هدى الحسيني: الوجود الإيراني في سوريا بات يهدد مصالح روسيا/الشرق الأوسط: 146 تصاعد المنافسة بين روسيا وإيران في مناطق النظام السوري من عناصر طهران قُتلوا بغارات إسرائيلية و8109 في المعارك مع

78

الوجود الإيراني في سوريا بات يهدد مصالح روسيا
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/18 نيسان/2019

تصاعد المنافسة بين روسيا وإيران في مناطق النظام السوري
146 من عناصر طهران قُتلوا بغارات إسرائيلية و8109 في المعارك مع المعارضة
لندن/الشرق الأوسط/18 نيسان/2019/

من الملاحظ أن الاجتماعات المثيرة للاهتمام المتعلقة بطهران هي التي تُعقد من دونها.
من جهتها؛ تشير طهران إلى أن «العمل كالمعتاد»؛ فقد كانت جداول اجتماعات المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حسن روحاني مزدحمة في الأسابيع الستة الماضية؛ كان هناك لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد؛ وهو الأول منذ عام 2010، ثم كان استقبال عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي في زيارة رسمية الأولى له إلى طهران منذ توليه السلطة. في هذا تحاول طهران الإشارة إلى أن حلفاءها يظلون مخلصين لها، وأن الشراكات الاستراتيجية التي بنتها في المنطقة مثمرة، ويرجع ذلك أساساً إلى نشاط قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. لكن الحقيقة هي أن إيران غير مستقرة، وتشعر بالقلق حيال الاجتماعات السياسية التي لم تتم دعوتها إليها، لا سيما الاجتماعات التي عقدت الشهر الماضي في موسكو، والتي قد تُملي تغييرات على خطط لا تنوي هي تنفيذها.

لنبدأ ببغداد: في أوائل شهر مارس (آذار) الماضي قام روحاني بزيارة إلى العراق تمَّ خلالها التوصل إلى كثير من التفاهمات، وتوقيع كثير من الاتفاقيات الدبلوماسية والاقتصادية بين طهران وبغداد. ونظراً لنجاح الاجتماعات، فقد قام عبد المهدي برد الزيارة إلى طهران في أوائل هذا الشهر، وأعلن خلالها هو وروحاني التعاون المكثف بين البلدين. في الواقع؛ قررا تنفيذ برامج ثنائية، مثل إصدار تأشيرات مجانية للسفر بين البلدين، وبناء خط سكة حديد بين الدولتين، وفي المستقبل تطوير شراكات اقتصادية.

يحاول كل من العراق وإيران إظهار أن علاقاتهما تقوم على المصالح المتبادلة، رغم أن الربح الكبير سيعود إلى طهران، لكن العراق يحاول إرضاء إيران حسب السياسة التي يتبعها. لقد نجحت إيران في تعزيز قبضتها في العراق، وهي تحث الحكومة العراقية على طرد القوات الغربية من أراضيها من أجل تحييد أي تأثير معاكس على صانعي القرار في العراق. وإضافة إلى ذلك، فقد حولت إيران العراق إلى أرض تدريب لـ«فيلق القدس»؛ الأمر الذي يمكنها من أن تشكل تهديداً برياً لأعدائها في الخليج العربي. إنها تنفذ طريقة العمل نفسها التي قامت بها من قبل في سوريا ولبنان، لذلك نعرف ماذا ستكون النتيجة.

قبل أكثر من شهر؛ في أواخر فبراير (شباط) الماضي، قام الأسد بزيارة «تاريخية» إلى إيران، وكان ذلك بمثابة موقف تضامني في وجه كل الذين يحاولون زرع «المؤامرات» بين دمشق وطهران، كذلك لتقديم كلا الجانبين على أنه فائز: الأسد كرئيس لسوريا ذات السيادة يقوم بأول زيارة خارجية إلى إيران التي يتم التنازع على وجودها في سوريا. لقد سارع قائد «فيلق القدس» سليماني إلى نشر صور من الزيارة على «إنستغرام»، حيث قدَّم نفسه على أنه مهندس لعلاقات البلدين. حتى «حزب الله» لم يخرج خالي الوفاض، فقد حضر محمد قصير أحد كبار مسؤوليه الاجتماع بين الأسد وخامنئي بصفة «مترجم»، إنما في الوقت نفسه لتذكير الجميع بأن هناك طرفاً آخر يتقاسم الأرباح. لكن يبدو أن شيئاً مهماً لن يتغير في العلاقات بين الدولتين إثر زيارة الأسد. الشيء المهم الذي سيتغير بالنسبة إلى إيران هو موقف روسيا من ذلك. لم توافق موسكو على زيارة الأسد إلى طهران. فالسوريون والإيرانيون لم ينسقوا الزيارة مع موسكو، وهذا أثارها بشدة؛ إذ فسرت الزيارة على أنها رغبة من الأسد في الحفاظ على تورط إيران في سوريا رغم رفض الكرملين.

الانقسام بين روسيا وإيران ليس بالأمر الجديد. لقد أدركت موسكو منذ فترة أن طهران تشكِّل خطراً على مصالحها في الشرق الأوسط، ويمكن أن تجد سوريا نفسها في يوم من الأيام في حالة حرب أخرى بسبب مصالح إيران التي قد تزعزع استقرار المنطقة أكثر، ولمنع روسيا من تحقيق مصالحها الجغرافية – السياسية، ورغم أنها تمتنع عن التصريحات الدبلوماسية الرسمية، فإنه من الواضح أن روسيا غير راضية عن هذا الشريك، وسيكون من دواعي سرورها إجراء بعض التغييرات في السياسة الإيرانية، بما في ذلك الحد من وجود قواتها في سوريا ومنع إنشاء قواعد عسكرية لها هناك.

في الوقت الحالي، يتصاعد التوتر بين روسيا وإيران، ويُعزى ذلك جزئياً إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو الشهر الماضي؛ إذ كشفت التقارير التي تلت الاجتماع عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونتنياهو ناقشا استراتيجيات طويلة الأمد لتحقيق أهداف متبادلة في سوريا. في الواقع؛ قررا إنشاء مجموعة عمل مشتركة لمعالجة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا. تدرك روسيا الحاجة إلى إزالة الطابع الإيراني في سوريا، وقد وجدت في إسرائيل شريكاً مناسباً لدعم هذا الهدف. يجمع إسرائيل وروسيا معارضتهما وجود القوات الإيرانية في عمق سوريا أو على حدودها.

ثم عقد اجتماع مهم آخر لأول مرة في موسكو بين بوتين والرئيس اللبناني الجنرال ميشال عون، وتم وضع أسس العلاقات الاستراتيجية بين البلدين بعد سنوات كثيرة من العلاقات غير المستقرة. ترمز الزيارة إلى فصل جديد في العلاقات، والطرفان مسروران. إن قرار لبنان بتعميق التعاون في مجال النفط والغاز، كما يتضح من دخول شركتين روسيتين كبيرتين سوق الطاقة اللبنانية، إنجاز اقتصادي مهم. ويقول المراقبون إن حضور شخصيات بارزة في الاقتصاد الروسي الاجتماعات؛ يدل على موقف موسكو الجاد تجاه علاقاتها مع لبنان.

بالإضافة إلى ذلك، وعدت روسيا بالتعاون العسكري في المستقبل قبل الزيارة المقبلة لوزير الدفاع اللبناني إلى موسكو. تبقى هذه مبادرات لا تخل بالعلاقات العسكرية اللبنانية ـ الأميركية على وجه التحديد. تريد روسيا التأكيد على أنها تعدّ لبنان حليفاً إقليمياً استراتيجياً مهماً لاستقرار الشرق الأوسط، ولمعاملة سوريا للاجئين. ربما لم تكن هذه هي النتيجة التي أرادت إيران رؤيتها من هذا النوع من العلاقات. في كل مواقفها، توجّه موسكو إلى طهران رسائل واضحة؛ بأنها إذا اتخذت إجراءات من جانب واحد، فستكون هناك تداعيات. رغم أن موسكو لا تستطيع بالضرورة تغيير سياسة طهران تجاه سوريا، فإنها بالتأكيد تستطيع الضغط على الأسد للقيام بذلك. من هنا؛ ورغم أن إيران تحاول إبراز الإنجازات الدبلوماسية، فإنه قد يتعين عليها أن تدفع غالياً مقابل هذه الإنجازات. سيكون من المثير للاهتمام معرفة الأحداث المقبلة التي ستقع في سوريا فيما يتعلق بالصراع العلني والسري بين مختلف القوى والتحالفات القديمة – الجديدة.

تصاعد المنافسة بين روسيا وإيران في مناطق النظام السوري
146 من عناصر طهران قُتلوا بغارات إسرائيلية و8109 في المعارك مع المعارضة
لندن/الشرق الأوسط/18 نيسان/2019/
أشار تقرير حقوقي إلى استمرار «الحرب الباردة» بين روسيا وإيران في مناطق النظام السوري، ذلك مع تراجع العمليات العسكرية ضد فصائل المعارضة بعد استعادة غوطة دمشق والجنوب السوري وتجميد الوضع في إدلب وشرق الفرات بموجب تفاهمات بين موسكو من جهة وكل من واشنطن وأنقرة من جهة ثانية. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن « الصراع الروسي – الإيراني لا يزال يتسيد المشهد السوري في ظل ركود العمليات العسكرية واقتصارها على تصعيد بري وجوي في الشمال السوري؛ إذ إن كل طرف يستغل الهدوء العام لتثبيت قوته على الأرض وتوسعة رقعة نفوذه وامتدادها في الطريق للانفراد بالسيطرة على القرار السوري». وأضاف: «يبدو أن الحرب الباردة بين إيران والميليشيات الموالية لها على الأرض من جانب، وبين الروس وأتباعهم على الأراضي السورية من جانب آخر، باتت كفتها تميل إلى الجانب الإيراني؛ إذ على الرغم من التواجد الروسي الرئيسي ضمن مقرات القيادة وتحكمها في القرار السوري في كثير من الأحيان، فإن إيران وعبر تصاعد تجذّرها في الأراضي السورية منذ انطلاق الثورة السورية ووقوفها جنباً إلى جنب في القتال على الأرض مع قوات النظام، تمكنت مع توسعة نفوذها واستقطاب الآلاف من السوريين إلى صفوفها، ليس فقط بالمقابل المادي، بل لعبت على وتر المذاهب والأديان، فضلاً عن تجنيد شبان في سن الخدمة الإلزامية بصفوفها مقابل عدم سحبهم للخدمة في (جيش الوطن)، جميع هذه الأسباب رجّحت كفة الإيرانيين لينصّبوا أنفسهم الحاكم الفعلي على مناطق واسعة تخضع لسيطرة النظام السوري».

في المقابل، تحاول روسيا بشتى الوسائل «سحب البساط من تحت الإيرانيين عبر تحالفات مع تركيا واتفاقيات هنا وهناك، وآخرها الخلاف الروسي – الإيراني حول منطقة تل رفعت، حيث كانت روسيا وعدت تركيا بتسليمها تل رفعت مقابل فتح طريق دمشق – حلب الدولية وحلب – اللاذقية الدولية؛ الأمر الذي ترفضه إيران لوجود نبل والزهراء ذواتا الأهمية المذهبية والرمزية لها في المنطقة، في الوقت التي تواصل إيران بتغلغلها في المحافظات السورية عبر عرّابين لها يعمدون إلى استقطاب المزيد من الشبان والرجال وتلميع صورة الإيرانيين أمام السوريين، ولعل الجنوب السوري والميادين وريف دير الزور خير دليل على ذلك».

وأفادت مصادر «المرصد السوري» بأن روسيا «أبلغت قادة من (قوات سوريا الديمقراطية) بضرورة إيجاد حل لإيقاف تمدد الإيرانيين في الحسكة ومناطق سيطرة (قسد)».

وفي ظل «المعمعة الإيرانية – الروسية هذه يبقى النظام السوري لا حول له ولا قوة؛ فلم يعد يخفى على أحد أن تواجده شكلي فقط، ولا يستطع فرض نفوذه وقراراته على أي بقعة جغرافية سورية، ولو كانت هذه البقعة هي الساحل السوري الذي كان مصدر قوته سابقاً، ليغدو اليوم ساحة تتصارع فيها كل من إيران وروسيا حالها كحال دمشق وحلب والجنوب السوري ووسط سوريا وجميع الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد».

وكان «المرصد» أشار سابقاً إلى «تواصل الصراعات على المقدرات السورية وعلى النفوذ في البلاد، من قِبل قوات تحاول الامتداد في الداخل السوري بطرق ووسائل متنوعة، منها السياسي والعسكري والاقتصادي، وصولاً للطرق المذهبية والفكرية، وفي الوقت الذي تدعي فيه الأطراف الدولية توجهها نحو الحل السلمي وما أشبه، فإن القوى ذاتها، تعمل على توسعة نطاق سيطرتها في الداخل السوري، في حين يستعر الصراع الناعم بين إيران والميليشيات العسكرية الموالية لها من جهة، والروس وأتباعهم ومواليهم على الأراضي السورية من جهة أخرى، في حين باتت البادية السورية ومعظم الأراضي السورية، ساحة للصراع».

وسجل ارتفاع عدد المتطوعين في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً، لنحو 1385 شخصاً من الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة، وذلك ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور، في حين تصاعد تعداد المتطوعين في الجنوب السوري إلى أكثر من 2470 متطوعاً في تواصل مستمر لعملية التمدد الإيراني في الداخل السوري بشكل عسكري، من غرب نهر الفرات إلى الجنوب السوري والحدود مع الجولان السوري المحتل، في الوقت الذي تنفذ فيه الطائرات الإسرائيلية ضربات وغارات تطال مواقعها في الأراضي السورية.

كما أشار «المرصد» إلى «تجاوز التصعيد الإسرائيلي عاماً كاملاً منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، حيث تم رصد التصعيد الإسرائيلي سواء بضربات صاروخية أو بغارات من الطائرات الإسرائيلية، التي استهدفت مواقع إيرانية، وأخرى تابعة للميليشيات العاملة تحت إمرتها ومواقع (حزب الله) اللبناني، وآخر ما استهدفت هذه الضربات هي مدرسة المحاسبة في مدينة مصياف ومركز تطوير صواريخ متوسطة المدى في قرية الزاوي ومعسكر الطلائع في قرية الشيخ غضبان بريف مصياف، والتابعة للقوات الإيرانية، وقوات النظام السوري، حيث كانت الضربات الإسرائيلية استهدفت موقع منطقة الزاوي في الـ23 من يوليو (تموز) من العام الماضي 2018، في حين استهدفت الضربات قبل الأخيرة مطار حلب الدولي والمنطقة الواصلة إلى المدينة الصناعية، ومحيط مطار دمشق الدولي، ومستودعات أسلحة وذخيرة في ضواحي بانياس وجبال مصياف في الساحل السوري وريف حماة الغربي ومحيط مطار دمشق الدولي وضواحي العاصمة دمشق، و«مركز اطمئنان للدعم» تابعاً للحرس الثوري الإيراني والواقع على مقربة من مطار النيرب العسكري عند أطراف مدينة حلب الشرقية، ومطار المزة العسكري، ومنطقة الهري بريف دير الزور، ومناطق في ريف القنيطرة الشمالي والأوسط، ومطار الضبعة العسكري بريف حمص الجنوبي الغربي، وحرم ومحيط مطار التيفور العسكري بالقطاع الشرقي من ريف حمص، واللواء 47 ومنطقة سلحب في الريف الغربي لحماة، ومواقع قرب بلدتي حضر وخان أرنبة ومدينة البعث في ريف القنيطرة، ومنطقة الكسوة بريف دمشق، ومنطقة مطار الضمير العسكري، ومثلث درعا – القنيطرة – ريف دمشق الجنوبي الغربي، ومنطقتي مطار النيرب العسكري ومطار حلب الدولي، كما ضرب انفجاران كلاً من مطار حماة العسكرية وموقعاً للقوات الإيرانية في ريف حلب الجنوبي». حيث ارتفع تعداد من وثّقهم «المرصد» خلال أكثر من عام من التصعيد الإسرائيلي، إلى 146 من القوات الإيرانية والقوى الموالية والتابعة لها، جراء ضربات صاروخية وجوية إسرائيلية استهدفت مواقعهم ومستودعات ومنصات صواريخ تابعة لهم، في مناطق عدة بشمال سوريا ووسطها وفي الجنوب السوري والبادية، إضافة إلى مقتل «58 من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين». وقدّر «المرصد» عدد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات لبنانية وعراقية وأفغانية وإيرانية وآسيوية بنحو 32 ألف مقاتل غير سوري، حيث قتل ما لا يقل عن 8109 من العناصر غير السوريين ومعظمهم من المنضوين «تحت راية الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة لها من أفغان وعراقيين وآسيويين، و1677 على الأقل من عناصر (حزب الله) اللبناني»، ذلك منذ عام 2011».