كلوفيس الشويفاتي:عيديّة الحكومة هبة ومكرُمة و”بونوس” على المعاش

58

عيديّة الحكومة هبة ومكرُمة و”بونوس” على المعاش!

كلوفيس الشويفاتي/ليبانون فايلز/19 كانون الأول/18

عيديّة كلمة لطالما سمعناها ونسمعها من المسؤولين السياسيين مع كل استحقاق ينتظره اللبنانيون.

قانون الانتخاب كان عيديّة ولو تخطّى الأعياد والسنوات وجاء مشوّهاً وعاقاً.

انتخاب الرئيس عيديّة ولو إجتاز كلّ المهل للوصول إلى قصر بعبدا، تارةً عن طريق الدوحة وطوراً عبر تسوية هجينة مفروضة وغصباً عن أصحابها.

تشكيل الحكومات هو أيضا عيديّة لكم أيها اللبنانيون.

فهذه الحكومة المنتظرة وُعدنا بها على عيد الاستقلال وفي عيد الرب وفي عيد الانتقال وفي عيد الأضحى وفي عيد الأم أو عيد الأب، استنادا إلى “أم الصبي وبيّ الكل.”

وُعدنا بها في كلّ الأعياد التي مرّت منذ سبعة أشهر حتى اليوم.

لكن مهلاً مهلاً أليس وجود حكومة هو حقّ لكل مواطن لبناني وواجب على كل سياسي، وهو ليس منّة أو عيديّة أو “بونوس” على المعاش أو هبة أو مكرُمة من السياسيين للمواطنين.

وحتى لو اعتُبرت بالشكل عيديّة لنا فأين العيديّة في حكومة من ثلاثين وزيراً وكان ممكناً أن تكون 32 لإرضاء الأطماع والمحاسيب وإشباع المحاصصات.

أين العيديّة ولبنان يحتاج حكومة من 14 وزيراً كحدّ أقصى؟ وهذا ما تؤكده كلّ التقارير والدراسات المحلية والدولية.

ولكن لتكون العيديّة أكبر، هل يجب أن نتخم جيوب السياسيين بوزارات لا تنتج ولكنّها تؤمّن الميثاقية والوحدة الوطنية والمعايير والتوازن وعدالة التمثيل… وكلّ الشعارات والتعابير الممجوجة التي باتت تقزّز الناس وتوتّرهم لدى سماعها ورؤية مردّديها؟

هل عيديتنا ستّ وزارات دولة لا لون ولا طعم ولا دور لها سوى تأمين المحاصصة؟

هل عيديتنا وزارة مهجرين ما زالت موجودة بعد ثلاثين عاماً على انتهاء الحرب في وطن هو الأصغر مساحة في المنطقة؟

هل عيديتنا وزارة إعلام لا ندري ما هو الدور العظيم الذي تقوم به ولم تستطع تعيين رئيس مجلس إدارة للتلفزيون الرسمي حتى الآن؟

هل عيديتنا تقسيم وتوزيع وزارات يُمكن دمجها للتوفير ولعصر النفقات في ظروف اقتصادية خطيرة وكارثية؟

وهل السخاء في العيدية يتتطلب فصل وزارتي التجارة والصناعة في حقيبتين بدلا من واحدة؟

وهل تكون العيدية ناقصة ومتدنية القيمة والقدر إذا فصلت وزارات التربية والتعليم العالي والشباب والرياضة؟

نعم أيّها السادة ،عيديتنا حكومة ولبنان يرزح تحت عبء مليون وخمسمئة ألف نازح سوري لا يدري أحد متى تبدأ عودتهم الفعلية.

عيديتنا حكومة، وشباب لبنان يهاجرون بعشرات الآلآف ليحلّ مكانهم عمال أجانب يسيطرون على الإنتاج وسوق العمل.

عيديتنا حكومة، والدين العام أصبح مئة مليار دولار أميركي ولا حلّ ولا خطّة لتخفيضه.

عيديتنا حكومة، ولم نستطع تأمين أدنى مقوّمات حياة وطن ومواطن في القرن الحادي والعشرين كالكهرباء مثلاً.

عيديتنا حكومة، ولا ندري متى تعود النفايات إلى الشوارع بين البيوت وفي الأزقة، علماً أن الحلول التي تنفّذ اليوم ليست أقلّ ضرراً وأذية..

لن نستطيع إكمال العدّ من زحمة سير وضائقة معيشية وفقر مدقع وسوء إدارة وفساد واللائحة لا تنتهي …

لكن بإمكانكم عيش فرحة الأعياد لقد ولدت لكم.. حكومة ؟!

اللبناني لا يريد عيديّة حكومة في دولة لا تبلسم جراحه العميقة جداً ولا تعطيه أملاً بغد أفضل ولا تشعره بالأمان وبالاستقرار المعيشي والاجتماعي في وطنه.

اللبناني لا يريد عيديّة من حكومة لا تؤمن كرامته الإنسانية أو أقلّه تُشعره بأنه سيكون ذات كرامة ذات يوم.