من صحف ومواقع لبنانية رزمة من الأخبار لكتاب ومراسلين وصحافيين لبنانيين تلقي الأضواء على انتفاضة المدن والقرى الشيعية في الجنوب والبقاع والعنف الذي يتعرض له المتظاهرون من قبل المسلحين التابعين للثنائية الشيعية/ 26 و27 تشرين الأول/2019

105

المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
من صحف ومواقع لبنانية رزمة من الأخبار لكتاب ومراسلين وصحافيين لبنانيين تلقي الأضواء على انتفاضة المدن والقرى الشيعية في الجنوب والبقاع والعنف الذي يتعرض له المتظاهرون من قبل المسلحين التابعين للثنائية الشيعية/
26 و27 تشرين الأول/2019

فهرس محتوى الصفحة
1-حسن نصرالله الرئيس/رندة تقي الدين/نداء الوطن/26 تشرين الأول 2019
2-اعتصام لـ «ثائرات بعلبك»: أرواح أحبائكم أمانة في أيديكن/جنوبية/26 تشرين الأول/2019
3-ضحية اعتداءات ««الثنائي الشيعي» يخرج من المستشفى الى ساحة الاعتصام في النبطية/جنوبية/26 تشرين الأول/2019
4-بعد الاعتداء على المحتجين..أمل تحاول التقرب من ثوّار المدينة/جنوبية/26 تشرين الأول/2019
5-رجل الدين اللبناني الشيعي، ياسر عودة: العيش بكرامة أولى من قتال إسرائيل/وكالات/السبت 26 تشرين الأول 2019
6-اليسار” ينسحِب بسبب حزب الله!/”ليبانون ديبايت”/السبت 26 تشرين الأول 2019
7-الانتفاضة اللبنانية.. لا مهرب من مواجهة حزب الله/يوسف بزي/موقع سوريا/27 تشرين الأول/2019
8-جمهور “المقاومة” أول المطالبين بتحطيم أصنامها/وليد حسين/المدن/26 تشرين الأول/2019
9-أعمال شغب وإطلاق نار في العين والـــزيتون/عيسى يحيى/جريدة الجمهورية/السبت 26 تشرين الأول 2019
10-مواكب لمناصري «حزب الله» جابت مرجعيون وبنت جبيل والنبطية وصور/ماليا العشي/جريدة الجمهورية/السبت 26 تشرين الأول 2019
11-صور والنبطية وكفرمان: الانتفاضة ضد التخويف والتخوين/حسين سعد/المدن/26 تشرين الأول/2019
12-بـ”المقاومة” و”فرّق تسد”: حزب الله يستميت لإخماد انتفاضة صور/خضر حسان/المدن/26 تشرين الأول/2019
13-نصرالله “يخطف” الجمعة بإصبعه: إسقاط الانتفاضة/منير الربيع/المدن/26 تشرين الأول/2019
14-حراك ميداني كي لا تتحول الثورة إلى “مخيم”/وليد حسين/المدن/26 تشرين الأول/2019
15-طرابلس جوهرة الثورة اللبنانية وتوأم صور والنبطية/منير الربيع/المدن/الأحد27/10/2019
16-براغماتية خذ وطالب في ثورة التغيير اللبنانية/راغدة درغام/ايلاف/26 تشرين الأول/2019
17-ليس الفسادُ بخلع الفتاة خِمارها أيها الخمينيون والدينيون يا أجهل خلق الله في وطني ويا أيبس الأدمغة/الشيخ حسن سعيد مُشَيْمِشْ/السبت 26 تشرين الأول 2019
18-حزب الخمينيين في لبنان رَبٌّ من أرباب الفساد/الشيخ حسن سعيد مُشَيْمشْ/السبت 26 تشرين الأول 2019
19-نصرالله أو نحرق البلد/يوسف بزي/المدن/ السبت 26 تشرين الأول 2019
20-عصبة نوح زعيتر ترهب بعلبك بأمر من “حزب الله”/المدن/السبت 26 تشرين الأول/2019

 

حسن نصرالله الرئيس؟
رندة تقي الدين/نداء الوطن/26 تشرين الأول 2019
خطاب امين عام حزب الله امس اظهر مجددا ان سيد الحزب يتصرف كرئيس البلد الفعلي، فأبلغ المتظاهرين في مختلف ساحات البلد الذين يطالبون برحيل كل الطبقة السياسية ان العهد باق وان ورقة اصلاح رئيس الحكومة جيدة ووصفها بانها من الإيجابيات.
فالسيد تكرم بتوزيع العلامات على هذا او ذاك من المسوؤلين. و قال ان ما قدمه الرئيس عون من اقتراحات بقوانين لمكافحة الفساد وفتح حوار مع المتظاهرين هو جيد . وان اجراء انتخابات نيابية مبكرة غير ممكن . واوضح لمن يسمعه ان بكل الأحوال الخلافات حول أي قانون يتم اعتماده تعيق مثل هذا الاحتمال. ثم طمأن جميع المستمعين اليه ان حزب الله هو الأقوى في البلد وقال لجمهوره الشيعة ان الحزب هو كربلاء والحسين كأن المنتفضين على الحزب من الشيعة في الجنوب في صور والنبطية لا وجود لهم.ادعى نصرالله انه تفهم وجع المتظاهرين من صعوبة عيشهم وصرخاتهم نتيجة الفساد والفقر والبطالة وكل ما أخفقت الطبقة السياسية في اعطائهم إياه . الا انه سرعان ما طالبهم بفتح الطرقات ولو انهم يريدون البقاء في الميادين فهو لا مانع لديه بذلك . ولكنه على طريقة حليفه بشار الأسد ولكن بحنكة وذكاء اكبر من حليفه السوري سرعان ما اتهم السفارات وحزب القوات اللبنانية دون ان يسميه بالمؤامرة والمشاركة في الحراك منذ اليوم الرابع من التظاهرات وتمويل الحراك المدني . فحول نصرالله الحراك الشعبي وصرخة وآلام الشعب الى مؤامرة خارجية بمساعدة أحزاب محلية. نصر الله أراد تخويف المتظاهرين بارسال عناصر حزب الله الى ساحة رياض الصلح حيث يتواجد الاف المتظاهرين ثم بسحبهم ليظهر كأنه لا يريد أي مواجهة، واقع الحال ان المتظاهرين لم يعد لديهم ما يخسرونه وان الشباب المعتصمين في الساحات المختلفة من جيل فقد الآمال بطبقة سياسية فاسدة وطفح كيله من حزب متهم بالشراكة معها وباغتيال رفيق الحريري والتدخل في شوؤن العراق واليمن والخليج.
ان أسلحة حزب الله وذكاء سيد الحزب هما في خدمة ايران وليس لخدمة البلد . لو كان نصرالله مهتما بانتعاش بلده لما شارك بحروب الغير دفاعا عن نظام الاسد ولما جر حربين على لبنان. ولو كان فعلا يريد تلبية مطالب المتظاهرين لما تمسك بوزير مكروه مثل جبران باسيل ولما هدد الوزراء الذين يريدون الاستقالة بالمحاكمة . فالحراك الشعبي سيستمر في وجه حزب عازم على حماية هيمنته وفرض ارادته بالقوة حتى ولو كانت منبوذة من مليون ونصف لبناني. التمني الا يتحول الحراك المدني العظيم الى مواجهة دامية بسبب فرض نصرالله ارادته على شعب مسالم ينتفض لعيش افضل وان يبقى الجيش اللبناني حاميا للمتظاهرين كما كان منذ اليوم الأول .

اعتصام لـ «ثائرات بعلبك»: أرواح أحبائكم أمانة في أيديكن
جنوبية/26 تشرين الأول/2019
يستمر الحراك الشعبي لليوم العاشر على التوالي، وفي بعبك وتحت شعار “ثائرات بعلبك” و”بعلبك مدينة السلام”، دعا “منتدى بعلبك للقراءة” الى اعتصام سلمي لنساء بعلبك في ساحة القلعة اليوم السبت في الساعة الرابعة بعد الظهر. وجاء في البيان: “بعلبك اليوم في إمتحان، يمتحنون مقدرتنا على صنع السلام و المحافظة عليه… وما أجمل السلام إن صنع على يد نساء جميلات الفكر و راقيات الروح و التفكير… اقرأ أيضا: بعد اصرار المحتجين.. الجيش ينسحب من العقيبة نساء بعلبك، أنتن مدعوات للمشاركة اليوم بإعتصامٍ سلمي تحت عنوان “بعلبك مدينة السلام”، لأن أرواح أحبائكم أمانة في أيديكن، إحملوا وردةً بيضاء معنا اليوم الساعة الرابعة و لننطلق من ساحة القلعة في بعلبك إلى ساحة المطرانية لنخبرهم بأننا يد واحدة و مطالبنا واحدة… كونوا على الموعد لإعتصامٍ نسائي راقٍ يدعو فقط للسلام… بعلبك الساعة الرابعة، إنطلاقاً من ساحة القلعة”.

ضحية اعتداءات ««الثنائي الشيعي» يخرج من المستشفى الى ساحة الاعتصام في النبطية!
جنوبية/26 تشرين الأول/2019
فيما شهدت مدينة النبطية اعتداءات من قبل انصار “حزب الله” وحركة “امل” قبل يومين ادى الى سقوط عدد من الجرحى نقلوا الى المستشفى. خرج اليوم الشاب الجريح هادي نور الدين ابن الـ 16 عاما من المشتفى عائدا إلى ساحة الإعتصام في النبطية، وذلك بعدما تعرضه للضرب المبرح على الرأس بآلة حادة في المظاهرة.

بعد الاعتداء على المحتجين..أمل تحاول التقرب من ثوّار المدينة
جنوبية/26 تشرين الأول/2019
بعد الإعتداء على المحتجين ضد الفساد في مدينة صور من قبل مسلحين تابعين لـ “حركة أمل” في بداية الحراك، يبدو ان ثمة توجه آخر للتعاطي مع الحراك الشعبي لا سيما بعدما تم توثيق الاعتداءات على وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ما دفع قيادة أمل الى الإعتراف بالخطأ الكبير تجاه أهالي المدينة و شبابها.و بعد غياب نائبي أمل عن الظهور العلني في المدينة تحاول القيادة اليوم التواصل مع شباب صور بهدف كسر الجليد تمهيداً لإعادة توطيد العلاقة مع الصوريِّين.

رجل الدين اللبناني الشيعي، ياسر عودة: العيش بكرامة أولى من قتال إسرائيل
بيروت- وكالات/السبت 26 تشرين الأول 2019
وجّه رجل الدين اللبناني الشيعي، ياسر عودة، في خطبة له حول التظاهرات التي تعم لبنان منذ أكثر من أسبوع، رسائل إلى الزعيمين الشيعيين الرئيسيين في لبنان، رئيس البرلمان، نبيه بري، وأمين عام حزب الله حسن نصرالله، معتبراً أن “أولوية الناس محاربة الجوع والفقر وليس إسرائيل”. وفي الخطبة التي انتشرت على مواقع التواصل، عبّر عودة عن غضبه ومخاوفه من طريقة تعامل الحكومة اللبنانية وحزب الله مع الثوار اللبنانيين ومطالبهم. وطالب الشيخ عودة بري ونصرالله بعدم استخدام القوة ضد الشعب، معرباً عن خشيته من وقوع دماء “بين أهل البيت الواحد”، بسبب مواجهة المتظاهرين.

اليسار” ينسحِب بسبب حزب الله!
“ليبانون ديبايت”/السبت 26 تشرين الأول 2019
أشارت معلومات خاصّة، الى أنّ مجموعات يساريّة مبادِرة الى الدعوة للإعتصام أمام مصرف لبنان في الحمرا، لجأت قبل يومَيْن الى قطعِ مشاركتها، والإنسحاب من النقطة حيث التجمّع، والتوجه الى مبنى الـTVA في العدلية. وبينما فسَّر بعض الداعين إلى الحراك، أنّ الهدف يعود الى البحثِ عن ساحاتٍ ونقاطٍ جديدةٍ، قال آخرون، أنّ السبب وراء هذه الخطوة يتمثَّل في “وضعِ مناصري حزب الله” يدهم على الحراك، من خلال محاولة تبنّيه، والدعوة إليه بشكلٍ مستترٍ، ما حوَّل الوقفة إلى حزبية منظمة كما ذهبت بإتجاه منح سياسيّ آخر دفعهم إلى تجميد مشاركتهم. وإنصرفت بحسب المعلومات، قناة المنار وإذاعة النور، عن فتح الهواء للتغطية المباشرة لتظاهرات المصرف بعدما باتت تأخذ طابع التزامها من قبل حزب الله، وهذا يعني أنّ الأخير اتخذ قرارًا تنظيميًّا ينأى بنفسه عنها.

الانتفاضة اللبنانية.. لا مهرب من مواجهة حزب الله
يوسف بزي/موقع سوريا/27 تشرين الول/2019
تفوق اللبنانيون على أنفسهم، وتفاجأوا بما يمكنهم أن يصيروا عليه. ما كان غير مفكر فيه وغير متصور في مخيلتهم، تحقق في لحظة سحرية. وهذا هو تعريف الثورة: مباغتة تاريخية.
كانت الملحمة السورية هي الأقرب إلى انفعالات اللبنانيين، وقد أبصروا فيها استعصاء دموياً وتدميرياً، رسخ في وعيهم ما كانوا قد اختبروه في 2008 في مواجهة حزب الله، أي عدم تورعه عن إشعال حرب على اللبنانيين وسحقهم بكل سهولة، وهو الطرف الوحيد الذي يملك السلاح.
وكان راسخاً في نفوسنا أن “انتفاضة الاستقلال” (أو “ثورة الأرز”) عام 2005 والتي سبقت الربيع العربي بست سنوات، ورغم أنها أنجزت رفع وصاية النظام السوري، هُزمت بالإرهاب والعنف والانقسام الطائفي الذي تفاقم على وقع الحروب المذهبية في المنطقة. وعليه، بات من الصعب تجاوز “التسوية” أو تعبئة الجمهور في أي مشروع سياسي معارض.
في العام 2011، حاولت مجموعات شبابية وطلابية تنظيم بعض التجمعات والاعتصامات والمسيرات تحت شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”. بدا مشهدهم غير متناسق بتاتاً مع قناعات اللبنانيين، الذين نظروا إلى هذه المحاولات بوصفها مراهقة سياسية متأثرة بالميادين العربية ولا علاقة لها بالواقع اللبناني.
في العام 2015، حدثت حركة “مطلبية” واحتجاجية تقصدت أن لا تقرب السياسة لا من قريب ولا من بعيد. كانت حراكاً ضد فشل الحكومة في حل أزمة النفايات. لكن عندما تكشفت العلاقة القذرة بين السياسة والنفايات، انقلبت أيضاً إلى معضلة “طائفية”- مناطقية. هكذا اصطدم الحراك رغماً عنه بالسياسة فتشظى نتفاً لشدة هشاشته. وتحولت حراكات 2015 إلى نكتة عن “ثورة NGO” (منظمات غير حكومية). وهذا ما أعاد تأكيد قناعة اللبنانيين بلا جدوى الاعتراض.
الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2018، كرست على نحو “ديموقراطي” الانقسامات الطائفية العميقة وأحقادها، وثبتت الطبقة السياسية الحاكمة شرعياً، كما أكدت بالإرادة الشعبية غلبة حزب الله وحلفائه وإمساكه بالسلطة وتحكمه بالدولة وفق “تسوية” تؤمّن حكومة ائتلافية بين الغالبين والمغلوبين. وهي تسوية أمنت لحزب الله أن لا سياسة خارجه. كان هناك “طمأنينة” لدى النظام اللبناني – “الحزبلاهي”، أن ثورات العالم العربي بموجتيها: مصر، ليبيا، تونس، اليمن، البحرين، سوريا.. ثم الجزائر والسودان، إنما هي مندلعة ضد طغاة وديكتاتوريين وأنظمة استبدادية. وهذا ما لا ينطبق على لبنان. ثم إن أطياف الحرب الأهلية التي لا تغادر ذاكرة الناس، تردعهم عن التوغل في الاعتراض أو المواجهة.
قايض حزب الله اللبنانيين جميعهم قبوله بحرياتهم الاجتماعية بل وبحرياتهم الشخصية ممتنعاً عن فرض إيديولوجيته مقابل تسليمه السياسة والقرار الوطني
قايض حزب الله اللبنانيين جميعهم قبوله بحرياتهم الاجتماعية بل وبحرياتهم الشخصية، ممتنعاً عن فرض إيديولوجيته، مقابل تسليمه السياسة والقرار الوطني، بوصفه “المقاومة” صاحبة إنجاز تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي. إنجاز لا يقل ثمنه عن امتلاك المصير وعن تحديد “الهوية” السياسية للبلد. وبمعنى آخر، تسليم لبنان لإرادة محور الممانعة، وتنصيب حسن نصرالله مرشداً أعلى للجمهورية. العطب الأساسي في هذه المعادلة أن خيارات حزب الله السياسية وانخراطه في حروب المنطقة وتحوله إلى رأس حربة في المشروع الإيراني للمنطقة، حتمت ابتعاد لبنان عن مصدر الأوكسيجين لاقتصاده. جرّ الحزب البلاد إلى خانة “الدولة المارقة”. ولأن لبنان يعتنق الاقتصاد الحرّ الرأسمالي، ويعتمد على نظام مصرفي معولم، بل ويعيش على قوة الصلة بالعالم العربي ودول الخليج خصوصاً، والصلة بالغرب والنظام المالي الدولي. إذا أضفنا إلى هذا المأزق الارتفاع القياسي لمستويات الفساد عند الطبقة السياسية، والفشل التام في برامج التنمية وفي تأمين الخدمات من كهرباء وماء ورعاية صحية ومعالجة النفايات وحماية البيئة (كارثة الحرائق وفضيحة عجز الدولة عن مكافحتها قبل أسبوع من اندلاع الاحتجاجات).. عدا عن الغلاء والبطالة وتزعزع الثقة بالعملة وتردي أحوال الإدارة وتفاقم الدين العام، واستسهال الحكومة بفرض الضرائب الباهظة.. تكفلت كل هذه الظروف في الانفجار المباغت. لقد وجد اللبنانيون عبر ما هو مسموح لهم، أي الاحتجاج المطلبي أو الاعتراض على الفساد، منفذاً لتطوير خطاب الانتفاضة. أما المعجزة التي نتمنى دوامها، فهي اندفاع اللبنانيين اضطراراً – وبسبب طبيعة المأزق الذي وصلوا إليه – للخروج على وعن طوائفهم. لقد سُلبوا حق تقرير مصيرهم السياسي، ثم سُلبت منهم شروط الحياة الكريمة، وفقدوا دولة تحترم تطلعاتهم. من الطبيعة المطلبية لاحتجاجهم إلى الاعتراض السياسي الشامل، حدث التحول من “حراك” مدني إلى “انتفاضة” شعبية. وأول من أدرك ذلك هو حزب الله. عرف أن هذه الانتفاضة بشعار “إسقاط النظام” إنما تعني قطع رأسه.
اليوم يواجه اللبنانيون الحقيقة المخيفة: الطبقة السياسة ونخبها وأحزابها وزعماؤها بحكم السقوط. أما النظام فهو هناك بكل صلابته وعنجهيته وقوته العارية. هو “الجهاز” المترع بالطاقة العنفية وبالاستعداد لاقتراف واسع وشامل على غرار ما اقترفه في سوريا وما يرتكبه حلفاؤه في شوارع العراق وساحاته.
منذ ليل الخميس الماضي، بدأت “الثورة المضادة” التي يقودها حزب الله، مستخدماً الترهيب والاعتداءات المتفرقة والدعاية المضادة، ويلجأ إلى تعبئة الموالين له. وهو يضغط بشراسة على بعض الأجهزة الأمنية كي تنفذ أوامره: عزل المتظاهرين وحصرهم في بعض الأمكنة وفتح الطرقات، بما يمنع “العصيان المدني” ويكسر الإضراب العام. وتحويل الاعتصامات إلى حالة عبثية لا معنى لها. وهو لوّح للجيش وللقوى الأمنية وللمواطنين، أنه في حال فشل هذه الخطة، فسيتولى حزب الله بجحافله قمع وتشتيت التظاهرات والاعتصامات وفتح الطرق.. ولو بالدم.
اليومان المقبلان حاسمان.

جمهور “المقاومة” أول المطالبين بتحطيم أصنامها
وليد حسين/المدن/26 تشرين الأول/2019
مقدمة لا بد منها: الموت لإسرائيل. عبارة أخذ بعض الجنوبيين يفتتحون بها تعليقاتهم، للقول إنهم ليسوا عملاء، في مطالبتهم بإسقاط الحكومة، في انتفاضتهم ضد السلطة الفاسدة.
أصنام المقاومة
كنت في الثامنة من عمري عندما تقطع جسد أخي زياد إرباً، أثناء تنفيذه عملية ضد دبابة إسرائيلية في قريتنا حولا في العام 1987، ولم نجد منه إلا القليل لمواراته الثرى. وعندما ذهب أبي إلى مجلس الجنوب في حومة تقاضي عائلات الشهداء تعويضات مالية (عشرين مليون ليرة لكل شهيد) عن خساراتهم أبنائهم، في أواخر التسعينيات، أهين بأن حُرر له شيكاً بمئة ألف ليرة. وقيل له حينها حرفياً أن الشهيد في الثمانينات كان يساوي هذا الثمن. تربينا في بيت والدي الشيوعي على “المقاومة”، واحتمال الشهادة في سبيل الأرض والوطن، على ما كان يكتب في قصائده. ولم أتخلص من هذه المشاعر إلا في منتصف العشرينات من عمري. أي بعد “تحرير” الجنوب واحتفاظ حزب الله بسلاحه وسيطرته على المناطق المحررة وترويعه كل من لا يواليه ويطيعه. وتكرس تحطُّم أصنام “المقاومة” في وجداني، بعدما خاض حزب الله معاركه الداخلية أو حروبه الأهلية في لبنان، سعياً للتصدر والسلطان وتسيّده على الآخرين. أي عكس ما قاله الحاكم بأمر الله في الجمهورية اللبنانية المخلّعة، والتي كان المساهم الأول في تصديعها، وأطل علينا يوم الجمعة في قناع فقيه دستوري مقدس، رافضاً إسقاط الحكومة وسقوط الفاسدين في الشارع المنتفض، ممجِّدا إصلاحات حكوميّة ملفقة، ومهدداً الشعب اللبناني بجيشه السري الذي افتتح كلمة سيده بترويع المتظاهرين والمعتصمين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح.
مرشد الجمهورية
العنف الذي يدبره أركانه ويأمرون به جيشه في الخفاء، حق مقدس من حقوقه على اللبنانيين جميعاً، وخصوصًا على من لا يطيعه من طائفته. فهو مرشد الجمهورية، ورئيس مصلحة تشخيص نظامها، وله القرار والسيادة في تقرير مصيرها. كيف لا، وقد أعلن عن دوره الفعلي والياً سياسياً وعسكرياً بأمر اللبنانيين، واكتشف فجأة بفراسته في مخبئه السري “المؤامرة” التي يحيكها شعبه على “مقاومته” وجيشه، فراح يتهمه بأن سفارات ودولاً تموله وتأمره. فالسياسة كلها عنده تمويل بتمويل، على غرار تفاخره بالتمويل العلني الذي يتلقاه من سيده ووليه الخامنئي في إيران، متحدياً أن يكشف المنتفضون عن مموليهم، بدا ما يقوله أشبه بلعبة الأطفال، أكثر مما بدا صاحب قوة وشكيمة مطلقتين. مع ذلك انقاد الآخرون الذين ولاّهم إلى طاعته والتسليم له بما يريد. وإذا استعرت من طفولتي الجنوبية مثالاً، يبدو في تهديداته أشبه بشبّان الحارة الشمالية في حولا، أولئك الذين كنت أخرج من ملعب كرة القدم معهم مكسّر القدمين، سواء فاز فريقنا أو خسر.
صنم الورقة الاقتصادية والطائفية
بعكس عائلتي التي استمرت في تمجيد “المقاومة” – رغم توجيهها انتقادات لحزب الله على مشاركته في السلطة وحماية الفاسدين – حطّمتُ صنم “المقاومة”، وبت من الداعين لحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، أي الجيش اللبناني، منشداً في مناسبات كثيرة: “ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش اللبناني”. انفتحتُ حينذاك على باقي مكونات المجتمع، بعدما مزقت الطائفية وحروبها اجتماعهم وعيشهم في دولة يتساوى فيها المواطنون. نعم تحطيم صنم المقاومة كان ركناً أساسياً لدخولي إلى الوطن الرحب. وهذا ما يجب أن يدركه جمهور حزب الله، قبل جمهور حلفائه. فسيد المقاومة في خطابه الأخير، وما قبل الأخير، بدا أشد المتمسكين بالسلطة المتفسخة الفاسدة وبرموزها ونظامها، تحت لواء الورقة الإصلاحية الحكومة الوهومية. وهي الورقة التي فنّدها اقتصاديون محسوبون على محور “المقاومة” أو الممانعة، واعتبروها ورقة إفلاس البلد وبيعه. وبدا قائد الجيش السري أشد المدافعين عن النظام الطائفي، الذي يفقد سقوطه الأحزاب الطائفية كلها قدرتها على التحكم برقاب اللبنانيين، بمن فيهم جمهور حزبه. وكان أول المدافعين عمن انتقدهم، واتهمهم بالتآمر والوقوف وراء انتفاضة اللبنانيين، أي سمير جعجع وفؤاد السنيورة ووليد جنبلاط. فبهجومه عليهم أراد شد عصبهم الطائفي على قاعدة “يا غيرة الطائفة”، برغبة واضحة منه في تجديد قسمة اللبنانيين إلى ساحتين متصارعتين. هذا بعدما عرّاهم الشعب اللبناني مطالباً بمحاسبتهم جميعاً، و”كلن يعني كلن”. ليس هذا وحسب، بل أن سيد “المقاومة” استعان من جديد بالمؤامرة على البلد و”المقاومة” لشد العصب الشيعي ورفع الغطاء عن أي شخص خرج من بيئته، للمطالبة بمحاسبة جميع الذين أفقروا البلد وهجّروا أبنائه. وبذلك يكون قد أعاد اللحمة للنظام الذي بدأ يتضعضع أمام وحدة الساحات من الشمال إلى الجنوب، وعلى قاعدة “كلن كلن حراميي”، ومحاسبة جميع المسؤولين واسترداد الأموال المنهوبة. بعد هذا كله، أليس جمهور “المقاومة” هو المطالب الأول بتحطيم أصنامها؟!

أعمال شغب وإطلاق نار في العين والـــزيتون
عيسى يحيى/جريدة الجمهورية/السبت 26 تشرين الأول 2019
لا يزال أهالي بعلبك ينتفضون في وجه السلطة السياسية والنظام الطائفي الفاسد، وفيما كان الرهان أن تتسع المشاركة تعبيراً عن مدى الحرمان الذي تعانيه المنطقة، تبقى التطلعات إلى الأيام المقبلة وما تحمله من تطورات.
يواصل أهالي بعلبك رفع صوتهم ومطالبهم المعيشية والسياسية، حيث يتجمعون في ساحة خليل مطران وسط المدينة، ويفسحون المجال أمام المواطنين لممارسة حياتهم الطبيعية، ثم يعاودون التجمّع مساء حتى ساعات الليل المتأخّرة. وبدأ التجمّع أمس متأخّراً بسبب كلمة السيد حسن نصرالله والتخوّف من صدامات قد تحصل نتيجة الدعوات التي وجّهت عبر وسائل التواصل الإجتماعي، والتي دعت إلى تنظيم مسيرات شعبية تأييداً لكلام نصرالله في قرى البقاع ودورس وغيرها.
ورفع المعتصمون لافتات كُتب عليها: «دعم الجامعة اللبنانية ومنع التدخّل السياسي فيها»، «أين المشاريع الإنمائية لبعلبك الهرمل»، «السرطان كتير منتشر فتشوا عن سم الأكل والشرب»، «بدنا ضمان شيخوخة وضمان إجتماعي مش منهوب»، إضافة إلى الشعارات التي تطالب برحيل السلطة واستقالة الحكومة وغيرها، حين اعتصامهم في الخامسة والنصف بوتيرةٍ أقل من كل يوم، إذ اقتصرت على العشرات، على وقع أهازيج الدبكة البعلبكية والأغاني الوطنية والثورية، رافعين الأعلام اللبنانية وسط أجواء من البرد والشتاء المستمر في المنطقة لليوم الثاني على التوالي دون أن يدفع الناس الى الخروج من الشارع.
تقول هبة رعد: «من حقي أتعلم بجامعة في بعلبك مش أتعذب على زحلة وبيروت كل يوم». وتطالب الدولة ببناء جامعات في بعلبك، وتشيد بالحشد الذي يزداد يوماً بعد يوم في المدينة والمكوّن من مسلمين ومسيحيين. ويؤكّد علي اللقيس، أنّ الإعتصام باقٍ حتى تحقيق المطالب «ولا شيء سيجعلنا نخرج من الشارع لا تهويل ولا غيره».
وفيما يستمر الإعتصام اليومي في بعلبك حتى ساعات متأخّرة من الليل، فُضّ أمس باكراً نتيجة المسيرات التي نظّمها «حزب الله» في بعلبك تأييداً للسيد نصرالله، حيث جابت السيارات والدراجات النارية شوارع بعلبك من مسجد رأس الإمام الحسين في رأس العين، وصولاً إلى السوق التجارية وسط الشتائم ضد الرئيس الحريري و»القوات اللبنانية»، ومن هناك إتجهت إلى دورس مقتربةً من التجمع في ساحة المطران في مشهدٍ إستفزازي ملاقاةً للتجمع الكبير الذي حصل عند دوار الجبلي من أنصار «حزب الله» ومحازبيه. وكان طريق دوار الجبلي في محلة دورس فُتح أمس أمام السيارات والمارة بعد أن قُطع ليل أمس بالسيارات وأعداد من المحتجين. كذلك شهدت بلدة عرسال إعتصاماً في ساحتها مناصرةً للثورة في كل لبنان، حيث رفض أبناء البلدة تدخل عدد من الإنتهازيين وفق قولهم، والذين أرادوا ركوب موجة الإعتصام لتحقيق مآرب خاصة. وفتح الجيش الطريق في محلة الفاكهة بعدما قطعه إحتجاجاً عدد من أبناء البلدة وبلدات الزيتون والعين. وكان عدد من شبان الفاكهة والزيتون قطعوا الطريق تضامناً مع الثورة، لكن بعد كلام السيد نصرالله جابت مئات السيارات من العين واللبوة والنبي عثمان المنطقة محاولةً فتح الطريق، ما دفع الجيش للفصل بين الطرفين، فعمد انصار «حزب الله» الى تكسير وتحطيم سيارات أبناء الفاكهة والزيتون المتوقفة على الطريق، ثم اطلاق النار في الهواء.

مواكب لمناصري «حزب الله» جابت مرجعيون وبنت جبيل والنبطية وصور
ماليا العشي/جريدة الجمهورية/السبت 26 تشرين الأول 2019
جابت المواكب السيارة المؤيّدة لمواقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، معظم قرى وبلدات الجنوب والمنطقة الحدودية، رافعةً الأعلام اللبنانية ورايات «حزب الله» وصور السيد نصرالله، وعلت الهتافات المؤيدة لقائد المقاومة. في وقت احتشدت جموع كثيرة من المواطنين على جانبي الطرقات، ملوحين بالأعلام اللبنانية، ورايات المقاومة. وانطلقت المواكب السيارة من نقاط تجمّعها في ساحات قرى وبلدات: كفركلا، عديسة، الطيبة، دبين، بلاط، واتّحدت في موكب واحد ضمّ حوالى 150 سيارة، جاب الطريق الحدودية المحاذية للجدار الإسمنتي الفاصل، تأييداً لكلمة نصر الله، في ظلّ انتشار كثيف لدوريات الجيش المؤللة على الطرقات. ولوحظ استنفارٌ لعددٍ من جنود الجيش الإسرائيلي عند نقطة المراقبة العسكرية في مسكافعام، في محلة الثغرة قبالة حاجز الجيش في عديسة. كذلك، انطلقت أعداد كبيرة من السيارات والدراجات النارية من الساحات العامة في قرى وبلدات بنت جبيل،في اتجاه الطرقات العامة والخطّ الساحلي، حتى نقطة التجمع في منطقة جسر الزهراني.
وشهدت مدينة النبطية وقراها مسيرات مماثلة.
ومن روم في منطقة جزين سارت مواكب نحو حيطورة وجباع، وصولاً إلى مليتا.وجابت مسيرة سيارة مؤيدة لمواقف نصرالله شوارع صور، وهتفت لرئيس مجلس النواب نبيه بري، كذلك انطلقت مسيرة من دوّار العلم في صور، الى فرع مصرف لبنان وسط تدابير أمنية وانتشار للجيش، الذي عزّز انتشاره عند المصرف وفي محيطه. وردّد المشاركون فيها هتافات تدعو إلى حوار مع الرئيس ميشال عون، تلبية لدعوته المتظاهرين أو ممثلين عنهم للحضور إلى قصر بعبدا. وفي حاصبيا، انطلقت مسيرة حاشدة في سوق البلدة الرئيسي، شارك فيها أبناء حاصبيا وقرى الجوار، رافعين الأعلام اللبنانية، منشدين النشيد الوطني والأغاني الوطنية، مطالبين «بتغيير النظام السياسي ومحاسبة الفاسدين، واسترداد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وتأمين حقوق المواطنين كافة». وطاف المحتجون في شوارع البلدة، بمواكبة أمنية مشدّدة من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
طرق الجنوب – البقاع الغربي ما زالت مقفلة
وفي سياق الاحتجاجات الشعبية وقطع الطرقات، ما زالت طريق الجنوب – البقاع الغربي – راشيا على حالها منذ أيام، من قطع للطرق عند مثلّث سوق الخان، وعلى مستديرة ضهر الأحمر ومفترق الرفيد والصويري، ومستديرة جب جنين والطريق الواصل بين راشيا والبقاع الأوسط والحدود الدولية عند نقطة المصنع.
ويسلك المواطنون الطرق الفرعية للتنقل الضروري لقضاء حاجياتهم وللوصول الى مختلف المناطق.

صور والنبطية وكفرمان: الانتفاضة ضد التخويف والتخوين
حسين سعد/المدن/26 تشرين الأول/2019
لم يخل الصوريون المنتفضون ساحتهم، عند دوار مفرق الاستراحة، الذي رفعت عند شرقه مؤخراً سارية أطول علم في لبنان، خاطفاً الاسم التاريخي لهذا الدوار. ويوم السبت، حافظت وتيرة الانتفاضة على وجودها ومشهدها المستمر منذ تسعة أيام، على الرغم من تسجيل انسحاب بعض المجموعات، تأثراً بدعوة أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، إخلاء جمهور المقاومة للساحات. شعارات الانتفاضة في تلك البقعة المطلة على بحر صور لم تتبدل “وين طار الاحتياط النقدي يا رياض”، “الجوع وحدّنا”، و”نحن بس ضد الجوع”.. وسواها من أدبيات المنتفضين، التي تدعو إلى استقالة الحكومة وانتخابات مبكرة واسترجاع المال المنهوب ومحاسبة الفاسدين. يحدث هذا، في وقت كانت المدينة، ولا سيما السوق التجاري، تحاول استعادة انفاسها بالتزامن مع تسيير حركة المرور، والتوصل إلى اتفاق يقضي بعدم إقفال الشارع المؤدي إلى وسط المدينة، وانحصار المنتفضين داخل الدوار. وهم يتحضرون بالتنسيق فيما بينهم للخطوات التصعيدية السلمية ومنها المشاركة في السلسلة البشرية الموعودة اليوم الأحد.
ورقة الناشطين وهواجسهم
في تلك الساحة المتنوعة، التي يغلب عليها الطابع اليساري، تتفاوت نبرة المنتفضين. إذ أصدرت مجموعة المعتصمين ورقة جمعت فيها معظم آراء ومطالب المواطنين، منها رفع السرية المصرفية على كل من يتعاطى بالشأن العام، رفع الحصانات النيابية والوظيفية، تعديل القوانين المتعلقة بديوان المحاسبة، فتح ملفات الفساد والاثراء غير المشروع وتسليمها إلى قضاة مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، إلغاء كل المجالس المعمول بها واستبدالها بوزارة للتخطيط وحل جذري لمشكلة الكهرباء وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، والدعوة إلى انتخابات نيابية خلال ستة أشهر.
يؤكد مصطفى سكيكي الحاضر منذ اليوم الأول في ساح الاعتصام أن المنتفضين مكملون وباقون بالشارع، لكن إلى متى؟ هذا مرهون بما سيحدث. مضيفاً، مطالبنا سلمية ووطنية وموجهة ضد الفاسدين. ويشدد الدكتور حاتم حلاوي على الاستمرار في الانتفاضة. ويقول: “نحن لم نجد شيئأ جديداً في خطاب سماحة السيد. فقد كنا ننتظر أن يكون فيه شيء عملي. نقول هذا على الرغم من حب الجميع للسيد حسن واحترامهم وتقديرهم لمصداقيته. لذلك، نحن سنواصل تحركنا، ومدى استجابة الناس مرهون بالساعات المقبلة”.
الناشط علي بزون شدد على التمسك بالحراك الشعبي السلمي المعبر عن آهات وآلام اللبنانيين جميعاً، وقال: “إن تحركنا انطلق من وجعنا نحن الشباب، ووجع كل الذين ينادون بوطن يحمي الجميع، ويؤمن فرص العمل لأبنائه وبنيه”. الناشط حسين عطايا يحسم الاستمرار في الانتفاضة على قاعدة تحقيق المطالب التي صارت معروفة، و”الساحة في صور لم تتأثر بخطاب السيد حسن.. تأثرت بمواكب الدراجات فقط”. وتابع عطايا: “الانتفاضة قائمة حتى إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة الوضع، حتى لا يحصل الفراغ، الذي يخوفنا به السيد حسن. وهو نسي عندما اعتصموا لأكثر من سنتين في وسط بيروت لإسقاط حكومة السنيورة والفراغ الرئاسي الذي استمر أيضاً أكثر من سنتين.أما الرئيس الحريري فقد اعترف في خطابه بوجود الفساد أمام الرأي العام، عندما اعلن انه سيتقدم بقانون لاستعادة الأموال المنهوبة”.
النبطية: التفاهم مع البلدية
ساحة النبطية، التي تجمع المنتفضين بإصرار يومي، ما زالت على موقفها وصمودها وإن “تفهمت” أمر فتح الطريق في المنطقة. يشير عبد شكر، أحد ناشطي الانتفاضة في النبطية: “إن انتفاضتنا متواصلة، لأن هذا الانتفاضة شعبية وطنية عفوية نابعة من جروحات الناس وآلامهم، وتطلعاتهم نحو بناء مستقبل لأولادهم، وبناء دولة أساسها المواطنة، بعيدة عن المحاصصة الطائفية”.. مؤكداً التوصل مع بلدية النبطية بعد الإشكال الأخير على تفاهم لفتح جانب من الطريق، لتسهيل حركة مرور الناس وسياراتهم. وعما إذا ما كانت النبطية ستشارك في السلسلة البشرية، أوضح شكر: “سنتواصل مع مع المجموعات الأخرى للاستفسار عن هذا العمل.ونحن في خدمة الحراك”. لا تبارح الناشطة مايا ضاهر ساحة اعتصام النبطية، الذي يتميز بنكهة التعاون بين الجميع في المنطقة من خلال مساحات الرأي والحوار. وتقول ضاهر: “نحن مستمرون هنا في النبطية إلى حين نيل المطالب، وعلى رأسها تشكيل حكومة إنقاذية”، لافتة إلى تشكيل لجنة مصغرة من حراك النبطية للتشبيك بين كافة المناطق اللبنانية، من أجل توحيد المطالب المرفوعة. تضيف ضاهر: “المرأة الجنوبية أثبتت أنها عنصر رئيسي في ساحة المطالب على امتداد الوطن. وهي تتسم بالوعي والمسؤولية، وتحمل هم بناء مجتمع متماسك، قاعدته العدالة الاجتماعية من أجل دولة حقيقية”.
دوار كفرمان
بقيت الأجواء عند دوار بلدة كفرمان، ولا سيما داخل الخيمة التي نصبها المنتفضون ومحيطها، محافظة على جهوزية المنتفضين، والاستعداد لأي خطوات مقبلة، انسجاما مع الحراك الممتد على الاراضي اللبنانية.و يلفت أحد الناشطين في المنطقة، المهندس حاتم غبريس، أن الاعتصام باق في دوار كفرمان. وقد تم فتح مسرب من الطريق في المنطقة، “حتى لا نعطل أرزاق الناس، المتضررين أصلاً من الوضع الاقتصادي وسياسات الحكومة وأركان السلطة، التي تعيث فساداً في البلد”.

بـ”المقاومة” و”فرّق تسد”: حزب الله يستميت لإخماد انتفاضة صور
خضر حسان/المدن/26 تشرين الأول/2019
شكّلت انتفاضة مدينة صور محطة مفصلية في مسيرة الانتفاضة اللبنانية التي انطلقت في 17 تشرين الأول، ذلك أنها تحدّت السلاح الذي رفعته حركة أمل في وجهها، في محاولة لإخمادها، بحجة أن المتظاهرين شتموا رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رندا. بعد سحب المسلحين من الشارع، اختفى صوت “أمل” على وقع ضجيج كلمات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وهنا يُسجّل لانتفاضة المدينة أن صوتها بقي أعلى من الضجيج الرامي لإخمادها وإخماد صوت الانتفاضة في الجنوب وكل المناطق.
فزّاعة المقاومة
وزّع نصر الله كعادته شهادات الوطنية بما يتناسب مع مصلحته. فوضع المتظاهرين في خانة العداء للمقاومة. وبرأيه، بعضهم يدري وبعضهم الآخر لا يدري. فنصر الله يعتبر أن أيادٍ خفية تحرك التظاهرات لتوجهها ضد المقاومة. كلام نصر الله يوم الجمعة 25 تشرين الأول، ترافق مع قرار مركزي بتسيير تظاهرات مؤيدة للمقاومة، كان لمدينة صور نصيب فيها. ففي صور وقراها، حشد حزب الله محازبيه وأنصاره، وانطلقوا بسياراتهم ودراجاتهم النارية ليجوبوا شوارع المدينة. واستعمل الحزب في دعواته خطاباً يوحي بأنه يحشد الناس لمواجهة اجتياح إسرائيلي. ففي بلدة “معركة”، وزّع الحزب رسائل نصية عبر الوتسأب تقول: “أهلنا الغيارى على المقاومة وقيادتها في بلدة معركة، يا مَن عقدتم العزم على حفظ المقاومة بالأرواح والدم، يا مَن لا ترضون أن تحكم فيكم الأفواه المأجورة، وتزحزحكم عن كلام سيّدكم الفصل، تثبيتاً للعهد بالقول والفعل، وتجديداً للوعد بالنصر الآتي، مقاومة ومؤازرة شعبٍ عزيز لا يرضى الذل، ندعوكم إلى المسيرة السيارة التي ستبدأ بعد كلمة سماحة الأمين المفدّى السيد حسن نصرالله حفظه الله، صرخةً في وجه كلّ مراهن على تركنا مسيرة المقاومة.. التجمع اليوم الجمعة الساعة 4:30 أمام مجمع الامام الرضا (ع) معركة”. حاول نصر الله في خطابه أن لا يعمم على كل المتظاهرين تهمة الوقوف ضد المقاومة، لكن الممارسة على أرض الواقع أثبتت أن الجميع متهم وإن ثبتت براءته. فمسيرة صور، بمنطق الحزب، موجهة ضد من ليسوا غيارى على المقاومة، من الشعب الذي يرضى الذل، في حين أن انتفاضة صور تضم أسرى محررين، بعضهم أمضى أكثر من 10 سنوات في المعتقلات الإسرائيلية، كما تضم مقاومين يعرفهم أبناء القرى، وخصوصاً حزب الله. استعمال المقاومة كفزاعة لإسكات أي صوت معارض، كانت تخرقه الاعترافات التي يدلي بها محازبو ومناصرو حزب الله، خلال نقاشاتهم في القرى مع مقاومين شيوعيين ويساريين يشاركون في الانتفاضة منذ اليوم الأول. فمحازبو ومناصرو الحزب، لا يستطيعون إنكار نضال آلاف المقاومين، وهو ما أوقعهم في تناقض كبير. فمن جهة، تاريخ الجنوبيين في المقاومة معروف، ومن جهة أخرى يلتزمون تنفيذ القرار الحزبي بالنزول الى الشارع “لنصرة المقاومة”.
فرّق تسد
نجح المنتفضون في صور بردّ تهمة العداء للمقاومة، وتمكّنوا من تذليل خوف الناس من اعتداءات محتملة ضد المتظاهرين. فلم يكن أمام رافضي الحراك إلاّ اتّباع سياسة فرّق تسد. إذ عمد البعض إلى ترويج شائعات حول فض الاعتصام في صور، وانتشرت رسائل عبر الوتسأب تؤكد أن “مسؤولي الحراك في صور يطلبون من المتظاهرين إخلاء ساحة دوار العلم”. بالتوازي، انسحب عدد ممّن كانوا ينشطون في التظاهرة غناءً ورقصاً وخطابة. يتذرّع بعضهم أن “البعض يردد شعارات لا تتناسب مع أهداف الحراك”. علماً أن الشعارات التي تُرَدد، بقيت على حالها منذ اللحظة الأولى لانطلاق التظاهرة في صور. وكان بعض المنسحبين يرددون الشعارات ذاتها، فهل فجأة اكتشفوا أنها لا تناسب أهداف الحراك؟ ثم أن الشعارات تحمل المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا في صلب أهداف الحراك. أما الشتائم، فلا تُسمع في تظاهرة صور. انسحاب البعض أُعطيَ حجماً يفوق حجمه. فمنذ اليوم الأول لتظاهرة صور، كان هناك من يشارك ثم ينسحب لأسباب كثيرة، وهذا يندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي، سواء بالمشاركة أو رفضها. لكن تسليط الضوء على الانسحاب بالتوازي مع خطاب نصر الله، له وقع أكبر على المتظاهرين وعلى الرأي العام في صور ومحيطها. وبالفعل، لم تهدأ الاتصالات التي تلقاها المعتصمون طيلة فترة الاعتصام، للتأكد ما إذا كان الاعتصام مستمراً أم لا، ليؤكد من هم في الساحة أنهم باقون. أيضاً، حاوَلَ البعض إظهار نفسه كقائد لتظاهرة صور، في حين أن لا قائد ولا موجّه للتظاهرة سوى المتظاهرين أنفسهم. وأقصى ما في الأمر، هو تطوّع عدد من الأشخاص بضبط التظاهرة لتبقى ضمن إطارها السلمي. ويمكن لأي شخص في التظاهرة أن يبادر الى التنظيم والتواصل مع المتظاهرين.
قمصان سود
اشتُهِر حزب الله بإلباس محازبيه ومناصريه قمصاناً سود خلال تحركهم لتنفيذ قرارات الحزب، ومنها مهمات قمع التظاهرات والتحركات التي لا يوافق عليها الحزب، وهو ما بدا واضحاً خلال الاعتداء على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح. وفي صور، دخل عدد من مناصري الحزب الى ساحة الاعتصام، بلباسهم الأسود. بقي بعضهم على الرصيف المقابل للساحة، يرمقون المتظاهرين بنظرات باردة وجامدة، في حين وقف جزء آخر جنباً الى جنب مع المتظاهرين دون ترديد أي شعار أو التفاعل مع الأناشيد الثورية وصرخات المتظاهرين، في مشهد واضح لا يحتاج الى تدقيق. ومع ذلك، أكمَلَ المتظاهرون ما اعتادوه لأيام، ولم تخمد الانتفاضة.

نصرالله “يخطف” الجمعة بإصبعه: إسقاط الانتفاضة
منير الربيع/المدن/26 تشرين الأول/2019
كان يوم الجمعة يوم حزب الله بامتياز. تختلف “إطلالة” الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، عن إطلالة غيره من السياسيين، بمن فيهم رئيسي الجمهورية والحكومة. فخطاباته هي “القرار”. والآن هي التي ستحدد التعامل مع الانتفاضة الشعبية وتداعياتها أو كيفية الردّ عليها والتعاطي معها. يوم السبت الماضي، قال نصر الله صراحة: “لا لإسقاط الحكومة، ولا لإسقاط العهد”. فجاء رد الساحات بالإصرار على مطلب إسقاط الحكومة والعهد. هكذا بدأ التحول الأساسي، من المطالب المعيشية إلى المطالب السياسية. وأصبح الجميع على يقين أن لا حلّ إلا في السياسة لهذه “الأزمة”. وتوضح ذلك في ردود الناس على كلام الحريري وعون.
خطة فتح الطرق
طوال الأسبوع، كانت الاتصالات تجري للبحث عن حلول، وكيفية إخراج الناس من الشوارع، وحصرها في ساحات لا تعيق حركة البلاد. هذا المشروع الأساسي الذي أرادت الحكومة تثبيته، أي أن تستمر الناس في التظاهرات إلى أن تتضجر وتتعب، فتستمر الحكومة والتسوية السياسية وكأن شيئاً لم يكن. لكن كل المحاولات فشلت في إخراج الناس من الشارع، قبل تحقيق هدف سياسي بارز، يتمثل باستقالة الحكومة. وفي هذا السياق، ووفق المعلومات، يبدو أن كلام نصر الله حول فتح الطرقات، سيبدأ البحث به جدياً، عبر لقاءات لقادة الأجهزة الأمنية والتنسيق فيما بينها لوضع خطة واضحة لفتح الطرقات خلال اليومين المقبلين، على نحو يعود لبنان الإثنين إلى حياته الطبيعية. وإذا لم تفلح في ذلك، فلحزب الله تدبيره وبأسلوبه. وليلة الخميس، اتخذ قرار حاسم من حزب الله والتيار الوطني الحرّ، بضرورة فتح الطرقات، أو اللجوء إلى المنازلة في الشارع. وهذا الهدف هو عزل الاعتصامات عن الحياة اليومية. استبق مناصرو حزب الله كلمة قائدهم بعد ظهر الجمعة، ونزلوا إلى ساحة الرياض الصلح. تم التحضير لذلك ببناء “رأس جسر” (أو دفورسوار) داخل الساحة عبر تمركز 200 عنصر فيها ليل الخميس. وكان الهدف ترهيب المعتصمين باحتمال ترسيخ شارع مقابل شارع وساحة مقابل ساحة قبل فعلوا قبل 14 عاماً. وهذا يعني حكماً صنع انقسام سياسي و”شعبي” في البلد، بمنطق كما أن هناك متظاهرين لديهم مطالب معيشية، فلدى جمهور حزب الله أيضاً مطالب. هكذا حدث مشهد اجتياح مناصري الحزب ساحة رياض الصلح، في محاولة للسيطرة عليها.
شيطنة الانتفاضة
لاحقاً، طلب نصر الله من مناصريه الخروج من الساحات. لكن عملياً، على الأرض، هو أمر بالتحضير للانتشار في ساحات أخرى. وهذا ما رأيناه في الضاحية الجنوبية، وفي بيروت، وبعلبك والهرمل وصور والنبطية..إلخ، من خلال مسيرات سيارة ضخمة مؤيدة للحزب. تحركات جمهور الحزب كنت تتوازى مع مطالعة سياسية قدّمها نصر الله فتحت الباب أمام كل الاحتمالات. فتدرج في كلمته بثلاثة مراحل، الأولى تأييد مبدئي لما أسماه “الحراك” وحماية المشاركين به وحريتهم في الاستمرار به. والثانية طلب “الحوار” في المطالب المشروعة، مع الحفاظ على الثوابت السياسية، أي لا إسقاط للعهد ولا انتخابات نيابية مبكرة، مع فتح نافذة حول الوضع الحكومي (ميز بين “نرفض” إسقاط العهد و”لا نؤيد” استقالة الحكومة). أما الثالثة فكانت الأهم، وهي زرع الشبهات والشكوك والاتهامات حول الخلفيات السياسية لما سماه “الحراك”، بل وأشار إلى ارتباط بالسفارات وأوحى أن هناك تمويل مشبوه مخابراتي. بمعنى ما، شيطن حسن نصرالله الانتفاضة الشعبية، وسحب صك البراءة الذي منحه يوم السبت الماضي. وبالتالي، فتح الباب أمام مناصريه للاقتصاص من المعتصمين والانقضاض على الانتفاضة ومظاهرها، طالما أنها “ممولة من الخارج” وتستهدف المقاومة وسلاحها.
الإصبع “المخيف”
لم يكن خطاب نصر الله خطاباً تقريرياً، أو وصفياً لما يجري، بل هو تحذيري وأشبه بإنذار أخير: الحزب يحضّر لمرحلة مقبلة ولقرارات من طبيعة أخرى ستلي هذا التحذير. ما يعني حكماً أن هذه الانتفاضة يجب أن تسقط. ولذلك، لوح بإصبعه لبعض القوى السياسية، قائلاً: “إذا ما أخافكم إصبعي فلتخافوا”.
لم يدخل في تفاصيل الملف الحكومي، وفي اللاءات التي رفعها: لا لإسقاط العهد، ولا للانتخابات النيابية المبكرة. أما بما يخص الحكومة فقال: “لا نؤيد إسقاط الحكومة”. وهذا يُعد تراجعاً عن ما قاله السبت الفائت: “ممنوع سقوط الحكومة”. الآن تغيرت المعادلة والعبارة متحوطاً من سقوطها بسبب المتغيرات. لكن الأكيد أنه رفع الشروط أمام استقالة الحكومة في المفاوضات التي تجري، أي أن لا يبدو الأمر وكأنه يقدم تنازلاً لجمهور الانتفاضة، بعدما قرر مواجهتها.
على صورة العراق
لطالما اعتبر نصر الله أن حزبه لا يتدخل في التفاصيل اللبنانية، ومهامه وأدواره أبعد بكثير من لبنان. لكنه الآن ينظر إلى المعركة من إطارها الأوسع. ويرى المعركة في لبنان تمثّل انقلاباً عليه وعلى انتصاراته، ولا تنفصل عن ما يجري في العراق الذي يشهد تظاهرات واسعة أيضاً ضد هيمنة صنوه، الحرس الثوري الإيراني (الحشد الشعبي). وبالتالي، هذه حرب المحور الذي ينتمي إليه الحزب. وهنا، قال إنه مضطر لحماية البلد من الفراغ، وأنه حاضر لدفع أي ضريبة للحفاظ على الستاتيكو، لأن ذلك أهون من دفع الدم.
بقاء الحريري من بقاء باسيل
خاطب نصر الله الداخل والخارج، حين عبر عن رفضه الفراغ. وأن لا بديل واضحاً ونزيهاً يستلم السلطة بحال سقوطها. وهي المقولة التي استعملت دولياً وإقليمياً لمنع إسقاط بشار الأسد في سوريا. على هذا كله، أي تغيير للحكومة يجب أن يكون مقروناً باتفاق مسبق يضمن تشكيل حكومة تلائم حزب الله. وبحال استمرار الاستعصاء فإن فوضى الساحات ستستمر، وستؤدي إلى صدامات ممنهجة وقد تتحول دموية. وحسب المعلومات، كلام نصر الله حول الحكوم، تُرجم سريعاً بلقاء عاجل للحريري مع رئيس الجمهورية. وحسب المعلومات، فإن البحث تركز حول كيفية استقالة الحكومة، والبحث بتشكيل حكومة جديدة، ووضع الصيغ المناسبة لها مسبقاً. لكن عون أصر على أن جبران باسيل يجب أن يكون ثابتاً في أي حكومة، أو إذا كان لا بد من مغادرته، فبشرط مغادرة الحريري وعدم تكليفه.

حراك ميداني كي لا تتحول الثورة إلى “مخيم”
وليد حسين/المدن/26 تشرين الأول/2019
رداً على الخطاب التهديدي والتخويني الذي أطلقه أمين عام حزب الله حسن نصر الله، عادت وامتلأت ساحتا رياض الصلح والشهداء بعشرات آلاف المواطنين، رغم حملة الترهيب يوم الجمعة. لكن التحدي الحقيقي الذي بات يعمل عليه الناشطون يكمن في الاستمرار بقطع الطرق يوم الإثنين، وشل حركة البلد، إسوة بالأسبوع الأول لانتفاضتهم. خصوصاً أن خطاب نصر الله، الناطق باسم السلطة، الفاقدة للشرعية كما يقول المتظاهرون، كان واضحاً وأشبه بأوامر موجهة للأجهزة الأمنية بوجوب وضع حد للاعتصامات في المناطق، ومع قطع الطرق، وفتح المقفلة منها. إذ تبين أن قطع الطرق يشكل واحد من مكامن قوة “الثورة” في ضرب عصب السلطة. فالتظاهر في وسط العاصمة وبقية المدن من دون شل حركة البلد يفقد المتظاهرين الفاعلية في تحركهم.
اليد “المالحة”
وكان نصر الله قد “أمر” المتظاهرين التزام الساحات وفتح الطرق، بحجة تسيير أمور الناس. فهو يريد الساحات أن تصبح عبارة كرنفالات، يشارك الناس فيه ويأكلون ويشربون ويصرخون حتى الصباح، ويعودون إلى بيوتهم من دون أي فعل سياسي، أو من دون القدرة على ممارسة أي ضغط سياسي، واقتصار الأمر على مجرد احتجاج اجتماعي، على غرار تثبيت المتعاقدين في الجامعة اللبنانية أو ضمان الشيخوخة، وخلافها.. وكانت مفاعيل خطاب نصر الله قد بدأت في معظم المناطق. إذ عمدت القوى الأمنية على محاولة فتح الطرق بالقوة. ففي بيروت تدخلت القوى الأمنية لفض الاعتصام الصباحي على جسر الرينغ بالقوة، أو “بيد مالحة” كما لمّح حسن نصر الله في خطابه، الذي ذكر فيه بتدخل الجيش لفض اعتصامات للحزب ووقع فيها قتلى. لكن الناشطين توافدوا بالمئات إلى الجسر، وعملوا على قطعه في أوله لناحية برج الغزال، وفي منتصفه. وتمكنوا من إفشال مخطط فتح الطريق. ثم انسحبت القوى الأمنية وسط تجمهر عناصر من حزب الله وحركة أمل، ووقفوا على الرصيف يتحينون الفرصة للانقضاض على المتظاهرين. وراحوا يتفاوضون مع بعضهم البعض طالبين عدم التعرض لنصر الله وللرموز الدينية، رغم عدم تطرق أي المتظاهرين لأي منهم. ليس هذا وحسب، بل ذهبت بهم الحيلة إلى إنشاد اغنيات للأطفال لتجنب هؤلاء المتربصين بهم، الذين بدوا أشبه بالمطاوعين، إذ وقفوا فوق رؤوسهم يستمعون إلى كل كلمة تقال. ورغم ذلك حاولوا مراراً وتكراراً إزعاجهم أو ترهيبهم، بما يذكر بتصرفات الفاشيين. هكذا، استمر الناشطونفي قطع الطريق، متوعدين بالبقاء فيه.
محاضرات جامعية وحلقات نقاش
وكانت ساحة رياض الصلح قد شهدت توافد بعض “المندسين” صباحاً، أتوا بأعلام وراحوا يطلقون الدعوات لعدم قطع الطرق واعطاء الحكومة فرصة من أجل المضي بالإصلاحات. وراحوا يفتعلون بعض المشاكل المتفرقة مع المتظاهرين.
وإسوة بالأيام السابقة أكمل أساتذة بعض الجامعات والمدارس تنظيم الدروس للطلاب في ساحة الشهداء. ونظمت كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف نقاشات سياسية حول إشكالية اسقاط الحكومة وتشكيلها، وماذا يعني اسقاط النظام. كما عملت مجموعات عدة على تخصيص حلقات نقاش سياسية ومطلبية. وحضر بعض الفنانين والمحامين والأطباء. وافترشت النسوة والأمهات بعض الطاولات، ورحن يقدمن الطعام البيتي المجاني للمتظاهرين. وذهبت بعض المجموعات إلى تقديم السندويشات البيتية، مشيرين إلى أنها من تمويل السفارة الفلانية، تندراً واستخفافاً بما قاله نصر الله، متهماً المتظاهرين بأنهم يتلقون التمويل من السفارات. ما جعل “الثورة” تبدو وكأنها دخلت في يوميات اللبنانيين، الذين انتقلوا بعاداتهم وحياتهم إلى الساحة.
الأيام المقبلة
بات وسط العاصمة، حيث تتوزع أكشاك بيع المأكولات والمياه والنرجيلة، وخيم الناشطين ومنصات المجموعات، يشبه كرنفالات المدن الأوروبية. مشهد مبهج لاجتماع الناس. لكن قد يصبح خارج السياسة في حال انتصرت مشيئة نصر الله. إذ أن محاولات حصر المتظاهرين في ساحات مغلقة على ذاتها، سيؤدي إلى تقطيع أوصال ثورتهم. لذا الرهان الحالي عند الناشطين هو الاستمرار بملء الساحات في المناطق والحفاظ على التواصل فيما بينها عبر شل حركة البلد سلمياً. وقد بدأ الناشطون بالتحضير للأيام المقبلة، وسيعمدون إلى قطع الطرق، رغم التحذيرات والتسريبات التي بدأت تتوالى عن تدخل القوى الأمنية لفتحها بالقوة. كما سيشهد الأسبوع المقبل تحرّكات نوعية وصولاً إلى إعلان العصيان المدني.

طرابلس جوهرة الثورة اللبنانية وتوأم صور والنبطية
منير الربيع/المدن/الأحد27/10/2019
يبدو أن الرصاصات الأولى ضد الانتفاضة اللبنانية أُطلقت عمداً في طرابلس. الضحايا الأول للانتفاضة هم من طرابلس. الانتقام من الانتفاضة بدأ من طرابلس. خطة إسقاط الانتفاضة وترهيب اللبنانيين بدأت من طرابلس. هدر الدم بدأ في طرابلس.. درساً لبعلبك وعرسال وصور والنبطية وبيروت وجل الديب والزوق وكل خريطة الانتفاضة. طرابلس الآن هي الهدف، طالما أنها باتت لبنانية إلى هذا الحد، رحبة وحاضنة إلى هذا الحد، مدنية إلى أقصى حد. فما هي هذه المدينة التي استردت روحها؟ لماذا هي “مكروهة” إلى هذا الحد؟
اسمها طرابلس، وأصل الكلمة يوناني، ويعني المدن الفينيقية الثلاث، 700 سنة قبل الميلاد. وفي 2019 بعد الميلاد، تستعيد طرابلس توأمتها الثلاثية الفيدرالية في الثورة اللبنانية: صور، صيدا، والنبطية. وعلى غرارها تتشكل اليوم ثنائية البقاع الشمالي: عرسال – الهرمل. وهذا ما تجلى في هتافات أهالي الهرمل الشيعة لعرسال، بلسان الثورة السورية: “يا عرسال حنّا معاكي للموت”. تماماً كما كانت طرابلس تهتف لصور والنبطية: “طرابلس معاكم للموت”.
طرابلس لبنان
الصراع الحديث على إحدى أجمل مدن المتوسط الشرقي، تاريخي ومديد. وهو الذي جعل طرابلس المدينة الأفقر على الحوض الشرقي للبحر الأبيض. جمالية المدينة بتنوعها، وتراثها القديم، الفينيقي، الروماني، السلجوقي، المملوكي، الفاطمي، العثماني، والفرنسي. مزيج الحضارات هذا، لا يزال حاضراً فيها، وهو جزء مكون من جمالية حاراتها، بمساجدها وكنائسها ومدارسها، والزوايا والتكايا، والخانات، والرُّبط، والحمّامات، والطواحين، والأسواق. هذا المزيج الثقافي شكل أبرز الدوافع لتعزيز الصراع على هوية طرابلس. استمر الصراع في العصر الحديث، ما بعد سقوط السلطنة العثمانية، إلى ثورة 17 تشرين 2019 التي حسمت فيها طرابلس هويتها بلا أي لبس أو محاولات لعزلها. بعيد سقوط السلطنة أيدت طرابلس الوحدة العربية، أو الوحدة مع سوريا. سمّيت طرابلس الشام، لتمييزها عن طرابلس الغرب الليبية. لم يحسم الطرابلسيون خيار وطنيتهم اللبنانية باكراً، جزأ من وجدانهم كان مع الوحدة العربية. ومرّت المدينة في مخاضات كثيرة طوال مئة سنة، للوصول إلى إعلاء اللبنانية بتنوعها الذي طالما عكسته المدينة. لكن الصراع على هويتها أصرّ على طمس ذلك التنوع، تماماً كالإصرار على عزلها وجعلها أفقر مدن المتوسط. لم تُترك سمةٌ لم تُرم بها طرابلس: من نعتها بالمحافِظة والتقليدية، إلى احتوائها الإرهاب، ووصفها بقندهار. لكنها عند كل محطّة ومفصل، كانت تخرج من ركام صفاتها، وتنزع عنها غبار التاريخ.
توأم نكبة حماة
مع انطلاق العمل الفدائي الفلسطيني في لبنان، كانت طرابلس وعرسال والنبطية وصور، خزّانات الدعم المعنوي والمادي للمقاومة. بعيد الاجتياح الإسرائيلي، وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، جعلها النظام السوري الأسدي مرتعاً له. اتضح أن الصراع على طرابلس يتوسع بعد مغادرة ياسر عرفات بيروت، فعاد إلى طرابس. لذا عندما تعرّض الفلسطينيون والطرابلسيون إلى أكبر حملة عسكرية أسدية لسحق “النفس الفلسطيني” في المدينة، وإرساء النفس البعثي. فعل النظام الأسدي بالفلسطينيين والطرابلسيين ما لم تفعله إسرائيل لدى اجتياحها بيروت، وفعله ذلك النظام بحماة سنة 1982. دفعت طرابلس ثمناً باهظاً. واستمرّ النظام الأسدي في ترويعها وولى عليها “أمراء” من السنّة أو العلويين، غايتهم ترهيب أهلها. وكانت معارك باب التبانة الدموية تحت عنوان “الموت ولا المذلة”. على وقع تحرير الجنوب في العام 2000، أخرجت طرابلس مكنوناتها: “المقاومة والعروبة”. مشهد ساحة النور التي تغطيها أعلام حزب الله لا يمكن أن يُنسى. كانت المدينة متجاوزة للمذهبية والطائفية. قبل اغتياله، كان رفيق الحريري يعلم أن الوجدان الطرابلسي والعكاري والشمالي عموماً، معه. في كل مرّة تحضّر لزيارة الشمال، كانت ترده نصائح سورية ومخابراتية بعدم الذهاب إلى هناك، لأنه قد يتعرض لعملية أمنية. كان حافظ الأسد يعلم “خطورة المدينة” السنية، والتي تحاكي وجدان السوريين الذين بدورهم يحاكون وجدانها. كان لا بد من إبقاء المدينة مغيّبة ومستهدفة. وفي مطلع الألفية الثالثة وسمت أحداث الضنية طرابلس بالتطرف والأصولية الإسلامية والإرهاب.
أغنياؤها يستثمرون في فقرها
بعيد اغتيال الحريري، كان من الواجب قمع المدينة، ومنع عودتها إلى لبنان الذي امتلأت ساحاته بلبنانيي ثورة الأرز على نظام الأسد الأمني. أشهر مرّت ليتجدد فيها مشهد الدم والخروج على لبنان والدولة، في مكيدة جديدة بدأت بالهجوم على الجيش، وانتهت بمعركة نهر البارد. لم تشف المدينة من جراحها، ومنعت عودتها إلى لبنان. تُركت مهمّشة، لا حاضنة لها. ومع اندلاع الثورة السورية، عاشت طرابلس على إيقاعها، مستعيدة سوريتها وعروبتها. كان خنق المدن السورية يجد صداه في خنقها، وإغراق سوريا بالعسكرة والدماء ينسحب على عشرين جولة قتالية بين التبانة وجبل محسن، على أساس مذهبي وطائفي. واستمر ساستها بإفقارها والاستثمار في فقرها. وطرابلس التي لطالما أراد رفيق الحريري احتضانها، راكم سعد الحريري خساراته فيها، وها هي اليوم تنتفض عليه.
العصيّة على الاختراق
في 17 تشرين 2019، في مئوية لبنان الكبير، تعود طرابلس إلى لبنانها، تستعيد نموذجها في العيش، هي التي عاش في وجدانها موريس فاضل، ورياض صراف الذي لم يغادر المدينة في الحرب، فبادلته الوفاء في العام 1992. تمثل ساحة النور في عاصمة الشمال، لبنان بأسره، بكل تنوعاته. تستحق طرابلس لقب جوهرة الثورة اللبنانية المتجددة. جوهرة حولها جواهر أخرى كثيرة، فلا يعود “التريوالمديني” الذي يمثله اسم المدينة، اختصاراً لمدن ثلاث. طرابلس اليوم، تتحد مع صور والنبطية وصيدا، مع بيروت وجل الديب، مع زحلة وبعلبك وعرسال والهرمل.
مشروع إخماد الثورة قائم، وقد ينجح القامعون في إخمادها مرحلياً. قد ينجحون في صور والنبطية، في بعلبك وبيروت. قد ينجحون استناداً إلى جيش سري ظلامي خاص، وموازين مذهبية وسياسية، وإلى نظريات المؤامرة التافهة. لكن طرابلس وحدها ستبقى عصية على أي اختراق من هذا النوع.
الخوف الوحيد من استهدافها أمنياً، على غرار ما كان يحصل في السابق. وما تفجّر في لبنان لن ينضب. حتى لو أُخمدت الانتفاضة الحالية، ستتفجر مستقبلاً، لكن الأساس يظل أن القامعين يعجزون عن خنق طرابلس التي تبقى حصن الثورة، وستبقى الرياح تهبّ من الشمال.

براغماتية خذ وطالب في ثورة التغيير اللبنانية
راغدة درغام/ايلاف/26 تشرين الأول/2019
انتفاض لبنان بصحوة شعبه في تظاهرات رائعة وراقية دبّ الهلع في زعماء الطائفيّة والإقطاعيّة والصفقات والفساد، فأثمر بعمقٍ وقوّة، وسيثمر أكثر إذا اعتمد المتظاهرون استراتيجيّة المثابرة المدروسة على أساس تمتين الإنجازات، Consolidation of gains، وتكتيك خُذ وطالب، Pocket ووضع الاستعدادات الضرورية للجولة التالية. هذه مسيرة، وليس مجرد احتجاج عابر سيتم امتصاصه، كما تعتقد القيادات السياسية القابعة في عجرفة اعتبار ما يحدث مجرد كابوساً سيقطع. ولكي تكون هذه مسيرة اقتلاع العفن من نظامٍ اعتاد الاعتلاء على الناس وحقوقهم، لن يكفي جمال رفض الانصياع وخلع الخوف برغم أهميتهما البالغة. انها مرحلة شدّالأحزمة والتنبّه الى مَن في ذهنه الانقلاب بأي ثمن وبأيّة وسيلة على مسيرة “لبنان ينتفض”. وهي أيضاً مرحلة جرد الأولويات التي تصون البلد من الانهيار التام، بدءاً بالانهيار الاقتصادي. إنما الآن، مباركٌ ومبروك على اللبنانيين هذا التماسك في إصرارهم على المطالب ورفض الانزلاق في المطبّات الإرضائية والطائفيّة. مدهشةٌ هذه العفويّة في التنظيم وتجنّب الانقسامات في صفوف المتظاهرين في الشوارع اللبنانية ومن يدعمهم في العواصم العالميّة. حتى الآن، وبعد مضي ثمانية أيام على بدء المظاهرات، فشل كل مسؤول حكومي وحزبي امّا في إقناع الناس بالترقيع أو في تخويف الناس بهزّ أصبع التهديد. أخذ الناس على عاتقهم ترشيح مَن يثقون به الى المناصب، فأبلغوا الى الزعماء ان الكفاءات لن تبقى رهينة مزاجهم أو حساباتهم وتعييناتهم. أبلغوهم أن اللبنانيين استفاقوا بعد غيبوبة طويلة فرضها الاعتقاد بأن الطبقة السياسية الحاكمة ستكتفي وتشبع، لكن الجشع والغباء تحكّما بقرارات رجال الحكم والسلطة في لبنان، فوقعوا في عواقب الاستهتار بالناس.
المثابرة في الاحتجاج السلمي هي أقوى ورقة في أيادي الناس. رفض الانجرار الى المواجهات هو الدرع الذي سيحمي الثورة على الفساد، والطائفية، واقتسام الثروات، وإفقار لبنان عمداً لتحويله الى دولة فاشلة وساحة تصفية حسابات.
لذلك، من الضروري وضع استراتيجية افشال هذه الغايات من أجل تحقيق مطالب الثورة في لبنان. فهذه ليست ثورة الجيّاع، كما يحلو للبعض تصنيفها. انها ثورة استعادة الدولة من أيادي زمرة من الطبقة السياسية تخيّلت أن في وسعها تدجين الناس عبر التخويف الطائفي واستخدام الناس غنماً في قطيع.
واحدٌ تلو الآخر، تحدّث الزعماء بلغة الاستعلاء واعتقدوا أن انتفاضة اللبنانيين ستكون عابرة. رئيس الجمهورية ميشال عون عندما أخيراً نطق جاءت إطلالته المتأخرة لتثير الحزن والشفقة عليه والغضب ممّن سبّب بانزلاق منصب رئاسة الجمهورية الى هذا الحضيض.
رئاسة الحكومة أيضاً تدحرجت الى الأسفل بسبب أداء سعد الحريري الذي اعتقد بدوره أن في وسعه إرضاء الناس بإصلاحات الترقيع، وان شراء الوقت سيكون لصالحه مجاناً. فخسر.
مجلس النواب ورئاسته المتمثّلة بنبيه بري ظن أنه فوق المحاسبة، فقال له الشعب أنه في عمق الفساد وتحت طائلة الحساب.
أمين عام حزب الله حسن نصرالله لم يكتف بإبلاغ الناس أنه هو من يمتلك مفاتيح استقالة أو بقاء حكومة بل انه هزّ أصبعه المشهور في وجه اللبنانيين تهديداً لهم بدفع ثمن المظاهرات. فجاء الرد عليه من الجنوب في صور وساحة الشهداء في بيروت. جاء الرد باحتفاء المناطق اللبنانية في الشمال بجرأة المدن في جنوب لبنان على كسر الخوف ورفض الانصياع.
زعيم الطائفة الدرزية وليد جنبلاط ظنّ أن في وسعه ممارسة الدهاء السياسي ليتميّز، فأتى الرد عليه بأن الزمن مضى على لعبة المعادلات التقليديّة، وأن خوفه من تهديدات حسن نصرالله خوفٌ مرفوض وهو تبريرٌ من فعل كان.
أما جبران باسيل، وزير الخارجية الذي تحدّث متعجرفاً من قصر بعبدا، وكأنه الرئيس بالوكالة، ليعلن ولاءه المستمر لحزب الله، فإن الشارع أسقطه وتعهّد بمحاكمته، وهناك من يحضّر له الملفات لمحاكمة قاسية.
لكن هؤلاء الرجال لن يرحلوا بسهولة، وهم يعتقدون أن بقاءهم هو صمّام الأمان في وجه الانهيار التام. بعض هؤلاء الرجال سيحاول إقناع مؤسسة الجيش بقمع المظاهرات، إذا لم يكن في المستطاع احتوائها وامتصاصها. بعض هؤلاء الرجال سيأخذ على عاتقه إطلاق شغب أتباعه لاختراق المظاهرات بهدف شق صفوفها وتخريبها، وإلا، فإنه ينوي تحويل المظاهرات السلمية الى مواجهات دمويّة ويتعمّد هدر الدماء لاحتواء أضرار المظاهرات السلميّة.
حتى الآن، ان العالم يراقب ما يحدث عن بُعد والدول تحاول ألاّ تتدخل كي لا تسترق من وطنية المظاهرات. واشنطن حريصة على رفض الدعوات لها من قِبَل بعض القيادات في السلطة أن توحي لها بقرار الاستقالة أو عدمها. رد واشنطن هو انها لن تلعب دور إدارة خيوط الدمية Puppet Master وانها لن تأخذ القرار بالنيابة، ولن تساعد رجال السلطة في اتخاذ القرار. وهذا جيد.
موقف واشنطن المُعلن الوحيد هو أن قمع هذه المظاهرات السلمية مرفوض وأن على الجيش ألاّ يسقط في فخ هذه المهمة. مواقفها غير المُعلنة هي انها لن تساند أولئك الذين يتخذون قرار الحلول الجزئيّة الترقيعية التي يرفضها الناس، وان الافتراض ان عودة المياه الى مجاريها إنما هو انتحار ليست مسؤولة عنه. واشنطن لن تنقذ البنوك، ولن تعرض الحصانة، ولن تقف في وجه ثورة على الفساد.
واشنطن لن تتدخل لإنقاذ حكومة الحريري أو عهد عون وباسيل، وهي واضحة في مواقفها الداعمة للجيش وضرورة حياده وفي رسالتها اليه بأن توريطه في قمع المتظاهرين مرفوض وسيكون مكلفاً له. عدا ذلك، ان قرار واشنطن الأساسي هو: هذه الثورة هي ملك اللبنانيين وحدهم ويجب صيانة انجازاتها من تهم التدخل في هذه المسيرة التاريخية.
هذه الثورة على الفساد، إذا نجت من اختراقها طائفياً ودمويّاً، فإنها ستطيح بكامل الطبقة النخبوية السياسية وبمشاريع “حزب الله” للتحكّم بمستقبل لبنان وإنقاذ نفسه من ورطة العقوبات الأميركية التي تكبّله وتجفّف مصادر تمويله في طهران.
لقد طعجت dented مسيرة الاحتجاجات تلك الهالة التي أحاط بها حسن نصرالله نفسه بصفته فوق المحاسبة حسب تقديره، فارتبك. ارتبك في البدء، ثم استهتر، ثم استدرك، ثم غضب، ثم هدّد، ثم أصابه الهلع من ثورة عارمة تقضي على مشاريعه ومشاريع مرجعيته في طهران.
الخيار أمامه هو أمّا التنازل أمام مطالب المتظاهرين والكف عن منع استقالة الحكومة لاستبدالها بحكومة تكنوقراط يفقد السيطرة عليها، أو سفك الدماء عمداً بين صفوف المتظاهرين حتى وان كان بينهم أبناء الطائفة الشيعية.
قد يقرر “حزب الله” أن يُسقط الهيكل على رؤوس الجميع بعد إصابته بهزة إضعافه بنيوياً، فهو لن يتخلى بسهولة عن تحكّمه بلبنان والهيمنة على العهد والحكومة التي أدّت اليها تلك “التسوية” بين سعد الحريري وحسن نصرالله وميشال عون ممثلاً بجبران باسيل والتي أوصلت لبنان الى الحضيض.
قد يقرّر حسن نصرالله انّ تحويل لبنان الى دولة فاشلة انهارت اقتصادياً واجتماعياً هو لمصلحته، فيفتعل الإفشال.
لذلك، من الضروري لثورة “لبنان ينتفض” أن تتبنى استراتيجية مضادة قوامها منع انهيار الدولة مع الإصرار على اصلاحات حكوميّة واجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة فوريّة وتدريجيّة جدّيّة ومُلزِمة. من المفيد لها تبنّي تكتيك “خذ وطالب” من أجل صيانة إنجازات الحراك الآنية وتتويجها نمطيّاً بمحاسبات ومحاكمات.
الأهم الآن هو الثبات على مسيرة الاحتجاجات وحمايتها من مشاريع تحويل العرس الوطني الى حرب شوارع والوقوع في فخ الاستفزاز بما يؤدي الى تمزيق هذه الثورة وتحويل المظاهرات الواعية والراقية الى غوغائية شعبوية خطيرة. فحقن الناس في ظل الانهيار قد يؤدي الى الفلتان والهجوم على البيوت والمؤسسات. وهذا ما لا يجب أن يحصل.
لذلك من المفيد استيعاب الحدود في المعارك التكتيكيّة من أجل تحقيق الأرباح استراتيجياً في هذه الحرب على الفساد وجشع الطبقة السياسية الحاكمة. فإذا اقتضت المصلحة الموافقة على حكومة تكنوقراط يشكّلها الحريري تتضمن شخصيات مقبولة لدى الشعب، ان هذا ليس تنازلاً استراتيجياً وإنما هو موافقة تكتيكية ضمن استراتيجية منع الانهيار الكامل والعمل على تقوية الدولة على حساب مشاريع تدميرها، وبالتالي ربح معركة من المعارك العديدة الآتية، وفي مقدمتها المعركة على الفساد والفاسدين وأصحاب الأموال المنهوبة.
التدريجية ضرورية. وأولى المحطّات، بعدما حققت هذه الثورة انجازات تاريخية بانقلابها على حكومة “التسوية” هي التركيز على تهدئة وضع الاقتصاد كي يتمكّن من أن يتحمّل صدمات سياسية. هذا لا يعني الكف عن الإصرار على مطالب أساسية أخرى مثل اجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد وتحضير ملفات الفاسدين من أجل محاكمتهم واستعادة الأموال التي نهبوها. البراغماتية أساسية. في هذه المرحلة من مسيرة التغيير في لبنان وهذه البراغماتية تتطلب حماية الثورة من سلاح “حزب الله” عليها لتمزيقها ومنع تحقيق غايات انهيار مؤسسة الدولة.

مناصرو «حزب الله» يهاجمون المتظاهرين في وسط بيروت
أصحاب «القمصان السوداء» يخرجون إلى الشارع… وسط معلومات عن قرار بـ«إنهاء» الاحتجاجات
بيروت: «الشرق الأوسط»/السبت 26 تشرين الأول 2019
لم يختلف مشهد اليوم التاسع من الاحتجاجات الشعبية في لبنان عن سابقاته لجهة المظاهرات التي نظمت في مختلف المناطق، لكن وكما يوم أول من أمس، كان مشهد أصحاب «القمصان السود» الذين هاجموا المتظاهرين في ساحة رياض الصلح هو الأبرز على وقع المعلومات التي تبثها جهات من أن هناك قراراً بـ«إنهاء المظاهرات». وقبل نحو ساعة من كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله التي ألقاها أمس، سجّل دخول عشرات العناصر إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت، رافعين شعارات مؤيدة لـ«حزب الله»، وافتعلوا إشكالاً مع المتظاهرين. وعلى الأثر، تدخلت قوة من مكافحة الشغب لفض الإشكال وشكلت جداراً بشرياً عازلاً بين مناصري الحزب والمتظاهرين. وأعلن عن سقوط جريحين من القوى الأمنية واثنين من المتظاهرين.
ومعلوم أن قوة من مكافحة الشغب كانت قد وصلت ظهراً إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء وأقفلت المداخل المؤدية إليهما لمنع دخول المشاغبين إلى مكان الاعتصام. وتم استقدام عوارض حديدية لوضعها عند مداخل موقع الاعتصام. ومع انطلاق كلمة نصر الله، شهدت ساحة رياض الصلح، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، انقساماً بين المتظاهرين، حيث أطلق فريق شعارات «سلمية سلمية»، منادياً بـ«إسقاط النظام»، فيما أخذ القسم الآخر يستمع إلى كلمة الأمين العام لـ«حزب الله». وكانت قوات مكافحة الشغب تقوم بمهمة الفصل فيما بينهما. وحتى بعد انتهاء نصر الله من كلمته، لم يتبدل المشهد كثيراً، إذ عاود مؤيدو نصر الله هجومهم وسادت حالة من الكر والفر بينهم وبين القوى الأمنية التي نجحت في الحسم وإخراج المعتدين من محيط ساحتي تجمع المعتصمين. وفي الوقت عينه، سجلت مسيرات سيّارة تحمل رايات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من المناطق، منها صور والنبطية والبقاع والهرمل. وأعلن المشاركون في هذه المسيرات دعمهم لنصر الله، فيما كانت دوريات مؤللة للجيش تنتشر على الطرقات كافة.
وأكد مشاركون في هذه المسيرات أن تحركهم مؤيد لخطاب «حزب الله والمقاومة، ويقف إلى جانب المطالب الشعبية التي يرفعها الحراك، مع المطالبة بتصحيح بوصلة مسار الحرك المطلبي المحق، وللتأكيد على ضرورة فتح كل الطرقات التي تقطع أوصال الوطن وتمنع التواصل بين المناطق اللبنانية، وإتاحة الفرصة لمزاولة المواطنين أعمالهم وفتح المدارس اعتباراً من يوم غد (اليوم السبت)». في المقابل، أقيمت في البترون وفي جبيل وأمام قصر العدل في بيروت لقاءات تضامنية مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل، وأطلقت الأغاني الوطنية، كما رفعت الأعلام اللبنانية وصور الوزير باسيل ولافتات حملت مطالب عدة منها «كلن يعني كلن أمام القضاء» و«تاريخنا بيحكي عن النضال». من جهة أخرى، حذرت قيادة الجيش من الاستمرار في التعرض للحريات العامة والشخصية. وقالت في بيان لها: «تكرّرت في الآونة الأخيرة بعض الممارسات المسيئة والمخالفة للقوانين من قبل بعض المعتصمين على الطرق تجاه مواطنين وعسكريين أثناء تنقلاتهم». وحذّرت قيادة الجيش «من الاستمرار في اللجوء إلى هذه الوسائل والتعرّض للحرّيات العامة والشخصيّة، وإذ تذكّر (القيادة) بأنّ حريّة التعبير والتظاهر مُصانة بموجب الدستور، تدعو إلى احترام حريّة التنقّل، والكفّ عن القيام بهذه الممارسات».

ليس الفسادُ بخلع الفتاة خِمارها أيها الخمينيون والدينيون يا أجهل خلق الله في وطني ويا أيبس الأدمغة .
الشيخ حسن سعيد مُشَيْمِشْ/السبت 26 تشرين الأول 2019
الفساد المالي هو منبع كل فساد .
الفساد المالي مصدر كل أزماتنا وكوارثنا وفجائعنا .
والفساد المالي لم يَغْزُ مجتمعنا ووطننا ودولتنا إلا بتحالف فقهاء الدين مع الزعماء السياسيين بشعار كاذب وماجن ومخادع [ حماية المقاومة والطائفة والمذهب ] وإنه كذبة سخيفة يرقص منها إبليس فرحاً ، ويضحك مسروراً ، وهو يحتسي كأسا بعد كأس حتى الثُّمالة ! ! !
أيها الخمينيون والدينيون المُتَسَلِّطون علينا في العراق ولبنان بقوة السلاح والزنازين بعدما تَمَّ التحالف بين الزعماء السياسيين وفقهاء الدين ساخت الأرض بالفساد المالي ، والفساد المالي أخطر من الفساد الجنسي بألف ألف ألف مليار مرة .
إذا تحالف الفقهاء والزعماء بخلفية حماية المقاومة والطائفة فلن يبقى شيء في الحياة من دون أن يُعَشْعِشَ فيه الفساد المالي ، ويُفَرِّخ به ويَبيض فتتحول الحياة إلى ظلمات وظلام وظلم فاستيقظوا أيها المؤمنون السُّكَارى بأفيون دين ولاية الفقيه والفقهاء المتخلفين الظلاميين الذين لا صلة لهم بدين الأنبياء ولا بقيم رب العالمين .

حزب الخمينيين في لبنان رَبٌّ من أرباب الفساد .
الشيخ حسن سعيد مُشَيْمشْ/السبت 26 تشرين الأول 2019
ما يُسَمَّى ( بحزب الله ) هو شريك أساسي في الفساد الجاري في لبنان بل هو رأس الفساد والفاسدين ورب المفسدين والفاسدات وبحماية سلاح الحزب – ( الذي هزم أميركا وإسرائيل !!!!! ) – يسرق السَّاسَةُ والسياسيون ثروات الدولة وبعد ذلك يدفعون له زكاة سرقاتهم وخُمُسِها وكَفَّاراتِها لتصير أموالهم أموال حلال وطاهرة .
1 – مليارات الدولارات اختلسها حزب حسن نصر الله على مدار 30 سنة .
أولاً : من وزارة الصحة
ثانيا : ومن وزارة الشؤون الإجتماعية
ثالثا : ومن المرفأ ومن مطار بيروت الدولي
رابعاً : ومن شبكة الإتصال الهاتفية الخاصة بالحزب التي خَسَّرَتْ الدولة مئات الملايين من الدولارات وراحت لجيوب قادة الحزب .
خامساً : ومن تعويضات شركة سوليدر .
سادسا : ومن صندوق وزارة المهجرين .
سابعاً : ومن صندوق مجلس الجنوب .
8 – ناهيك عن تورط قادة في الحزب بتجارة المخدرات والدولارات المزورات التي جَنُوا منها عشرات الملايين من الدولارات .
9 – ومن الصفقات التي لا تُعَد ولا تُحْصَى على حساب الدولة .

نصرالله أو نحرق البلد
يوسف بزي/المدن/السبت26/10/2019
معظم الشبان المتواجدين في ساحات لبنان، كانوا في سن صغيرة، وربما لا يحملون ذكرى واضحة عن تلك الخطبة بعد ظهر 7 أيار 2008، وما تلاها فور ختامها. لكنها في المجمل على شبه مخيف بخطبة 25 تشرين الأول 2019. وفي الحالتين، حسن نصرالله هو نفسه، قائد الميليشيا الأكثر فعالية وبأساً في الشرق الأوسط. وهو نفسه الذي يحكم لبنان من غير صفة رسمية وبكثير من فائض القوة وقابلية العنف “المتقن”. تعمد قائد “حزب الله” يوم الجمعة تذكيرنا تحديداً بذاك اليوم “المجيد” (السابع من أيار)، بل جعلنا شبه موقنين منذ الصباح أن خطابه عند الرابعة بعد الظهر، سيكون بمثابة “أمر عمليات” تماماً كما حدث قبل 11 عاماً. ولربما تمتع في سريرته بجعلنا هكذا واقعين في خوف مما سيقوله ويقرره، ومتقصداً إيحاءنا أنه سيكرر فعلة العام 2008. من أجل هذا، كان خميس الاعتداءات في بعلبك والنبطية ورياض الصلح تنشيطاً عملياً وميدانياً لذاكرتنا المرضوضة، وتوكيداً حسياً لظنوننا بأن الخطاب سيكون بمثابة إعلان بدء الحملة التأديبية. علاوة عن أن هذه “الغارات” على المعتصمين هي إضافة أخرى لم يكن لها قرين في العام 2008، تحيلنا تلقائياً إلى أسلوب شبيحة بشار الأسد في بدايات الثورة السورية. إضافة مرعبة ولا شك. لحسن حظنا، الذي سينفد قريباً على الأرجح، قرر حسن نصرالله أن لا يكون خطابه ابتداءً لغزوة مسلحة، إذ اكتفى بالإيحاء بها عبر قطعان الدراجات النارية، التي انبثقت من جحورها دفعة واحدة وانتشرت كهيستيريا ميليشياوية موتورة. خطبة 25 تشرين الأول اكتفت بالمشابهة لا التماثل مع خطبة 7 أيار. وهو ارتضى ذلك الآن ومؤقتاً، أغلب الظن، لا لضعف أو “تهذيب” طارئ، فهو كان شديد الاعتداد بإصبعه وبقوته، وكان حريصاً على توكيد استعداده لـ”بذل الدم”، ولم يتوان أصلاً عن التلويح بضم لبنان إلى خريطة الحروب الأهلية في المنطقة، التي يستتب عليها ويديمها وينتجها محور الممانعة. كان الأمين العام “شفافاً”، كعادته، صريحاً إلى أقصى حد. وما لم نفهمه في العام 2008 يجب أن نفهمه الآن. حسن نصرالله هو النظام. والنظام هو حسن نصرالله. لذا، كان حريصاً على إفهام كل شاب وشابة في لبنان. لكم الحق في أي احتجاج معيشي اقتصادي. لكم الحق في شكوى من الفساد. أما هذه العبارة “إسقاط النظام” فستضطره إلى أن يفعل ما فعله وهو ومحوره على منوال “الأسد أو نحرق البلد”.
حسن نصرالله هددنا بهذا وليس أقل من ذلك.. وبابتسامة عريضة.

عصبة نوح زعيتر ترهب بعلبك بأمر من “حزب الله”
المدن/السبت 26 تشرين الأول/2019
يوم الخميس 24 تشرين الأول، خرج كبير المطلوبين للدولة اللبنانية في البقاع، المدعو نوح زعيتر ودعا البقاعيين إلى التظاهر في ساحة دورس في بعلبك (الجبلي) .
نزل نوح زعيتر للتظاهر في ساحة الجبلي، في دورِس، بحراسة مشددة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي! وهو المطلوب بأكثر من أربعة آلاف دعوى قضائية وعشرات مذكّرات التوقيف، ليكتشف أن الناس لم يتجاوبوا مع دعوته بسبب تنسيقه مع حزب الله، وأن عدد المعتصمين في تلك الساحة لا يفي بالغرض. فأرسل ابنه إلى ساحة المطران في بعلبك، وهي الساحة التي هرب إليها المعتصمون، الذين رفضوا مصادرة الحزب للحراك، بعدما زرع في دورِس كاميرات المراقبة وصار عناصرُه يتدخلون في توجيه تصريحات الناس.
وصل زعيتر الإبن إلى ساحة المطران وطلب من المعتصمين -مهددًا بالسلاح- التوجه إلى ساحة الجبلي حيث ينتظر والده، وبدأ بكيل الشتائم للمعتصمين، إلا أن عدداً من ناشطي الاعتصام تصدوا له واتصلوا بوالده طالبين سحبه من الشارع حتى لا تتطور الأمور.
أوامر الحزب
وفي اتصال بين فاعليات البلدة مع زعيتر الأب للتساؤل عن الهدف مما يفعله أكّد أنه يتعرض لضغوط من حزب الله للنزول إلى الاعتصامات، وتهديد كل من يمكن أن يتجرأ على تجاوز السقف المرسوم من قبل التنظيم، خصوصًا الذين يتعرّضون للرؤساء الثلاثة ولأمين عام حزب الله.
عدد من وجهاء عشيرة زعيتر أبلغ نوح أن هذا الأمر خطر، وأنه قد يؤدي إلى مواجهة بين شارعين، وقد يحصل ما لا تحمد عقباه، فانسحب الأخير من الساحات. نوح زعيتر الذي لجأ إلى سوريا ومكث فيها بين تموز و آب وأيلول عن طريق المعابر غير الشرعية، بسبب ورود معلومات عن سقوط ورقته لدى الأجهزة الأمنية ورفع الغطاء عنه، وكان يحضّر لكتابة بيان ضد حزب الله لكنه تريّث في نشره، بعدما أورد فيه اتهام الحزب بالخيانة، وهو الذي ظهر في ڤيديو يقول للمتظاهرين “سكروا الطريق على الله” في البقاع. عاد أمس بعد استحضاره ورقةً من الحزب مجددًا ليظهر في فيديو مسجل ويمجّد فيه الرؤساء الثلاثة والسيد نصر الله ويهدد المعتصمين في بعلبك، داعيًا إياهم إلى ترك الساحات والنزولِ إلى بيروت في حال لم يلتزموا السقف المرسوم لهم في بعلبك!
التهديد بالزعران
تقول المصادر البقاعية المطّلعة أنّ الحزب دأب على استخدام الأوراق غير الشرعية والمحاربة بها كالمدعو نوح زعيتر في تحقيق مآربه، كما فعل في أيار من العام 2008 حين طلب منه قصف بلدة سعدنايل السُنية المؤيدة لتيار المستقبل آنذاك.
وها هو اليوم يعيد الكرّة باستخدام هذه القفّازات ضد بيئته الشيعية لمجرّد رفضها الانصياع للحزب. وحسب هذه المصادر فإنَّ الحزب يمارس اليوم لعبة خطرة قد تغرق البقاع بالدم لأن في صفوف الثوار من هو مستعد للمواجهة حتى الرمق الأخير، وتضيف إنَّ التهديد بالزعران لم يعد مجديًا لأن كل الاطراف لديها زعرانها. وتحذّر المصادر من إثارة الحزب للفتنة وعدم ترك الناس أحراراً في التعبير عن وجعهم، منبهة أنَّ الأمور ستنقلب عليه كما حصل في المعارك الدموية التي اندلعت بين الحزب وعشيرة آل جعفر في التسعينيات.
استنفار عسكري
مصادر حزبية أكدت معلومات أن حزب الله يعمل على أكثر من خط:
فهو يحضّر لطباعة أعلام لحزب الله وحركة أمل، المنقسمة فيما بينها على موضوع دعم العهد من عدمه، وبشكل كثيف تحضيرا لتظاهرات تدعم العهد.
والأخطر أنّ الحزب استدعى عددًا من المقاتلين المهمين من سوريا على عجل فيما تجري تهيئة مقاتلين موجودين أصلا في بيروت وموزعين على أحيائها بعد إبلاغهم بانتظار ساعة الصفر!