د. وليد فارس لجريدة الرياض: قلب الأكثرية العربية الطاولة على الإخوان المسلمين جعلهم في موقع دفاعي وضعيف واللوبي القطري الإخواني متوغل في عمق السياسات الأميركية

68

د. وليد فارس لجريدة الرياض: قلب الأكثرية العربية الطاولة على الإخوان المسلمين جعلهم في موقع دفاعي وضعيف واللوبي القطري الإخواني متوغل في عمق السياسات الأميركية

واشنطن – هديل عويس/الرياض/17 نيسان/19

مع صعود الأصوات الجمهورية في واشنطن التي تشير إلى مواطن خلل في الإعلام اليساري الذي بات يأخذ منحى إيديولوجي منطلقاً من عمق ما تروج له المنابر القطرية وفي مقدمتها الجزيرة، يشرح الدكتور وليد فارس المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب في شؤون الشرق الأوسط لـ»الرياض» أبعاد التوغل القطري في الإعلام الأميركي حيث يشير د. فارس إلى عمق وقدم هذا التأثير وأخذه طابعاً إيديولوجياً، فقطر اتجهت نحو الجماعات الإخوانية المهاجرة إلى الولايات المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي وما قبله والتي أسست للتأثير في سياسات الولايات المتحدة بشكل يخدم قضايا الإخوان المسلمين ضاربين بعرض الحائط قضايا المنطقة الأساسية المحورية وتحدياتها، ويرى د. فارس أن هذا التدخل بات اليوم مفضوحاً وباتت وجوه أميركية مؤثرة تتحدث عنه لأن هذه الجماعات التابعة للإخوان ذهبت بعيداً هذه المرة بإطلاق حملات ضد العشرات من الساسة الأميركيين ومسؤولي إدارة ترمب، الأمر الذي لفت الأنظار إلى خطورة تأثيرها أكثر من السابق. وإلى نص حديث د. وليد فارس لـ»الرياض»:

كيف وصلت قطر إلى التأثير في خطاب منابر إعلامية أميركية كبرى، البعض يقول اشترتها، وهذا ربما تعبير فضفاض، فما نراه له طابع إيديولوجي إلى جانب المصلحي، كيف تم هذا الوصول وما هي جذوره؟

تأثير اللوبي الإخواني قديم جداً في الولايات المتحدة الأميركية، وهو يأتي من تأثيرات قديمة تعود إلى السبعينات وأوائل الثمانينات، حيث أتت موجة من نشطاء الإخوان من المنطقة ودخلوا عالم الأكاديميات في أميركا وشكلوا شبكة أثرت في الصفوف وفي التلاميذ والأكاديميين وبالتالي عمق التأثير الإخواني في أميركا هو أعمق من أي تأثير خارجي آخر. وصحيح ما يقوله الخبراء أن التأثير الإخواني في السياسات الخارجية منطلق من تأثيرهم في السياسات التربوية في أميركا وبالتالي تم إنشاء جيل من المتأثرين بهم وبطروحاتهم ورؤاهم لكل ما هو غير إخواني في المنطقة العربية. فهم انتقدوا اليسار والليبراليين والأقليات والأنظمة، مؤثرين على النخبة التي تقود السياسات الخارجية، دافعين السياسات الخاصة بالشرق الأوسط إلى اتجاه يماشي مزاج ورؤى جماعة الإخوان المسلمين. أما قطر، فمدت الجسور مع هذه النخبة الإخوانية في الولايات المتحدة للدخول إلى عمق التأثير في أميركا، وذلك منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وبروز حكومة قطرية تنوي بسط سيادتها في العالم العربي وكأنها ربطت نفسها مع الحركة الإخوانية العميقة في الولايات المتحدة وطبعاً عبر دعمها بطرق مختلفة منها التمويل. كذلك كانت بعض الدراسات ومنها مقال في إحدى المنابر الأميركية يشرح كيف قام اللوبي القطري «الإخواني» بالتعامل مع شركات للتأثير على الحزبين وهناك دراسات توضح كيف أن هذا اللوبي استهدف عشرات الأشخاص من أركان إدارة ترمب وتوغل حتى في عمق السياسات المحلية الأميركية وليس فقط السياسات الخارجية.

الآن باتت هناك منابر أميركية تتحدث عن هذا التأثير القطري وتخشى منه، فما هي الخطوات الجدية التي قد تتخذ تجاه هذا النفوذ؟

اللوبي القطري الإخواني، له تواصلات بفضل العمق الإخواني، ربما بفضل الدعم المادي السخي، ولا نتعجب أن يكون اللوبي القطري الإخواني قد اتبع هذه الطرق للوصول إلى الإعلام الأميركي وهذا ليس مقصوراً على سي إن إن، فشبكة قطر والإخوان في أميركا شبكة متشعبة للغاية، لا يمكننا معرفة مدى ارتباطاتها وتشعباتها، إلا إذا قام الكونغرس الأميركي بالمطالبة بكشف هذا التأثير وعمقه. الكونغرس ضيع وقت أميركا لعامين للبحث في مزاعم تدخلات وتأثير روسيا على حملة وحكومة ترمب، ليتبين بعد إنهاء ملف مولر أنه لم يكن هناك علاقة بين البيت الأبيض الحالي وتأثير روسي على الحملات الأميركية. وبالتالي من باب أولى البحث في تشعبات وعمق التأثير الإخواني والقطري وأيضاً ربما اللوبي الايراني الممتد من الحرب الباردة حتى اليوم.

ابن الرئيس ترمب، والرئيس من قبله، غردوا مشيرين إلى قلق من تدخلات قطر وتأثيرها على بعض المحاور في السياسية الأميركية، ماذا يعني اقتناع الدائرة المقربة من هرم السلطة التنفيذية بهذه الحقائق؟

الرئيس ترمب وابنه غردوا في هذا الاتجاه مما سلط الضوء على هذا الملف.. لكل مواطن أميركي اليوم الحق بالمطالبة بفتح تحقيقات كهذه، إذا كان هناك اعتقاد بأن هذه التدخلات القطرية تؤثر على الأمن القومي الأميركي، وبالتالي من الممكن عقد جلسة استماع في الكونغرس، وطبعاً نحن نقول إنه ربما من الواجب فتح تحقيق بالتأثير القطري تحديداً ليس لأنها الوحيدة التي تحاول أن تؤثر في واشنطن، فواشنطن كلها قائمة على صناعة الحملات والسعي للحصول على تأثير ونفوذ سياسي وهو أمر تقوم به كل الدول، الا أن الوضع في حالة قطر يؤثر فعلاً على تموضع الأمن القومي الأميركي وهو أمر يستحق البحث.

أنت تقول إن التأثير الإخواني والقطري قديم في أميركا، فلماذا نرى اليوم أعلى السلطات الأميركية تشير إليه بشكل غير مسبوق؟

في التسعينات، كنت من أوائل من قدموا شهادات للكونغرس في أميركا حيث كنت أستاذاً جامعياً، وبعد هجمات سبتمبر 11، كنت أحذر من خلال تحليلي في شبكات أميركية من الأدوات التي تستخدمها قناة الجزيرة وهي بيد النظام القطري، ويتحكم بها الإخوان المسلمون، كنت أذكر أن الجزيرة ليست منبراً إعلامياً طبيعياً، بل ذراع إعلامي مدعوم رسمياً من قبل النظام القطري ويؤدي مهمة ما، كنا نحذر ولكن كان اللوبي الإخواني هنا قوي بما فيه الكفاية لينقل للرأي العام الأميركي أن الجزيرة تمثل الرأي العام العربي.. والأحداث والانقسامات الأخيرة أثبتت أن الجزيرة لا تمثل كل الرأي العربي العام ولكن جزء بسيط وأصحاب إيديولوجيا معينة فقط. النظام القطري وخاصة منذ الأزمة مع دول الخليج، ضاعف قدراته للتأثير في واشنطن، إلا أنهم باتوا في موقف دفاعي، منذ أن أشارت الأكثرية العربية «التحالف العربي» بقيادة المملكة إلى السلوك القطري، ومنذ اختيار الرئيس ترمب للسعودية كوجهة أولى له ومخاطبته من خلالها زعماء المنطقة، شعرت قطر حينها أنها فعلاً معزولة سياسياً وتخسر، فباتت الشبكة القطرية تتحرك لضرب هذا التحالف وهذه المصالح المتقاربة بين الأكثرية العربية وأميركا، فحركت كل أذرعها في واشنطن والمنطقة بشكل أكبر من أي وقت مضى.