باسكال بطرس/بيزنس العقارات يدمّر ليسّيه عبد القادر ويهجّر الأنطونية

79

بيزنس العقارات يدمّر ليسّيه عبد القادر ويهجّر الأنطونية
باسكال بطرس/المدن/السبت 10/11/2018

من الأزمة المتمادية في المدرسة الأنطونية الدولية بعجلتون إلى الأزمة المستجدّة في المدرسة الأنطونيّة في بعبدا، بدت الرهبانية الأنطونية المارونية وكأنها في مهبّ رياح الغايات الربحية والمصالح المالية الخاصّة، على حساب المصلحة العامّة، بل وعلى حساب “الرسالة التربوية” خصوصاً.

هذا ما روّجت له وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية، تعليقاً على احتمال تأجير مبنى الأنطونية لصالح مدرسة “ليسيه عبد القادر”، في حين تجدّد الرهبانية تأكيدها أنّ المفاوضات مستمرّة، ولم يصدر أي قرار نهائي في هذا الشأن، كاشفةً في الوقت نفسه عن احتمال الانتقال إلى مبنى غير مشغول داخل المعهد الأنطوني في بعبدا، ومؤهّل لاستيعاب الطلاب والكادر التعليمي.

الخبر الصاعق
بين ليلةٍ وضحاها، سُرّب خبرٌ مفاده أنّ الرهبانية قد قرّرت تأجير أو بيع ثانوية الآباء الأنطونيين في بعبدا لصالح مدرسة ليسيه عبد القادر، التي عرضت على الرهبانية استئجار الثانوية مدة سبعة وعشرين عاماً، خالية من طلابها وأساتذتها. ا

نتشر الخبر سريعاً داخل حرم الثانوية، ونزل كالصاعقة على الأساتذة والطلاب، الذين حوّلوا المدرسة إلى ساحة هرج ومرج، ما أدّى الى إصابة البعض، منهم إحدى الطالبات التي لكمها أحد الأساتذة في صدرها. معظم الطلاب والأساتذة خرجوا مطالبين بمعرفة حقيقة الموضوع، والمصير الذي ينتظرهم، وسط غياب أي تصوّر لاستيعاب الكادر التعليمي والتلامذة الموجودين حاليا في الثانوية، وبالتالي تشريد 461 تلميذاً وصرف نحو 52 معلماً.

في المقابل، لم يكن وقع الخبر أقلّ وطأة في ليسيه عبد القادر، حيث نفّذ التلامذة وذووهم اعتصامًا أمام المدرسة، رفضًا لنقلها إلى بعبدا. في حين تردّدت معلومات أن صاحبة العقار الذي تقوم عليه ليسيه عبد القادر في بيروت، هند رفيق الحريري، قد باعته لسياسي لبناني، بعلم السفارة الفرنسية التي تبحث منذ فترة عن مركز جديد للمدرسة التابعة لها، وسط معلومات عن نية المالك الجديد للعقار إقامة برج سكني أو مشروع تجاري عليه، علماً بأن العقار يضم مبنى تراثياً بالغ الأهمية التاريخية والثقافية للعاصمة.

لم تنفِ الرهبانية تلقّيها عرضاً للبيع أو الإيجار، لافتة إلى أنها لم تتّخذ بعد قراراً بالبيع أو التأجير. وعليه، أصدرت الأمانة العامة للرهبانية بياناً أكدت فيه حرصها على تلامذتها، وعلى أفراد الهيئة التعليمية في المدرسة والموظفين، مشدّدةً على أنّ “الرهبانية الأنطونية ملتزمة برسالتها التربوية بالرغم من كلّ التحديات الّتي تعصف بالمدارس الخاصة عمومًا والكاثوليكية خصوصًا”.

وأوضحت: “في ظلّ الظروف الإقتصادية والاجتماعية والأزمة التربوية الّتي افتعلتها الدولة اللبنانية من خلال القانون رقم 46، فإنّ الرهبانية في مرحلة دراسة تداعيات القانون رقم 46 (في هذا الإطار تجري المفاوضات مع إدارة “ليسيه عبد القادر”)، مركّزةً على أنّه “حتّى الساعة لم تقدم على بيع أو تأجير أو إقفال أي مدرسة كما يشاع عن مدرسة LYPA “.

المصير الحتمي
غير أنّ المفاجأة كانت عندما التقى الآباء الأنطونيون، إثر اجتماعهم برئاسة الرئيس العام الأباتي مارون أبو جودة يوم الأربعاء في مار روكز، بالممثلين عن لجنة الأهل وعدد من المعلمين، وأبلغوهم أنه في حال توقيع الاتفاق مع مدرسة ليسيه عبد القادر، قد يكون ممكناً استبدال المبنى الحالي بآخر كبير وغير مشغول داخل المعهد الأنطوني. فما كان من اللجنة إلا أن “الآباء” لإبلاغ الأهالي والوقوف على رأيهم في هذا الطرح، قبل إعطاء أي جواب للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، لا سيما أنّ الأهالي يطالبون، في حال حصول التأجير، بالانتقال إلى مبنى يتمتع بمواصفات تعليمية حديثة، على غرار المبنى الحالي، وبيئة مناسبة من حرم مدرسي وملاعب.

في هذا الوقت، تلفت مصادر مطّلعة لـ “المدن”، إلى أنّ “من سرّب الخبر هي جهة معارضة لكلّ ما يحصل، ولا شكّ أنّها أرادت من خلال فعلتها أن تخلق بلبلة، ما يؤدي إلى حال استنكار عامّة وبالتالي إلى إفشال الصفقة، التي كانوا يحرصون على إنجازها بشكل غامض وسرّيّ”.

يبدو أنّ أي احتجاج لن يغيّر مشاريع إدارة الرهبانية. ويعبّر رئيس “حركة الأرض اللبنانية” طلال الدويهي لـ “المدن”، عن خشيته من “أن تكون القرارات المتّخذة من قبل القيّمين على الرهبانية بمثابة مسكّنات فقط بهدف تهدئة الأوضاع وضبطها”، متوقّعاً “أن تتم الصّفقة بين الرهبانية والليسيه عاجلا أم آجلا”.

أما مصير عقار ليسيه عبد القادر فسيكون على الأرجح كمصير أرض مدرسة “الكرمل سان جوزيف”، التي باتت مولاً استهلاكياً باذخاً في فردان. الاستثمار وعقليته الربحية في العقار البيروتي هما الغالبان.