الكولونيل شربل بركات/ماذا بعد أطلاق سراح عامر الفاخوري

619

ماذا بعد أطلاق سراح عامر الفاخوري؟
الكولونيل شربل بركات/21 آذار/2020

*قصة عامر فاخوري يعتقد البعض بأنها انتهت ولكن من أقنع عامر فاخوري بأن لبنان أصبح دولة تحترم نفسها وكان بنيته تسليمه لحزب الله لمقايضته سوف يدفع ثمن فعلته قريبا جدا.

*لا نريد الدفاع عن كل ما كان يجري في أي سجن، ولكن إذا ما قيس سجن الخيام بسجن وزارة الدفاع أثناء سيطرة سوريا أو بسجون حزب الله أو سوريا فإنه بدون شك سيعتبر فندق بخمسة نجوم.

*وكل الجبناء الذين ركبوا الموجة ورجموا الفاخوري بالحجارة، وخاصة أهل الذمة، سوف يحاسبون على تنكرهم للأهل ومسح الجوخ لاستعطاف جماعات الارهاب. فالأيام آتية ومن خذل شعبه وتبع مصالحه وأسقط لبنان في ايدي عملاء ايران وسوريا سيتحمل نتائج أعماله.

***

إن قضية عامر الفاحوري والتي شغلت الرأي العام اللبناني مدة من الزمن أظهرت جهلا مطبقاً لدى كافة الشرائح، وذمية مطلقة لدى الزعماء السياسيين ممن كانوا يدعون بأنهم يمثلون ثورة الأرز التي قامت ضد الاحتلال السوري وزبانيته.

نريد هنا أن نوضح بعض الحقائق التي لا يعرفها الكثير من اللبنانيين وخاصة من بلغ سنهم اليوم 55 سنة وما دون ويشكلون أكثرية الشعب اللبناني، فهم لم يعرفوا لبنان الذي دافعنا عنه منذ 1975 وهم في أغلبهم نشأوا في ظل الاحتلالات؛

أولا الاحتلال السوري (30 سنة) ومن ثم الاحتلال الإيراني (في البيئة الشيعية منذ 1982 وفي كل لبنان منذ 2008).

لذا فلا عجب من تصرفات هؤلاء وجهلهم للأوضاع وقد رضعوا الذل أيام السوريين وفلسف بعض من أدعى الزعامة بينهم الرضوخ والعمالة بأنها تعايش مع الواقع، إذا لم يكن مصالح مشتركة مع سلطات الاحتلال.

هذا في الجانب الذي سيطر عليه السوريون منذ 1976، بينما في “المناطق الحرة” أي حيث دافعت القوات اللبنانية عن حرية من تبقى، وفي جنوب لبنان حيث ناضل الأهل للحفاظ على الكرامة وحماية الحدود وعدم الاعتراف بالأمر الواقع المفروض، ولو بوجود القوات الاسرائيلية أحيانا، فقد اختلف الوضع وبقيت شعلة الحرية والاستقلال تتنقل بين ايدي المناضلين.

وبقي نوع من العنفوان يسيطر على الساحة، ولم يسد الفساد المستشري اليوم ولا حالة الخنوع والخضوع والتهليل لكل ما يقوله المحتل أكان السوري أو الإيراني.

ولكن بعد حرب التحرير، التي قادها رئيس البلاد اليوم وكان رئيساً للحكومة الانتقالية يومها والتي أدت إلى اتفاق الطائف وما تبعه من حرب الأخوة التي دمرت ما تبقى من لبنان الحر وسلمته للاحتلال السوري بكامله، وقف يومها اللواء أنطوان لحد مؤيدا الاتفاق الذي أجمع عليه نواب الأمة وطالب الدولة بالتنفيذ.

وقد كان اللواء لحد من أكثر الضباط اللبنانيين خبرة وكفاءة، فهو تسلم قيادة كل المناطق العسكرية من منطقة الشمال إلى منطقة الجنوب إلى منطقة البقاع، وخلال الأحداث وبعد أن سلم الأمرة في البقاع للرائد شاهين بطلب من القيادة التحق بثكنة صربا وجمع مع نائبه العقيد ابراهيم طنوس فلول الجيش اللبناني وأعاد تشكيله والدفاع عن المنطقة الشرقية.

ولكنه بعد أن رأى ما جرى من مجاذر وتهجير للمواطنين في حرب الجبل وهو ابن الشوف فضل مواكبة الانسحاب الاسرائيلي لكي لا يحدث في غير مناطق ما حدث في الشوف والأقليم وشرق صيدا.

وقد انتظر أن تتعافى الدولة لتستعيد سلطتها على الجنوب الذي حاول تنظيم حمايته بعد أن توفى الرائد سعد حداد..

وبعد استشهاد الرئيس معوض وانتخاب الرئيس الهراوي الذي كانت تربطه به صداقة منذ أن كان قائد منطقة البقاع جرت عدة مراسلات بينه وبين الرئيس الهراوي تساءل فيها اللواء لحد عن خطوات الدولة تجاه الجنوب وخاصة المنطقة التي يحميها وكان جواب الرئيس الهراوي: “طول بالك خلينا نخلص من المليشيات هاللي هون انت عندك جيش منضبط لاحقين تنستلموا”.

في هذه الأجواء نشأ عامر الفاخوري فهو يوم وصل اللواء لحد إلى مرجعيون كان لا يزال شابا في مقتبل العمر وقد التحق بجيش لبنان الجنوبي وتدرب في مركز التدريب – المجيدية وخدم في كافة المواقع وتدرج مع الوقت وبعد اتباعه دورة آمر فصيلة أصبح واحدا من الضباط الجدد في هذا الجيش.

وككل ضابط يتنقل بحسب الأوامر والمهمات وبعد مدة خدمة فاقت العشر سنوات وصل إلى ثكنة الخيام التي كانت تضم السجن.

وسجن الخيام مع كل الدعاية التي تدور حوله يعتبر من أفضل سجون المنطقة أقله لأن الصليب الأحمر الدولي كان يزوره كل 15 يوم ويسمح لأهالي المساجين بزيارتهم.

وكان اللواء لحد يطلق عددا من المساجين في كل مناسبة أو عيد وهم بالأغلب من المقاتلين الذين أُلقي القبض عليهم أثناء عمليات عسكرية.

لا نريد الدفاع عن كل ما كان يجري في أي سجن، ولكن إذا ما قيس سجن الخيام بسجن وزارة الدفاع أثناء سيطرة سوريا أو بسجون حزب الله أو سوريا فإنه بدون شك سيعتبر فندق بخمسة نجوم.

أما ما يدّعي حزب الله والشلة الفلكلورية التي تواكبه بالنسبة للفاخوري، ومنها الشيوعيون الذين لا يزالون يعتقدون بأن ستالين وتروتسكي يحكمان العالم وأن الحقد هو أفضل طريقة لرص الصفوف، فإن تاريخ حزب الله في توقيف الناس اعتباطياً وطرق سجنهم وتعذيبهم معروفة ومكتوبة في كتب وأبحاث دونت عن لسان الرهائن الأجانب ومن ضمنهم القس تاري وايت الذي كان يفاوضهم في مسألة الرهائن فقاموا باحتجازه.

ونريد أن نذكرهم بأن الجرائم التي ارتكبوها لن تمحى بمرور الزمن من قتل الكولونيل الأميركي هيغنر رئيس فريق المراقبين الدوليين والذي اختطف وهو عائد من اجتماع مع مسؤول حركة أمل في صور عبد المجيد صالح، ومن ثم قاموا بقتله بدم بارد وبدون سبب.

إلى جريمة خطف وأخفاء لبنانيين مثل بطرس خوند الذي يُعتقد بأنه سُلم إلى السوريين، وجوزيف صادر الذي خُطف من مطار بيروت حيث يعمل ولا يزال مصيره مجهولا كمصير الكثير من الأسماء التي تنتظر يوم المحاكمة..

إلى عمليات القتل والتصفية والتي شملت رئيس الوزراء وعدد من الصحافيين والنواب والوزراء وغيرهم.

ويلتذ البعض بالتهويل بصفة العميل التي يطلقها فقط على من اتصل ولو عرضا بالاسرائيليين وبينهم من يدعون بأنهم اعلاميون ولكنهم لا يتجرأون على الكلام على عملاء سوريا وعملاء إيران وهاتان الدولتان هما سبب تأخر السلم الحقيقي والحياة الطبيعية لكل اللبنانيين.

ونحن نقول بأن كل من تعامل (يعني أعطى معلومات مقابل أموال) مع دولة أجنبية هو عميل، وصفة أجنبية تشمل الجيران كلهم الأقربين قبل البعيدين وليس فقط العقدة الاسرائيلية.

فلو حسبنا الأضرار التي لحقت بلبنان من تصرفات “الأشقاء” وتلك التي لحقت به ممن يسمى “العدو” فاننا نجد بأن الأشقاء كانوا أكثر عداوة وضرراً من كل الأعداء مجتمعين.

قصة عامر فاخوري يعتقد البعض بأنها انتهت ولكن من أقنع عامر فاخوري بأن لبنان أصبح دولة تحترم نفسها وكان بنيته تسليمه لحزب الله لمقايضته سوف يدفع ثمن فعلته قريبا جدا.

وكل الجبناء الذين ركبوا الموجة ورجموا الفاخوري بالحجارة، وخاصة أهل الذمة، سوف يحاسبون على تنكرهم للأهل ومسح الجوخ لاستعطاف جماعات الارهاب. فالأيام آتية ومن خذل شعبه وتبع مصالحه وأسقط لبنان في ايدي عملاء ايران وسوريا سيتحمل نتائج أعماله.

ولبنان لم يسقط بعد ولن يسقط مهما حاول الجرذان من قضم أطراف نعاله والتطاول على أبطاله والشرفاء من بنيه.