أحمد عبد العزيز الجارالله/الملالي يرقصون على حافة الهاوية

56

الملالي يرقصون على حافة الهاوية
أحمد عبد العزيز الجارالله/السياسة/24 تموز/2019

يبدو أن الرقص الإيراني على حافة الهاوية سيؤدي بنظام الملالي إلى السقوط في هوة سحيقة، ولن تفيده كل المناورات التي ينفذها حالياً، لأن الكلام الذي يصدره قادته يناقض الواقع، فحين يعلن حسن روحاني أن “أمن مضيق هرمز من مسؤولية الحرس الثوري”، فهو بذلك يخالف الاتفاقات الدولية التي يعتبر فيها المضيق ممراً للملاحة العالمية، وبالتالي فإن أي عمل مخالف تقدم عليه إيران يضعها في دائرة الخارجين على القانون الدولي، ويصبح من الضرورة التعامل مع أفعالها وفقا لذلك.
وحين يقول روحاني إن “بلاده لن تضيع فرصة التفاوض مع الولايات المتحدة”، في وقت يصعد فيه الحرس الثوري استفزازاته، فإن ذلك يدل على التخبط الذي وصل إليه الملالي في محاولتهم البحث عن مخرج من مأزق وضعوا أنفسهم فيه.
يدرك العالم أجمع أن هذا النظام أدمن ممارسة الإرهاب والابتزاز، ولن يكون محل ثقة دولية لأنه منذ عام 1979، اختار السير في هذا الطريق إلى درجة أن الحلفاء تضرروا ويتضررون منه، سواء أكان في العراق أو سورية أو لبنان أو اليمن، وكذلك في فنزويلا، وأميركا اللاتينية، مما يزيد عزلة الشعب الإيراني جراء الحصار الذي استدرجه النظام عليه.
لا شك أن طهران الملالي فوتت كل الفرص التي سنحت لها طوال العقود الأربعة الماضية، إذ بدلاً من أن تمضي في طريق البناء الداخلي، رمت خطة التطوير التي وضعت أيام حكم الشاه المعروفة بـ”خطة 1970 – 2000″، وكان الهدف منها نقل معظم الصناعات الدولية إلى إيران، وتطوير البنى التحتية، نقول كل ذلك رمته في سلة مهملات، وأخذ قادة الملالي ينبشون قبور شعارات وأفكار من العصور الوسطى، وكأن التاريخ توقف عند تلك الحقبة من حياة البشرية، فكان أن عملوا على “تصدير الثورة” وجعلها مادة في دستورهم، كما سعوا إلى إسقاط الأنظمة في الدول المجاورة، وعدد من الدول الإسلامية.
اليوم أصبحت إيران أكبر محطة لتهريب المخدرات في العالم، ومغسلة للأموال القذرة، ومصنع شر لإثارة النعرات الطائفية، ومحاولة تغيير عقائد المجتمعات، وذلك لأن قادتها يتوهمون القدرة على إخضاع العالم لإرادتهم، فيما الواقع أنهم جلبوا على أنفسهم العداء من أربع جهات الأرض، وزادوا من حدة التوترات في الإقليم، ما دفع بالدول الكبرى إلى زيادة الضغط عليهم حتى تحول الإيراني منبوذاً في كل العالم.
ألم يكن من الأجدى أن يوفر نظام طهران هذا العناء على الشعب الإيراني العظيم، ويسعى إلى مد يد التعاون مع جيرانه والعالم، ويبعد المنطقة عن الحروب التي تسبب بها، أوليس الأفضل أن يستمع قادته اليوم إلى أصوات الجوعى والمساكين بدلاً من الاستمرار في المكابرة فيما يزداد الفقر؟
لاشك أن الإجابة عن هذه الأسئلة تحتاج إلى عقل سياسي رشيد، وهذا للأسف ليس متوافراً في القيادة الإيرانية حالياً، ولا تنفع معه تخاريف، شعارات لن تسمن أو تغني من جوع، بل تؤجج الغضب الشعبي، ما سيؤدي عاجلاً وليس آجلاً إلى ثورة كبيرة، في ظل استمرار المجتمع الدولي بتضييق الخناق على إيران بينما يقفل النظام كل نوافذ الأمل والإنقاذ، ولهذا فان تصريحات روحاني لا تعدو كونها ذرا للرماد في العيون، ولا تعبر عن الحقيقة، ولن تنطلي على أحد في العالم بعدما خبر الجميع أن هذا نظام لا يؤتمن حتى على بقالة وليس دولة كبيرة مثل إيران.