منير الربيع/حزب الله يستعمل الحكومة ورقة اعتماد دولية وأميركية

131

حزب الله يستعمل الحكومة ورقة اعتماد دولية وأميركية
منير الربيع/المدن/08 نيسان/2020

لمس ديبلوماسيو مجموعة الدعم الدولية التي اجتمعت أمس الاثنين 6 نيسان الحالي بالمسؤولين اللبنانيين في بعبدا، تفاوتاً بين الإشارات الإيجابية والأخرى السلبية في موقف هؤلاء المسؤولين.
بين دياب وعون
لكن الواضح هو عدم بروز إشارات اعتراض دولي كبير على موقف رئيس الحكومة حسان دياب. والواضح أيضاً أن ثمة تنسيقاً دولياً معه، لكن من دون أن يرقى إلى حدود تقديم الدعم للبنان. وهذا في انتظار ما ستتكشف عنه مواقف دياب المتتالية. فموقفه لم يلق اعتراضاً كبيراً من السفراء، بل بعض الأسئلة: ما الذي قصده بكلامه عن ولادة لبنان الجديد، وعن تحديده إنجاز الإصلاح بنسبة 57 في المئة، فيما ليس بين يدي الحكومة أي خطة واضحة للإصلاح؟!
أما تقييم الديبلوماسيين لموقف رئيس الجمهورية، فانطوى على اعتراض كبير، معتبرين أن عون يطلق مواقف متكررة يلقي فيها باللائمة على الآخرين، رغم مشاركته الفعلية في الحكم منذ 13 سنة، منها 3 سنوات ونصف السنة في رئاسة الجمهورية.
لاستمرار التركيبة
برزت إلى جانب هذا التقييم جملة ملاحظات سياسية تتعلق بمواقف متعددة، أطلقت متزامنة يوم أمس.
أولاً، تجديد الوزير طلال حاطوم لشركتي الاتصالات، وسط عدم معارضة أو ممانعة، كما كان الحال أيام الحكومة السابقة. وهذا يعني استمرار المسار على حاله، رغم اختلاف الأشخاص. ويعني أيضاً أن الخلاف على النفوذ والمواقع وليس على السياسات. الأمر نفسه ينطبق على الصراع مع المصارف وحاكم مصرف لبنان.
ثانياً، إلى جانب محاولات استدراج غطاء سياسي دولي للحكومة، كان التيار العوني يعمل على تمرير مواقف فحواها أن “أمنية الحريري بالعودة إلى رئاسة الحكومة بعد الانهيار والانفجار، طواها الزمن”. الهدف من هذا الكلام هو قطع الطريق على أي طموح للحريري، والقول إن التركيبة الحاكمة جاهزة لتقديم التنازلات إلى الخارج مقابل استمرارها كما هي في الحكم. وهذا ما بدأ بإطلاق سراح عامر الفاخوري، وتقديم مواقف إيجابية حيال التعاون مع صندوق النقد الدولي، وتسليمه خطة اقتصادية في غضون أسبوعين.
إدانة بعد 10 أيام
ثالثاً، وهذه مسألة أساسية تتعلق بإصدار وزارة الخارجية اللبنانية أمس بياناً أدانت فيه الاعتداءات الصاروخية على المملكة العربية السعودية، على الرغم من مرور 10 أيام على الاعتداء الحوثي – الإيراني. وهذا يطرح تساؤلاً حول توقيته، وأسباب إصدار بيان لافت لم يعهده لبنان منذ سنوات.
فهل الهدف استمالة السعوديين ودول الخليج، أم أن البيان جاء نتيجة ضغوط خليجية تريد من الحكومة اللبنانية إبداء حسن النية، أم أن الموقف مجاني يريد منه لبنان فتح ثغرة ما في جدار أزمة علاقاته العربية، أم أن البيان جاء نزولاً عند ضغوط ورغبات أميركية؟
هذا البيان لا بد من قراءته بعناية، والسؤال عن موقف ميشال عون وحزب الله منه. وإذا كان الحزب يوفر الحماية والرعاية والغطاء السياسي لحكومة حسان دياب، فإنه طبعاً ليس بوارد الدخول في مواجهتها. وحزب الله يعرف كيف يتعاطى براغماتياً مع التطورات السياسية، وفي علاقته مع القوى الداخلية والخارجية. لذا، ليس من مصلحته إسقاط الحكومة. ولكن لن يكون من مصلحته حالياً على الأقل، كسر القوى السياسية الأخرى. وهناك من يعتبر أن الحزب لا يريد الدخول في معركة لكسر حاكم مصرف لبنان والمصارف. هو يريد الضغط عليهم لتحسين شروطه وفرضها، وليس لإحداث تغيير جذري في لبنان.
بين عون وحزب الله
منذ اعتراف حزب الله باتفاق الطائف، ولوعلى مضض، لم تعد توجهاته ثورية تغييرية جذرية. صار يدرس الأمور بواقعية. وهو مرتبط أصلاً بقوة إقليمية واقعية وبراغماتية. وعلى الرغم من انتقاده التدخل الأميركي في مسألة التعيينات المالية في مصرف لبنان، يعلم حزب الله أنه لا بد من التعاطي ببراغماتية مع هذا الموضوع. خصوصاً أن الأميركيين يتمسكون إلى أبعد الحدود بمحمد بعاصيري نائباً ثالثاً لحاكم المصرف المركزي.
هنا تختلف حسابات الحزب عن حسابات عون وباسيل، اللذين يريدان تطويق سلامة نهائياً للسيطرة على القطاع المالي. لكن حزب الله لا يتعاطى بهذه الطريقة مع هذه الاستحقاقات.
عندما أعلن نصر الله أن هناك نفوذاً أميركياً واضحاً في لبنان، كان يرمي إلى ما هو أبعد من ذلك. وهو يعلم أنه صاحب النفوذ الأقوى مقابل النفوذ الأميركي. وهذا يقود إلى خلاصة سياسية واحدة: لبنان نقطة التقاء بين النفوذين، سواء أكان ذلك مبنياً على تفاهم أم على تصادم. وقد يستمر التصادم على طريق الوصول إلى تفاهم معين، حتى لو لم يُعلن. وقد يكون على قاعدة “ربط نزاع” أو تطبيع مع الأمر الواقع.