الأب سيمون عساف/اللهم اشغلني/وعرايا الضمير تسلَّموا دفة المركب فمشينا كقطعان الغنم. سرقونا افقرونا قهقرونا ورسموا علامات استفهام حول المسير والمصير

61

اللهم اشغلني/وعرايا الضمير تسلَّموا دفة المركب فمشينا كقطعان الغنم. سرقونا افقرونا قهقرونا ورسموا علامات استفهام حول المسير والمصير
الأب سيمون عساف/13 شباط/19

لوحات من تاريخ حرب إبادة تخطر بالبال ولا تبارح، مسلسلُها صورُ اشلاء موتى وبُقَع دمٍّ واشباح دمار عن مراحل سوداء جرت على ارض بلادي الحبيبة.
تلحق بها صور شهداء لا تفارق الوجدان عند كل مُخْلِصٍ اصيل يتعلق بجذوره والرفاق، يحترم عظام الجدود العظام ويرتدي الوفاء لأَرفِتَتِهِم معطفا.
كم يربأ ان ينظر المَشاهد التي لفها الشحتار وغطاها الرماد في بيوت العز العريقة.
ومواكبُ الشباب الأجرياء اقتحام وجحافل الأعداء هجوم والمتاريس رملية بامتياز والرصاص والبنادق والمدافع والتفجير من كل فَجٍّ وعميق.
واصوات الأمهات عويلٌ بالمقلوب على مغادرة فقيد غدر به الموت فودع وراح ولم يعد.
ومنهم من كانت الاكفان له انتظار حتى ازدحمت المقابر بالنعوش.
حربٌ عبثية بشعة، عشناها من الفها الى يائها، تكبّدنا افدح خسائر بسببها وقد فطّرت اللواعج والمهج.
ناهيك عن خطف وتصفية وتغييب، فتهجَّر مَن تهجَّر، وهاجر مَن هاجر ودُفن من دُفن، وأُصيب بالإعاقة من اصيب.
قلائل هم الناجون من المذابح والاغتيالات الذين الى اليوم ما يزالون على قيد الحياة، يشهدون بأُمِّ العين على آثار الهمجية وشراسة الانتقام وحقارة التخلُّف وجهالة العصبية المقية.
لن تنتسى تلك ايام المليئة بالجرائم والقتل والقادة جزَّارن يقهقهون على جثث الضحايا وعلى بقايا مجد اثيل.
فصرختُ ملء حنجرتي مستغيثا:
اللهم اشغلني بما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي.
امنحني معرفة نشر رسالة السلام، وبشارة الوفاق والتفاهم والترصُّن وحقن الدماء.
واكبتُ الأحداث وتأوَّهت متنهداً، لا عون لي ولا ملاذ الاَّ رحمة القبضة الكبرى عساها تنقذ اهلي ابناء لبنان، من الغضب الساطع والويل الساطي على زوايا مملكة البلد الأربع.
ارتقي بالضمير بالقلم والكلمه، فينكسر القلم حزنا وترثي الكلمة حالتي التي لا تحسدني عليها افاعي الجحيم.
مرمغات دامية خضعنا لمآسيها، فابتلينا معنويا اذ انهدم مفهوم الكيان، وماديا اذ افتقر الناس الى مقومات الأمن والعيش الكريم، واخلاقيا اذ زُرِعت النميمة والبغضاء والكره والمخدرات بين الشرائح على ترابنا، وادبيا اذ صرنا هُزُؤًا وسخرية امام مجتمعات الامم الأخرى.
ابتدأنا ملوكا وانتهينا عبدانا، خاتمة زريَّة تداخلنا فيها ببعضنا فذرّت الطامةُ الكبرى قرونها وانكشف المحظور.
وانطوت السنون والمحطات زحمات مسافرين فانكسرنا وانضربنا بالهزائم والإفلاس والحقد الدفين.
وعرايا الضمير تسلَّموا دفة المركب فمشينا كقطعان الغنم.
سرقونا افقرونا قهقرونا ورسموا علامات استفهام حول المسير والمصير.
من يرد المال العام المنهوب؟
من يُرجع الصلاحيات ليتعافى البلد بحُكم رأس واحد لا بجسد رأسه العاجز (اي السُلطة) واعضائه المريضة.
مستحيل ان تقوم دولة من دون تعديل دستور هجين من سلالات غريبة عجيبة.
حيَّكوه في الخارج فبصم الأغبياء التجار على البَيعَه.
اننا ما زلنا نرسف في الأصفاد ولا يرسو لنا مركب على شاطىءٍ آمن.
اشفق عليهم لأنهم كالنحل في الوحل، لا يقوى بعد ما علق على اجنحته الوسخ اللزج ان يطير ويهتدي الى خلية القفير.
هكذا المحاولات للنهوض من مغاطس الفساد لا تنجح وتفوز بالخلاص إلا باعادة القوس لباريها، لذا اقول: أمر الإصلاح مستحيل.
كل ما يحاولون انجازه يشبه الإرهاصات والاساليب الهلامية لا عمود فقري لها ولا ثبات ولا عناد في المواقف للحسم بشكل فاصل قاطع.
سألتك ربي ألطف والهم علّ معجزة من لدنك تنزل وتنجينا من ما نحن فيه…..
ا.د. سيمون عسشاف 13/2/2019