مارك فيتزجيرالد /تبعات الخيانة الديبلوماسية في إدارة أوباما

302

تبعات الخيانة الديبلوماسية في إدارة أوباما

مارك فيتزجيرالد /السياسة/07 تشرين الثاني/14

التقيت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو هذا العام أثناء زيارة لإسرائيل ضمن وفد من الجنرالات والأدميرالات المتقاعدين نظمها “المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي”, ورغم أنني لا أتفق مع كل تقييماته وطروحاته الستراتيجية , فقد وجدته رجلا مخلصا وضليعا بشكل لا يصدق في التاريخ من الناحية الأكاديمية, وملتزما تماما الحفاظ على أمن مواطنيه وسط اضطرابات الشرق الأوسط المتزايدة. ما هو أكثر إثارة للقلق أن ما ذكره جيفري غولدبرغ في مجلة “ذا أتلانتك” عن أن اثنين لم يذكر اسماهما من “كبار مسؤولي إدارة أوباما” نعتا رئيس الوزراء الإسرائيلي ب¯”الدجاجة و”الجبان” اذ لك يعتبر من العواقب السلبية التي تنعكس على الديبلوماسية الاميركية جراء مثل هذا التنفيس. وفقا لغولدبرغ, فإن المسؤولين المجهولين اتهما نتانياهو بالجبن المزعوم في مسألتين محددتين هما:استعداده لضرب المنشآت النووية الإيرانية بشكل استباقي, وتحدي أعضاء تحالفه الانتخابي تحديدا بشأن مسألة مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. هناك حجج شرعية تصب في مصلحة سياسات رئيس الوزراء الاسرائيلي وهي ضدها في آن معا, وفي كلا الموضوعين, لكن الولايات المتحدة تحتاج إلى النظر في المرآة قبل أن تنتقد السياسة الخارجية الإسرائيلية. فالمسؤولون كما نقل غولدبرغ, إما مخادعون أو غير شرفاء في بياناتهم, والأسوأ من ذلك, من المحتمل ان يقوضوا جهود الولايات المتحدة في بناء التحالفات المستقبلية. على سبيل المثال, لنأخذ اتهام نتانياهو بالجبن لعدم ضرب المنشآت النووية الإيرانية في عام 2011 أو 2012. رغم أن رئيس الوزراء قال ان اسرائيل مستعدة لتوجيه ضربة وقائية إذا لزم الأمر لمنع إيران من عبور العتبة النووية, لاحظ مسؤولا الإدارة المجهولين أن أحد الأسباب لعدم اصدار الأمر لمثل هذه العملية كان جراء “ضغوطنا ” لعدم فعل ذلك. بغض النظر عن هذا الرأي, أي الحكمة الستراتيجية من توجيه ضربة وقائية ضد إيران, فإن نتانياهو قبل بزيادة الخطر على الأمن القومي لبلاده بناء على طلب من حليف وثيق هو الولايات المتحدة, وتمت مكافأته لاحقا من خلال وصفه بالجبان في إحد المنشورات الوطنية. ماذا يأمل مسؤولو الادارة تحقيقه من خلال مثل هذه الخيانة الواضحة؟ بالنظر إلى أن الإدارة قد دعت أعضاء مجلس الشيوخ الاميركي من “دعاة الحرب” من الحزبين لاقتراح فرض عقوبات جديدة على إيران إذا فشلت المحادثات النووية, فمن غير المحتمل أن يأملوا استدراج نتانياهو إلى توجيه ضربة عسكرية. بدلا من ذلك, فإن تأثير سخرية المراهقين تلك سوف يقوض مصداقية الولايات المتحدة عندما نطلب من حلفاء آخرين إدارة المخاطر في التصدي ل¯”داعش”, أو روسيا العائدة, أو مواجهة أي تهديدات أخرى. بالتأكيد هناك بعض الجوانب المثيرة للجدل في سياسة الاستيطان الإسرائيلية, ويأمل المرء أن يصل الإسرائيليون والفلسطينيون في يوم ما إلى تسوية تفاوضية تحقق التطلعات الفلسطينية الوطنية المشروعة, وتعالج المخاوف الأمنية الإسرائيلية المشروعة ايضا. لكن وصف نتانياهو ب¯”دجاجة” بشأن هذا الخلاف السياسي أمر ليس مخادعا فقط, بل سيقوض أهداف الرئيس أوباما المعلنة. أولا: بدلا من ترويع اليمين في حكومته وائتلافه الانتخابي تحداهم رئيس الوزراء الاسرائيلي من خلال الموافقة على طلب وزير الخارجية الاميركي جون كيري بأن تفرج اسرائيل عن سجناء فلسطينيين كشرط مسبق لمجرد جلوس الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى طاولة المفاوضات.

وفقا لحسابات بعض المطلعين على المفاوضات كما نشر في صحيفة “نيو ريببلك” فإن نتانياهو قدم تنازلات مهمة خلال المحادثات, بعد فشل المفاوضات, بدأت “حماس” جولة أخرى من الحرب مع إسرائيل, وقاوم نتانياهو الاصوات نفسها في اليمين الإسرائيلي التي فضلت شن غزو واسع النطاق وإعادة احتلال غزة, ودعم سياسة إدارة أوباما في ذلك الوقت. مرة أخرى, كان أجره عن هذا أن وجهت اليه إهانات شخصية بمجرد أن ابتعد عن السياسة المفضلة لدى الادارة الاميركية بشأن المستوطنات. إذا كانت الإدارة تسعى حقا إلى تسوية تفاوضية, هل يعتقد تم المسؤولان أن هذه السخريات تجعل نتانياهو أكثر استعدادا لتقديم تنازلات وتحدي الناخبين الإسرائيليين في القضايا الأمنية؟ أمر واحد يثير الغضب بسبب خلافات سياسية مع زعيم العالم. انها مسألة أخرى تماما في التعبير عن هذا الإحباط بطريقة عامة, لا التشكيك بحسن نية أميركا وفوائد الامتثال لطلبات الولايات المتحدة حول قضايا حلفاء تراهم في غاية الحيوية بالنسبة الى أمنها القومي. الجانب المشرق في هذا الحادث المؤسف أن هذه “الأزمة” تتعلق بشخصيات أكثر مما تتعلق بخلافات أعمق يمكن أن تعرض للخطر علاقات الشراكة الستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. رغم وصولنا الى اسرائيل بعد وقت قصير من انهيار مفاوضات السلام وتبادل التصريحات الطائشة من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون والوزير الاميركي كيري, أعرب أكثر من أربعين من صناع السياسة الإسرائيلية وضباط الجيش عن تقديرهم لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل, وبالمثل, لا تزال استطلاعات الرأي العام تظهر دعم الجمهور الأميركي القوي لها, وهي حقيقة تتجلى في دعم الكونغرس لإسرائيل هذا الصيف من خلال ” عملية الحافة الواقية”. بعبارة أخرى, إذا كان عنوان غولدبرغ ” أزمة العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قائمة رسميا هنا ” صحيحا, فهذا خبر إلى الشعب الأميركي وممثليه في واشنطن العاصمة, وكذلك إلى الضباط الإسرائيليين الذين التقيناهم. ربما حان الوقت للإدارة الاميركية ان تعيد النظر في سياستها في الشرق الأوسط. أدميرال اميركي متقاعد, وتولى قيادة منطقة حلف الناتو الجنوبية, والقوات البحرية الأميركية في أفريقيا وأوروبا سابقا, والمقالة نشرت في” ريال كلير ديفانس”.