خالد عبدالعزيز السعد/ الإرهاب الداعشي والعولمة

311

 الإرهاب الداعشي والعولمة
خالد عبدالعزيز السعد/السياسة/09.11.14

الحقيقة المؤلمة ان هذا الارهاب بكل فرقه واشكاله من الاخوانجية والداعشية والنصرة, وبيت المقدس, وانصار الشريعة, وكل هذه السلالات المقيتة, وفي موجاته القديمة, والجديدة, زرعته بعض الدول العربية قبل اكثر من قرن ففتحت له المدارس, والجامعات, وصار له امراء, ومناهج, ودعاة ومفتون ثم جمعيات خيرية تجبي من الناس الابرياء بطرق ملتوية, واستغلال دور العبادة, وكانت الحكومات تغض النظر عن هذه الجريمة البشعة, بحق شعوبها ومجتمعاتها حتى تجلى في صورته الجديدة التكفيرية في أولئك الشباب العرب معصوبي العقول والقلوب في جهاديتهم في افغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي “الملحد” تحت مسمى “القاعدة” فهذا الارهاب الاجرامي العبثي والعدمي ليس نبتا شيطانيا, او تنظيمات مستولدة بالانابيب, وهو ليس لقيطا منقطع الجذور, ففي اربعينات القرن العشرين قدم “ابو الأعلى المودودي” في الهند التنظير الاساسي للاسلام السياسي من خلال مقولته في “الحاكمية” واعتبار المجتمعات القائمة في العالم جاهلية, ثم جاء تنظيم “التكفير والهجرة” وقاده شكري مصطفى وانضم اليه تيار الاخوان المسلمين الذي تمدد في العالم من قبل حسن البنا ومن ضمنها حركة الاخوان المسلمين في الكويت “حدس” وجاء كتاب سيد قطب “معالم في الطريق” ليشكل مرجعية فكرية اضافية, وقبلها مجموعة الجهاد الاسلامي التي قادها عبود الزمر, والتي اغتالت السادات, وفي الجزيرة العربية كان جهيمان سيف العتيبي الجندي في الحرس السعودي وله مجموعة رسائل, وفتاوى, وقاد مئات من المسلحين واعتصم في الحرم المكي ولغته وفتاواه قريبة من جماعة “الخوارج” اثناء الفتنة الكبرى بين سيدنا علي والصحابي معاوية.

 قد يطول الحديث حول هذه المجموعات التي تأتي على شكل موجات, وخلايا انشطارية, وافكارهم المتوحشة, وفي العصر الحديث حين قام نظام الاحادية القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فاتحا الطريق نحو العولمة فهناك تجاور بين العولمة والارهاب التكفيري في صورته الاخيرة المتوحشة وهذا الارهاب مرت به اوروبا ايضا منذ العام 1642, وفي عصرنا الحاضر تلاقت مصلحة مشتركة بين قوى ثلاث, افغانية تريد تحرير بلادها بتلك العقلية العدمية, واصولية عربية تمارس الجهاد المنحرف والارهابي للفوز بالجنة, والقوة الثالثة اميركية تريد استنزاف غريمها الشيوعي في المستنقع الافغاني, ثم حدث الصدام بين الجهاديين الاسلاميين واميركا في احداث 11 سبتمبر المرعبة, والذي هو نتيجة من نتائج العولمة ومكتسباتها التقنية والاعلام, وادوات التواصل الاجتماعي وهو ما منح هؤلاء الارهابيين امكانات مذهلة لتطوير منظومات عملهم الحزبي, والتنظيمي, وزادها ضراوة في الفقه السلطاني والتعليم, والمنابر, والجمعيات الخيرية, وجمعيات النفع العام وكذلك الاعلام والقنوات الفضائية التي تبث سمومها على مدار الساعة, وصار هذا الموروث التكفيري المتوحش كبركان انفجر فتطايرت القيم الانسانية, والاجتماعية في اوطان تشكو الرخاوة السياسية, فاستثمرها الغرب وخصوصا الولايات المتحدة لتأمين مصالحها في ثرورة الطاقة, والمنافذ, وحماية امن اسرائيل فالعولمة انزلقت شيئا فشيئا لملاقاة هذه القوى الارهابية التكفيرية وفي نفس الوقت قامت على ترويضها لخدمة مصالحها وما يهمنا الان هو ان هناك ازمة عميقة في الفقه السياسي الاسلامي وسيظل خط الانتاج السلفي الجهادي التكفيري يفرخ وينشط طالما بقي هذا الفقه المعلول سائدا والجهل والعمى السياسي الرسمي, وبطاقات سياسية مهترئة العقول فالمفارقة ان الاعداء والخصوم والحلفاء وبعض الانظمة والمعارضات في دول المنطقة تجد سهولة في ايجاد الوسائل للاستفادة من هذه التنظيمات الارهابية الاجرامية والاسوأ ان المستهدف من اجرامها وعدميتها هو البشرية برمتها فهي لا تؤمن بدين غير معتقداتها وعلى شاكلتها وهي لا تؤمن بالدول, ولابالجغرافية ولا بالهويات الوطنية وافعالها لم تشهدها البشرية حتى ما قبل التاريخ وما نشهده من هذه الحركات الارهابية واستيعاب لها من الولايات المتحدة الاميركية فهم يوغلون في الدم العربي ولم يمسوا بمعاركهم يوما الكيان الصهيوني وما يرتكبه بحق الفلسطينيين من جرائم واستيطان وتعذيب حتى المسجد الاقصى لا يعنيهم إن هدم وزال او ضم الى الكيان الصهيوني, والخلاصة ان العولمة والارهاب الاجرامي نقيضان في الظاهر متآخيان في العمل وفي العمق وتلاقي المصالح والارتباط بالمخابرات الدولية ولكن التاريخ وجدليته انه ليس هناك ابدية مطلقة لاي ظاهرة فهذا الارهاب الاجرامي يحمل بذور موته في احشائه وجذوره وهو ليس لغزا غير قابل للحل فهو ليس طارئا في التاريخ وثانيا هو نتيجة ثقافة وبيئات عانت التجهيل, وايديولوجية عمياء ضد الإنسان والحضارة ونقيض لمبدأ التطور والتقدم البشري فكيف لا يموت وهو يلدغ نفسه بنفسه. * كاتب كويتي –