نطالب الرئيس عون بالعودة إلى مواقفه ما قبل العام 2006 المتعلقة بالشريط الحدودي وبجيش لبنان الجنوبي وبملف أهلنا اللاجئين في إسرائيل/مرفق مواقف كتبها عون بنفسه عامي 2000 و1999 تحت عنوان “متى التحرير”، “ومن منكم بلا عمالة فليرجمهم بحجر”؟

201

نطالب الرئيس عون بالعودة إلى مواقفه ما قبل العام 2006 المتعلقة بالشريط الحدودي وبجيش لبنان الجنوبي وبملف أهلنا اللاجئين في إسرائيل/مرفق مواقف كتبها عون بنفسه عامي 2000 و1999 تحت عنوان “متى التحرير”، “ومن منكم بلا عمالة فليرجمهم بحجر”؟

متى التحرير
بقلم العماد ميشال عون
النشرة اللبنانية
الجمعة 27/5/2000- العدد 150
اغتبطنا كثيراً عندما أكدت إسرائيل موعد انسحابها، لأن هذا الحدث يُخرج أحد اللاعبين من حلبة الصراع على لبنان، ودعونا الشعب اللبناني أن يشاركنا الفرحة بالحدث الآتي، ولكن الحكومة المزعومة، اعتبرت هذا الانسحاب فخاً أثار قلقها، وذهبت إلى حدّ اتهام المرحبين به بالعمالة لإسرائيل. أما اليوم فقد تجاوزت السلطات اللبنانية حدود الحدث بجعله تحريراً لجنوب لبنان، وتخطّت بذلك كل مفاهيم التحرير الحقيقية، وزوّرت جميع معانيه.
هذه الدولة التي جعلت من التناقض أسلوب حكم، وأصبحت تبرّر الشيء وعكسه في آن، تذهب بعيداً في التهريج لنفسها والترويج لعمالتها. فهل عاد الجنوب إلى لبنان، وتحت أي سيادة، كي تقام الأعياد وتقرع الطبول؟
بماذا تفتخر الدولة ومجتمعها المنافق بعد الانسحاب، وقد لجأ آلاف اللبنانيين الأبرياء إلى إسرائيل؟ لماذا خافت النساء وهربت الأمهات مع أطفالهن إلى المخيمات الإسرائيلية؟ أليس الذي حدث هو نتيجة خطابات “بقر البطون في الأسرة” على مرأى ومسمع من دولةٍ، تركض لاهثة وراء هذا الخطاب، لأنها عاجزة عن القيام بواجبها، فتتبناه بصمتها، متخلية عن جميع مسؤولياتها الأمنية والقضائية. وبأي صفة يُطمئن “رئيس الجمهورية” شعبه كي يعود إلى أرضه، وهو فاقد السيادة عليها، ويتميّز بغيابه الدائم عن ممارسة مسؤولياتها؟
أين القضاء، أين قوى الأمن؟ أين الجيش، فإن لم تكن هذه المؤسسات قد أُعَِّدت لمثل هذه الظروف فلأي سبب قد وجدت إذاً؟ هل أصبحت كل هذه المؤسسات وسيلة لفرض سيادة الدولة والفكر الواحد على الجامعات لتحجيم الفكر الحر فقط؟
ماذا يعني العيد على أرض هُجِّر أهاليها؟ لقد قاتلوا ربع قرن من الزمن في عزلة موحشة فرضت عليهم كي يبقوا في أرضهم، عاشوا أمراً مفروضاً، وها هم يدفعون اليوم ثمن انسحاب لا رأي لهم فيه بعد أن دفعوا ثمن احتلال لا رأي لهم فيه أيضاً؟
على هذه الدولة “الكرتونية”، قبل أن تتّهم أياً كان من الجنوبيين، أن تعلن عن المبادرات التي أطلقتها خلال خمسة وعشرين عاماً لإنقاذهم ورفضوها، وبعد ذلك تستطيع أن تبدأ بمحاكمتهم، ولكن أن تأتي اليوم لتحاسب بروح ثأرية من استطاع البقاء في أرضه بعد هذا الزمن الطويل، فهذا ما يجب التوقف عنده قبل الإقدام عليه.
أن نفرح بخروج الإسرائيلي، أو بطرده من الجنوب، فهذا شيء قد استحق، ولكن أن نعيّد لتحريره فهذا شيء مبكر، لأنه انضم إلى وطن ما زال فاقد السيادة. وعيد التحرير سيكون يوم جلاء جميع قوى الاحتلال عن أرضه، فيعود الاستقلال ومعه السيادة والحرية إلى ربوع الوطن. وفي ظل قضاء مستقل، سيد وحر، تجري التحقيقات، ويحاكم المجرمون وفقاً للقوانين ومبادئ العدالة، لأن ما نشهده اليوم في القضاء لا يتخطى الأعمال الثأرية، فهو انتقائي يفتقد إلى الشمولية والإنصاف.

من منكم بلا عمالة فليرجمهم بحجر
بقلم ميشال عون
النشرة اللبنانية الجمعة 11/06/1999/العدد98
أكثر العملاء عمالة، يشكّلون اليوم أغلبية المطالبين بمحاكمة عادلة للّذين تطوّعوا في جيش لبنان الجنوبي دفاعاً عن قراهم بعد أن تركتها الدولة اللبنانية فارغة من كل سلطةِ قادرةِ على تحمّل مسؤولية أمن هذه القرى. والأشدّ غرابة، أنّ هناك اليوم من يتاجر بهؤلاء الشبّان كما الرقيق في عهود العبودية، ويبادر إلى تسليمهم للمحاكمة بدلاً من أن يتحمّل مسؤولية الدفاع عنهم كما دافعوا عنه وعن وجوده.
إنّ كلّ ما جرى في منطقة جزّين ولغاية اليوم، هو مسؤولية الدولة اللبنانية التي رفضت حماية المنطقة بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 1985، وتآمرت على جيشها واكتفت بانتشار صوَري للقوى المسلّحة في اقليم الخروب ومدينة صيدا، مدّعية أنّ تضامنها هو الذي يحمي المواطنين ويؤمّن غطاءَ كافياَ لسلامة الجيش، كما أن الحكومة في حينه، وعلى لسان الدكتور سليم الحص، أكّدت ضمانة سوريا لهذا الانتشار.
لم تمضِ أسابيع حتّى طارت الضمانات الحكومية والسورية، وسقطت مدينة صيدا بأيدي المسلّحين، فدُمِّرت القرى في شرقها، وأُحرقت وهُجِّر أهلها، ثم تبعها إقليم الخروب.
وكان بعض الوزراء مسؤولاً مباشراً عن هذه الجرائم، كما غطّاها بعضهم الآخر بالصمّت، فهربوا من تحمّل مسؤوليّاتهم واعتكفوا في منازلهم، كما تجاهلت دمشق ضماناتها بالرغم من مطالبتنا، فأعطت الضوء الأخضر لإرتكاب الجريمة.
في هذا الجو من غياب الدولة المطلق والمليء بالذعر والطغيان، هبّ شباب من المنطقة للدفاع عن أنفسهم معتمدين ما كان لديهم من وسائل، وكلّها في هذه الحال تعتبر مشروعة، ووحدة غياب الدولة لم يكن مشروعاً.
وإذا كان هناك من عملاء يجب أن يتحمّلوا مسؤولية ما حدث في منطقة جزين لغاية إخلائها من قبل العناصر المسلحة، فيجب التفتيش عنهم بين الذين أحرقوا القرى وهجّروا ساكنيها فأجبرهم على حمل السلاح.
أمّا الحكومات التي توالت على ممارسة الحكم بعد عام 1990 لم تكن أفضل من سابقاتها بمعاملة المنطقة، ولا يمكن محاكمة أحد قبل إجراء تحقيق حول التواطؤ والتقصير اللذين ارتكبتهما السلطات المتعاقبة والتي تحاول اليوم تغطيتهما بمحاكمة ضحاياها. وإنه لا يجوز، ولا يمكن لأي قاضٍ أن يفصل بهذه القضية دون استجواب أعضاء الحكومات المتتالية منذ العام 1985، وبصورة خاصة فلول الحكومة الحصيّة التي ارتمت في ما بعد في أحضان الاحتلال السوري وشكلّت غطاء له بوجه الحكومة الشرعية.
لأن جريمة التعامل لا تنطبق على هؤلاء، فهم في حالة الدفاع المشروع عن النفس، إنّما تنطبق على عناصر الحكم الذين يتعاملون مع أكثر من طرف خارجي، ويضطهدون مواطنيهم للحفاظ بالسلطة الفارغة من كل مضمون.
إن ملفاتهم مليئة بالعمالة والعمولة والدم.
وهل هناك جريمة تَعامُلٍ وعمالةٍ أكبر من التنازل عن السيادة والاستقلال ورهن الأرض وارتهان الإنسان؟
فمن منكم بلا عمالة فليرجمهم بحجر.