د.توفيق هندي/خطء غالبية أعضاء لقاء قرنة شهوان في التعاطي مع عون منذ تأسيسه وصولا” إلى مرحلة 14 آذار

75

خطء غالبية أعضاء لقاء قرنة شهوان في التعاطي مع عون منذ تأسيسه وصولا” إلى مرحلة 14 آذار

د.توفيق هندي/26 آذار/19

تتمة لما كتبته في المقال المعنون: “قراءة نقدية لمسار 14 آذار في الذكرى 14″، أتقدم بتفصيل حول “خطء غالبية أعضاء لقاء قرنة شهوان في التعاطي مع عون منذ تأسيسه وصولا” إلى مرحلة 14 آذار”.

كانت إنطلاقة لقاء قرنة شهوان العلني في 30 نيسان 2001.

غير أن اللقاء تأسس فعلا” في آب 2000. ولكنه لن يظهر إلى العلن. كان يضم آنذاك 12 عضوا” (هم الأعضاء المؤسسين للقاء): سامي نادر (التيار العوني)، توفيق هندي (تيار القوات اللبنانية)، الياس أبو عاصي (الأحرار)، الشيخ ميشال الخوري، فارس سعيد، سمير فرنجية، جبران تويني، سيمون كرم، سمير عبد الملك، فريد الياس الخازن، شكيب قرطباوي، سليم سلهب. في مرحلة لاحقة إنضم إليهم منصور البون.

من هنا، يتبين أن التيار العوني كان مشاركا” في اللقاء غير العلني من خلال سامي نادر. كما أن مرحلة لقاء قرنة شهوان غير العلني وما قبيلها، تميزت بالتنسيق العلني للثلاثي الأحرار-القوات-التيار، عبر إجتماعات كانت تعقد أسبوعيا” في مركز الأحرار في السوديكو يترأسها دوري شمعون ويصدر عنها بيانات كما كان يتفق أيضا” في هذه الإجتماعات على الخطوات التنسيقية على الأرض. كنت أمثل فيها القوات وكان العميد نديم لطيف يمثل التيار.

الملاحظة الهامة التي تسترعي الإنتباه هنا هي أنه بالرغم من المواقف المتناقضة بالنسبة لإتفاق الطائف، كان بمقدور الأطراف الثلاثة صياغة المواقف السيادية معا” والتنسيق على الأرض.

وكان الخطء الأول في مسيرة 14 آذار هو تمسك بعض أعضاء لقاء قرنة شهوان العلني بذكر إتفاق الطائف في البيان التأسيسي بالرغم من الجهود التي بذلتها لأثنيهم عن هذا الموقف. هذا الأمر أدى إلى عدم مشاركة التيار العوني في لقاء قرنة شهوان العلني وتجميد إجتماعات الثلاثي وخربطة التنسيق فيما بينهم، وأسس للتباعد التدريجي بين غالبية الأطراف السيادية المتمثلة في اللقاء والتيار العوني.

وفي هذا السياق، وفي ورقة عمل قدمتها في خلوة لقاء قرنة شهوان في يوم الثلاثاء 19 نيسان 2005، أسبوع قبل خروج الجيش السوري من لبنان، جاء ما يلي:

“في وحدة المعارضة:
لا شك ان وحدة المعارضة ضرورية لان استعادة السيادة والاستقلال لا تكتمل إلا بازالة الدولة الامنية اللبنانية – السورية، وهي مركز السلطة الفعلية (اجهزة، الشق الامني العسكري من حزب الله، الجيش اللبناني كأداة) لحساب دولة المؤسسات الدستورية (السلطة الشكلية) المطلوب اعادة السلطة الفعلية اليها من خلال الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة لاحقا” وانتخابات رئاسية إذا إقتضى الامر.

  • إن فرط عرى المعارضة في هذه المرحلة لاي سبب كان، وبأية حجة كانت، ينذر بدخول لبنان في متاهات ومتاعب لا لزوم لها. وهي توجع اللبنانيين وتزيد من الاضرار وتؤخر الخلاص ولكن لا يمكنها الحيلولة دون وصول لبنان الى شاطىء الامان.

  • ثمة ضرورة ماسة لاعطاء الاولوية لوحدة المعارضة المسيحية، لكي لا يعاد تركيب السلطة في لبنان بشراكة اسلامية – مسيحية تزيد باختلال التوازن او تبقيه على ما كان عليه في زمن الوصاية السورية، مع العلم أن المطلوب هو الوصول الى التساوي بالشراكة ولو على مراحل.

فلا عيش مشترك بدون توازن والتعبير السياسي عن التوازن هو الشراكة السوية بين المسيحيين والمسلمين في مؤسسات السلطة.

  • ولان الساحة السياسية المسيحية “صحرت” خلال الـ 15 عاما” من الوصاية السورية، لا بد من معالجة هذا “التصحير” في أقرب وقت ممكن، والافضل قبل اجراء الانتخابات لأن هذا الامر يرتبط بتزخيم حركة المعارضة المسيحية ويقوي موقعها وينعكس إيجابا” على إعادة التوازن المسيحي – الاسلامي في المسار المؤدي الى توليد السلطة الجديدة، كما يقوي المعارضة بشكل عام، شرط ان تتم مقاربة هذا التغيير بعقل منفتح، بروية وموضوعية دون اثارة تناقضات ثانوية تحدث شرخا” في صفوف المعارضة المسيحية أو في صفوف المعارضة عامة.

فاخراج الدكتور سمير جعجع من السجن يستحق منا أكبر قدر من الجدية في العمل على إتمامه، خاصة وأن الظروف الموضوعية لتحقيق هذا الهدف باتت مؤمنة.

اما عودة ميشال عون، فهي على طريق التحقق. وهذا واقع يجب مقاربة التعاطي معه بواقعية وايجابية، لان أية مقاربة أخرى سوف ينتج عنها اضعاف المعارضة المسيحية وفرط صفوفها كما صفوف المعارضة عامة. وهذا أمر سوف يؤذي القضية برمتها وينعكس سلبا” على كل طرف من اطراف المعارضة وخاصة المسيحية منها.

لذا يجب السعي الى ادخال التيار الوطني الحر الى لقاء قرنة شهوان. وإذا، كان ثمة استحالة لهذا الامر، يتوجب إقامة تنسيق فعلي وعملي وحقيقي معه.

كما ان الوضع يستوجب محاولة إعادة الكتلة الوطنية الى صفوف لقاء قرنة شهوان.

اما بالنسبة لوليد جنبلاط وتيار الحريري، فيتوجب اقامة حوار واضح وشفاف حول كل المواضيع الوطنية (اتفاق الطائف، القرار 1559، الموقف من الولايات المتحدة، سلاح المقاومة، الغاء الطائفية، رئاسة الجمهورية، مقاربة الاستحقاق الانتخابي، قانون الانتخابات) التي تتصل ببرنامج المعارضة وتوازنات السلطة الجديدة الناتجة عن الانتخابات.”

ما حدث هو العكس تماما”. الغالبية في لقاء قرنة شهوان فضلت التحالف الدوني مع وليد جنبلاط والحريري ومواجهة عون بحجة أنه عقد صفقة مع الأسد وأنه “بلّوعة سلطة”، بهدف تجميع أكبر عدد من النواب والوزراء ولبعضهم التأسيس للإنتخابات الرئاسية.

النتيجة أتت عكسية كما قد كنت حذرت: فكان التحالف الرباعي مع كل تداعياته فيما بعد، وكسب عون 70% من أصوات المسيحيين وإنتقل من المعسكر السيادي إلى التفاهم مع حزب الله وصولا” إلى أن يصبح حليفه الإستراتيجي. هذا الأمر أخل بالتوازن بين القوى السيادية و”محور المقاومة” وساهم بشكل كبير بتدحرج الوضع إلى ما نحن عليه اليوم.