الياس بجاني: العلة ليست في نظام لبنان الطائفي، بل في الاحتلال الإيراني وفي ذمية الطاقم الحزبي والسياسي

95

العلة ليست في نظام لبنان الطائفي، بل في الاحتلال الإيراني وفي ذمية الطاقم الحزبي والسياسي

الياس بجاني/16 كانون الثاني/18

(الفيلسوف والمؤرخ كمال الحاج: “لقد جئت لأقول وبرصانة إن إلغاء الطائفية جريمة ترتكبها حيال لبنان، بل حيال العروبة. جئت لأقول بصراحة وبصوت عالٍ وباقتناع مسؤول: أنا طائفي”.)

يتحفنا نفر كبير من طاقمنا السياسي والحزبي والرسمي وعلى مدار الساعة بأطروحات انكشارية ومهرطقة تركز على القول بأن النظام اللبناني غير صالح وأنه لم يعد يتماشى لا مع العصر ولا مع التطور ولا مع الديموغرافيا… وذلك لأنه نظام طائفي..علماً أن معظم هؤلاء الجهابذة طائفيون ومذهبيون قلباً وقالباً وفكراً وممارسات وينتمون لمجموعات مذهبية وطائفية ولا يعترفون لا بلبنان الكيان والهوية، ولا بالعلمانية ولا بأي مفهوم من مفاهيم الدولة المدنية.

الهدف الأول من كل هذا الضجيج  النفاقي هو ضرب النظام اللبناني الحضاري والتوافقي والرسالة والذي هو الأنسب والأفضل للمجتمعات المتعددة المذاهب والطوائف والإثنيات كما هو حال لبنان.. وكذلك تهميش وجود كل الأقليات التي تميز لبنان بتنوعها وإبعادها عن أي دور سياسي وتحويلها إلى رهائن لا أكثر ولا أقل، كما هو الحال في كل دول الشرق الأوسط.

وثانياً تحويل لبنان إلى دولة مذهبية تابعة لإيران تكون قاعدة للمشروع المذهبي الملالولي الإمبراطوري التوسعي، أو مسرحاً ومنطلقاً للجماعات الأصولية الجهادية.

حالياً، هذا بالتحديد ما يسعى إليه حزب الله علنية ومنذ قيامه سنة 1982، في حين أن قادته الكبار ومنظريه من مثل السيد نصرالله والشيخ نعيم قاسم يجاهرون بسعيهم لقيام الدولة الإسلامية الخالصة كما هو الحال في جمهورية إيران الإسلامية.

من هنا فإن كل ما يقوم الحزب الملالوي هذا من إرباكات للنظام وضرب للاقتصاد وتجويف للمؤسسات وللقوى الأمنية وللدستور وللأعراف يندرج في هذا السياق الجهنمي الممنهج.

والأخطر من مخطط حزب الله في هذا الإطار هو “موضة” أي تقليعة الإدعاء ليلاً نهاراً من قبل غالبية طاقمنا السياسي والحزبي بأن نظامنا هو وراء كل ما يعاني منه الوطن والشعب من صعاب على المستويات المعيشية والإستراتجية كافة..

هؤلاء وعلى خلفية ذميتهم وثقافتهم التجارية وفكرهم الطروادي وقلة إيمانهم وخور رجائهم وصفر وطنيتهم ولبنانيتهم يؤدون دور الأدوات والأبواق الرخيصة والمأجورة التي يستخدمها حزب الله.

عملياً وواقعاً وعلمياً ودستورياً، فإن النظام اللبناني هو من أفضل وانجح الأنظمة في العالم حيث مكونات الوطن هي من مذاهب وأديان واثنيات وحضارات متعددة…ولهذا سماه قداسة البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني “وطن الرسالة”.

وعملياً ودستورياً وحضارياً فإن نظام لبنان قائم على الطائفية السياسية، أي مبني على تقاسم السلطة بين الطوائف كافة (المعترف بها وعددها 18) علماً أن لا دين رسمي للدولة اللبنانية، وهذا أمر تفتقد إليه كل أنظمة دول الشرق أوسطية، ومؤخراً التحقت إسرائيل بكل هذه الدول بعد إقرارها قانون يهودية الدولة العبرية.

إن النظام اللبناني الطائفي هو تعايشي وحضاري بامتياز عملاً بالمعايير الحقوقية والإنسانية كافة.

نظام لبنان الطائفي يميز لبنان إيجابياً عن كل أنظمة دول الشرق الأوسط الدكتاتورية والدينية والقمعية والجهادية والعسكرية.

في لبنان فقط هناك وجود سياسي ومشاركة سياسية فاعلة ومنظمة وواضحة للمذهب الدرزي وللمذاهب المسيحية كافة.

وفي لبنان فقط في ما عدا الجمهورية الأرمينية للأرمن كقومية وكمذهب مشاركة فاعلة في الحكم.

كل دول الشرق الأوسط للدولة دين فيما عدا لبنان.

من هنا فإن كل السياسيين الذميين ومنهم كثر من أهلنا الموارنة الذين ينتقدون النظام اللبناني الطائفي هم جماعة من المنافقين وتجار الهيكل وما كان ليكن لهم وجود في الحياة السياسية لولا النظام هذا.

وفي نفس هذا السياق فإن كل من يدعي بأن المارونية السياسة كانت عنصرية أو قمعية هو 100% متجني وغير صادق لأنه أولاً لا وجود لمارونية سياسية، بل لحكم دستوري 100%.

 ويوم بدأ ضرب الدستور أي التوافق بين المذاهب على احترام النظام الطوائفي راحت تحل الكوارث على لبنان ولا تزال تتولى وتتكاثر.

وفي هذا الإطار فإن اتفاقية الطائف كانت ضرباً ونقضاً واضحا للاتفاق الاستقلالي الدستوري التي عقد بين اللبنانيين يوم نال استقلاله من الانتداب الفرنسي.

وكذلك فرض الهوية العربية (من خلال اتفاقية الطائف) على لبنان واللبنانيين كان عملاً قمعياً لأن الشرائح اللبنانية في غالبيتها العظمى ليست عربية.

يبقى أن الطاقم السياسي اللبناني الفريسي وخصوصاً الفريق المسيحي منه هو منافق وذمي ولا يهمه غير تأمين مصالحه الخاصة.

والمضحك المبكي أن من يطالب في لبنان بإلغاء النظام الطائفي هم الطائفيون مليون بالمائة فكراً وثقافة وأهدافاً وممارسات.. وما يطالب به هؤلاء ويسعون إليه عملياً هو قمع كل الأقليات كما هو الحال في كل دول الشرق الأوسط ومعاملتها كأهل ذمة.

في الخلاصة، فإن العلة ليست في النظام اللبناني الطائفي، ولا في الدستور الذي تم التوافق عليه يوم نال البلد استقلاله، بل هي في نوعية وخامة وفكر وثقافة الطاقم السياسي العفن من سياسيين تجار وأصحاب شركات أحزاب دكتاتورية ومافياوية.

يبقى إنه من المحزن أن شرائح كثيرة من شعبنا هي أغنام في ممارساتها السياسية وتسير خلف السياسيين الطرواديين وأصحاب شركات الأحزاب الفجار بغباء وجهل وقلة إيمان..

واخطر هذه القطعان هم أولئك المنطوون داخل الأحزاب الشركات وهنا هم كلهم سواسية في العهر والنفاق والذمية والكذب والنفاق.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الألكتروني
http://www.eliasbejjaninews.com

دراسات ذات صلة بموضوع المقالة
*الفيلسوف كمال يوسف الحج: ابعاد القومية اللبنانية/اضغط هنا لقراءة الدراسة
*الفيلسوف كمال الحاج/ابعاد الطائفية في لبنان والعالم العربي/اضغط هنا لقراءة الدراسة

الياس بجاني/رابط مقالتي في أعلى المنشورة  في جريدة السياسة
العلة ليست في نظام لبنان الطائفي، بل في الاحتلال الإيراني وفي ذمية الطاقم الحزبي والسياسي/الياس بجاني/16 كانون الثاني/19/اضغط هنا  لقراءة المقالة