخلِّص البلاد والعباد يكُ خيرًا لك ولهم. هذي رسالتي إليك، اللهم قد بلغت.

حوار بعبدا» استعان على الخيبة بزرع ألغام الانقلاب على الدستور
التهويل على قوى المعارضة وتهديد الشارع لم يخفت صدى مضبطة الاتهام لـ «حزب الله»
رلى موفّق/اللواء/26 حزيران/2020
بدا من البيان الختامي لـ «اللقاء الوطني» في بعبدا أنه مفتوح على تتمة، لا بل إنه تحوَّل إطاراً دائماً.
البيان دعا في بنده الخامس إلى «التأسيس على هذا اللقاء» للانطلاق من بحث توافقي، من دون عُقد أو مُحرّمات، لمعالجة مفاصل الخلافات الكبيرة التي تؤجّج الانقسامات والعمل لتوحيد المواقف أو التقارب بشأنها، أقلّه حول المسائل الكيانيّة والوجوديّة التي تتعلّق بوحدة وطننا وديمومة الدولة. وأدرج البيان في هذا البند ثلاثة عناوين هي عنوان الأزمة الاقتصادية – المالية – النقدية وعنوان تطوير النظام السياسي، وعنوان موقع لبنان ودوره. وقدم مقاربات ملتبسة ضمَّنها الشيء ونقيضه في آن.
اللافت أن الأهداف التي رُسمت لـ«اللقاء» هي احتواء ما شهدته بيروت وطرابلس وقبلها صيدا من اعتداءات، والسعي للتهدئة على الصعد كافة لحماية الاستقرار والسلم الأهلي، وتفادياً لأي انفلات قد تكون عواقبه وخيمة ومدمرة للوطن، بحيث ظهر أن المُرتجى هو الاستقرار الأمني ودرء الفتنة.
هي مهمة تقع أصلاً على السلطة وأجهزتها الأمنية المعنية بحماية المواطنين وممتلكاتهم كما الممتلكات العامة، فكيف إذا كان القيّمون على السلطة ورُعاتها وداعميها يمتلكون من السلاح اللاشرعي ومن فائض القوة سياسياً وأمنياً وعسكرياً ما تفتقر إليه القوى السياسية المصنفة راهناً في إطار القوى المعارضة، وذلك ليس باعترافها فقط بل باعتراف خصومها الحاكمين الذين يبنون حساباتهم على تلك القوّة ويتغنّون بها ويتّكِئون عليها في خياراتهم السياسية الداخلية وامتداداتها الإقليمية.
آل غياب جدول الأعمال والتشظي الذي يُصيب علاقة العهد ومَن وراءه بالقوى السياسية خارج الحكم إلى عدم المشاركة، فإذا بلقاء بعبدا ينحصر بلقاء أهل الحكم أنفسهم مع استثناءين تمثلا بكتلة وليد جنبلاط المُنتهج درب «المساكنة الإيجابية» خياراً سياسياً تقتضيه ضرورات المرحلة، ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي خرج بكلمته عن كل سقوف المهادنة التي مارستها المكوّنات السياسية مع «حزب الله» منذ أمد ليس بقصير، بحيث شكلت مضبطة اتهام لـ «حزب الله» بنقضه «إعلان بعبدا»، ما حال دون تنفيذ تعهدات الدولة وتسبّب بعزلتها القاتلة، وبفقدان مصداقيتها وثقة الدول الصديقة والانتشار اللبناني والمستثمرين اللبنانيين والأجانب والمُودِعين والسيّاح بحكوماتها، ما ساهم في تراجع العملة الوطنية. وجاءت كلمته لتتحلّى بجُرأةٍ بدت لا تشبه حال التدجين الذي يطبع السياسيين حيال عنوان السلاح ومفاعيل هيمنته على القرار الوطني.
الخروج من الطائف سيؤدي إلى الانكشاف السياسي التام وسط صعوبة الاتفاق على بديل
كان يمكن أن ينتهي مشهد بعبدا عند إسدال الستارة على اللقاء، فيتم طيّ صفحته على الخيبة التي أصيب بها، لكن البيان الصادر أسّس لفصل جديد يثير تساؤلات حول الأهداف الكامنة وراءه. فالإعلان بـ«التأسيس على اللقاء» للانطلاق في بحث عناوين وقضايا مصيرية تتعلق بمستقبل لبنان دستوراً ونظاماً سياسياً واقتصادياً وموقعاً ودوراً في هذا التوقيت الدقيق، لا يمكن النظر إليه خارج إطار محاولات الانقلاب الكامل على لبنان، في وقت يُواجه اللبنانيون تحديات في حياتهم ولقمة عيشهم وعملتهم ومدخراتهم وودائعهم ومستلزمات بقائهم، في ظل حكم وحكومة وأكثرية نيابية من لون سياسي واحد وضعت لبنان بأكمله أسير محور إيران في مواجهة انتمائه العربي وعلاقاته الطبيعية بدول الاعتدال والمجتمع الدولي، بينما المطلوب العودة الى الالتزام بالشرعية اللبنانية التي يمثلها اتفاق الطائف والدستور والشرعيتين العربية والدولية، لاستعادة توازن لبنان والبدء بمسار الإصلاحات المطلوبة من أجل بناء الثقة داخلياً وخارجياً للخروج من الانهيار المحتوم الذي ينتظر البلاد.
فليست طروحات تطوير النظام المترافقة مع طروحات التوجه نحو الشرق سياسياً واقتصادياً واستخدام هذه الورقة سوى مغامرات غير محسوبة ووصفة للإضراب الداخلي. وتبرز في هذا الإطار الورقة السياسية والاقتصادية التي قدّمها رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط باسم الحزب التقدمي الاشتراكي و«اللقاء الديمقراطي»، والتي دعت من ضمن الثوابت إلى التأكيد على التمسك بـ «وثيقة الوفاق الوطني» (اتفاق الطائف) التي ترقى إلى مستوى التفاهم الميثاقي بين اللبنانيين، والذي قد يُشكّل تجاوزه توليد مخاطر ومغامرات غير محسوبة نظراً إلى حجم الانقسامات السياسية العميقة بين اللبنانيين وصعوبة الاتفاق في اللحظة السياسية الراهنة محلياً وإقليمياً على اتفاق بديل، ما سيؤدي إلى الانكشاف السياسي التام في البلاد. وهي ذكَّرت، تزامناً مع مئويّة لبنان الكبير، بأن الوثيقة قد حسمت أيضاً نهائيّة لبنان وعروبته في وجه طروحات التقسيم أو الفيدراليات أو الاستلحاق بأي دولة أخرى، مع الانتعاش المتجدد لنظريّة «سوريا المفيدة» وسواها من العناوين والمشاريع.
تأكيد يؤشّر على حجم المخاوف التي تُحيط بلبنان راهناً، حيث تشتد المواجهة الأميركية مع إيران وأذرعها والتي جاء قانون قيصر ليسدد ضربة موجعة لـ«المحور» في الحديقة الخلفية الاقتصادية والمالية للنظام السوري والسعي إلى قطع شرايين الحياة التي تمده بالأوكسجين كما تمد النظام الإيراني، الأمر الذي قد يدفع بأركان «المحور» الذهاب بعيداً في المواجهة بتنفيذ التهديد حول الخيارات الأخرى المتاحة أمام لبنان، ولو أدت إلى تغيير وجهه نهائياً وقطع أوصاله مع الغرب والعرب وأضحى «غزة ثانية».
قد يكون ما هدف إليه المجتمعون في بعبدا إرسال رسالة تهويل لمن اختار ليّ ذراع المنظومة الحاكمة وحرمانها غطاء سياسياً وصورة جامعة تعوّمها، والدفع تالياً بالمعتذرين عن المشاركة في الجولة الأولى إلى إعادة حساباتهم حين توجه الدعوة للجولة الثانية، لكنه أيضاً قد يحمل أبعاد نقل العدسة عن الانفجار الاجتماعي الآتي لا محالة!

نلعن النظام أم نطبق النظام ؟
توفيق شومان/26 حزيران/2020
فشل أهل السياسة في التوافق ، فحملوا النظام السياسي اللبناني مسؤولية فشلهم وعجزهم ، وراحوا يلعنون النظام صبحا وأصيلا.
أخفق أهل السياسة في إنقاد البلاد من الإنهيار المالي ـ الإقتصادي فألقوا مسؤولية إخفاقهم على النظام الإقتصادي اللبناني ، فلعنوه بعدما نهبوه وأفلسوه .
رفض أهل السياسة الإحتكام الى الدستور، وهو قاعدة الحكم، فلم يطبقوه، ثم رموا مسؤولية عدم تطبيقه على نصوص الدستور وبنوده وفقراته.
لم يعمل أهل السياسة على إنتاج خطاب وطني، وتعمقوا في إثارة العصبيات والطائفيات، وغذوا خطاب التحريض والتشرذم، ثم قالوا إن الناس قطعان من الطوائف التي يرتعب بعضها من بعضها.
هل المرض اللبناني العضال في النظام السياسي؟ أو في الدستور؟
في الدستور نقرأ التالي:
ـ في المقدمة:
ـ الفقرة (ه): “النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها”.
ـ الفقرة (ح): “إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية”.
ـ الفقرة (ط): “أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان”.
أين المشكلة؟ هل المشكلة في الدستور أم في أهل السياسة الذين فروا فرارا من تطبيق الدستور، فتنازعوا بدل أن يتعاونوا، وكرسوا الطائفية بدل إلغاء الطائفية، وأقاموا جدران الفرز بين اللبنانيين وأعلوا من ارتفاعها، فبات الحظر مفروضا على إقامة هذا اللبناني أو ذاك في هذه المنطقة أو تلك؟
الدستور ينص على عدم جواز الفرز ولكن أهل السياسة أكثروا من الفرز وأشباهه وأنسبائه.
في الدستور أيضا:
ـ المادة 12: “لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة، لا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الإستحقاق والجدارة “.
ـ المادة 19 : “ينشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الإنتخابات النيابية والرئاسية”.
ـ المادة 22 : “مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لاطائفي يستحدث مجلس للشيوخ”.
ـ المادة 27 : “عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء”.
ـ المادة 80 : “يتألف المجلس الأعلى ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء من سبعة نواب وثمانية من أعلى القضاة “.
ـ المادة 95 : على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية … مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية “.
حسنا … أين مجلس الشيوخ وأين الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وأين عمل المجلس الدستوري؟
وهذه أيضا أسئلة لا بد منها: من يرفض تشكيل مجلس الشيوخ والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ويعرقل عمل المجلس الدستوري؟ ومن يرفض انتخاب مجلس نيابي وطني ويتمسك بأسنانه وأظافره بمجلس نواب طائفي؟
بحسب الدستور أن النائب في مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء، ولو تم الوقوف على خطاب أغلب النواب اللبنانيين وممارساتهم وسلوكياتهم، سيبرز السؤال التالي: هل أولئك النواب يطبقون ما نص عليه الدستور أم أن خطاباتهم وأدبياتهم تتوسل وتتسول وتشحذ كل غريزة وعصبية؟
واقع حال أولئك النواب أنهم هجروا الدستور ونصوص “الكتاب” كما كان يسميه الرئيس فؤاد شهاب وهاجروا إلى استبكاء واستدماع العصبيات الطائفية والمذهبية تأسيا مقلوبا بقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
هجروا الكلام إلى الدموع لأنهم/وجدوا البلاغة كلها في الأدمع.
صحيح أن النظام السياسي اللبناني، الذي استمد تعبيراته النصوصية من دستور العام 1926، واستنسخ بعضا منها في “دستور الطائف” وتعديلاته بين عامي 1989و1995، لجهة الحضور الطائفي ونسبيته بين المذاهب، إلا أنه في الحالتين الدستوريتين الأولى والثانية، كانت روح الدستور تعمل على استدعاء الطوائف إلى الوطن.
ما جرى مع أهل السياسة، نقيض روح الدستور، فبدلا من استدعاء الطوائف إلى الوطن، عملوا على إخراج الطوائف من الوطن.
تلك هي الإشكالية الكبرى مع أهل السياسة: أخرجوا الطوائف من الوطن، وابتدعوا الطائفيات السياسية، وهذه الطائفيات لا علاقة لها بالطوائف ولا بالدستور، لا قيد انملة ولا حبة من سنبلة.
الطوائف شيء والطائفيات شيء آخر تماما، الطوائف تجتمع وتأتلف وتشكل وطنا وتنتج عقدا اجتماعيا، مهما كانت عقائدها ومذاهبها، وشواهد التاريخ والحاضر عديدة ومتعددة، وأما الطائفيات فلا تصنع إلا تناحرات ونزاعات وصدامات وحروبا، وذاك ما فعله أهل السياسة في لبنان.
المشكلة ليست في النظام، المشكلة في أهل النظام وطريقة إدارة النظام التي حادت عن طريق الدستور ونصوصه ومواده وفقراته وبنوده.
عشتم وعاش لبنان