الكولونيل شربل بركات/الكورونا والايمان العميق/ يوم طلب البابا سنة 1215 من البطريرك الماروني العمشيتي أن يقيم الذبيحة الالهية على مذبح مار بطرس أمام كل المجتمعين وعندما وصل إلى رفعة الكأس (الشيلة) ترك ما في يديه وسجد وبقي الكأس والقربان معلقين في الهواء

215

الكورونا والايمان العميق…
الكولونيل شربل بركات/05 آذار/2020

لفتني الحديث حول فيروس الكورونا واساليب الوقاية منها. وقد تبرعت الكنيسة المارونية لمواكبة أمور الناس والمساعدة على الوقاية، إلى الاشارة في بيان المطارنة الأخير عن الموضوع، وخاصة في شأن ايماني أثار موجة من التعليقات والانتقادات، كونه تناول موضوع المناولة باليد أو الفم مباشرة. ولذا أحببت أن اذكّر، بدون محاولة الاساءة لأحد، بحادثة تاريخية أثرت في الماضي بقرارات اتخذتها الكنيسة الجامعة بشأن “رمزية” المناولة أو “الحلول الحقيقي للمسيح في القربان”.

كان ذلك سنة 1215 في مجمع اللاتران في روما حيث كان قداسة البابا اينوشيوس الثالث ((Innocent III (الدويهي بسميه زخيا الثالث) المعروف بأنه من أكثر الباباوات تأثيرا فيما أصدر من تشريعات وقرارات، قد قرر اقامة مجمع في اللاتران (وهو مجمع اللاتران الرابع) في روما لتثبيت عقيدة “حلول الرب يسوع حلولا كاملا تحت أعراض الخبز والخمر”. وقد ارسلت الدعوات إلى كافة انحاء أوروبا والعالم المسيحي العروف يومها ومن جملة هؤلاء دعي البطريرك الماروني.

البطريرك الماروني يومها كان ارميا الثاني المعروف بالعمشيتي وكان ناسكا وقد انتخبه الأباء ليراس الكنيسة المارونية سنة 1199 وهو البطريرك 32 في لائحة البطاركة الموارنة. وصلته الدعوة التي ارسلها البابا سنة 1213 وجهز أموره للمشاركة في هذا المجمع مع كل ما يعنيه السفر بحرا في تلك الأيام إلى روما.

وصل صاحب الغبطة إلى روما ودخل المجمع الذي عقد سنة 1215 في بازيليك مار يوحنا لاتران في روما(Archbasilica of Saint John Lateran – Santi Giovanni Battista in Laterano ) وهي الكنيسة الأكبر يومها وكان يلبس ثوب الحبيس، أي تلك العباءة البسيطة التي يلبسها النساك طيلة حياتهم.

وكان المجتمعون من الكرادلة المتنعمين بالبرفير والأرجوان قد ذهلوا عندما رأوه لا بل أستهزأ البعض به وأخذوا بالتندر حول مظهره.

ولكن يوم طلب منه البابا أن يقيم الذبيحة الالهية على مذبح مار بطرس أمام كل المجتمعين وعندما وصل إلى رفعة الكأس (الشيلة) ترك ما في يديه وسجد وبقي الكأس والقربان معلقين في الهواء.

وعلى هذا المشهد سجد كل الحاضرين واضعين رؤوسهم بالأرض خجلا من هذا البطريرك (القديس).

وقرر البابا بأن لا ضرورة بعد هذه الأعجوبة لمناقشة الموضوع فقد جاءنا الرد من السماء مباشرة. وأمر بأن يجسّد هذا المشهد من قبل أحد الرسامين الايطاليين في كنيسة مار بطرس. وفيما بعد قام البابا اينوشيوس الثالث عشر (Innocent XIII ( في القرن الثامن عشر (أي بعد أكثر من خمسة قرون) بتجديد هذه اللوحة.

هل هناك ضرورة للتعليق؟

وهل ان المسيح الحاضر في القربان المقدس بحاجة للوقاية من الفيروس؟

أم هل ان الموارنة لا يزالون على ايمان بطاركتهم الكبار؟

يبقى أن الايمان نور يشرق على الجميع بالتأكيد ولكنه قد لا يلمس كل القلوب…

*****
ملاحظة: في أسفل بيانالمطارنة الموارنة وهو موضوع التعليق في أعلى

المطارنة الموارنة: لانطلاق الإنهاض المالي والاقتصادي والحفاظ على أموال المودعين
وطنية – الأربعاء 04 آذار 2020
عقد المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونا كنسية ووطنية.
وفي ختام الاجتماع، أصدروا بيانا تلاه النائب البطريركي المطران انطوان عوكر، وجاء فيه: “تتوجه أنظار اللبنانيين إلى الحكومة اللبنانية لأخذ التدابير المناسبة بخصوص الديون المستحقة، وللقيام بالإجراءات والاصلاحات اللازمة والضرورية والماسة لضبط المال العام، وانتشال البلاد من ضائقتها المالية والإقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون. ويرى الآباء ضرورة توافر عاملين أساسيين لإنجاح عمل الحكومة: الأول داخلي، يتمثل في تسهيل عمل الحكومة بإبعاد العراقيل السياسية عن مسيرتها وتوفير المناخات الملائمة لاستعادة وضع يد الدولة على الحركة المالية؛ والثاني خارجي، يتمحور حول استجابة الأشقاء والأصدقاء مطالب لبنان منهم على صعيد الدعم المالي للبرنامج الحكومي. وهم يأملون بقرب انطلاق عملية الإنهاض المالي والاقتصادي والمعيشي، بما يسمح للبنانيين بالاطمئنان إلى حقوقهم في هذه المجالات. يهيب الآباء بالمسؤولين السياسيين والاقتصاديين على كل المستويات ان يعملوا جاهدين للحفاظ على أموال المودعين ولا سيما الصغار من بينهم، لأنها حق لأصحابها وحاجة لتأمين عيش كريم لهم ولعيالهم، وذلك من ضمن الحفاظ على النظام الاقتصادي الحر ودور المؤسسات المالية والمصرفية، مع ضرورة إدخال الاصلاحات اللازمة فيها كي تعبر بشكل أفضل عن التضامن الوطني، وتستمر بإعطاء صورة حضارية مشرقة عن لبنان. يجدد الآباء دعوتهم الملحة أفرقاء الداخل جميعا إلى وضع حد للسجالات السياسية والإعلامية في ما بينهم، في وقت يبدو لبنان في أمس الحاجة إلى تضامن وطني إنقاذي، وإلى تضافر الجهود سعيا إلى إعادة بناء دولته على قواعد حديثة، قانونية، شفافة، آمنة وضامنة. إن المأساة العامة المحدقة تستوجب ذلك، ومحبة الوطن وأهله تمر بالعمل معا في أجواء من الجدية والمسؤولية”. أضاف: “يراقب الآباء بقلق ظاهرة تفشي فيروس الكورونا في أقطار العالم، وبلوغه لبنان. وهم إذ يتابعون الإجراءات الرسمية المتعلقة بمحاصرة المرض، والعناية بالمصابين، والتشدد في مراقبة المعابر وفي الخطوات الوقائية، يدعون ابناءهم الى الثبات في ايمانهم وعدم التسليم للخوف، ويحثونهم على السهر على الوقاية الشخصية والجماعية متقيدين بتوجيهات وزارة الصحة العامة. ولتجنب نقل العدوى بشكل لا إرادي يدعون المؤمنين في الاحتفالات الليتورجية الى تبادل السلام من دون المصافحة، كما يدعون الكهنة الى اعطاء المناولة باليد تحت شكل الخبز فقط، وذلك كتدبير مؤقت الى حين انتهاء هذه الظاهرة. يؤكد الآباء إرادة الكنيسة المارونية بالاستمرار في مساعدة ابنائها وبناتها في هذه الظروف الدقيقة والصعبة من خلال مؤسساتها الاجتماعية والتربوية والصحية والاقتصادية بالتعاون مع باقي المؤسسات الرسمية والخاصة محافظة على كرامة الانسان في لبنان والعيش اللائق للجميع. فيما تواصل كنيستنا صومها، ويبدأ زمن الصوم لدى الكنائس الشرقية الشقيقة، يبتهل الآباء من أجل أن يكون هذا الزمن زمن مصالحة وتآلف بين أبنائهم وبناتهم، وبين اللبنانيين كافة، إلى أي دين أو جهة انتموا، وزمن نعمة عليهم وعلى عيالهم، وعلى الوطن الحبيب الذي نصلي ليستعيد بهاء أيام الازدهار والطمأنينة والراحة، بعد عقود من الشدة وعدم الإستقرار”.