رسالة من الياس بجاني إلى غبطة البطريرك صفير سلمها له خلال زيارته الرعوية لمدينة تورنتو الكندية عام 2001 تتناول أخطار الإحتلال السوري وأوضاع  وممارسات غير إيمانية وغير وطنية لرعاة في بعض الكنائس المارونية الكندية

162

رسالة من الياس بجاني إلى غبطة البطريرك صفير سلمها له خلال زيارته الرعوية لمدينة تورنتو الكندية عام 2001 تتناول أخطار الإحتلال السوري وأوضاع  وممارسات غير إيمانية وغير وطنية لرعاة في بعض الكنائس المارونية الكندية

*يا سيدنا بعض رعاتنا في كندا يمنعوننا من توزيع رسائلكم على المؤمنين في كنائسنا المارونية

*كنائس الإغتراب بحاجة إلى رعاة صالحين لا إلى محبي جاه ولاهثين وراء المراكز والمصالح الذاتية.

21 آذار/2001

أهلاً بغبطة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في كندا،
أهلاً بحامل عبيق قنوبين وشذا  قاديشا، أهلاً بسيد الأديار والمنارات الروحية المتناثرة فوق تلال لبنان المقدسة، وحامل هموم وطن الأرز وأهله، أهلاً برافع مشعل الاستقلال والسيادة والقرار، الحريات والتعايش والمحبة،  بمجسد نضال، تاريخ وعطاء 76 بطريركا مارونياً.

أهلاً بالصوت الصارخ في وجه قوى الاحتلال والشر، أهلاً بسيد بكركي التي أُعطيت مجد لبنان،

أهلاً بكم يا سيدنا في كندا بين أبنائكم وأفراد رعاياكم فأنتم وكما قيل لكم سابقاً لم تعطوا دور القيادة، بل أصبحتم قائداً من نوعية أعمالكم، ونزاهة نياتكم، وصفاء فكركم، وقدسية عطائكم، ومجاهرتكم بالحق، وشهادتكم للحقيقة دون خوف أو مساومة.

إن المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC  تؤيد مواقفكم الوطنية والإنسانية وتطلب منكم وكما فعل السيد المسيح أن تحملوا السوط وتطردوا من بعض هياكلنا قلة من الرعاة الذين جعلوا منها مرتعاً للمصالح الخاصة بعد أن كفروا بالقيم والثوابت الوطنية وأصبح همهم إبعاد السياديين المؤمنين بقدسية لبنان وهويته عنها، وفرض قوانين جائرة لا تمت بصلة لتاريخ كنيستنا العريق وانفتاحها على أبنائها. قوانين تغرب ولا تقرب ولا تتماشى مع مفهوم الشباب وطبيعة البيئة المتواجدة فيها الكنيسة.

إننا بحاجة إلى رعاة صالحين لا إلى محبي جاه ولاهثين وراء المراكز والمصالح الذاتية.

أنتم يا سيدنا وقائدنا ومعك المخلصين من رموزنا وقادتنا المقيمين والمعتقلين والمبعدين أملنا في تخليص وتحرير وطننا الغالي المحتل الذي شُرعت حدوده لشذاذ الآفاق،

وأُعطيت جنسيته لمن لا يستحقها، وضرب اقتصاده، وهجر شبابه، وزلزلت ديموغرافيته فاختل توازن مجتمعه. أُبعِّد قادته، نكل بأحراره سجناً واعتقالاً وارهاباً، هُمّشت هويته، وفُرض عليه حكام لا يمثلون تطلعات وأماني شعبه.

اللبنانيون في بلاد الانتشار هم خزان الوطن الحالي والمستقبلي الذي لن ينضب، وهم بإذن الله الذين سيحفظون وحدته ويؤمنون بقائه كدولة مستقلة ضمن حدوده المعترف بها دولياً،ً والتي كان الفضل في رسمها لسلفكم البطريرك الحويك، وهم الذين سيصدون عنه أطماع الطامعين، ولنا في نجاح العديد من الشعوب التي عانت ما نعاني منه واعتمدت على مغتربيها لاسترداد أوطانها خير مثال.

لكن هذه المهمة لن تصبح واقعاً ملموساً نستفيد منه إن لم يتم الانتباه إلى شباب المغتربات وأجيالهم الطالعة بغرس محبة لبنان في عقولهم وقلوبهم، وتربيتهم على مفاهيم وطنية واضحة نواتها تاريخ ال 6000 سنة حضارة وعطاء، والهوية المميزة، والفرادة والدور الحضاري والإنساني، والانفتاح، والتمسك بتعاليم الكنيسة وبروحية مبدأ ال 10452 كلم مربع.

إن الجهة الرئيسية المهيأة للقيام بهذا الدور الريادي هي الكنيسة المارونية ببطريركها، باساقفتها القياديين، بكهنتها برهبانها، براهباتها وعلمانييها، وهنا تأتي أهمية اختيار الرعاة الصالحين المعدين روحياً وعلمياً وأخلاقياً لهذه الرسالة المقدسة.

لا شك بأن غبطتكم على علم بالمحاولات الجارية منذ مدة لإبعاد كنائس الاغتراب عن الصرح البطريركي والتنصل من مواقفكم الوطنية بحجج لم تعد خافية على المهتمين بالشأن الوطني الاغترابي والديني، وقد وصل غي بعض الرعاة لدرجة منع توزيع مواعظكم الموسمية داخل الكنائس، وقد انتقموا من بعض العلمانيين المخلصين الذين رفضوا هذه الهرطقة وأقصوهم بالإبعاد المتعمد عن لجان ومجالس الرعايا.

لقد وجهت إلى صدورنا سهام الاتهام لأننا جاهرنا بالحق وانتقدنا ممارسات بعض رعاتنا التي رأينا فيها تعدياً على حقوق رعايانا، علماً أننا اتبعنا توصية الإنجيل في مقاربتنا للأمر حرفياً والتي نصها: ” إذا خطى أخوك فأذهب إليه وانفرد به ووبخه، فإذا سمع لك فقد ربحت أخاك، وإن لم يسمع لك فخذ معك رجلاً أو رجلين لكي يحكم في كل قضية بناءً على كلام شاهدين أو ثلاثة، فإن لم يسمع لهما فأخبر الكنيسة بأمره، وإن لم يسمع للكنيسة أيضاً فليكن عندك كالوثني والعشار (متى 18-15).

من أجل مستقبل أجيالنا وللحفاظ على مارونيتنا وروحانيتها، وحتى لا تنقطع صلة بكركي بكنائس بلاد الانتشار، نطلب من غبطتكم التنسيق مع قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الذي يحب لبنان ويعمل دون كلل على صيانة كيانه لإتباع كنائسنا خارج انطاكية إلى سلطة بكركي وليس لسلطة المجمع الشرقي.

أنتم يا سيدنا الصخرة التي ستبنى عليها البيعة اللبنانية في بلاد الانتشار ولبناننا سيبقى بإرادة بنيه المقيمين والمغتربين قلعة للصمود وموئلاً للحرية والتعايش والانفتاح.

أما الظروف القاسية التي نمر بها اليوم فهي وكما قلتم، “ليست جديدة على شعبنا وكنيستنا ووطنا، هكذا كانت أيام الصليبيين والأتراك والمماليك وغيرهم على ممر العصور، وهي ستستمر طالما بقينا وبقي لبنان”، لكننا بإذن الله وبقوة إيماننا وحكمة رعاتنا، ونعم أمنا مريم العذراء، وتشفعات قديسينا وأبرارنا سنصمد وننتصر باستمرار، ولن ننقرض كقليلي الإيمان بأوطانهم وهويتهم طالما بقيت كنيستنا صامدة وبقينا نحن ملتفين حولها وبقي لنا رعاة من أمثالكم بررة وقديسين.

نستحلفكم باسم أخيكم الشهيد البطريرك حجولا، وباسم البطريرك الدويهي، وباسم العلامة يوسف سمعان السمعاني، وباسم البطريرك الحويك، وباسم البطريرك عريضة ومن قبلهم باسم الكنعانية ابنة صور أن تتابعوا رعاياتكم لبلاد الانتشار لتبق أوصال الإيمان والوحدة قائمة وثابتة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب.

ولدكم الياس بجاني
كندا في 21 آذار/2001