الكولونيل شربل بركات/طبول الحرب تقرع

151

طبول الحرب تقرع
الكولونيل شربل بركات/14 أيار/2019

التصعيد الذي يجري هذه الأيام في الخليج بتسارع قل سابقه ينبئ بأزمة قد تشتعل فيها نيران الحرب في اية لحظة إذا لم يتدارك الايرانيون مدى ما قد يجره التعنت.
الرئيس ترامب صرح مرارا وتكرارا بأنه مستعد للتفاوض من جديد حول البرنامج النووي والمطلوب أن تتحلى القيادة الإيرانية بالشجاعة اللازمة لملاقاته في وسط الطريق وبدون شروط مسبقة لأن الاعتماد على القوة الذاتية للتصدي وفرض الحلول قد لا تكون الحل المناسب لمصلحة الحكم في إيران.

الأميركيون جديون هذه المرة وقد يكون هذا التصعيد فرصة أخيرة للرجوع عن الخطأ والالتزام بقواعد اللعبة العالمية من ناحية تقاسم الثروات وادارة شؤون البلاد في هذه المنطقة الجغرافية من العالم والتي تعتبر في شبكة الاتصالات الدولية عقدة مهمة يجب أن تكون آمنة وسالكة لمرور التجارة العالمية بين الشرق والغرب بدون عوائق أو تهديد في القرية العالمية التي نعيش أجواءها وآخر التحضيرات لها هذه الأيام.

الإيرانيون يحاولون الرجوع بالعالم إلى ما قبل زمن المحاور ويعتقدون بأنهم سيشكلون محورا مهما بمواجهتهم الولايات المتحدة فقد تخفوا خلف شعارات دينية ومذهبية للتسلل إلى مجتمعات حولهم متجاوزين حدود الدول ومتعدين على أصول التعامل بينها فإذا بكل جيرانهم يعانون من تصرفاتهم الغير مقبولة من تصدير الثورة إلى التدخل في شؤون الدول المحيطة واثارت النعرات إلى مصادرة شعارات فلسطين و”تحريرها” إلى محاولة السيطرة على الممرات المائية العالمية وفرض حالة من عدم الاستقرار في كل المنطقة كمقدمة لسيطرتهم على كامل الشرق الأوسط وتحقيق أحلام الامبراطورية الفارسية.

في المقابل تنبهت دول الخليج لتطلعات إيران التي تستند على أمرين مهمين من نفس الجنس الأول وجود طوائف مختلفة في الدول المحيطة من بينها الشيعة والثاني محاولة استعمال التطرف الديني المستند على أفكار الاخوان المسلمين لاستعداء الأنظمة وخلق حالات من عدم الاستقرار في دول الجوار بينما يحصي الحرس الثوري ومشتقاته أنفاس الإيرانيين ويستمر بعمليات الاعدام في الساحات لمنع أي كان من التجرؤ على الاعتراض. ما جعل هذه الدول تتوجه من خلال مجلس التعاون الخليجي لانشاء قوة عسكرية لمواجهة التطورات التي قد تسعى إيران لخلقها واستفراد دولها الواحدة بعد الأخرى ومن ثم حاولت استباق الأمور في البحرين مثلا لدعم الاستقرار ومن ثم في اليمن التي لا تزال تعاني من التدخل الإيراني. وفي نفس الوقت حاولت أن ترتبط بنوع من التحالف مع قوى عالمية خاصة الولايات المتحدة لتأمن خطر الاجتياح العسكري من قبل إيران.

من الناحية العملية وتجنبا لأي أزمة من خلال اغلاق مضيق هرمز كانت الامارات العربية المتحدة وفي خطوة ذكية قد سارعت بمد خط أنابيب لنقل النفط من الشمال أي أبو ظبي وما حولها إلى الجنوب عند الفجيرة ما يسمح بنقل انتاجها من النفط بدون المرور عبر مضيق هرمز الذي قد تسيطر عليه ايران بسهولة.

اليوم، وقبل البدء بلي الأصابع الفعلي، وقد يكون نوع من الرد على عملية التظاهر التي قامت بها الولايات المتحدة بنشر حاملات طائرات وقطع بحرية وقاذفات قنابل في المنطقة، يحاول الايرانيون افهام الامارات ومن يقف في صفهم بأن استعمال خط أبو ظبي – الفجيرة إذا ما قرروا هم اغلاق مضيق هرمز هو
موضوع بمتناول اليد وليس بالعسير، فما قام به الحرس الثوري (بدون الاعلان عن مسؤوليته)، ولو كان عملية صغيرة ضد ناقلتي نفط سعوديتين وأربع سفن تجارية عالمية، بالمياه الاقتصادية لدولة الامارات مقابل ميناء الفجيرة وإن لم تحدث أضرارا أساسية إلا أنها تعتبر اشارة لما يمكن القيام به وفي نفس الوقت جس نبض لردات الفعل. والملاحظ بأن اعلام ما يسمى “بالممانعة” قد أشار إلى حدوث هذه العمليات داخل ميناء الفجيرة ما يدل بشكل صريح على الجهة التي تقف ورأه.

فماذا ستحمل الايام القادمة وهل إن الإيرانيون وصلوا إلى مفهوم “يا قاتل يا مقتول” وهم سيندفعون إلى المواجهة مهما بلغ الثمن؟ أم أنها لا تزال عمليات جس نبض لمعرفة جدية الولايات المتحدة وحلفائها في عملية الرد والمواجهة؟
في كلا الحالتين يجب أن يقف العالم اليوم مشدودا بانتظار القرارات الحاسمة من كلا الجانبين لأن أي تصرف غير مدروس سيؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها ولن تقف عند لي الأصابع ولكنها ومن دون شك سوف تكون مصيرية على مستوى المنطقة ومستقبلها.