الأب سيمون عساف: يا ابانا الشفيع مار مارون الجليل

49

يا ابانا الشفيع مار مارون الجليل

الأب سيمون عساف/08 شباط/19

تطل علينا ذكرى قداسة شخصيتك من وراء القرون ايها الراهب الناسك في العراء، النابذ الدنيا مِن على جبلك،

الخالع عنك نير المراغب والميول،

العالق بسماواتك مِن على الأرض،

الواعد النفس بلقيا حبيبك المصلوب،

الراحل صوبه بلهف المشتاق،

المُنفَلت من مغامس الطين،

الحافظ قميصك بيضاء، فلم تغُص في وحول التراب، المالىء مصباحك زيتا للجمام،

الحارس عهدك والإكليل بوفاء الأمناء،

الراجي هنيهات العناق في جنة الغبطة، قرب عرش سيِّدك،

المُلتفت الى ديار الحقائق الأبدية.

اليك ترنو عيون البنين وارواحُهم والقلوب،

لتسعد بفيء إسكيمك رمزِ نذورك،

وتستظل بركة يمينك،

وتستعذب البقاء في مقادس ملكوتك.

كنيستك اليوم في لبنان وفي كل مكان، تحتاج شفاعتك اكثر من اي يوم، لضمان سفينتها التائهة في بحر الضياع والربابنة حضور على غياب، وتوشك ان تغرق في امواج تهوج وتتلاطم حولها.

حفيدك انا، آتيك متوسلا ان تسكب من عليائك من فوق، أنداء الهُدى، فاله المراحم والأنوار يستجيبك. ل

ا تحرمنا نعمة نعيمك السرمدي، يقيني والأمل بك لا يخيب.

شعبك المُتَيَمِّن باسمك الأشرف من كل الأسماء، تطوِّقُه جحافل الياجوج والماجوج وتهدِّد كيانه المترنّح.

إلغِ المسافات بين ابنائك وكن من مساحة المطلق الساهر اليقظان على مسيرتهم في مطافهم الى النهايات.

يا ابانا مارون الحنون، هزائم وافلاس لا يُطاق يلحق بنا من قِمَّة الرأس حتى أخامص القدمين.

بربِّك اغثنا فلا يَمَسُّنا الويل والغسلين والثبور والهلاك.

هلمَّ قوافلنا تناديك وتستصرخك في شدائدها الجسام.

تبتهل اليك متنهِّدة من رحم مآسيها، ضارعة ان تعال وانتشلها من جحيم الخصام والمعاناة.

قياداتُها شكلية عاجزة، زعامتها هجينة مغموزة النسب.

قوِّم مسالكها وأعِدْها الى خطِّها السويّ، ثم أعِدَّها بمعجزاتك لإنجاز رسالتها.

رُدَّها الى أماسي عزِّها لتكون رائدة شاهدة لك على درب القيامة بشيرة كلمتك، توقِّر تضحيات شهدائها من دون ان تنسى فضائل وشمائل قديسيها أبطال الروح، وقِيَم وشِيَم رعيلها الفارس.

أعِدْها الى مشارف اخلاقها وعاداتها والتقاليد، متِّعها بحريتها الفقيدة، واسندها في انفتاحها على الآخر.

نعم اعضدها كي تستعيد مجدها فتكون جسر عبور من الظلمة الى النور، جسر تواصل بين مجتمعات هذا الكوكب الآهل بالتناقضات.

انعش حضارتها وارفد بالثقافة والمعرفة اجيالها، فتدوم في لحمها ودمها مارونية تنتظر على رجاء المجيء حسب الوعد اطلالتك المهيبة الرهيبة العامرة الغامرة شملنا.

لا تخذلنا ولا تتخلى عنا فنحن بنوك يا سيد النعم والبركات.

ا.د. سيمون عساف 8/2/2019