الأب سيمون عساف: المقدمون الموارنة

240

المقدمون الموارنة
الأب سيمون عساف/07 شباط/19

رأس الكنيسة المارونية بطريركها، هو راعيها وقائدها الى المراعي الخصيبه.
هل يعقل مستنير ان الراعي يُفلت للذئب القطيع؟
منذ البدايات، كان اهل “بيت مارون” حول بطريركهم القديس، كالرسل حول سيدهم المخلص يسوع المسيح له المجد.
واليقين الفصل لا يمكن ان يكون الأمر خلاف ذلك.
وماذا اليوم؟
ان الوضع الراهن هو الضمير المتكلم لا الغائب.
يترجم واقع الحال بموضوعية بعيدة عن الغرضية والانفعال.
اترك للقارىء النتيجة في هذا السياق.
القيادة لمن مجد لبنان أعطي له فلا يجادلن احد في هذا الطرح، ساءت الإدارة ام حسُنت.
تبقى للصرح الساحب خلفه تاريخ مفاخر ورجالات كل الأبَّهة السماوية كذلك على الأرض يشمخ بها لا يَنْدى الجبين.
خرجت الكنيسة المارونية في الأزمنة الحديثة من الظلّ، وحظيت سياسياً بدورٍ لم تحظَ به أيٌّ من الكنائس الشرقية الأخرى.
نشأت الفكرة اللبنانية في كنف هذه الكنيسة وتحولت إلى واقع مع نشوء الدولة اللبنانية، فماذا فعل “شعب مارون” بهذه الوديعة؟
في القرن الخامس، شهد الشرق المسيحي نزاعات عقائدية حادة أدّت إلى انقسام “الكنيسة الجامعة”.
في العام 431، أدان مجمع أفسس تعاليم بطريرك أنطاكيا نسطور. وبعد عشرين سنة، أدان مجمع خلقيدونيا تعاليم الراهب أوطيخس الخاصة بطبيعة المسيح. ع
عُُرف رافضو قرارات مجمع أفسس بالنساطرة، نسبة إلى نسطور، وعُرف رافضو قرارات مجمع خلقيدونيا المنعقد سنة 451 باليعاقبة، نسبة إلى المطران يعقوب البرادعي الذي رسم إكليروساً خاصاً بهذه الجماعة في القرن السادس.
أمّا أتباع مجمع خلقيدونيا، فهم في كتب التراث، “الملكائية” أو “الملكانية”، والكلمة في الأصل سريانية، تعني أتباع الملك، أي أمبراطور الروم”.
استمرت هذه النزاعات العقائدية في القرن السادس، وتحوّلت إلى ما يُشبه الحرب الأهلية بين الروم الملكانيين والسريان اليعاقبة.
مارس البيزنطيون شتّى أنواع الضغوط على السريان والأقباط لكي يحملوهم على التزام العقيدة الخلقيدونية الرسمية، وأدت هذه الضغوط إلى نتيجة معاكسة.
تشبّث كل فريق بإيمانه “القويم”، وعندما جاء الفتح العربي، رأى فيه اليعاقبة انتقاماً إلهيا من بطش الروم.
اعترف المسلمون الفاتحون بالفرق المسيحية، وثبّتوها في موقعها، فتكرّست استقلالية الكنائس الشرقية، التي دخلت في مرحلة جديدة من تاريخها، وتحددّ موقعها في دار الإسلام تبعاً لوضع قانوني خاص بمن يُعَرفون بـ”أهل الكتاب”.
تكونت عند البطريرك الماروني حينذاك نظرا الى المعامع التي تطوق جماعته، قناعة بتاسيس مجلس اداري استشاري يساعده في الحوادث والملمات فكانت فكرة المقدمية وعدد اعضائها ثلاثون مقدم.
وكان يكرَّس كل مقدم بشكل ديني ويدعى شدياق. ونسلط الضوء على حقبة المماليك الذين جعلوا كسروان مقبرة لأهاليها،
“نزل المقدّمون من الجبال كانوا ثلاثين في العدد وكان المشهورون فيهم خالد
مقدّم مشمش وسنان واخوه سليمان مقدّمي ايليج وسعادة وسركيس مقدّمي لحفد
وعنتر مقدّم العاقورة وبنيامين مقدّم حردين؛ فجعلوا ألفين مقاتل يكمنوا على نهر الفيدار
وألفين غيرهم على نهر المدفون ثمّ انحدروا بثلاثين الف الى قتال الجيش فوقعوا بحمدان قائد الجيش على الطريق فقتلوه وهجموا على الجيش فاهلكوا غالبه وغنموا بامتعتهم واسلحتهم واخذوا اربعة آلاف رأس من خيلهم؛ وقدمت الأكراد لنجدتهم فوقعوا بيد المكمنين على الفيدار فلم يخلص منهم إلاّ القليل؛ وقتل من الإمارة التنّوخيّة نجم الدين محمّد وأخوه شهاب الدين أحمد ولدي جمال الدّين حجّي وغزت الجرديّة بلادهم فاحرقوا منها عين صوفر وشمليخ وعين زوينه وبحطوش وغيرها من بلاد الغرب؛ وقتل أيضًا من المقدّمين بنيامين صاحب حردين فدفنوه عند صاحب الأركان في جبيل…”
ا.د.سيمون عساف 7/2/2019