نزار جاف/عن جيفارا وسليماني

491

عن جيفارا وسليماني

نزار جاف/السياسة 03 تشرين الثاني/14

الحديث عن الاحرار والمكافحين من أجل الحرية ومقارعي الديكتاتورية والاستبداد, هو حديث ذو شجون, خصوصا عندما يكون عن نماذج مثل جيفارا وهوشي منه وباتريس لومومبا ومحمد مصدق وآخرين من أمثالهم, من الذين حفروا لهم مكانة مميزة في الذاكرة والوجدان الانساني, حيث لايملك المرء إلا أن ينحني اجلالاً لهم بغض النظر عن الاختلافات الفكرية وغيرها, لكن, عندما يبادر البعض الى جعل وجه إرهابي وأحد أعمدة إثارة النعرات الطائفية في المنطقة كقائد “فيلق القدس” المشبوه, نظيرا لجيفارا, فإن ذلك تجن وتطاول على التراث والفكر والحضارة الانسانية بأبشع صورة ويثير كل معاني ليس الاشمئزاز وانما حتى التقيؤ لرداء وسفاهة وقبح التشبيه.

جيفارا, ذلك الذي وضع روحه على كفه وكان قدوة ومثالا للتواضع الانساني ونموذجا للنضال من أجل الوقوف بوجه الديكتاتورية, هو غير سليماني الذي يقود جماعات المفخخات والهجمات على المساجد وتعليق الجثث على أعمدة الانارة, جيفارا, نموذج لمناضلين أبوا أن يجرموا بحق المدنيين, والنساء, والاطفال والعزل, فكانوا مناضلين تحلوا بأخلاق رفيعة ليست موجودة أبدا عند اولئك الافراد الذين يتخرجون من مدرسة سليماني, من الذين يختطفون النساء ويطالبون بالفدية او يهجمون على السجون لينفذوا أحكام الاعدام بحق نزلاء لم يبت القانون بشأنهم!

جيفارا, كان أشبه بملاك واسطورة إنسانية أبهرت حتى القتلة الأميركيين وفرض نفسه »قصة لانهاية لها ترددها الاجيال, أما سليماني, هذا العسكري الذي لطخت أياديه بدماء الايرانيين والعراقيين والسوريين, فهو أشبه بكابوس ولعنة وبلاء نزل على حين غرة على رؤوس شعوب المنطقة, والتغني ببطولات”منمقة”له مع الكرد, او في سامراء وآمرلي, وجرف الصخر, فإن كل ذلك صناعة خاصة لأهداف محددة تعودنا عليها من مصانع نظام ولاية الفقيه التي لها باع طويل في قلب وتدليس الحقائق والامور رأسا على عقب, ونعلم ان هذا, التضخيم والتهويل بشأن سليماني هذا, والتركيز على انه صار بمثابة الرجل الخارق والقائد البارع الذي يلحق الهزيمة بتنظيم “داعش” (الذي كان نظامه حاضنا ومنسقا وموجها له أيام تضعضع نظام الاسد) انما يرتبط برفض مساهمة النظام الايراني في الحملة ضد تنظيم “داعش “لوجود تحفظات وشكوك دولية وإقليمية مختلفة بشأنه. جيفارا كما هو معروف عنه, عاش ومات من أجل الحرية وهو القائل: أنا لست محررا فالمحررون لا وجود لهم, الشعوب هي من تحرر نفسها, أما التشدق بأن هذا الدعي المتدخل في كل شاردة وورادة عراقية وسعيه إلى تجييرها لصالح نظام قمعي استبدادي ينوء الشعب الايراني من ظلمه, هو محرر العراقيين من “داعش”, فلعمري انها أسخف نكتة سمجة سمعتها في حياتي!