خليل حلو: بين تشرين 1978 وتشرين 1990/صفحة من بعد 13 تشرين 1990/من حصاد اليوم

149

بين تشرين 1978 وتشرين 1990 …
خليل حلو/فايسبوك/14 تشرين الأول/18

لإنعاش الذاكرة: حرب المئة يوم تواجهت فيها قوى الإحتلال السوري مع المقاومة اللبنانية ضد هذا الإحتلال ولا سيما أحزاب الوطنيين الأحرار والكتائب والتنظيم وحراس الأرز ومقاومون غير منتمين إلى أي من هذه الأحزاب، وكانت ساحاتها الأشرفية وعين الرمانة وفرن الشباك والحدث وبعبدا. هذه الحرب انتهت بقرار وقف اطلاق نار صدر عن مجلس الأمن تحت الرقم 436 في 6 تشرين الأول 1978 (والذي قلـّـما يذكر مثل الـ425 …). على أثره انسحب الاحتلال السوري من الأشرفية لعدم تمكنه من حماية مراكزه هناك. هذه كانت المرّة الوحيدة في تاريخ مقاومة الإحتلال السوري الذي ينسحب فيه من منطقة لبنانية تحت ضغط المقاومين اللبنانيين. أما في تشرين 1990 فحصل العكس كما نعرف وسقط كل لبنان في قبضة نظام دمشق. بالأمس كان احتفال في الأشرفية ليس بانتصار 1978 بل “بانتصار 1990” (التاريخ لا يمحى ولا يمكن تحويل يوم العار إلى يوم نصر) ولم يذكر المحتفلون الإحتلال السوري مرّة واحدة ؟؟؟ … تحياتي لمقاومي 1978، هذا الرعيل الذي لم يأخذ حقـّه من وطنه ولكن التاريخ سجـّل بطولاته التي ستبقى في ذاكرة الأجيال الى الأبد والتي ستستمد منها الأجيال ثقافة الحرية والكرامة.

صفحة من بعد 13 تشرين 1990،
خليل حلو/فايسبوك/14 تشرين الأول/18
بعد سقوط القصر الجمهوري ووزارة الدفاع في ايدي الإحتلال السوري في 13 تشرين 1990 وتوجه العماد عون والوزيرين اللوائين عصام أبو جمرة وإدكار معلوف وبعض الضباط إلى السفارة الفرنسية، وتراكم جثث الشهداء في براد مستشفى بعبدا الذي انقطعت عنه الكهرباء وبات مقبرة مفتوحة بدلاً من براد للجثث، أتاني أحد الضباط الأصدقاء ليستفسر ماذا سنفعل؟ فأجبته بانني لن أنفذ أوامر تخالف قناعاتي مهما تكن وسيكون أشرف لي الإستقالة من الجيش من الخدمة تنفيذاً لأوامر سوريا.
ثم اتاني أحد الأصدقاء وأعلمني أن ضباطاً لبنانيين مقربين من السوريين سلموا قوات الإحتلال نسخ عن إضبارات الضباط التي كانت في فرع الأمن العسكري في مديرية المخابرات. لم عجب من هذا الخبر.
ثم راحت الأخبار تأتي تباعاً وعلى مراحل:
توقيف 18 ضابطاً من بينهم عامر شهاب مدير المخابرات وفؤاد الأشقر رئيس فرع الأمن العسكري وشامل موزايا قائد اللواء الخامس وفايز كرم مدير فرع المكافحة ومارون أبو ديوان وكرم مصوبع وغيرهم وسوقهم إلى سجن المزة في دمشق، وكان الشعور أن الدور سيأتي على الجميع خاصة على المقربين من العماد عون وأنا واحداً منهم،
وتواردت اخبار عن سرقة أموال ومستندات من كتيبة مقر عام الجيش في وزارة الدفاع من قبل الجنود السوريين،
وعن تواري عدد من الضباط اللبنانيين عن الأنظار خشية من التوقيف من قبل الإحتلال.
بعد أيام هدأت الأمور وتوجهت إلى وزارة الدفاع حيث أنني كنت في تصرف الوزير اللواء إدكار معلوف وكانت قطعتي الإدارية في مقر عام الجيش للإستفسار عن اية تعليمات بخصوص الإلتحاق بالخدمة.
عند وصولي رأيت شاحنة سورية داخل حرم وزارة الدفاع متوقفة على مدخل مبنى مديرية المخابرات، يا له من مشهد يرمز إلى “مات الملك” “Echec et Mat” وهو مؤلم.
هذا المبنى الذي ضم خيرة ضباط لبنان من كبريال لحود وأنطون سعد وجوني عبده وجول بستاني هو اليوم تحت رحمة جيش الإحتلال السوري.
كان عدد من العسكريين اللبنانيين في الباحة وقالوا لي أن الشاحنة السورية معطلة هنا منذ أيام دون الإدلاء باية تفاصيل أخرى، ثم حضر ضابط برتبة عميد كان يخدم في القيادة راح يشتم العماد عون بعد أن كان ينفذ أوامره في الأمس القريب مما جعلني أشمئز من ضابط رفيع يخل بقسمه بحثاً عن خلاص أو عن ارضاء المحتلين الجدد. في عمليات القيادة كان المرحوم العميد نعيم فرح الذي استقبلني بابتسامة ألم مع كلام قليل أما قائد مقر العام الجيش العميد روجيه ناصيف فلم تكن لديه أية تعليمات وكان ينتظر ما سيأمره به إميل لحود.
علمت لاحقاً أن باقة من الضباط اللبنانيين كانوا وقفوا في وجه الإحتلال السوري قاموا بزيارات طوعية للمخابرات السورية حيث أعلنوا نقل البندقية من كتف إلى آخر بشهادة غازي كنعان نفسه.
وعلمت أيضاً أن ضباطاً آخرين ممن لم يحضروا طوعاً تم استدعائهم دون المرور بإميل لحود الذي في مطلق الأحوال كان عاجزاً عن تأمين عازل بين ضباط الجيش والسوريين ومنهم من أنكر العماد عون ومنهم من أعلن ولائه لإميل لحود.
هذه الأيام التي تلت 13 تشرين بدت لي كسنوات طويلة سوداء ولكن كان الشعور الوطني يزيد من التصميم على الصمود وعدم القبول بالتدجين وإلا ما معنى هذه الحياة الذليلة وأي وطن سيبنى في ظل الإحتلال؟ …
هذا غيض من فيض من وقائع عشتها ولكنه من المبكر الحديث عن تفاصيل أخرى لكي لا تصبح هذه التفاصيل سلعة في بازار السياسة الرخيص، أو مادة يتناولها الرعاع على وسائل التواصل الإجتماعي.

من حصاد اليوم
خليل حلو/فايسبوك/13 تشرين الأول/18
1) اعتذار فندقين مرموقين عن استقبال لقاء سيدة الجبل ليس صدفة على الإطلاق وادلاء السيد وفيق صفا بأنه هو الذي منع اللقاء في فندق البريستول هو رسالة واضحة ان لبنان اصبح تحت جزمة ايران، وطبعاً وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال لن يتحرك لأن ميزان العدل يميل لصالح الوصاية غير المعلنة، كما لم يتحرك معاليه لاستجواب من شتموا واهانوا فخامة رئيس الجمهورية في الشارع منذ ستة أشهر (ثم عاد حزب الرئيس وتحالف معهم في الإنتخابات). النيابة العامة عندنا ووزير العدل عندنا لهما حرية التحرك ما عدا في اتجاه الحكام الفعليين مهما انتهكوا القوانين.
2) جريدة النهار التي صدرت بصفحاتها البيضاء هي شرف للبنان وللحريات في لبنان علّ تاريخ صدور هذا العدد الأبيض من النهار يكون نقطة الإنطلاق لاستعادة الإستقلال المفقود. ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا التوجه بالتقدير لآل التويني الكرام الذين شكلوا معالم في الطريق لبنان الوطن والكيان ولا سيما غسان وجبران تويني.
3) في تأليف الحكومة: عدا عن أن ما يحصل هو مسخرة ومهزلة ومسرحية رخيصة هناك أمر واضح: ميزان القوى الذي يتحكم بهذا التأليف هو لصالح إيران وما ستقرره ايران هو الذي يحدد شكل الحكومة وليس جبران باسيل وسعد الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط مع حفظ الألقاب … كل ما يقال ويسمع من تصاريح وزيارات ومهل وغيره هو لتبرير الفشل الذي يشمل الجميع وبالنهاية قرار طهران هو الذي “يمشي” … الا اذا قرر البعض ممن هم ليس ميؤوساً منهم 100% الإستفاقة من سباتهم.