اميل خوري/في كلام باسيل والموسوي وقاووق هل يريدون لبنان أرض جهاد أم حياد؟

345

في كلام باسيل والموسوي وقاووق هل يريدون لبنان أرض جهاد أم حياد؟

اميل خوري/النهار

13 تشرين الثاني 2014

عندما يقول نائب رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق إن تدخل “حزب الله” في سوريا هو “مصلحة لبنانية مئة في المئة وبقرار لبناني مئة في المئة، وان منع سقوط النظام في سوريا وفي العراق هو خدمة للبنانيين ولشعوب المنطقة والأمة جمعاء (…) لأن خطر التكفيريين هو خطر على جميع اللبنانيين وشعوب المنطقة والامة”، وعندما يقول النائب نواف الموسوي “ان اتفاق الطائف أجاز وجود المقاومة”، وعندما يقول الوزير جبران باسيل “ان المقاومة لا تأخذ إذناً من أحد وحينما تأخذ إذناً لا تعود مقاومة”، فإن هذه الاقوال تحتاج الى مناقشة، فإما يتفق اللبنانيون وقادتهم على تأييدها، وإما لا يتفقون، واذذاك ينبغي البحث عن أي لبنان نريد. هل نريده أرض جهاد أم أرض حياد؟ هل نريده ساحة قتال أم ارض سياحة ووئام؟ هل نريده أرضاً تكره البشر أم أرض محبة وسلام؟ هل نريده أرضاً تحب الموت أم تحب الحياة؟ هل نريد فيه دولة الحق والقانون أم دولة الميليشيات؟ لقد بات ترسيخ العيش المشترك وتثبيت السلم الاهلي في حاجة إلى اتفاق اللبنانيين وقادتهم على أي لبنان يريدون، وإلا أصبح السؤال في حال استمرار خلافهم: “لبنان إلى أين”؟

في اواخر اربعينات القرن الماضي جاء الفلسطينيون إلى لبنان لاجئين وما لبثوا أن تحولوا إلى مقاتلين بدعوى تحرير أرضهم التي تحتلها اسرائيل ولكن من لبنان… فكانت النتيجة أنهم لم يستطيعوا تحرير شبر واحد منها بل جعلوا أرض لبنان معرضة لاجتياحات اسرائيلية بلغت العاصمة بيروت.

وقد عجز مجلس الأمن الدولي والحكومات اللبنانية المتعاقبة عن تنفيذ القرارات التي تدعو اسرائيل الى الانسحاب من كل الاراضي اللبنانية التي تحتلها من دون قيد ولا شرط. وأدى هذا العجز الى قيام مقاومة بقيادة “حزب الله” التي نجحت في تحرير جزء كبير من هذه الاراضي، لكن بقاء القليل منها من دون تحرير أعطى ذريعة لبقاء المقاومة على سلاحها لمساندة الدولة في معركة التحرير وبقاء الاحتلال الاسرائيلي على رغم القرار 1701 الذي لا يزال بدون تنفيذ كي يستطيع لبنان بسط سلطته وسيادته على كل أراضيه ولا يبقى سلاح خارج هذه السلطة ويتحرك بإمرة حامليه ساعة يشاؤون وبدون علم الدولة كما حصل في حرب تموز 2006، وكما حصل عندما تدخّل هذا السلاح في الحرب السورية دعماً للنظام فزاد هذا التدخل الانقسام السياسي والمذهبي حدة بين اللبنانيين، وصار مَن يسقط من عناصر “حزب الله” في سوريا شهيداً، في حين ان الشهادة تصحّ لمن يسقط في الحرب مع العدو الاسرائيلي وليس في اي مكان، خصوصا عندما يكون اللبنانيون مختلفين على سبب سقوطه… وأدخل الحزب بتدخله في سوريا التكفيريين والارهابيين الى لبنان وكان في الامكان التصدي لهم على حدود لبنان وليس داخل سوريا.

وعندما يعطي الوزير باسيل المقاومة حق التحرك “من دون أن تأخذ إذنا من احد” فإنه يلغي وجود الدولة اللبنانية ويعتبر أن لا شأن لها بقرارات المقاومة لأن لها وحدها أن تتخذها في الزمان والمكان اللذين تحددهما…

هذا الموقف اللامسؤول يخالف نص الدستور الذي أعطى مجلس الوزراء، وبأكثرية الثلثين إذا تعذّر التوافق، حق إعلان الحرب والسلم، ويخالف أيضاً سياسة النأي بالنفس التي قررت الحكومة السابقة اعتمادها، ويخالف على الأخص “إعلان بعبدا” الذي كان “التيار الوطني الحر” من الموافقين عليه في اجتماع هيئة الحوار برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان. وعندما عاد “حزب الله” عن موافقته على هذا الاعلان، عاد معه “التيار الوطني الحر” وأنكره بتصريحات صدرت عن العماد ميشال عون.

الواقع ان اعطاء حرية اتخاذ القرارات للمقاومة “من دون أخذ إذن من احد”، كما يدعو الوزير باسيل، معناه أن لا وجود لدولة في لبنان، أو أن المقاومة تصبح مقاومة للدولة نفسها وهو الحاصل في غير منطقة حيث “المربعات الأمنية”…

إن الأخذ بقول الوزير باسيل يجعل لبنان ساحة مفتوحة للصراعات في المنطقة وتتلقّى الفعل ورد الفعل، ليس من اسرائيل فقط، إنما في كل دولة يرى “حزب الله” مصلحة له ولايران في التدخل في حروبها الداخلية، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا… وإن يكن في غير مصلحة لبنان. فهل هذا هو لبنان الذي يريده اللبنانيون؟! إن دقة الظرف السياسي والأمني إذا كانت لا تسمح بالبحث عن اي لبنان نريد، في ظل رئاسة شاغرة ومجلس نيابي ممدّد له وحكومة تقف على كفّ عفاريت، فلا بد من الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من دون شروط مسبقة يدعو إلى انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس يمثل تمثيلا صحيحا كل فئات الشعب واجياله ويقرر مع الحكومة أي لبنان نريد: لبنان أرض جهاد أم أرض حياد، لبنان دولة الحق والقانون أم لبنان دولة الميليشيات التي لا حق فيها إلا للاقوى؟