مارك ضو/حكومة دياب في أيامها الأخيرة.. عودة الحريري اقتربت؟

528

حكومة دياب في أيامها الأخيرة.. عودة الحريري اقتربت؟
مارك ضو/المدن/09 حزيران/2020

تعددت انكسارات الحكومة منذ وصولها. تضعضعت استقلاليتها عن أجندات الأحزاب التي أوصلتها، ثم فشلت في تقديم إصلاحات جدية خلال مئة يوم. فشلت في إقرار أي تعيينات، أو حتى إصدار حكم واحد ضد فاسد أو إيقاف عقود فاسدة. ثم انكسرت أمام الضغوط، فتراجعت عن قرار تجميد معمل سلعاتا، وانتهت بتسليم قطاع الاتصالات (ملك الدولة) إلى محاصصة حزبية، سيطرت بالكامل على مجالس الإدارة لشركتي الخليوي، التي تشكل الدخل الثالث لخزينة الدولة. انتهت الفرص وسقطت ورقة التين. هذه قراءة لما قد يحصل الآن.

استثمارات البترون
لطالما فضّل حزب الله وصول الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، لأسباب عدة. أولها، لأنه قادر على ضبط الشارع السنّي، ولو بشكل أقل من ذي قبل.

ثانياً، لأن علاقته الدولية أفعل من أي مرشح سنّي آخر، لفتح حوار وقنوات قد يحتاجها الحزب في استمرار إمساكه بلبنان، ريثما تنتهي ايران من مفاوضاتها العنيفة مع ترامب (أو المرشح بايدن في حال فوزه).

ثالثاً، ليكون الحريري واجهة للصدام مع جبران باسيل، بدلاً من الاشتباك المباشر ما بين التيار الوطني الحر والقوى الشيعية، أولها حركة أمل، على نحو ما حدث حين حصلت مواجهة كاسحة ومباشرة مع حزب الله بسبب معمل سلعاتا، إذ أطلق جبران “أسودَ” ما لديه وآخرين للتهديد بالفيدرالية والخيانة العظمى والعشاءات مع السفيرة الأميركية.

رابعاً، لأن الحريري إلى جانب الحزب يجعل من المستحيل إنشاء تحالف استراتيجي يستفيد من قانون قيصر، لينطلق في تصفيات عشوائية على كامل القوى الحليفة للنظام السوري في لبنان، ويشد الخناق على النظام الاسدي.

أما على مقلب جبران باسيل، فلن يسامح على محاولة تدمير معمل سلعاتا وإلغاء استثمارات يستفيد منها فريقه في البترون، تصل إلى مليار ونصف مليار دولار. وقد قلب الطاولة على الجميع لاستردادها. وعلى حسان دياب وحكومته دفع الثمن. كما أن دياب ووزراءه برهنوا أنهم ليسوا أهلاً للثقة والتنسيق، ربما لأن بعضهم وخصوصاً رئيس الحكومة بدأ يحسب حسابات بناء شعبية لمستقبل سياسي متخيّل مليء بالأوهام.

صحّة عون وصلاحياته
ولجبران “الاستراتيجي”، هذه الحادثة مرتبطة بخوف أكبر، وهي إصابة رئيس الجمهورية بأي حادث صحي قد تتحول عندها كل الصلاحيات الرئاسية إلى مجلس الوزراء برئاسة “الذي طعن التيار في الظهر”. لذا، الأفضل عودة جبران باسيل شخصياً، ومعه فريقه الوزراي، بأكثرية وزارية إلى الحكومة، حتى إذا وقعت فاجعة خلو كرسي الرئاسة لأي سبب كان، تكون الصلاحيات بتحكّم جبران باسيل شخصياً. لذا طرح حكومة جديدة بسرعة، برئاسة سعد الحريري ومشاركة جبران باسيل قد تكون المخرج المطلوب لحماية مصالح باسيل والتيار للشهور والسنين المقبلة.

سعد جاهز
أحداث 6 حزيران المتفجرة بين الثوار والخندق، وبين الشياح وعين الرمانة، وبين بربور وطريق الجديدة، محاور ثلاثة انطلقت في ليلة واحدة. ولا يمكن لأحد الظن أنها كلها صدفة أو رد فعل لإهانة أو شتيمة أو شعارات.

إنها الخطة المفتعلة لتحجيم أي حراك في الشارع وتأجيج الخوف الطائفي. هذا التسعير للأحقاد الطائفية والخوف من العنف يحقق هدفين:
أولاً، يضعف من المطالب الشعبية الغاضبة بسبب الاقتصاد ولو قليلاً.
وثانياً، يبرز فشل هذه الحكومة التكنوقراطية غير الممثلة شعبياً، ويطرح المطالبة بعودة من لديه حضور في الشارع وسطوة عليه، إلى الحكم.
سعد الحريري المحجور سياسياً، وغير القادر على القيام بأي مبادرة، ولا يجد حليفاً واحداً، لا خارجياً ولا داخلياً، للمواجهة مع السلطة، لم يعد لديه خطاب سياسي أبعد من الـ” الهيلا هيلا هو”.

لذا، سيهرول مسرعاً إلى أي حكومة تطرح عليه، وبأي شروط، بضمانة حزب الله. وسيؤيده الرئيس برّي، لأنه بحاجة له لحماية شبكات مصالحه ضمن مؤسسات الدولة والعقود المربحة.

وكذلك يحتاج إليه وليد جنبلاط برئاسة الحكومة، كي لا يستمر تآكل حصته في الدولة لصالح منافسيه الملتصقين بالعهد. إذاً، سعد جاهز، والحاضنة له مستعدة لإحاطته.

لمن الشارع؟
كل هذه المصالح تدل أنها مسألة وقت لا أكثر لتسريحة الشعر الأخيرة في السراي الحكومي للرئيس حسان دياب.

وعودة المنظومة الحاكمة منذ الحرب الأهلية الى سدة القيادة المباشرة من دون أوهام التكنوقراطية وأحلام الإصلاح.

تبقى قوة واحدة لديها من المصداقية والمصلحة في الوقوف بوجه هذا الاتجاه، وهي ثوار لبنان في المناطق أجمع. فهل يتمكنون من التحول لسد منيع بوجه هذا الاتجاه السياسي الجارف للعودة إلى الوراء، عبر احتلال الشارع مرة أخرى، والضغط على كل سياسي أينما وجد؟

أم أن الحالة الاقتصادية والخوف من العنف الطائفي، سيرعبان الجميع ويضفيان أجواء من الاستسلام والخنوع لقوى الأمر الواقع.