راغدة درغام: مشاريع أردوغان التركية والإقليمية ومصيره في الموازين الأميركية – الروسية/Raghida Dergham: The fate of Erdogan’s Turkey hangs on its relations with the US and Russia
The fate of Erdogan’s Turkey hangs on its relations with the US and Russia Raghida Dergham/The National/July 21/2019
مشاريع أردوغان التركية والإقليمية ومصيره في الموازين الأميركية – الروسية راغدة درغام/21 تموز/2019
دقيقةٌ هي المرحلة الراهنة في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وبقيّة أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تنتمي اليه بعد استبعاد واشنطن لها من برنامج إنتاج المقاتلة “اف-35” رداً على شرائها منظومة الدفاع الصاروخي الروسي “اس-400” التي “ستُستخدم لاختراق” الأسرار التكنولوجية داخل حلف “الناتو” بما في ذلك أسرار المقاتلة الشبح “اف-35”.
كلام الرئيس دونالد ترامب عن تفهّمه وضع نظيره التركي رجب طيب أردوغان مع إلقاء اللوم على سلفه باراك أوباما أتى مؤشِّراً على تمهّل الرئيس الأميركي قبل إنزال عقوبات قاسية على تركيا يريدها أعضاء الكونغرس من الحزبين غضباً من الخطوة التركية التي تم تحذير أردوغان منها.
كذلك أتى كلام أمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، ليحتوي أي اندفاع الى فكرة إخراج تركيا من حلف شمال الأطلسي إذ شدّد على ان “تركيا حليف مهم في الناتو” وأكد ان التعاون معها “أعمق وأشمل من مشروع مقاتلات اف-35″، دون ان يقلّل من مسألة شراء أنقرة “اس-400”.
هذه الأجواء المرِنَة نسبياً لا تعني ان الرئيس التركي انتصر في اقحام روسيا في عمق حلف الناتو بلا محاسبة أو أنه سيبقى محميّاً من العقوبات.
الرقصة الاستراتيجية التي يصمّمها دونالد ترامب مع رجب طيب أردوغان لها أنغام روسية وكردية وسورية وعراقية.
لها أيضاً أوتار تركية محضة حيث تنتهي بسقوط أردوغان اما بقرارات عسكرية أو بحسابات انتخابية، إذا استمر في المكابرة والمغامرة ومضى في مشاريعه الكبرى مع روسيا وفي مشاريعه الإقليمية التي تشبه كثيراً المشاريع التوسّعية الإيرانية في الجغرافيا العربية. كمشروع “الإخوان المسلمين” الذي ورّطه في عداءات كبيرة. إنما مسألة الـ”S-400″ في الواقع، أكبر بكثير مما يبدو ظاهرياً تعتريها طيّات استخبارية ورهانات جغرافية – سياسية ذات أبعاد تجارية.
تركيا وقعت تحت إجراءات العقاب بإقصائها كليّاً عن برنامج طائرات الشبح F-35 نتيجة عناد أردوغان على صفقة S-400. وأنقرة ستقع تحت عقوبات اقتصادية أقرّها الكونغرس تتراوح بين تخفيض حجم قروض البنوك الأميركية الى الكيانات التركية وبين عقوبات أقسى وأشمل تُحطّم الاقتصاد التركي إذا ما تم قطع الوصول الى النظام المالي الأميركي.
اللافت في الأمر أن جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي لهم الحق في الوصول الى الأجهزة الدفاعية لدى أيٍّ من أعضاء الحلف. وبالتالي، ستكون الولايات المتحدة رابحة لأنه سيحق لها الاطّلاع على تكنولوجيا S-400 الروسية، بفضل شراء تركيا لهذه المنظومة.
لماذا مضت روسيا ببيع هذه المنظومة الى تركيا مع انّها، لا بد، واعية ان أسرارها التكنولوجية ستقع في أيادي الناتو؟ تقول المصادر ان المؤسسة العسكرية الروسية عارضت الصفقة قبل سنتين علماً أنه ليس في وسع تركيا السيطرة على مصير S-400 وصيانة سرّية تكنولوجيتها. لكن الاعتبارات السياسية والتجارية غلبت القرار لأن الرئيس فلاديمير بوتين أراد دعم نظيره الروسي آملاً بأن تؤدّي التطوّرات الى خروج أو إخراج تركيا من حلف شمال الأطلسي. هذا سياسياً – جغرافياً.
تجارياً، في ذهن موسكو اختبار صفقة S-400 مع تركيا كنقطة انطلاق الى مشاريع تجارية لبيع هذه المنظومة أولاً الى الهند، وثانياً الى الدول الخليجية العربية.
انها لعبة كبرى بين دول كبرى أبعادها استراتيجية وتجارية واستخبارية.
أميركا ليست في عجلة في المسألة التركية المعقّدة لأنها لا ترى نفسها خاسرة، بحسب تفكير المقرّبين من دونالد ترامب. انها تملك مفاتيح العقوبات وتلقين الدروس، ولها حرية الوصول الى S-400 عبر الصفقة التركية مع روسيا. فهي رابحة في كل الأحوال.
روسيا تراقب تطوّرات الإجراءات نحو تركيا بكل اهتمام وفي ذهنها كيفية تسويق S-400 تجارياً واستراتيجياً مع زبائن تتمنى أن يكونوا معها.
تركيا أردوغان تقع تحت المجهر أميركياً وأوروبياً. هناك كلام في بروكسل، مقر حلف الناتو، عن احتمال تجميد عضوية تركيا ليس في الحلف نفسه وإنما في عدد من برامج الناتو.
هناك عقوبات أميركية قاسية، قد تكون مؤجّلة الآن، لكنها آتية لتذكّر أردوغان أنه لا يستطيع التلاعب بحلف ناتو مهما كانت مبرراته أو غاياته. لكن عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي لن تتأثر لدرجة خروج أو اخراج تركيا من الحلف، وذلك ليس فقط بسبب أهمية انتماء أنقرة الى الناتو، وإنما أيضاً لأن خروج تركيا من حلف شمال الأطلسي يلبّي رغبات روسيا.
الولايات المتحدة لن تلبّي هذه الرغبة الروسية نحو الناتو وهي لن تسمح بتحويل تحالف “استانة” في سوريا الى حلف روسي – تركي – إيراني. لذلك، ان دونالد ترامب يتناول العلاقات الأميركية – التركية بليونة وانفتاح وتفهّم ولا يستعجل الى تبني عقوبات قاسية. انه يفضّل التدريجية بدءاً بمنع بيع أسلحة أو تكنولوجيا حربية أميركية الى تركيا، وعقوبات على الشركات التركيّة المصنِّعة والمصدِّرة للأسلحة، وتجميد الأرصدة المالية التركية التي شاركت في برنامج تطوير F-35 بعد إخراج تركيا منه.
فدونالد ترامب ما زال في حاجة الى تركيا داخل حلف الناتو، وهو راغب في كسبها حليفاً في المنطقة بالذات في سوريا، وهو متعطّش الى التعرّف على أسرار التكنولوجيا الروسية في منظومة S-400 وربما أيضاً لاحقاً منظومة S-500 الروسية.
دونالد ترامب قد لا يغفر لرجب طيّب أردوغان تحدّيه له وإحراجه دولياً وداخلياً. هناك من يصرّ على أن المؤسسة العسكرية التركية ستأخذ زمام الأمور في يدها إذا أفرط أردوغان في تعريض عضوية تركيا في الناتو الى التقليص والعقوبات، مهما بدا الآن أنه في سيطرة كاملة على المؤسسة العسكرية في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة ضده. وهناك من يقول ان لا حاجة بالولايات المتحدة الى الاستعجال للتخلص من أردوغان بوسائل الانقلاب العسكري فيما في الوسع الانتظار الى حين الانتخابات بعد 3 سنوات والتي ستسقطه سيما وان قيادات قويّة تبرز داخل حزبه وهناك قيادات أخرى تتحدّاه لتسلب منه تحويل تركيا من دولة علمانية الى صاحبة مشروع نشر “الاخوان المسلمين” إقليمياً وليس فقط تركياً.
مع سقوط أردوغان، سيتم دفن مشروع “الاخوان المسلمين” السياسي والذي ما زال الرئيس التركي يسعى لتسويقه في ليبيا والسودان، بعدما فشل ذريعاً في مصر.
ما زال أردوغان يتدخّل في الدول الخليجية. وبالذات السعودية بصورة تضعه في الخانة الإيرانية ممّا يطرق ناقوس الخطر في واشنطن ولدى دونالد ترامب الذي يضع المسألة الإيرانية في واجهة اهتماماته.
الناحية الكردية أيضاً ذات أهمية للإدارة الأميركية بالرغم من تلكؤها تكراراً نحو الكرد. العمليات العسكرية الكبيرة التي قام بها الطيران التركي في عمق العراق على بعد 160كلم في غارات ضد مواقع حزب العمال الكردستاني PKK لافتة.
كذلك الهجوم، الذي سبق الغارات، على نائب القنصل التركي في أربيل وأدى الى مقتله والى توعّد أنقرة بالرد عليه. ثم هناك سوريا، حيث تلعب أنقرة أوراقها ضد الأكراد دائماً، ومع النظام في دمشق تارة تناغماً مع المطالب الروسية.
معقّدة، إذن، العلاقة الأميركية مع تركيا، وغامضة هي نوعية العلاقات التي يصيغها دونالد ترامب مع رجب طيب أردوغان.
ما يشغل بال الرئيس الأميركي اليوم هو التطورات على مياه الخليج، وأمن الملاحة، وتشكيل حلف يتصدى للاستفزازات الإيرانية التي ما زالت تستدرجه الى العمل العسكري رداً على ما تعتبره طهران اعتداءً أميركياً ضدها عبر العقوبات الاقتصادية.
المصادر المطّلعة على صنع القرار في طهران نقلت عزم “الحرس الثوري” على عدم الاكتفاء باحتجاز ناقلات نفط أجنبية في مضيق هرمز أو باب المندب، بل اتخاذ الاستعدادات “لإبراز قوّتهم في البحار، بطريقة جداً شخصية”، كما قالت المصادر.
انهم يطبخون شيئاً ما، ليس واضحاً تماماً ما هو. شيء أكثر خطورة من ناقلات النفط والطائرات المسيّرة”.
ونقلت المصادر نفاذ صبر إيران من المزيد من العقوبات الأميركية والمُتوقع لها ان تكون قاسية جداً، وقالت ان مساحة صبر إيران، كما عبّر عنه المسؤولون في طهران، ستضيق بعد الأسبوع المقبل وبعد العقوبات التصعيدية.
الأولوية الإيرانية ستملي لدى واشنطن وتيرة الإجراءات نحو تركيا. فبعد اعلان الرئيس الأميركي ان بارجة مدمِّرة أميركية أسقطت طائرة “درون” إيرانية وقال ان الولايات المتحدة “تحتفظ بالحق في الدفاع عن منشآت موظفينا ومصالحنا”، وعلى ضوء التوعد بإبراز القوة الإيرانية في البحار، تدخل المواجهة الأميركية – الإيرانية العتبة العسكرية الخطيرة. فسنرى.
The fate of Erdogan’s Turkey hangs on its relations with the US and Russia Raghida Dergham/The National/July 20/2019
A web of complex alliances will determine whether the Turkish president can achieve his goals
The current phase of Turkey’s relations with the US and other Nato members is extremely delicate. Washington has now removed Turkey from the F-35 fighter jet program in response to Ankara completing its purchase of the Russian-made S-400 missile defence system, which could be used to acquire technological intelligence on Nato systems, including the F-35 itself.
President Donald Trump recently said he understood his Turkish counterpart’s position, and blamed his predecessor Barack Obama for the crisis, indicating that the US may relent before deciding to slap sanctions on Turkey as desired by both sides of Congress.
Jens Stoltenberg, Nato secretary general, meanwhile, rushed to dismiss any talk of expelling Turkey from Nato, describing the nation as an important ally with whom co-operation goes deeper than the F-35 issue, albeit he did not downplay the issue of Ankara’s acquisition of the S-400 system.
These relatively flexible positions do not mean that President Recep Tayyip Erdogan has succeeded in his attempt to bring in Russia into the heart of the Nato alliance without recriminations. Indeed, the strategic response Mr Trump is choreographing against Mr Erdogan’s actions will include Russian, Kurdish, Syrian, and Iraqi rhythms.
There will also be internal Turkish elements that could end up with the ousting of Mr Erdogan, either through the army or through the elections. That is, if he continues to press ahead with arrogant plans that resemble Iran’s expansionist projects in the Arab world, such as his Muslim Brotherhood project, which has antagonised many countries in the region. In other words, the S-400 crisis is much bigger than it seems, and is laden with geopolitical, commercial, and security implications.
Turkey has already been sanctioned by being removed from the F-35 program as a result of Mr Erdogan’s dogged insistence on going ahead with the S-400 deal. Ankara will also come under economic sanctions approved by Congress that range from reducing US banking loans to Turkish entities to harsher measures that could collapse the Turkish economy – for example if it is cut off completely from the US financial system.
Interestingly, all Nato members are entitled to access the defence systems of other member states. This means the US still comes out on top because it will be able to study the S-400 system’s Russian technology now that Turkey has it.
So why did Russia sell the system if it knew it could fall into Nato hands? Sources say that the Russian military industrial complex had objected to the sale two years ago, but political and commercial considerations swayed the final decision. Mr Putin hopes that developments could lead Turkey to exit or be expelled from Nato. In commercial terms, Moscow wants to use the S-400 deal with Turkey as a dry run to sell the platform to India and possibly Arab Gulf countries and beyond.
The US is not rushing to action on the complex Turkish crisis because it does not consider itself the losing party, according to sources familiar with the thinking of the Trump administration. It also has many options, including sanctions.
Mr Erdogan’s Turkey will also fall under European scrutiny. There is talk in Brussels, Nato’s headquarters, that Ankara’s membership in a number of Nato programmes can be frozen. But Turkey’s membership of the alliance itself is not currently at risk. This is not only because Turkey’s Nato membership is of vital importance, but because removing it from the alliance would serve the Russian agenda.
The US, in other words, will not allow this, and will not allow the Astana co-operation in Syria to become a Russian-Turkish-Iranian alliance. This may explain Mr Trump’s flexibility and accommodation, and his aversion to swift recrimination and sanctions. He seems to prefer a gradual response, beginning with blocking the sale of US hardware to Turkey, sanctions on Turkish arms manufacturers and exporters, and freezing the assets of Turkish entities that had been part of the F-35 development programme. Mr Trump feels he still needs Turkey in the Nato alliance, and hopes to gain its co-operation in the region, especially in Syria. He is also probably keen to learn the secrets of the S-400 system and perhaps, later even the S-500 system.
But Mr Trump may not forgive Mr Erdogan’s defiance and the embarrassment he has caused him, domestically and internationally. Some observers say the Turkish military establishment could take matters into its own hands if Mr Erdogan goes too far in compromising Turkey’s Nato credentials, regardless of how in control he has appeared to be since the failed coup attempt against him. Some say the US does not need to rush to get rid of Mr Erdogan via a military coup, because he is likely to be ousted in the elections in three years’ time. Many now believe that strong leaders in his party and the opposition are likely to emerge and challenge him and his project to turn Turkey from a secular state to a Muslim Brotherhood vanguard in the region.
With Mr Erdogan’s fall, the Muslim Brotherhood project, which he is still trying to market in Libya and Sudan, despite its dismal failure in Egypt, would be buried, once and for all. Mr Erdogan is also still meddling in Gulf affairs, especially in Saudi Arabia, in a manner that has set off alarm bells in Washington.
The Kurdish issue is also important to Washington, despite its failed promises to the Kurds. Recent Turkish air strikes in Iraq, some 160 km deep into Iraqi territory against PKK positions, are noteworthy. The strikes were preceded by the assassination of the Turkish vice consul in Erbil, which triggered vows of retaliation in Ankara. In Syria, Turkey continues to intervene against Kurdish forces, and to engage the Syrian regime in various ways in line with Russian demands.
All this means that US-Turkish relations are complex and multi-layered.
Today, the main issues preoccupying the American president are the developments in the Gulf and the threats to international navigation there. The US is pushing for a maritime task force to address Iranian provocations.
Sources familiar with decision-making in Tehran say Tehran intends to go beyond seizing foreign oil tankers in the Strait of Hormuz or Bab Al Mandeb, and is gearing up for a naval show of force in a “very personal” way. “They are cooking something, but it’s not yet clear what … something more dangerous than oil tankers and drones,” one said. The sources stressed that Iran has run out of patience vis-a-vis US sanctions, which are expected to intensify, and could escalate further after next week.
The Iranian priority will dictate the rhythm of Washington’s measures against Turkey. After the US president announced an American warship had shut down an Iranian drone, he said that the US reserves the right to defend its facilities and interests. In light of these mutual threats and intentions, the US-Iranian confrontation could thus be about to cross a dangerous military threshold, but time alone will tell.
