تشكيل الحكومة: حزب الله فرض ما يريد وهو مؤلف مسرحية التّعطيل ومنتجها ومخرجها

79

تشكيل الحكومة: حزب الله نجح مرة جديدة في فرض ما يريد بفائض القوة السياسي بعد العسكري
لهذه الاسباب تم الافراج عن الحكومة الان وحزب الله المنتصر الاكبر: التشكيل بقرار منا
المركزية/19 كانون الأول/18
أما وقد بات المولود الحكومي في آخر لحظات المخاض على ان يبصر النور خلال اليومين المقبلين، بعد ان ذُلِلت العقبات التي اعترضت التشكيل الواحدة تلو الأخرى منذ 24 ايار الماضي، فيما يجري العمل على وضع اللمسات الاخيرة على توزيع الحقائب، فإن رقعة التساؤل في شأن اسباب الافراج عن الحكومة تتوسع تدريجيا بين من يربطها باشارات وانفراجات استجدت في الاقليم رفعت الفيتو المفروض عليها، وبين من يعتبر ان بلوغ الوضع قعر الهاوية واللحظات الاخيرة قبل انهيار الهيكل على رؤوس من فيه حتّم هذا الواقع.
في المقلب الاول، يرى اصحاب “وجهة النظر الاقليمية” ان دفق التطورات من اليمن الى العراق فسوريا والتي تصب بمعظمها في خانة الايجابيات هي الدافع الرئيسي خلف ازالة المتاريس الداخلية من طريق التشكيل الذي كان يستخدم ورقة ضغط في كباش المحاور. فالمفاوضات بين اطراف الصراع في اليمن انطلقت، وورشة تشكيل المؤسسات الدستورية في العراق تحركت بعد جمود قاتل، والعزلة الدولية المفروضة على النظام السوري بدأت تتحلحل مع زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لسوريا، واستعداد العراقي برهم صالح للتوجه اليها، مجمل هذه العوامل يعتبر هؤلاء انها لم تكن لو لم يصدر الضوء الاخضر الاقليمي من الغرب ويلاقيه المحور الايراني فينتج منه حكومة لبنانية.
اما مؤيدو نظرية الانفراج المحض داخلي، فيعزون ما يجري الى ارتفاع منسوب المخاطر الى الدرجة القصوى، ماليا واقتصاديا باقرار المسؤولين اللبنانيين المعنيين ومؤسسات دولية ابرزها “موديز” و”فيتش”، وامنيا
بالتهديدات الاسرائيلية التي حملها ديبلوماسيون غربيون الى المسؤولين اللبنانيين منذ اطلاق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مزاعمه في شأن مصانع صواريخ في بيروت ثم بعد اكتشاف الانفاق التي تَخطّت الخط الازرق والموضوعة اليوم على طاولة مجلس الامن، وسط ترجيحات بإدانة قد تصيب لبنان الرسمي وليس فقط حزب الله باعتباره تقاعس عن مسؤولياته في احترام القرار 1701، بما تعني هذه الادانة، لا سيما اذا ما جاءت معطوفة على موقف نتنياهو اليوم، حيث اعلن ان الولايات المتحدة ستتخذ خطوات “غير مسبوقة” ضد حزب الله. والى العاملين المذكورين، تقول مصادر سياسية متابعة لـ “المركزية” ان الملفات السياسية “استوت” ووصلت كل الاطراف الى قناعة راسخة بأن مناوراتها لتحصيل القدر الاكبر من المكاسب بلغت حائطا مسدودا وبات واجبا عليها الاستفادة من الدينامية المتجددة لانهاء الازمة سريعا كي لا تجرجر ذيولها وتداعياتها حتى العام 2019. الا ان المصادر تعتبر ان الرابح الاول من كل ما دار على ملعب التشكيل هو حزب الله بغض النظر عن فوائده على المستوى الوطني عموما، الا ان لا يمكن التغاضي عن ان الحزب نجح مرة جديدة في فرض ما يريد بفائض القوة السياسي بعد العسكري، ذلك ان كلام امينه العام السيد حسن نصرالله “ان لا تسليم لاسماء وزرائه قبل تلبية مطلب نواب سنّة المعارضة”، بما معناه ان لا حكومة الا وفق رغباتنا، فعل فعله ان لجهة كسر الرئيس المكلف سعد الحريري الذي كان يرفض الاقرار بحيثية هؤلاء او لناحية تثبيت موقعه في معادلة السلطة الحاكمة، اي لا حكومة بثنائية مارونية- سنية، بل بثلاثية مارونية- سنية- شيعية، وما لم نحصل عليه بقوة الدستور فرضناه بامساك ورقة الحكومة بيدنا الى حين قرار الافراج عنها.

حزب الله يُعطي إشارة تأليف الحكومة بعد أن آتى التّعطيل أُكُله
حزب الله، مؤلف مسرحية التّعطيل ومنتجها ومخرجها
د. أحمد خواجة/لبنان الجديد/19 كانون الأوّل 2018
غريبٌ أمر هذه الطبقة السياسية التي أتقنت فنون نهب المال العام، والنفاق على المواطنين الناخبين، كيف تجرؤ على التلاعب بمصيرها ومصير البلاد عندما تتلهّى بصراعاتها الظرفية وخلافاتها الجانبية، وتكالبها على الحُصص السلطوية في المناصب والوظائف والمرافق، فتترك البلد طيلة ستّة أشهر متواصلة بلا حكومة، في حين أنّ المصاعب والأزمات طرقت الأبواب ودلفت إلى الداخل، وهي أزمات داهمة لا تحتمل تأجيلاً ولا تسويفاً. أمضى أركان هذه الطبقة ستّة أشهر في المماحكات والتّسويف والتّعطيل، أضاعوا خلالها بالإضافة للوقت الثمين، الجهد والمال، وتلاعبوا بأعصاب الناس، واخترعوا فنوناً من الدجل والتّحايُل والتّدليس والكذب لتبرير مواقفهم “التعطيلية”، فزعم رئيس الحكومة المكلف أن لا توزير للتّكتُّل السُّنيّ الذي ابتدعهُ حزب الله، ولم ولن يعترف بهكذا تكتُّل، وليبحثوا عن مقعدٍ لهم من حصة رئيس الجمهورية السُّنّية، أمّا رئيس الجمهورية فقد رفض رفضاً باتّاً إعطاءهم ذلك، ليتبيّن فيما بعد أنّه يحرص مع رئيس تيّاره على امتلاك الثلث المعطّل في الحكومة العتيدة، أمّا التّكتّل السّنيّ الذي أطلق على نفسه لقب “اللقاء التشاوري المستقل” فقد أعلن أعضاءه السّتّة، كلٌ على طريقته وأسلوبه بأن لا تنازل البتّة عن توزير أحدهم، وعلى حساب حصّة الرئيس الحريري، أمّا حزب الله، مؤلف مسرحية التّعطيل ومنتجها ومخرجها، فقد صرّح أركانه في أكثر من مناسبة أن لا حكومة تولد دون أن يكون اللقاء التشاوري ممثّلاً بوزيرٍ منهم، حتى لو طال الزمن إلى يوم قيام الساعة. ومهما كانت العراقيل التي تحول دون ذلك. فجأةً، آتى التّعطيلُ أُكُله، وحضرت الإشارة من حزب الله بالتّأليف، فوضع نهايةً سعيدة لهذه المسرحية – المهزلة، فتراجع رئيس الجمهورية عن “تعنُّته”، وأذعن اللقاء التشاوري باختيار وزير من خارجه، يكون مرضيّاً عنه لدى كافة الفرقاء، وقبل رئيس الحكومة بلقائهم في منطقة “محايدة”، وبات تأليف الحكومة ميسّراً، بعد تلقين الجميع دروساً لا تُنسى، وأنّ أمور البلد في يد حزب الله، يحكمُ فيها كيفما شاء، ومتى شاء، وأنّى شاء. أمّا اللبنانيين، فيحقّ لهم أن يتنفسّوا الصعداء ويرتاحوا، وكما قال الإمام علي للمسلمين ذات يوم: “لا بُدّ لكم من أميرٍ برٍّ أو فاجر، فلا بدّ لهم من حكومةٍ برّةٍ أو فاجرة”، وللأسف الشديد، فإنّ سيماء الفجور بادية على الحكومة الجديدة، حتى قبل أن تنصب عودها.

الحكومة الى النّور، من أعطى الضوء الاخضر؟
ياسر الجوهري/لبنان الجديد/19 كانون الأوّل 2018
لم يعد خافياً على اللبنانيين أن السير في تشكيل الحكومة يحتاج مباركة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية وهو السيد حسن نصر الله
لم يُطفئ الرئيس المكلف محركاته في تشكيل الحكومة إلا عشيّة خطاب السيد حسن نصر الله، الذي خرج على اللبنانيين بقوله إن على الرئيس المكلف واجب استقبال ستة نواب سنة جُمعوا على عُجالةٍ من أمرهم واستيقظ فيهم الحق بضرورة المطالبة بحقوقهم المغبونة من الحريري الذي يحتكر تمثيل السنة ولا ننسى أنه رفع إصبعه السبابة وتوعد بعدم التواضع في المطالب آنذاك. سبق هذا الموقف عودة الرئيس سعد الحريري من المملكة العربية السعودية التي كانت منشغلة للتّو في حادث مقتل (الخاشقجي)، وكأنه تُرك للحريري تقدير مصلحتهِ في التشكيل، فعاد إلى لبنان متفائلً بسرعة التشكيل ولم تكن سوى عقدة القوات قد بقيت لديه آنذاك فذهب عارضاً و ملوّحاً بحكومة مؤلفة بمن حضر، حينها فاجأ حزب القوات اللبنانية الجميع بأنه لا يُستفز وقَبلَ بما طرح عليها غير آبهَ بحجم الوزارة ولا بوزنها، معتبراً أن الوزن يصنعه، البرنامج والحزب والشخص بعد قرار القوات بالمضي ظهر على الساحة الحكومية أرنب التعطيل والسبب يكمن أولاً في ان المصلحة وقتها هو إرباك الوضع اللبناني وتعطيل التشكيل، يعطي لإيران ويمكنّها بالمضي في تفاوض يجري سراً في كثير من الأحيان وعلناً في بعضها.
وثانياً، إن المطالبة بما أُنجز في سوريا من دحر للمعارضة السورية وإبقاء النظام الحليف الذي ضحى حزب الله بالغالي والنفيس من أجل بقاءه، لذلك فإن الرابح لا يريد أن يتواضع في أخذ ما يراه حقا للمنتصر.
إذاً لم يعد خافياً على اللبنانيين أن السير في تشكيل الحكومة يحتاج مباركة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية وهو السيد حسن نصر الله. عندما فهم الحريري أن التعطيل مفتعل، حاول أن يلعب معهم لعبة حافه الهاوية ووضَعَهُم أمام اللبنانيين بوصفهم المعطلين ولا يخفى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلاً وأن التعطيل زادها تأزماً حتى بدأنا نشهد تداول الدولار ب 1525 ل.ل. أي أن مؤشر انهيار العملة الوطنية يلوح في الأفق وأنها مرشحة للانهيار في أي لحظة، وتصورات جدية بأن البلاد ذاهبة أزمة حقيقية وسوف يكون موقف حزب الله بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير. لكنَّ لعبه شدّ العصب هذه، ربح فيها الحريري نفسه الذي لم يغلق الباب ولم يفتحه ورفض استقبال النواب الستة السنة ونجح في معركة كسر الإرادة ولم يعطِ الفرصة لنصر الله بكسره مجدداً فالمتضرر ليس هو فحسب بل حزب الله أكثر الخاسرين إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كثيراً من الأفكار رُفضت ليس أولها محاولات الوزير جبران باسيل فرضه أفكاره التي تخرج التشكيل من نفق التعطيل، ولكن كان للرئيس نبيه بري كذلك مساهمات لم تلقى آذان صاغية. فما الذي تبدل بين ليلة وضحاها حتى كُلّفَ اللواء عباس ابراهيم في المهمة التي أُفشل بها الرئيس بري والوزير باسيل و كلاهما حلفاء لحزب الله؟ من المؤكد أن تكليف ابراهيم ليس للتفاوض وانما لتثبيت الحل الذي سلّفه به حزب الله مسبقاً، والذي أقنع نوابه الستة بضرورة عدم المضي بالتعقيد لأن الأمور لم تعد لصالحهم بالتعطيل، حيث أن تفاوضاً جديداً بدأ بنيران والغرب وإيران تدير ملفاتها التفاوضية بطريقة أسهمت بإنجاح الحوار حول اليمن والحديدة تحديداً وهي اليوم تسهم بإعطاء الضوء الأخضر للإنتقال إلى الخواتيم السعيدة للحكومة. إذاً تحت وطئة الازمة الاقتصادية الخانقة وانطلاق المفاوضات الإيرانية مع الغرب وأميركا، وانتظار الجلسة في مجلس الامن حول الأنفاق وما يمكن ان ينتج عنها من تأجيج للضغوط على حزب الله، ومن أجل ذلك أصبحت مهمه اللواء ابراهيم ليست محاولة وانما أمر تبلغ به الجميع وأن زرّ التعطيل الذي استعمله حزب الله قد تبدل وأُعطي اللواء هدية إنتاج الحكومة على يديه كعربون يُحضّر به للوصول الى رئاسة المجلس النيابي بعد عمر طويل لدولة الرئيس نبيه بري.