الدكتورة رندا ماروني: بين الذكرى والإنتفاضة

378

بين الذكرى والإنتفاضة
الدكتورة رندا ماروني/18 شباط/19

يما يحتفل ملالي إيران بذكرى الثورة الأربعين المسروقة من الشعب بحسب رأي المعارضة الإيرانية تتواصل الإنتفاضة الشعبية بأشكال متعددة تمثل آخرها بما رافق مؤتمر وارسو من مظاهرات منددة بالحكم الفاشي تحت رآية الدين.

فبعد أربعون عاما من الحكم الملالي يحصي المراقب الإنجازات العظيمة التي خلفها هذا النظام والوضع الحالي للشعب الإيراني المضطهد الذي عان فقرا حتى هانت عليه عملية بيع أعضائه الجسدية، فمن شدة الفقر ارتفع معدل بيع الكلى بشكل غير مسبوق، وأضحت البطالة تقارب العشرين مليون شخص فيما ارتفعت قيمة السلع الأساسية للشعب بنسبة ٤٠٠ %، وانتشرت ظاهرة بيع الأطفال في العديد من المدن حيث ذكرت بعض وسائل الإعلام الحكومية بأن عملية بيع الأطفال قد انتشرت في المجتمع وتتم عملية مبادلة الأطفال بمبلغ يوازي ٥٠ ألف تومان ما يعادل ال٤ دولار فقط لا غير، وأغلب الأطفال الذين يتم بيعهم يعودون لأمهات وآباء مدمنين على المخدرات، يعلقن لافتات على جدران المدن لبيع أطفالهن من أجل شراء المواد المخدرة حيث انتشر الإدمان في المجتمع الإيراني بشكل مخيف.

وفي هذا الصدد صرح رئيس شرطة طهران بأنه تم الكشف عن أكثر من ٢١ طن من المخدرات في العام ٢٠١٧ وحده، وخلال السنوات الخمس الماضية إنتهت عملية إدمان النساء بالنوم في بيوت الكرتون والصفيح، كما وصل عمر النساء المدمنات المقيمات في بيوت الكرتون إلى ١٥ عاما فقط في طهران، وكتبت وكالة ايلنا بتاريخ ١٤ حزيران ٢٠١٨ بأن أكثر من خمسة آلاف شخص يقدمون سنويا على الانتحار، ونواصل إدانتهم من أفواههم حيث ذكر شهاب نادري عضو اللجنة الإقتصادية لبرلمان النظام الإيراني بأن ٨٠% من المجتمع الإيراني يعيش تحت خط الفقر، فيما برويز فتاحي، رئيس اللجنة المعروفة في لجنة إغاثة خميني أقر بأن ما يقارب العشرين مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر وفي الجلسة العلنية المؤرخة في ٢٩ حزيران ٢٠١٨ ذكر هدايت الله خادمي وهو أحد البرلمانيين، بأنه منذ أربعون عاما هناك ٢٠٠ عائلة فقط تتحكم بمصير البلاد وهم يتولون كافة الإدارات والمناصب.

من الخميني إلى خامنئي أربعون عاما من الحكم الفاشي تحت رآية الدين، بعنوان السلطة المطلقة للفقيه، فيما تصدير الفاشية الى الجوار القريب والبعيد جرد الشعب الإيراني من كافة ممتلكاته وحقوقه المادية والمعنوية، حالة أجبرته على خيار التمرد والتوجه إلى تنظيم إنتفاضة دائمة في ظروف صعبة وخطيرة، إنتفاضة منظمة ومتجددة في كل مناسبة دون رجوع إلى الوراء حتى إسقاط حكم الملالي

فبعد صدور بيان الإتحاد الأوروبي المؤلف من إثني عشرة نقطة والتي إقتربت فيه أوروبا من السياسات الأميركية تجاه طهران في أربع نقاط اساسية، وهي، إيقاف البرامج الصاروخية واطلاق الصواريخ الامر الذي يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٣١، والإعراب عن القلق من التدخل العسكري للنظام في المنطقة خاصة إستمرار وجود القوات الإيرانية في سوريا واليمن، والإعراب عن قلق أوروبا العميق من الأنشطة العدائية الإرهابية للنظام الإيراني في أوروبا، فيما النقطة الرابعة وبالرغم من أنها شكلت تفصيلا خاصا عن إعلان بومبيو ذي الاثني عشرة مادة، إلا أنها أعربت عن القلق بشأن إنتهاكات حقوق الإنسان وعمليات الإعدام والتمييز ضد المراة والأقليات وأدرج البيان الأوروبي هذه الفقرة في البيان نظرا لأهمية موضوع حقوق الإنسان وحساسيته لدى الرأي العام الأوروبي.

لقد طبقت أوروبا في هذه النقاط الأربعة ميول الولايات المتحدة الأميركية وانسجمت مع أهداف مؤتمر وارسو الأمر الذي زاد الخناق والعزلة على النظام الإيراني واعطى دفعا لانتفاضة الشعب الإيراني الذي طالب في مظاهرات عارمة أثناء إنعقاد مؤتمر وارسو المجتمع الدولي بتسمية قوات الحرس ووزارة مخابرات النظام الإيراني وطرد عملائه من الدول المختلفة وإخراج النظام من الأمم المتحدة والاعتراف بالمقاومة الايرانية.

اما بين الذكرى والانتفاضة، أتى موقف ظريف ليسجل هلع ورعب النظام الايراني، الذي لم يستثن في كلماته متعمدا إسرائيل مؤكدا أن إيران بحاجة إلى علاقات جيدة في المنطقة، وأضاف:” نحن لا نريد طرد جيراننا من المنطقة لأنه من المستحيل طرد دول المنطقة منها” وإذا وضعت هذه الكلمات الملقاة من قبل ظريف بجانب كلمات روحاني أمام السفراء والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى طهران يوم السادس من شباط الحالي حيث لفظ روحاني كلمة إسرائيل عدة مرات بينما كان لفظ إسرائيل محرما وكان يعادل الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، ومن جانب آخر قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أن إيران مستعدة للحوار مع عدد من دول الجوار التي تختلف معها عبر طاولة المفاوضات وبشكل سلمي فيما يخص المشاكل العالقة، حيث كنا وما زلنا مستعدين للتعامل مع هذه الدول، واوضح رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس شورى النظام ان ايران وبعد انتهاك الاتفاق النووي من قبل اميركا، مسكت العصا من الوسط واكد ان التفاوض مع اميركا ليس محرما شرط أن تكون المفاوضة، مفاوضة، معلنا استعداد طهران للحوار مع دول المنطقة معلنا أن مجلس الشورى الإسلامي ليس له أي خط أحمر للحوار مع الدول المطلة على الخليج الفارسي بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وغيرها العديد من الإشارات التي أن دلت على شيء إنما على الخوف والرعب من العزلة الدولية والانتفاضة الشعبية بعد أربعون عاما من السيطرة والبطش.
بين الذكرى
والانتفاضة
هلع رعب
واندثار
وتخل مستغرب
عن عنجهية معتادة
وعن استكبار
ومحاولة حثيثة
لطي المصاعب
وتفادي الانكسار
صولات جولات
رسائل
للصديق والعدو
ومن اختار
المواجهة عنوانا
وخلع ثوب
الانحدار
فقرر الإنتفاضة
وثار غضبا
حد الإنفجار
واستفاق لحق
وصمم عليه
حتى بلوغ
نشوة الانتصار
ولون وجه الظلم
وكحل عينيه
وتحدى الأقدار
وهز عرشا
وأرغم جلادا
أن يبدل الأدوار
وان يراوده
بين الذكرى
والانتفاضة
هلع رعب
واندثار.