منير الربيع/فرنسا الحريصة تبلّغ لبنان أخطر الرسائل الإسرائيلية

226

فرنسا الحريصة تبلّغ لبنان أخطر الرسائل الإسرائيلية
منير الربيع/المدن/06 تشرين الثاني/18|

تهديدات إسرائيلية جدية، تزامناً مع تشديد العقوبات على إيران وحزب الله
اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال لقائه كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، الجنرال السير جون لوريمر، أن هناك تزايداً متعمّداً للإدعاءات الاسرائيلية حول وجود صواريخ في أماكن آهلة، لاسيما قرب مطار رفيق الحريري الدولي. وأكد عون زيف هذه الادعاءات، التي تتزامن مع استمرار الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية. موقف عون جاء ضمن البحث مع الموفد البريطاني في التقديمات العسكرية والمساعدات البريطانية للبنان، وآخرها إعداد دورات تدريبية للضباط اللبنانيين من مختلف الإختصاصات، بالإضافة بناء أبراج المراقبة على الحدود. موقف عون جاء مستغرباً بالنسبة إلى البعض في الأوساط اللبنانية، إذ اعتبروا أن إثارة مسألة مخازن الصواريخ ومصانعها، في محيط المطار، قد مرّ عليها الزمن. وما من داع للعودة إلى ذكرها. لكن عملياً هذه القضية لم تخفت في الكواليس الدولية، ولم تغب عن إهتمامات الدول المعنية بالشأن اللبناني. وحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن عون تعمّد إطلاق هذا الموقف، الذي يعبّر عن لبنان بكليّته، أمام أي وفد أجنبي يزور لبنان ويبحث موضوع الحدود والسلاح والمساعدات العسكرية.

رسائل خطرة وتحذيرات جدّية
لا ينفصل موقف عون عن سياق الردّ على رسائل عديدة تلقاها لبنان، كان هدفها حشره وإحراجه وتخويفه، على قاعدة التهديد بوقف المساعدات، أو على الأقل تصعيد اللهجة ضده. موقف عون تزامن أيضاً مع زيارة الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المستشار أوريليان لوشوفالييه، الذي جال على المسؤولين اللبنانيين. وحسب ما تكشف معلومات متابعة لـ”المدن”، فإن زيارة المستشار كانت مسبوقة برسائل تم إيصالها إلى لبنان، حول تحذيرات إسرائيلية بإمكانية توجيه ضربات لمستودعات ومصانع الصواريخ، التي تحدّث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة. هذه الرسالة نفسها، نقلها الموفد الفرنسي إلى المسؤولين اللبنانيين، وهي في أحد جوانبها كانت رسالة غربية مشتركة بين الفرنسيين والأوروبيين والأميركيين، ويربطها البعض برسائل التحذير التي وصلت إلى المسؤولين اللبنانيين قبل أيام، وكان لها الأثر المباشر في تمايز رئيس الجمهورية عن حزب الله بموقفه بخصوص توزير سنة الثامن من آذار، كما كان لها تأثير واضح على موقف الحريري (الموجود حالياً في فرنسا) المتشدد حيال رفض توزير هؤلاء بأي شكل من أشكال، وذلك بهدف إرساء نوع معين من التوازن في عملية تشكيل الحكومة، وعدم الظهور بمظهر الخاسر والمستسلم أمام رغبة حزب الله الذي حصل على وزارة الصحة رغم الفيتو أميركي.

تصرفات باسيل
أبلغ الموفد الفرنسي الرسالة بشكل رسمي وواضح إلى اللبنانيين، وفحواها، أن هناك تهديدات إسرائيلية جدية، تزامناً مع تشديد العقوبات على إيران وحزب الله، وقد يقدم الإسرائيليون على إستهداف مصانع الصواريخ، أو المواقع التي يزعمون أنها مخازن أسلحة وصواريخ، بالقرب من المطار، وفي مناطق آهلة بالسكان، على غرار إستهدافهم للعديد من المواقع الإيرانية ومواقع حزب الله في سوريا. وتتضمن الرسالة تحذيراً شديداً يتطلب من لبنان ترتيب حلّ أو تسوية لهذه المواقع، بينما الموقف الرسمي اللبناني ينفي بشكل قاطع مثل هذه الإداعاء.، وسابقاً، نظّم وزير الخارجية جبران باسيل جولة مطولة للسفراء الأجانب على هذه المواقع، لكن هذه الجولة وتصرّف باسيل في أثنائها، كانا محطّ سخط أميركي، بل وقد انتُقد وزير الخارجية كثيراً من قبل الأميركيين. وأكثر من ذلك، هناك من حاول تشديد الإنتقاد للبنان على هذا السلوك السياسي، الذي أدى إلى إظهار الموقف الرسمي كمستلحق بموقف حزب الله، أو أن الإسرائيليين تذرعوا بتصرفات باسيل بوصفها برهاناً إضافياً على “التكامل” بين حزب الله والسياسة الخارجية للبنان، حينما سارع باسيل إلى مبادرة من شأنها تلميع صورة الحزب.

وهذا ما أراد الإسرائيليون استثماره في الداخل الأميركي، عبر الضغط على لبنان، ووصفه بالخاضع كلياً لسيطرة الحزب. اللقاء بين لوشوفالييه وباسيل، استمر على مدى أكثر من ساعة ونصف. خرج بعدها الرجلان من دون الإدلاء بأي تصريح. حتى أن الخارجية لم توضح سبب الزيارة ولا فحوى اللقاء، وهذا ما تستند إليه المصادر، للقول إن هدف الزيارة حساس ولا يمكن التعاطي معه لا باستخفاف ولا بفتح المجال للتصريحات حوله. وتكشف المصادر أكثر، أن هذه المعلومات كان لبنان قد تلقى بعضاً منها سابقاً، ولكن ما حتّم وضعها في إطار رسمي عبر زيارة رسمية لموفد رئاسي فرنسي، هي معلومات إضافية يقال إن الإسرائيليين قد رصدوها مؤخراً، تتعلق بنقل صواريخ بعيدة المدى وكاسرة للتوازن من قبل الإيرانيين إلى حزب الله، بعد توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأجواء السورية، وهذا ما دفع الفرنسيين إلى التحرك ونقل التحذيرات بشكل رسمي.

النفط أولاً
بعض المعطيات تذهب باتجاه ما هو أبعد من ذلك، وتربط بين هذه التحذيرات، وبين الملف النفطي، إذ من المقرر أن يبدأ لبنان عمليات التنقيب عن النفط في العام 2019، ولكن هناك ضغوطاً أميركية وإسرائيلية على لبنان والدول المعنية بهذا القطاع، ولا سيما الروس والفرنسيين، بضرورة عدم البدء بعمليات التنقيب قبل إيجاد حلّ لترسيم الحدود، وبما أن شركة توتال الفرنسية هي المعنية الأساسية بهذه المسألة، فإن فرنسا ستنشط على خط التواصل مع لبنان أكثر في المرحلة المقبلة، من أجل الوصول إلى حلّ وسط، في ظل رفع الأميركيين والإسرائيليين شعار منع لبنان من إستخراج نفطه قبل الوصول إلى تسوية حدودية شاملة.