عظة الأب سيمون عساف في الجمعه العظيمه رتبة دفن المسيح له المجد

1512

عظة الأب سيمون عساف في الجمعه العظيمه رتبة دفن المسيح له المجد
19 نيسان2019

عَشِيّة َ رَاحُوا للفِرَاقِ بِنَعْشِهِ، إلى جَدَثٍ في هُوّة ِ الأرْضِ مُعمَقِ
لَقد غادَرُوا في اللَّحْدِ مِنَ كان ينتمي الى كُلّ نَجْمٍ في السّماء مُحَلِّقِ
يا خِزيِهم يا عارهم ضعفاء جبناء تآمروا على القوي، صعاليك كهنة وعلماء ناموس وكتبة تآمروا على جبَّار يجترح المعجزات، فضّلوا اللص على بريء أطلقنا من سجن الموت ساقوه الى الصليب واللص من السجن الى حرية الموت.

تعالوا نتَّبع المراحل السبع يتنقُّل يسوع السبع فيها ليلة آلامه:
– من العُليِّة الى البستان متى 26
– من البستان الى حنَّان ي يوحنا 18

– من حنَّان الى قيَّافا يوحنا 18
– من قيَّافا الى بيلاطس متى 27 يوحنا 18
– من بيلاطس الى هيرودس لوقا 23
– ومن هيرودس الى بيلاطس ثانية لوقا 23
عند بيلاطس كان الجلد والمحاكمة وإطلاق اللص برأبَّا والمناخ الجماعه الذي احاط به.
إنكار بطرس، ضعف الطبيعة البشرية، جو بشري مظلم، والنعمة تعمل وجموع تتبعه من بعيد.

– القديس يوسف الرامي: من الرامة. كان مشيرًا غنيًا (مت 27: 57)، ورجلًا صالحًا بارًا (لو 23: 50)، وعضوًا في مجلس السنهدريم، يستفاد من مرقس 14: 64 ولوقا 23: 51 انه لم يحضر الجلسة، وانه امتنع عن التصويت. علاقته بيسوع حجة لحضوره عملية الصلب.

– نيقوديموس: فريسي وعضو في السنهدريم، وكان واحدًا من رؤساء اليهود، جاء إلى المسيح في الليل (حتى لا يراه أحد)

– سمعان القيرواني: كان من قريني ليبيا ولذا يجب أن يكون لقبه القريني Cyrène بعد الجلد الروماني العنيف، واستكمال المحاكمة، خرج السيد المسيح وهو حامل صليبه من قلب مدينة أورشليم، متجهًا إلى أعلى جبل الجلجلة خارجًا عن أورشليم. سمعان القيرواني أبو ألكسندر وروفس التلميذين لبولس.

– قائد المائة كرنيليوس: ضابط في الجيش الروماني، تحت إمرته مئة من الجنود (مئة عسكري) كان يعبد الكواكب.

– اللص اليمين: ديسماس عكس جستاس لص الشمل، أكد لنا السيد المسيح وهو على الصليب أنه على يمينه قد اغتصب الملكوت، بالتوبة أدرك خطاياه وحاجته إلى السيد كمخلص له.

– جماعة من غير البشر الملائكة والقديسين – المسيح على الصليب ملكًا، ذبيحة حب وبذل
يظن البعض أن أصلح صورة للسيد المسيح كملك، هي صورته وهو داخل أورشليم، والناس حوله بسعف النخل وأغصان الزيتون، يهتفون: أوصانا يا ابن داود..
ولكنني أرى أن أصلح صورة للمسيح كملك، هي صورته وهو مصلوب. ينطبق عليها قول الوحي في المزمور” الرب ملك على خشبة” (مز 95).

ذلك لأنه على الصليب، اشترانا بدمه (رؤ 5: 9) فصرنا مُلكًا له. وهكذا ملك الرب على العالم الذي اشتراه. وهكذا بدأت مملكة روحية للرب.. ونحن ننظر إلي هذا الملك الذي اشترانا، ونغنى له في يوم الجمعة الكبيرة لحن “عرشك يا الله إلي دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك”. نقول له: “تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار. واستله وانجح واملك” (مز 44)

كيف ملك الرب على خشبة؟ وما قصة هذا الملك؟..

الرب يملكنا منذ البدء، لأنه خلقنا وأوجدنا من العدم. ولكننا بالخطية انفصلنا عن ملكوت الله، وبالخطية ملك الموت علينا (رو 5: 17، 14). إذ صرنا تحت حكمة. السيد المسيح علي الصليب، بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، ووهبنا الحياة، فصرنا له.

بالصليب، استطاع المسيح أن يقضي على مملكة الشيطان، وكذلك بالصليب داس الموت، ودفع ثمن الخطية.. وإذا بالرب يقول عن الشيطان “رئيس هذا العالم قد دين” (يو 16: 14) ويقول أيضًا “رأيت الشيطان ساقطًا مثل برق من السماء” (لو 10: 18).. أن السيد المسيح هزم الشيطان في كل تجاربه وكل حروبه، وبالصليب قضى على ملكه.

كل ما اقتناه الشيطان خلال آلاف السنين، أفقده المسيح إياه علي الصليب، لما افتدى الناس من خطاياهم. لذلك فإن الشيطان يخاف الصليب الذي يذكره بهزيمته. ولهذا كان لعلامة الصليب سلطان علي الشيطان..

علي الصليب تم الفداء الذي ضيع مملكة الشر، وأن كان هذا الفادي هو أبن الله الذي يقدم كفارة غير محدودة، تكفي لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور. لذلك صرخ الشيطان – علي أفواه تابعيه – بعبارته المشهورة:
“إن كنت أبن الله، انزل من علي الصليب” (مت 27: 40؛ مر 15: 30)

وسكت المسيح. لأنها عبارة لا تستحق الرد. فهو، لأنه أبن الله، صعد على الصليب، وملك.
اللص على الصليب، اعترف بملكوت المسيح..
فقال “اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك”. ولعله كان يقصد الملكوت الآتي، الذي يأتي فيه المسيح على الصليب، لكي يجمع مختاريه ويأخذهم إلي مملكته السماوية. ولكن السيد المسيح في ملكوته السماوي الأبدي، فهناك مملكة قد تأسست اليوم على الصليب.
وبدلًا من عبارة (متى جئت) قال له (اليوم) تكون معي، أبشر، فاليوم قد بدأت مملكة المسيح، أيها اللص الطوباوي. وقد تقلد سيفه على فخذه، وقيد الشيطان ألف سنة. وسقط الشيطان مثل برق من السماء المسيح على الصليب أكثر جمالًا وجلالًا من كل أصحاب التيجان، نغني له ونقول (في الخاص بصلبه (مز192): “الرب قد ملك ولبس الجلال”. أما المملكة التي أرادها له اليهود يوم أحد الشعانين، فقد رفضها الرب وقال”مملكتي ليست من هذا العالم” (يو 18: 36). إنه على الصليب أسس مملكته الروحية. وحينما نقول له استقامة هو قضيب ملكك” نقصد أنه ملك بكل استقامة، بكل عدل، بدفع ثمن الخطية ووفاء العدل الإلهي تمامًا مبارك الرب في ملكه.

نحيّى من الطبيعة الشمس التي أظلمت، الأرض التي تزلزلت، والقبور التي تشققت، وحجاب الهيكل الذي انشق. إن الطبيعة أظهرت عدم رضاها عن ظلم الأشرار، حيَّت المسيح بالأسلوب الذي يناسبها.. وكانت نقطة مضيئة في هذا اليوم. وربما بسببها آمن قائد المئة، كما آمن اللص اليمين، وآمن فيما بعد القديس ديونيسيوس الأريوباغي (أع 17: 34). لقد انطبق علي الطبيعة في هذا اليوم، قول السيد المسيح “إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ” (لو 19: 40). كل هذه أضواء في يوم الجمعة الكبيرة، ولكن:
النور الأعظم الحقيقي، كان هو نور المسيح وفدائه..

كان يشع منه نور الحب، ونور البذل والفداء، أكثر من الشمس كان مشرقًا في هذا اليوم بطريقة قضي على سلطان الظلمة. وبالموت داس الموت. وكما أشرق هنا الحب، أشرق أيضًا على الراقدين في الجحيم، على الرجاء. فنقلهم إلي الفردوس.. وأشرق أيضًا كنور أمام الآب، وأُعطي به أجمل صورة للإنسانية الكاملة، غطي بها علي أخطاء البشرية كلها، وكان محرقة وقود رائحة سرور للرب.. ونحن نقف أمامه في إشراقه العجيب، وهو مسمر علي الصليب ونقول له تسبحتنا المستمرة:
لك القوة والمجد والعزة والبركة إلي الأبد آمين
واختم بقول الشاعر الضرير ميشال شديد:

كم مره لازم اللاهوت يتنازل ويحكي مع الناسوت
قلو انا فيك وانت فيي وحامل معك طاقات مخفيه
تعرف عليها ودشر التابوت
وتا خلصك من حكم اعدامك علمتك وغسلت اقدامك
وحتى ما تستصعب طريقي الحر مت عنك وانسقيت المر
وزحت الصخر وطلعت قدامك
ا.د. سيمون عساف 19/4/2019