أنور عقل ضو/اعتداءات متكررة على ناشطي عاليه.. الاشتراكيون ضد كمال جنبلاط

90

اعتداءات متكررة على ناشطي عاليه.. الاشتراكيون ضد كمال جنبلاط!

أنور عقل ضو/المدن/24 كانون الأول/2019

عندما يقمع عناصر من حزبِ “الذين ليس على صدورهم قميص”، ثواراً ينادون بالخبز والحرية، فذلك يفضح إشكالية سياسية وبنيوية يعيشها الحزب التقدمي الاشتراكي، ترقى لثلاثة عقود. وهي أكبر من تكسير خيمة وتهديد الناس وقمعهم بالقوة. هي أزمة لم تستهدف الثوار بقدر ما استهدفت قيم كمال جنبلاط. ومن هنا، لا يمكن مقاربة الأمور انطلاقاً من حرق خيمة كحادثة عابرة، ذلك أن لظى اللهب أصاب أكثر من أشعلها، لأنه أضرم النار في إرث وذاكرة، واغترب عن تاريخ، لا بل وضاع في رحاب اللحظة ليفقد الكثير من هالة حضوره.

لا يمكن الإحاطة بما يشهده جبل لبنان الجنوبي، من المتن الأعلى وعاليه والشوف (ساحلاً وجبلاً) وأيضاً حاصبيا وراشيا، من استهداف مباشر لثورة 17 تشرين، إلا بوصفه نتيجة خطاب مأزوم أبقى “الاشتراكي” في غربة عن ناسه، ويواجه اختلالات تنظيمية بين من تخطى عباءة البطريركية السياسية ورمزيتها “قصر المختارة” وصار جزءاً من حراك الناس، وبين من يراقب وينتظر، وهذا ما أخلى الساحة لجمهور غير قادر على التعبير بعيداً من مخزون الغرائز القابل للتمظهر إشكالات وفوضى، وفوقية فارغة وتوجهات جوفاء.

الشويفات – خلدة
شهد الحزب التقدمي الاشتراكي، عقب استشهاد علاء أبو فخر، ما استعصى عليه استيعابه، وأحرج قياداته وأظهر عجزها. فـ”شهيده” سقط في موقع تجاوز فيه الحزب. وما فاقم الأمور أن هذا الاستشهاد لم يحسن توظيفه بالمعنى الإيجابي، والبناء عليه ليكون في حاضرة وجع الناس، فتخلف مرة جديدة. ومدينة الشويفات ومحيطها لا تزال تنتظر صحوة، إلا أن كثيرين مضوا أكثر في خيار الثورة.

وكان يمكن للشويفات – خلدة أن تشهد حركة انقسام “اشتراكي” أكثر حدة واتساعاً، إلا أن طبيعة النزاعات المحلية بين جمهور النائب طلال أرسلان وجمهور التقدمي الاشتراكي حال دون تراجع الحضور الجنبلاطي أكثر. فوسط العصبيات الدرزية – الدرزية ليس ثمة من هو في وارد إخلاء الساحة لأرسلان، فضلا عن أن ثمة “خوفاً” من بوابة الضاحية (حي السلم). والعصبية هنا جاءت لتعضد الحزب، من دون أن يتمكن من إعادة المغردين بعيداً منه إلى “بيت الطاعة” السياسي.

“لسنا أحجار دومينو ليحركها وليد بك كما يشاء”، يقول ناشط استقال من الحزب التقدمي الاشتراكي، مستدركا “نحن مع نهج الحزب عندما يكون الحزب معنا”. وأشار إلى أنه “رغم كل شيء لا يمكن أن ننقل البارودة من كتف إلى أخرى. فنحن اشتراكيون ونتأمل الحزب أن يلتحق بصفوف الناس، لكن لن ننتظره”، وقال: “استقالتي مؤقتة، لأنني على يقين أن الحزب سيكون في الموقع الصحيح. فهذا تاريخه”.

حراك عاليه
أما ما شهدته مدينة عاليه ليل الأحد، فهو نتاج “ثقافة” اغتربت عن مبادئ وأفكار، وتواجه اليوم إخفاقات وإرباكات. وقال الناشط في حراك عاليه، يسار العنداري، لـ”المدن”: “أنا فرد من هذا الحراك الشعبي ومن هذه الخيمة التي لا يمكن اختصارها بشخص واحد أو بحزب، أنا منتم للحزب الشيوعي، وعلى رأس السطح، ولا زلت. لكن لم أرفع منذ بدء الحراك سوى العلم اللبناني. وللأسف، تتابعت المحاولات من قبل البعض لحصر الثوار في عالية بجهة سياسية واحدة لتشويه الحراك”.

وأضاف: “تتابع سوق بعض التهم للنيل مني، ومنها بأني أتطاول على كمال جنبلاط. كيف أشتم رمزاً أضع صورته في منزلي وقرب صورتيّ تشي غيفارا وفرج الله الحلو. لقد تخلى العديد من أفراد الأحزاب الأخرى عن أحزابهم، وانضموا للحراك. للأسف، البعض ومنذ اليوم الأول للثورة يفبركون لنا الاتهامات ويكيلون الشتائم. ونتعرض للاستفزازات والترهيب والتهديد، ويروجون أننا نشتم وليد جنبلاط تحديداً والحزب التقدمي الاشتراكي، فقط لأننا نتمسك بشعار الحراك الشعبي كلن يعني كلن، ولا نميز بين أفرقاء السلطة”.

وأوضح العنداري: “بعد وصولنا من بلدة العبادية، حيث شاركنا في رفع شعار الثورة، تجّمعنا في الخيمة قبيل النزول للمشاركة في حشد ساحة الشهداء مع المواطنين من كل انحاء الوطن، وقد أخذنا صورة تذكارية جامعة في ساحة الشهداء، لنفاجأ بفيديو يصلنا من داخل الخيمة، لشباب يرفعون الأعلام الحزبية داخلها، ونعرفهم بوجوههم، ولا علاقة لشباب الحراك بهذا الأمر. فبادر شباب الحراك إلى إصدار بيان بأن هذا الأمر لا علاقة به بخيمة الحراك لا من قريب ولا من بعيد”. وأردف: “حوالى السابعة مساء، عند عودتنا من ساحة الشهداء برفقة عائلاتنا واطفالنا، تفاجأنا بالاعتداء علينا. ولم يكن الجيش حاضراً وتأخر كثيراً للوصول لردعهم”. وختم العنداري: “خيمتنا مشرعة أمام كل المنتفضين على المنظومة الحاكمة، والذين يناضلون لغد أفضل لكل المواطنين بمن فيهم من يوالي زعيم أو من يهاجمنا اليوم”.

ممنوع رفع قبضة الثورة
وأشار ناشط من حراك عاليه إلى “اننا شاركنا صباحا خيمة العبادية في رفع قبضة الثورة، كما شاركنا كافة المناطق في لبنان، والحقيقة أننا كنا نحاول رفع القبضة في عاليه منذ أسبوعين، لكن تريثنا وأرجأنا هذه الخطوة، فقد وصلتنا تهديدات بعدم رفعها، كما وصلنا اتصال من جهات أمنية تتمنى علينا عدم رفعها، وهذا ما حصل ويحصل منذ 67 يوما، بأننا نتمسك بسلمية هذه الثورة، وأننا كنا وما زلنا نتفادى المشاكل”.

الصايغ: كم الأفواه
وقال علاء الصايغ من منطقة الجرد الأعلى، وهو ناشط في حراك عاليه ومجموعة لـ “حقي” لـ”المدن”: “هو ثالث اعتداء على خيمة الحراك في عاليه، بعد سلسلة اعتداءات منذ بداية الثورة وسلسلة تصرفات قمعية لا تعبر سوى عن سياسة قوى الأمر الواقع التي تسعى إلى فرض السيطرة والتحكم برقاب الناس، ومرة جديدة تتساوى قوى المنظومة بأساليبها في الجنوب والشمال وبيروت والجبل والبقاع وكل المناطق، وتثبت مرة أخرى للشعب اللبناني أن هؤلاء أوجه مختلفة لعملة واحدة”. وتابع: “هذه الخيمة تم ترميمها منذ الاعتداء الأخير منذ حوالى 10 أيام واحتضنت شباب الحراك وكانوا يجتمعون فيها بشكل يومي خلال فترة 66 يوما الماضية”.

وانتقد الصايغ “كم الأفواه في كافة مناطق لبنان، علما أن هذا الإعتداء لا يمثل مدينة عاليه وأهلها الذين وقفوا مع شباب الثورة والحراك ومن الأيام الأولى. وقد طلبت القوى الأمنية اخلاء الخيمة لدواعٍ امنية، وقد تم الإعتداء وتكسير الخيمة كما تم الاعتداء على الثوار بالعصي والحجارة وهناك جريحان”.

بيان عاليه تنتفض
وصدر بيان عن “عاليه تنتفض”، جاء فيه: “تكررت الحركات المستفزة والقمعية للثوار خلال الشهرين الماضيين في منطقة عاليه. والآن عاليه تطلب من كل أهلها وقرى الجوار الذين لا يعرفون غير الضيافة والتواصل والأخلاق وحُب التنوع أن يتوجهوا حالاً إلى خيمة عاليه للوقوف موقف واحد ضد مظاهر لا تشبهها ولا تمثل قيما عرفناها فيها، ونطالب القوى الأمنية بتحمل كامل مسؤولياتها في حماية الثوار السلميين في عاليه”.

اضغط  هنا أوعلى الرابط في أسفل لمشاهدة وقائع الإعتداء على خيمة عاليه

https://www.almodon.com/file/get/c1856b2b-dd2a-4d24-bb9e-df95c3f7cfab