فادي عيد وهيب: إيران و”الإخوان” وجهان لعملة واحدة

99

إيران و”الإخوان” وجهان لعملة واحدة
فادي عيد وهيب/السياسة/07 أيار/2019

تعجب البعض من ادانة ايران رغبة الرئيس الاميركي دونالد ترامب ادراج جماعة الاخوان المسلمين كمنظمة ارهابية.

السياسة لا تعرف دينا ولا أي ثوابت، ومن يطلع على التاريخ بين نظام الخميني وجماعة “الاخوان”، وطبيعة العلاقات بينهما سيعلم ان ايران و”الاخوان” وجهان لعملة واحدة.

في فبراير 1979 حمل مشهد اعتلاء المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السابق الخميني حكم البلاد بعد هبوط طائرته بمطار طهران قادما من باريس لكي تلحق طائرة تحمل مجموعة من قيادات التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون، ثم تمر الاعوام ويأتى الجمعة 4 فبراير 2011، لكي يعتلي المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الحالي علي خامئني منبر الصلاة ويخطب للمرة الاولى باللغة العربية، ويخصص كل حديثه لابناء جماعة الاخوان المسلمين في مصر وتونس وباقي بلاد العرب ويطالبهم بالثورة على حكامهم.

قبل أن تتقابل التواريخ كانت الافكار تتلاقى بين منظري وفلاسفة جماعة “الاخوان” ونظرائهم بأيران، فبكتاب “فلسفتنا” لسيد قطب 1959، يتجلى التأثير القوي بفكر مؤسس حزب الدعوة العراقي الا وهو محمد باقر الصدر، وبالتزامن أصبح لجماعة “الاخوان” فرع في العراق تحت مسمى الحزب الاسلامي العراقي، وبعام 1966 ترجم الخميني بعض كتب سيد قطب للغة الفارسية من ابرزها كتاب “المستقبل لهذا الدين” وبمقدمة هذا الكتاب وصف الخميني سيد قطب بـ”المفكر المجاهد الذي أثبت في كتابه أن العالم سيتَّجه نحو رسالتنا”، وما حملته تلك الرسالة ومضمون ذلك الكتاب تكرر الامر مع كتاب “أمتنا بين قرنين” ليوسف القرضاوي الذي وصف فيه ثورة الخميني بأنها صحوة اسلامية وانتصار للاسلام.
واذا كان قد جاء اللقاء الاول بين الخميني وقيادات جماعة “الاخوان” بباريس بعد ان تولى أبو الحسن بني صدر (الرئيس الاول لايران بعد الثورة) ترتيب تلك اللقاءات، فجاءت باقي اللقاءات بطهران، وكانت ابرز الوجوه “الاخوانية” التي التقت الخميني التونسي راشد الغنوشي، وعبد الرحمن خليفة مراقب الإخوان المسلمين بالأردن، وجابر رزق ممثلا عن “اخوان مصر”، وسعيد حوى ممثلا عن اخوان سورية، وغالب همت من اخوان سورية، وعبد الله سليمان العقيل ممثلا عن اخوان السعودية، وأخيرا وليس أخرا المصري يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية لجماعة “الإخوان”، الذي كان أحد أهم حلقات الاتصال بين دائرة الخميني وجماعة “الإخوان”.

كذلك كان من أهم حلقات الاتصال بين الطرفين كلا من ابراهيم يزدي المقيم بالولايات المتحدة، وبهشتي المقيم بهامبورغ الالمانية، وخسرو شاهي الذي اصبح فيما بعد سفير ايران لدى مصر، وأثناء تهنئة وفد الاخوان للخميني بثورته عرض الوفد على الخميني مبايعته كخليفة للمسلمين بعد ان يوضح الخميني لجموع المسلمين،سنة وشيعة، ان الخلاف على الامامة بعهد الصحابة كان خلافا سياسيا بعيدا كل البعد عن الخلاف العقائدي والديني، وحينها صمت الخميني ونحى ذلك الموضوع جانبا قبل ان يعلن فى دستور ايران بأن المذهب الجعفري هو المذهب الرسمي للدولة. والتقارب بين “الاخوان” ونظام الخميني لم يكن فكريا فقط، بل عسكريا أيضا، وتجلى هذا بتأثر “الاخوان” بحركة “فدائيي الاسلام” الايرانية المعارضة لنظام الشاه وزعيمها مجبتي مير لوحي المعروف باسم نواب صفوي والذى يربطه بجماعة “الاخوان” تاريخ طويل وحافل بالاحداث المهمة، فكانت زيارات صفوي للقاهرة تقابل باستقبال حافل من ابناء جماعة “الاخوان”، وكثيرا ما هاجم صفوي الزعيم جمال عبد الناصر الذي اطلق مصطلح الخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، بحكم ان العرب يسكنون ساحلي الخليج.

وبعد أن تبنت صحف الاخوان المسلمين كـ”الدعوة” و”الاعتصام” و”المختار الاسلامي” الانحياز لطهران والهجوم على مصر والرئيس انور السادات خصوصا بعد استقباله شاه ايران في مصر، وبعد أن اطلقت طهران على أكبر شوارعها اسم الارهابي خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس المصري انور السادات، صرح عمر التلمساني لمجلة “الكرسنت” الاسلامية التي تصدر بكندا، وقائلا:” لا أعرف أحدا من ابناء جماعة الاخوان المسلمين في العالم يهاجم ايران”.

وبعد وفاة الخميني الرابع من يونيو 1989 أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حامد أبوالنصر نعياً كتب فيه “الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني القائد الذي فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة”، وبعد أن صار علي خامنئي المرشد الاعلى أصبحت أفكار سيد قطب وحسن البنا تدرس في مدارس الإعداد العقائدي الخاصة بالحرس الثوري الإيراني.

ومع حلول عواصف الخريف العربي بالمنطقة كانت ايران حاضرة بشكل مباشر على الارض وخلف الكواليس، وعبر شاشات التلفزيون، فبعد خطبة خامئني في الرابع من فبراير 2011، ثم التصريحات المتتالية له عبر وكالات الانباء التي حض فيها جماعة “الاخوان” على التقدم نحو السلطة صرح خامئني قبل اتمام المرحلة الثانية من الانتخابات المصرية بين المعزول محمد مرسي والفريق احمد شفيق 2012، وقال:”على الشعب المصري أن يتخلص من فلول الديكتاتور لنصرة دين الله”، فى إشارة مباشرة إلى تأييد مرشح “الإخوان” للرئاسة، وهي تصريحات لا تقل حماسة وتوضيحا لعمق العلاقة بين نظام أصولي وتنظيم ارهابي عن تصريح فتحي حماد وزير داخلية حماس يوم 13مايو 2012 عندما قال:” المصريون هبلان مش عارفين يديروا حالهم بيشتغلوا بناء على رؤيتنا إحنا، وراح نربطهم بإيران لأن اليوم زمنا إحنا وزمن الإخوان ومن سيقف في طريقنا راح ندوسه بلا رجعة”.

فإذا كتب التاريخ 11 فبراير 1979 يوم وصول الخميني للسلطة وكتب اليوم نفسه في عام 2011 صعود حلفاء الخميني على مسرح الاحداث بمصر، تمهيدا لاعتلاء الحكم، لكي يرتفع سقف طموحات طهران، وقتها تجاه الخليج، بل المنطقة كلها، بعد أن توهم الجميع أن كنانة الله سقطت في جحيم المؤامرات، جاء تاريخ 30 يونيو 2013 ليعيد معادلات التاريخ والجغرافيا معا، ويكتب شهادة ميلاد جديدة لمصر العروبة التي وضعت حدود أمنها القومي من خليجنا العربي شرقا وحتى مغربنا العربي غربا على عاتقها وأولى اولوياتها.

بسبب هذا التاريخ الطويل بين “الاخوان” وملالي مكتب الارشاد لم اتعجب للحظة من هجوم اعلام “الاخوان” على البحرين بعد ادراجها لائتلاف” 14 فبراير” و”سرايا الاشتر” (صبيان الحرس الثوري بالبحرين) كتنظيمات ارهابية، ودفاع اقلام “الاخوان” عن “حزب الله” متناسين تاريخ الحزب الاجرامي. اتعجب بعد كل ذلك ان نرى دولا عربية مترددة في ادراج جماعة “الاخوان” كمنظمة ارهابية، وان تعطي أذنها لمن يدير ذلك التنظيم الدولي من خارج وطنا العربي، ومن كان كل تاريخه حقدا على العرب وطعنا في العروبة.

*فادي عيد وهيب/باحث بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

 

Mohamed Mursi (R), the head of the newly-formed Muslim Brotherhood Party named “Freedom and Justice”, talks during a news conference in the new headquarter of the Muslim Brotherhood movement in Cairo, April 30, 2011. The Muslim Brotherhood said on Saturday it will contest up to half the parliamentary seats in elections scheduled for September. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany (EGYPT – Tags: POLITICS)