شارل الياس شرتوني/سد بسري والعمى الإرادي لطبقة سياسية فاسدة وشريرة

101

سد بسري والعمى الإرادي لطبقة سياسية فاسدة وشريرة
شارل الياس شرتوني/04 نيسان/2020

رب متسائل عن ضرورة وراهنية إقرار مشروع سد بسري الخلافي بامتياز، في ظل الظروف الحاضرة، ومن قبل الحكومة الحاضرة، وما يوحي به هذا القرار من فقدان الرشد السياسي، والفطنة في جدولة الأولويات، والارتهان للمصالح الاوليغارشية المقفلة، وانعدام الهوامش الأدائية لدى أعضائها. ما الحكمة من إقرار هذا المشروع المدمر للنسيج الايكولوجي في المنطقة الجنوبية، خاصة في ظل هذه الأزمة الوبائية التي تظهر بشكل مأساوي نتيجة العلاقة الشديدة الاضطراب بين الإنسان والطبيعة، الناشئة عن تدمير الأنساق الادراكية والشعورية والايكولوجية الجامعة ( Holistic Ecology ) التي تربطنا بالمعطى الطبيعي على قاعدة ما تسميه المقاربات البيئية المعاصرة بالتواصل الإحيائي ( Biotic Community ).

ان انعدام الوعي البيئي والأخلاقي، وتجاهل المعطيات العلمية، ونوعية الاداء التدبيري في مجالات السياسات العامة المحكومة بالمصالح الريعية للاوليغارشيات الحاكمة، كافية لإفهامنا ماهية القرارات في السياسات العامة القائمة على قاعدة احتساب العائدات الريعية ( ٦٠٠ مليون دولار فيما يخص سد بسري )، ودون دراسات تقييمية شاملة لتردداتها ( الجيولوجية، خاصة وان المشروع يقع على خط فالق زلزالي طوله ٨ كيلومترات، في منطقة عانت من المفاعيل المدمرة لزلزال ١٩٥٦، في وقت كان العمران المدني جد منخفض نسبة لزمننا الحاضر، والايكولوجية لجهة التنوع البيئي بمكوناته النباتية والحيوانية، والاركيولوجية التي تختزن اثارا رومانية واضحة المعالم، والمناخية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمالية لجهة الكلفة المادية الباهظة وأولويات الصرف العام في بلد يعيش اعنف أزمة مالية وصحية متداخلة، كفيلة بالقضاء على أية إمكانية لاستعادة العافية المالية والاقتصادية والاجتماعية في آماد زمنية معقولة ،…)، وعلى قاعدة التجاهل المطبق لارادة المجتمع الأهلي المحلي، والمؤسسات الجامعية والعلمية، والمنظمات البيئية، وهيئات المجتمع المدني المعنية بالشأن البيئي، مباشرة أم مداورة.

لا اعرف كيف سمحت هذه الحكومة لنفسها تمرير هكذا قرار دون أي تساؤل حول راهنيته، وعقلانيته المتعددة المرتكزات، وكلفته، وطابعه النزاعي الحاد، فأخذت هذا القرار الاعتباطي والمتعنت، الذي ينم عن استمرار النهج السلطوي غير السوي في منطلقاته، والشرير في منطوياته الادراكية والإرادية، التي لا تقيم وزنًا لأي اعتبار خارج عن احتساب المصالح الريعية واملاءات سياسات النفوذ القائمة. هذا التصرف لا يندرج في سياق الخطأ التدبيري، هذه خطيئة ( إرادة الشر )، يوصفها اللاهوت الأخلاقي الكاثوليكي، بانها واعية وإرادية وفاعلة وبنيوية، وإما خطيئتنا كمواطنين في حال عدم الوقوف والتصدي لارادة الشر المتأهبة، فهي خطيئة عدم الفعل. علينا اعلان معارضة فورية وواضحة لهذا المشروع، والمطالبة بإلغاء هذا القرار، وتحميل الحكومة المسؤولية الأخلاقية والجزائية، واستئناف التحرك الميداني حالما تسمح به الظروف الصحية البالغة الخطورة التي نعيشها. علينا ان نضع حدًا سريعًا لعملية التهريب التي قام بها مجلس الوزراء والتعاطي مع الحكومة على أساس احكام النزاع معها دون أي مواربة.