بالصوت/مقابلة من صوت لبنان مع المحلل والكاتب السياسي سام منسى تُشرّح الوضع اللبناني الراهن بظل سلطة ونفوذ حزب الله والإستسلام الكامل له من قِبل كل من يشاركه في الحكم والحكومة/ومن جريدة الشرق الأوسط مقالة من جزئين للكاتب تحت عنوان مَن يبدد هواجس الانهيار”

133

بالصوت/مقابلة من صوت لبنان مع المحلل والكاتب السياسي سام منسى تشرّح الوضع اللبناني الراهن بظل سلطة ونفوذ حزب الله والإستسلام الكامل له من قّبل كل من يشاركه في الحكم والحكومة/ومن جريدة الشرق الأوسط مقالة من جزئين للكاتب تحت عنوان “مَن يبدد هواجس الانهيار”

بالصوت/فورمات/WMA/مقابلة من صوت لبنان مع المحلل والكاتب السياسي سام منسى تشرّح الوضع اللبناني الراهن بظل سلطة ونفوذ حزب الله والإستسلام الكامل له من قّبل كل من يشاركه في الحكم والحكومة/14 آب/2019/اضغط هنا للإستماع للمقابلة

بالصوت/فورمات/MP3/مقابلة من صوت لبنان مع المحلل والكاتب السياسي سام منسى تشرّح الوضع اللبناني الراهن بظل سلطة ونفوذ حزب الله والإستسلام الكامل له من قّبل كل من يشاركه في الحكم والحكومة/14 آب/2019/اضغط على العلامة في أسفل إلى يمين الصفحة للإستماع للمقابلة
بالصوت/فورمات/MP3/مقابلة من صوت لبنان مع المحلل والكاتب السياسي سام منسى تشرّح الوضع اللبناني الراهن بظل سلطة ونفوذ حزب الله والإستسلام الكامل له من قّبل كل من يشاركه في الحكم والحكومة/14 آب/2019

سام منسى: زيارة رئيس الحكومة لواشنطن لن تأتي بأي نتائج
ملخص المقابلة من موقع صوت لبنان/14 آب/2019
اعتبر المحلل والكاتب السياسي سام منسى أن حادثة قبرشمون وتداعياتها تأتي في سياق الانقلاب أو التدجين القائمة منذ العام 1982. ووليد جنبلاط يشكل حالة خاصة من الضروري تدجينها من قبل الفريق الممسك بالبلد. ورأى، في حديث الى برنامج “مانشيت المساء” من صوت لبنان، أن فريق 14 آذار خسر منذ العام 2005 فرصة تاريخية قد لا تتكرر الا كل مئة عام. والسبب أن ليس هناك فريق متماسك مع نفسه. وقلّل منسى من أهمية البيان الصادر عن السفارة الأميركية بخصوص حادثة قبرشمون. وقال انه صدر بتوجيهات فريق في الخارجية الاميركية، وقد يحدّ نوعا ما من غلواء البعض في لبنان لا أكثر ولا أقل. واعتبر منسى ان زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن لن تأتي بأي نتائج، فلم يعد الأميركيون يريدون اليوم سماع كلام من نوع أنه لا يمكن مواجهة حزب الله ويجب تفهم الخصوصية اللبنانية. وكذلك السعوديون لم يعودوا يرغبون بسماع كلام مشابه. في الشأن الايراني، قال منسى ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يريد فقط تغيير شروط الاتفاق النووي بما يحمي أمن اسرائيل ولا يهمه الحد من نفوذ ايران الاقليمي. وقد تتم التسوية في وقت ما وتكرس بقاء حزب الله ودوره في لبنان.

لبنان: مَن يبدد هواجس الانهيار… مرة أخرى؟
سام منسى/الشرق الأوسط/12 آب/2019

لبنان: مَن يبدد هواجس الانهيار؟
سام منسى/الشرق الأوسط/06 آب/2019

سام منسى: زيارة رئيس الحكومة لواشنطن لن تأتي بأي نتائج
صوت لبنان/14 آب/2019
اعتبر المحلل والكاتب السياسي سام منسى أن حادثة قبرشمون وتداعياتها تأتي في سياق الانقلاب أو التدجين القائمة منذ العام 1982. ووليد جنبلاط يشكل حالة خاصة من الضروري تدجينها من قبل الفريق الممسك بالبلد. ورأى، في حديث الى برنامج “مانشيت المساء” من صوت لبنان، أن فريق 14 آذار خسر منذ العام 2005 فرصة تاريخية قد لا تتكرر الا كل مئة عام. والسبب أن ليس هناك فريق متماسك مع نفسه. وقلّل منسى من أهمية البيان الصادر عن السفارة الأميركية بخصوص حادثة قبرشمون. وقال انه صدر بتوجيهات فريق في الخارجية الاميركية، وقد يحدّ نوعا ما من غلواء البعض في لبنان لا أكثر ولا أقل. واعتبر منسى ان زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن لن تأتي بأي نتائج، فلم يعد الأميركيون يريدون اليوم سماع كلام من نوع أنه لا يمكن مواجهة حزب الله ويجب تفهم الخصوصية اللبنانية. وكذلك السعوديون لم يعودوا يرغبون بسماع كلام مشابه. في الشأن الايراني، قال منسى ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يريد فقط تغيير شروط الاتفاق النووي بما يحمي أمن اسرائيل ولا يهمه الحد من نفوذ ايران الاقليمي. وقد تتم التسوية في وقت ما وتكرس بقاء حزب الله ودوره في لبنان.

لبنان: مَن يبدد هواجس الانهيار… مرة أخرى؟
سام منسى/الشرق الأوسط/12 آب/2019
«هل بقي حكماء في البلد لمقاربات مبتكرة من خارج الصندوق تحاول كسر الدائرة والخروج منها؟». سؤال ختمنا به مقالة الأسبوع الماضي التي كانت بعنوان «لبنان… مَن يبدد هواجس الانهيار؟».
إن التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الداخلية في لبنان تؤشر جلياً إلى أن الحلول لن تأتي إلا من خارج الصندوق. فعلى الرغم من مظلة ما سميت التسويات من جهة والتفاهمات من جهة أخرى، أدت حال الشرذمة والانقسام الحاد إلى تفريغ المؤسسات كافة من أدوارها حتى بات القضاء نفسه واستقلاليته ونزاهته محط أخذ ورد وتشكيك، مع ما سبق ذلك من تطاول على الدستور والقوانين والأعراف.
لماذا والوضع وصل إلى ما وصل إليه، تستمر حال النكران والمكابرة؟ البعض يقضم ويربح على مهل والبعض الآخر ينتظر الترياق من تطورات قد تأتي أو قد لا تأتي وفي الحالتين تبقى مجهولة الأهداف والنتائج.
صحيح أن الحال ميؤوس منها، ولكن يبقى بصيص أمل لمخارج قد يعتقدها البعض أنها من الطوباويات ويقول البعض الآخر إن مجرد اقتراحها ضرب من السذاجة. لكن حال المراوحة والترنح يأخذنا باتجاه الانهيار الأكيد، وإذا لم تحصل أمور من خارج السياق جريئة وجديرة بالتجربة فالسقوط أصبح حتمياً. فهل من مساحة متاحة لجوامع مشتركة تسمح للأطراف بالجلوس معاً وتشكل أرضية صالحة لتسوية تاريخية تصح معها هذه المرة تسميتها بالتسوية؟ لبنان اليوم هو على صورة «حزب الله»، أمامه عقبات كثيرة ودماء، ولبنان 1943 بات من الماضي، فهل من لبنان ثالثُ نصبو إليه؟
الأرضية السليمة والتي يمكن الانطلاق منها للتوصل إلى مخارج تتطلب أمرين، الأول بنيويّ يقارب في مبتغاه المستحيل لأنه يفرض على الجميع التفكير في لبنان كوطن لا كمساحة جغرافية، والشعور بالانتماء إليه، وأن هذا الانتماء أقوى من كل الانتماءات الفرعية الأخرى، والتخلي تالياً عن التوجه إلى خارج حدوده بحثاً عن انتماء أو حامٍ. الآخر عملاني، فمن الواضح اليوم أن في لبنان غالباً ومغلوباً، الغالب هو «حزب الله» المتمترس خلف مجموعة «ميثاقية» من الأطراف كونها تضم الطوائف كافة والجالس فوق ترسانة عسكرية يقال إنها توازي ترسانات أكبر جيوش الإقليم. والمغلوب هو القوى التي تمثلت بحركة «14 آذار» وقوى أخرى يمكن تسميتها ليبيرالية – ديمقراطية، وهي اليوم مشتتة ومفككة. الصراع هو بين الطرفين، وتبقى أي مفاوضات بينهما ضرباً من العبث إذا لم تتشكل في وجه «حزب الله» جبهة متماسكة صلبة وواضحة الرؤى تعيد التوازن.
أما في المخارج، فهي تبدأ أولاً بتخلي جميع الأطراف عن المواقف الرمادية قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، والكشف عن مواقفهم الحقيقية إزاء القضايا المصيرية الأساسية المختلف عليها، وعلى رأسها لا للبنان القديم ولكن أيضاً لا للبنان «حزب الله». إلى كيفية استعادة الدولة وبسط سيادتها وحدها على أرضها وإمساكها زمام الأمور في وضع السياسات الداخلية والخارجية والدفاعية. ثم تحديد نظام حداثي تكون فيه صلاحيات مختلف المؤسسات واضحة ويضمن الخروج من اللعبة الطائفية والتوافقية ويعالج هواجس العدد والتغيير الديمغرافي. ثم التفاهم على قانون انتخاب وإجراء انتخابات تحت مظلة دولية إذا أمكن تنبثق عنها سلطة كباقي السلطات في الدول الحديثة.
يأتي بعدها تحديد الموقف من النزاع الإسرائيلي العربي وعليه مصير ومستقبل السلاح الفلسطيني وسلاح «حزب الله». الموقف من سلاح «حزب الله» لا يتجزأ، إذ إن القبول به في شقه المقاوم يعني حكماً القبول به في شق استعمالاته الداخلية وما تأمنه للحزب من فائض قوة وغلبة على الشركاء في الداخل، وفي شق استخداماته الخارجية وما تجره على لبنان. الموقف من النزاع العربي الإسرائيلي يحتّم طبعاً معالجة ومقاربة قضايا السلاح خارج الدولة.
إن حسم هذه القضايا دون مواربة وتدوير للزوايا وبالاستناد فقط إلى مصلحة البلاد العليا، يجب أن يكون قاعدة التفاوض: الهدف تظهير المواقف بين طرفين وسياستين واضحتين بهدف الوصول إلى تسوية. فالحال الراهنة كما كانت دوماً، تستند إلى قاعدة وحيدة هي التعطيل جراء توافق على مصالح ظرفية شخصية ومادية دون التوافق على الأساسيات، ما شل البلاد منذ عام 1969 وأوصلها إلى دولة فاسدة وفاشلة. لم تعد التسويات القائمة على التكاذب أو الانتهازية جائزة، وما شهدناه الأسبوع الماضي من مصالحة بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وحليف «حزب الله» وسوريا الأمير طلال أرسلان، إثر حادثة قبرشمون التي عطلت الدولة لأكثر من شهر، ليست سوى حلقة من سلسلة هذه التسويات.
وإذا لم يتم التوافق فينبغي الانتقال إلى التفكير في بدائل أخرى ومخارج عملية واجتراح مقاربات مقبولة من الطرفين تسمح بفك القيود عن البلاد ومعالجة شؤون الناس وعلاقات سلمية وسليمة بين الأطراف كافة.
هذا السيناريو يواجه دون شك عقبات جمة أبرزها:
– ارتباطات الأفرقاء اللبنانيين الخارجية لا سيما «حزب الله». فقد سبق واجتمع اللبنانيون في عام 2006 بعد انسحاب الجيش السوري، وحضر السيد حسن نصر الله الاجتماع شخصياً وتم التوافق على عدة بنود منها نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وترسيم الحدود مع سوريا واعتماد تمثيل دبلوماسي بينهما، لكنه ما لبث أن تنصل من كل ذلك عندما جاء أمر عمليات من دمشق على لسان أبو موسى (فتح الانتفاضة)، كذلك عندما وعد اللبنانيين بصيف واعد فكانت حرب يوليو (تموز) 2006.
– إن الفريق المعارض لـ«حزب الله» هم في الحقيقة أفرقاء، فمنهم من يخشى على السلم الأهلي فلا يتحرك ومَن شهد كيف تُركت سوريا لمصيرها لا يريد أن يغامر بمصير لبنان واللبنانيين. ومنهم من ينتظر تسوية إقليمية دولية يتموضع بعدها وفقاً لمصالحه الانتخابية الحزبية، ومنهم من اختار الاختباء وراء «الاهتمام بشؤون الناس الحياتية» من كهرباء ونفايات وبيئة، متجاهلاً أنه دون حل الأساسيات لن يبقى ناس ولا شؤون حياتية.
– غلبة الفكر الطائفي على الفكر الوطني عند البعض من الطرفين ومحاولات زج المسيحيين في منطق الأقليات، بما يدفعه إلى اعتبار اللحظة مؤاتية للانقضاض على اتفاق الطائف واستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية. كما غلبة الفكر القومي على الفكر الوطني عند البعض الآخر، بما يجعل مسألة مقاربة النزاع العربي الإسرائيلي من المحظورات.
– العوامل الإقليمية والدولية التي لا سيطرة لنا عليها.
أخيراً يقتضي الواقع أولاً معرفة منسوب لبنانية صناعة القرار لدى «حزب الله»، فأي حل غير قابل للتنفيذ ما لم يرضه وهو الفريق الأقوى المسلح الذي بات يسيطر على لبنان من العبدة شمالاً إلى الناقورة جنوباً، ولا يرى أي مبرر اليوم لتقديم أي تنازل لشركائه في الوطن وهو يعيش نشوة الانتصار في المنطقة من العراق إلى لبنان مروراً بسوريا. ولهذا للأسف تبدو هذه المخارج طوباويات…

لبنان: مَن يبدد هواجس الانهيار؟
سام منسى/الشرق الأوسط/06 آب/2019
تسود أوساطاً لبنانية متعددة المشارب حال من الحذر والترقب بسبب التأزم السياسي الحاد وكثرة الكلام عن انهيار مالي واقتصادي وشيك. صحيح أن اللبنانيين اعتادوا مثل هذه الأجواء الضاغطة على مر السنوات الخمسين الماضية وما تخللها من أزمات وحروب، إلا أن الواقع كان دوماً يكذّب التوقعات المتشائمة، فتبقى الأمور على حالها متأرجحة على حافة الهاوية.
إنما الواقعية تفرض علينا اليوم والحال على ما هي عليه، ألا نعوّل على عجائب أسطورة طائر الفنيق التي يلجأ إليها اللبنانيون ليصفوا قدرتهم على «النهوض مجدداً»، لأن البلاد تواجه معضلات جدية تتجاوز ما سبق أن خبرته من أزمات حياتية أو سياسية وأمنية أو اقتصادية وحتى أخلاقية. فلبنان اليوم أمام خمس أزمات – مخاطر محدقة ومتداخلة تكاد تهدد كيانه.
بدايةً، الوضع المالي بات وحسب الخبراء بالغ الخطورة، يفاقمه سوء الحوكمة والفساد والهدر والعجز. فتراكم الديون لا يبشّر بالقدرة على معالجة المشكلات الأخرى مثل تراجع الفرص الاستثمارية الداخلية والإقليمية بسبب ارتفاع تكلفة التأسيس في ظل فوائد مرتفعة. يضاف إلى ذلك تدهور ميزان المدفوعات والاحتياطي من النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي، مع ارتفاع الطلب على الدولار الأميركي والتحويلات إلى المصارف الخارجية. إلى هذا، ثمة تباطؤ النمو العام وتراجع كبير للقطاعات التقليدية من بناء وسياحة وتجارة ومصارف، ما أدى إلى تراجع صدقية لبنان الاقتصادية وتنامي الخوف المبرر والجدي من تدهور سعر صرف الليرة، والأكثر خطورة انهيار القطاع المصرفي وسط الضغوط الاقتصادية والسياسية التي يعيشها البلد.
ثانياً، ارتفاع حدة التوتر والتجاذب في الإقليم بسبب تصاعد الأزمة بين واشنطن وطهران، وتداعيات الحروب والثورات في أكثر من دولة عربية. إن التعايش مع توترات المنطقة كان ممكناً لولا المعضلة الاستثنائية التي يعانيها لبنان وهي أدوار «حزب الله» في أزماتها وفتنها وحروبها، بدءاً من حدود البلاد الجنوبية مع إسرائيل إلى الحرب في سوريا واليمن، وربط لبنان مؤخراً بالأزمة الإيرانية الأميركية. فالسيد حسن نصر الله جعل البلاد طرفاً في الحرب الإقليمية الدولية الكامنة عبر تأكيده ولاءه الكامل لإيران ووقوفه إلى جانبها، معرّضاً لبنان لمخاطر مثلثة:
– اندلاع حرب أو حتى توترات أمنية مع إسرائيل جراء حوادث أو تحرشات مقصودة أو متفلتة على الحدود.
– خروج الوضع عن السيطرة إثر الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقع لإيران و«حزب الله» في سوريا، لا سيما إذا تجاوزت ضوابط معينة.
– الخطر الأكبر هو ردود فعل «حزب الله» إذا وقعت حرب بين إيران وأميركا أو حتى إذا شنّت هذه الأخيرة عمليات عسكرية محدودة ضد إيران، سيكون لها بالتأكيد انعكاسات أمنية وسياسية واقتصادية على لبنان.
ثالثاً، لا يجوز استسهال ما تشهده البلاد من مواقف وممارسات تحت شعار استعادة وحفظ حقوق المسيحيين، إذ لا تمكن مقاربة هذه الحملة بمعزل عن كونها فصلاً من فصول متتالية مما سبق وسميناه «الانقلاب الناعم» الذي ينفّذه «حزب الله» في لبنان ليمسك بجميع مفاصل السلطة. بدأ هذا الانقلاب بخشونة غير مسبوقة مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وما تلاه من تطورات سياسية وخضات أمنية، ليتواصل مع الحصول على غطاء مسيحي عبر التفاهم مع التيار الوطني الحر، ومن ثم تحقيق أكثرية نيابية ليمسك بعدها بالسلطة الإجرائية بعد سلسلة تسويات له الغلبة فيها. ويستمر اليوم مع الضجيج حول تفعيل دور رئيس الجمهورية وسلطته مع شبه محاصرة لرئيس الحكومة وتقويض لصلاحياته من جهة، ومحاولة تسديد ضربة قاضية إلى رمز كبير من رموز ثورة الأرز، وليد جنبلاط، من جهة أخرى. إن الأزمة بين جنبلاط وطلال أرسلان المقرب من «حزب الله» وسوريا، ليست سوى مسرحية رديئة أبطالها كومبارس تهدف إلى تصفية حسابات قديمة مع جنبلاط وتحجيمه.
ما من مراقب عاقل يمكنه تصديق أن مواقف وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ممكنة دون غطاء ودعم وتنسيق مع الراعي والحليف الرئيس «حزب الله»، هذا على الرغم من بعض مواقف وتصريحات باسيل التي توحي بأنه على تباين مع الحزب.
إن ما تشهده هذه المرحلة من استقواء لمحور «حزب الله» وتسريبات باتجاه تعديل اتفاق الطائف والهيمنة على السلطة وحشو الإدارة بالمناصرين، ليس إلا نتيجة للتفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحر لتحصين ربط لبنان بمحور إيران – سوريا أو ما تسمى «الممانعة»، تحت شعارات حماية مسيحيي الشرق، وهي ممارسات تشكّل الخطر الأكبر على مسيحيي لبنان منذ نشوء الكيان اللبناني عام 1920.
رابعاً، ذيول قضية اللجوء والنزوح في لبنان في ظل مؤشرات إقليمية لا تبشّر بالخير سواء لجهة محاولات تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أو لجهة مآلات الحرب في سوريا.
أصبح وجود أكثر من مليون ونصف مليون سوري وفلسطيني على الأرض اللبنانية في ظل أوضاعهم الراهنة، يشكّل معضلة كيانية لا يستهان بها وقنبلة موقوتة البلاد بغنى عنها. في الوقت عينه، لا تجوز مقاربة هذه المعضلة بمواقف عنصرية رسمية وشعبية، كما من غير المقبول التساهل أو التسامح معها.
خامساً، يُتوقع أن يصدر قبل نهاية السنة الجارية حكم المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه. إن رد الفعل اللبناني على هذه الأحكام على جانب كبير من الأهمية، لا سيما إذا ما أدانت المحكمة المتهمين بالقرار الظني وهم عناصر تابعة أو حليفة لـ«حزب الله». فتجاهل الأحكام مصيبة لأنه بمثابة إعطاء رخصة بالقتل، والالتزام بها مع ما تقتضيه من إجراءات مصيبة أكبر لما قد تؤدي إليه من اضطرابات مع «حزب الله»، هذا إذا كان لبنان الرسمي الواقع في قبضته قادر على الالتزام بها.
على ضوء هذه المخاطر المحدقة، هل الحكومة الحالية بتركيبتها والخلافات بين مكوناتها قادرة ومؤهلة على مواجهتها أو احتوائها أو اجتراح مقاربات جدية للحد من نتائجها الكارثية؟ فهي منذ تشكيلها الذي استغرق تسعة أشهر عاجزة عن معالجة مشكلات أقل أهمية وخطورة كالفساد والكهرباء والنفايات وغيرها، فكيف بالحري معضلات على غرار المخاطر الخمسة المذكورة أعلاه؟ وقبل القدرة والأهلية، هل ثمة نية لدى هذه الحكومة لمواجهة هذه المخاطر، وهل تعترف بشقها الأكبر أنها فعلاً مخاطر؟ مرة أخرى، الواقعية تفرض علينا الإجابة بالنفي. ما نراه مخاطر، يراه «حزب الله» أوتاداً يجذّر عبرها إمساكه بالوطن وبقراره.
كل ما سبق يحتّم على المتابع أن يسأل: هل من مخارج متاحة لهذا الوضع المأزوم؟ هل بقي حكماء في البلد لمقاربات مبتكرة من خارج الصندوق تحاول كسر الدائرة والخروج منها؟ هل بالإمكان مثلاً تفعيل مبادرة رؤساء الحكومة السابقين لتضم رؤساء جمهورية سابقين وقادة سياسيين وتوسيع دائرة جولاتها؟
اختصر أحدهم مأساة لبنان قائلاً: «ليس في لبنان دولة إنما سلطة»، فبماذا تُرانا سنحتفل ونحن قاب قوسين من مئوية قيام دولة لبنان الكبير؟