الأب سيمون عساف/هذا القحط: نستعرض المراكز والكراسي والمقامات، فنرى جلاّسها والرجالات مُجرّدة من بعض مهابة وبعض وقار، حضورهم غياب يهوّم فوقه التعس والاشباح

73

هذا القحط/ نستعرض المراكز والكراسي والمقامات، فنرى جلاّسها والرجالات مُجرّدة من بعض مهابة وبعض وقار، حضورهم غياب يهوّم فوقه التعس والاشباح
الأب سيمون عساف/فايسبوك/21 كانون الثاني/19

يخبطنا الواقع بالإفلاس من المفكرين والرؤيويين والقرّاء لمراحل ما بعد الحرب، اننا نقَرَّ بِفَشَلِنَا السياسي وجهلنا لتجارب التاريخ القاسية التي خضّعتنا الى ويلاتها عبر القرون.
لم تفرز الأحداث ادمغة ناضجة ملتزمة طالعة من رحم معاناتننا تبسط اقتراحات ولادات جديدة وطروحات مبتكرة تنبذ العتيق البالي وتعرض علينا بدائلا حُلَلُها قشيبة تليق بمستوياتنا وتعوِّض عن هزائمنا المخجلة.
قلقنا يقض المضاجع ولا يضمن بعض استمرارية رجاء وكرامة وبقاء رغم ايماننا بالمشيئة الكبرى.
اي حلم واعد لديمومة موروث دفين في خزائننا وأي يقين بقادم من اجيالنا يرمّم ويُكمل اشواطنا ويمشي في مسيرة الرعيل العريقة؟
اطياف الشهداء في مدافنهم تستصرخ ضمائرنا وتهيب بنا لانتفاض بنَّاء ونهضة معرفة.
كفانا هجرات وتباغض وخراب.
يا للعجب من هذا القحط!
نحتاج الى رجال اشدَّاء يقودون بشجاعة يفكرون بِبُعد يقفون ضدّ المغتصبين الفاسدين.
نحتاج الى فرسان بواسل ونتمنى حضورهم بطولة فاعلة تقف في وجه كل فاجر تاجر فاسق يستغل ضعفنا ليقهقه على انقاض قهرنا.
اسفنا مرير لأن امراء الخيبات والاندحارات يديرون دفة بقايا مركب اغرقوه في امواج الأنانيات الرخيصة والصراعات التافهة وطرشوه بالدماء والدموع.
هل تصارح السياسيون مع انفسهم وتساءلوا في عمق وجدانهم عما فعلوا وماذا اقترفوا؟
مجتمعنا تائه حائر يعوي فيه القنوط والاحباط والضياع!
وما نعلنه ينسحب على جميع مكوِّنات شرائح البلد من دون استثناء.
فالظرف يفتقر الى وجود نظافة أوادم نزهاء يكونون وجها حضاريا لنا راقيا؟
اننا نبحث عمّن يحمل مشعل الحق والحرية ولا نحظى به ولا نلاقيه!
اليس هذا دليل على عدم اهليتنا بالعيش واننا لسنا خليقين بالحياة؟
كانوا في الماضي يقولون: “الرجل اذا مش معبي تيابو ضيعان القماش”،
لذلك نُدرج مأثور القول عن شخصٍ ما، “ملوى تيابو”، يعني انه يتمتَّع بمواصفات قيادية وكفاءات ثقافية شاملة.
هيهات لو يُطل هذا المرتجى المأمول!
نستعرض المراكز والكراسي والمقامات، فنرى جلاّسها والرجالات مُجرّدة من بعض مهابة وبعض وقار.
حضورهم غياب يهوّم فوقه التعس والاشباح.
ان ما يزعج طموحاتنا والتطلعات في زمننا الحاضر مع الأسف هو هذا العجز الفاضح كسَّار الخواطر والمعنويات.
إن أمكنة العزم والحسم والقرارات فارغه أيأست رعايا مجتمعنا المبلوّ بالخيبات.
غريب علينا هذا الوضع الزري وليس من مألوف وضعنا الذي ننعوه بلا رحمة لأنه مؤدٍ الى مجهول ضبابي اسود.
ا.د. سيمون عساف 21/1/2019