أحمد عدنان/مشروع لإبادة الشيعة العرب

72

مشروع لإبادة الشيعة العرب
أحمد عدنان/الأحد 06 تشرين الأول/2019

هذا المشروع قائم بالفعل، ومن يقف خلفه ليست السعودية أو الولايات المتحدة كما يزعم البعض. مشروع إبادة الشيعة بدأ سنة ١٩٧٩ بقيادة الجمهورية الإسلاموية الإيرانية ولا سواها.

في الأيام الماضية، اتهمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المدعو سليم عياش، المتهم أصلا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، باغتيال الزعيم اليساري جورج حاوي، ومحاولة اغتيال الوزيرين مروان حمادة، وإلياس المر.

هذا الخبر مفتاح للب المشروع الإيراني، كان من الممكن أن يكون بطل الخبر اسما إيرانيا، لكن لماذا تعرض إيران أبناءها لخطر الموت أو الملاحقة إذا أمكن تعريض غيرهم، ولو كانوا شيعة.

قد يقول قائل إن إيران فقدت بعضا من مواطنيها في سوريا وفي العراق، وهذا صحيح، لكن دعنا نتحدث من منطق النسبة والتناسب وكذلك المنطق العددي، قارن عدد قتلى إيران بعدد قتلى الشيعة العرب، سيكون الفارق مهولا، وهذا يعني أن إيران لا ترسل أبناءها إلى ساحة القتال إلا إذا تعذر إرسال غيرهم، أو إذا لم يكف إرسال غيرهم.

تقول إيران إنها إذا تعرضت لضربة ستشعل المنطقة، وتقول أدواتها في لبنان والعراق واليمن إن تعرض إيران لضربة يعني إشعال المنطقة، لكن ولا مرة قالت إيران إن تعرض أدواتها العربية إلى ضربة يعني إشعال المنطقة، والشاهد على ذلك الضربات التي يتلقاها الحوثيون في اليمن، وحزب الله في سوريا ولبنان، السبب أن إيران اخترعت هذه الأدوات كي تقتل أو تُقتَل نيابة عنها، أما في اقتسام الغنائم فليس لهؤلاء غير فتات الفتات، لتكون الخيانة مجانية لوجه الولي الفقيه.

تنظر إيران إلى العرب بتعال تماما كالصهاينة والترك. قبل نحو عقد، شنت الصحف الإيرانية هجوما لاذعا على أمين عام ميليشيا حزب الله الإرهابية (حسن نصرالله)، والسبب أن نصرالله قال إن مرشد الثورة الإسلاموية (علي خامنئي) من آل البيت، وبالتالي هو من أصول عربية، فغضب الإيرانيون وامتعضوا من هذه البديهة، وربما كان خامنئي أولهم.

يوما ما ستنكفئ إيران خلف الخليج، ولن يبقى للشيعة العرب، وأقصد تحديدا أولئك الذين انخرطوا في المشروع الإيراني، فوق خسائرهم البشرية والمادية والملاحقات القضائية، سوى إرث من الحقد والثأر بينهم وبين محيطهم.

لنضرب مثلا: كيف سيتعامل -مستقبلا- السوري الذي فقد والده أو أخاه أو جده مع شيعة لبنان؟ صحيح أن التعميم خاطئ، وصحيح أن العنصرية مدانة، لكن مشاعر الكراهية لا تقبل لغة المنطق، ومعالجتها بحاجة إلى عقود.

لقد شارك حزب الله في قتل وتهجير ملايين السوريين، وفي أقرب فرصة، سيهب السوريون لتحصيل ديْنهم، ولن يدفع حزب الله ثمن خطاياه منفردا، لقد أقحم جمهوره بالفعل في خطاياه، والأخطر أنه ربما أقحم معارضيه رغما عنهم، وقد يستمر ذلك طويلا، ولا مسؤول عن هذه المأساة المستقبلية إلا المشروع الإيراني البغيض. أراد هذا المشروع إذلال السنة وتدمير الدولة العربية، لكنه حقيقة -رغم الانتصارات الوهمية والغوغائية- يسير في الاتجاه المعاكس: استهداف الشيعة العرب.

ولنذهب إلى مثل آخر، العراق، بفضل المشروع الإيراني الخبيث أصبحت الوحدة العراقية في خطر داهم، واستمرار هذه الوحدة مستقبلا موضع شك، ومن اختار إيران لن يبقى له سواها، وبئس المصير.

أدوات إيران تخاطب جمهورها بالأضاليل لتشريع الخيانة، كالاضطهاد والحرمان، وكأن سنة المنطقة يعيشون في دول اسكندنافية تستثني جيتوهات الشيعة، إذا تحدث أهل جنوب لبنان -مثلا- عن الحرمان ماذا يقول أهل عرسال وعكار والمنية الضنية؟!. والحديث عن ذريعة التكفير للالتحاق بإيران وهم أكبر، فإرهاب داعش والقاعدة حالة شاذة في المجتمعات السنية والسنة هم أول وأكبر المتضررين، أما الإرهاب الإيراني فهو إرهاب جماعات، والسنة أيضا أول وأكبر المتضررين.

في وسط هذا السواد الحاضر والمستقبلي هناك بقعة ضوء صغيرة، النخبة الشيعية العربية المعادية لإيران، والتضامن مع هذه النخبة من مصلحة الجميع، وإهمالها خسارة للجميع، والمحزن أن هؤلاء محل استهداف مزدوج من جهتي التطرف.

المحاصصة الطائفية لن تؤدي إلى مكان سوى تجديد دوامة الدم بين حين وآخر، لا حل إلا باحترام الدساتير، وتعزيز الدولة العربية المدنية، وملاحقة الإرهابيين ومحاسبتهم وردعهم، أما إيران فستستمر في استخدام بعض الشيعة العرب كذخيرة رخيصة في مشروعها الإسلاموي الطائفي التوسعي الدموي، وهي ماضية في مشروعها إلى النهاية، إلى آخر شيعي عربي.

* كاتب سعودي