حازم الأمين/طهران أطاحت العبادي… وعبد المهدي مرشّح النجف لخلافته

64

طهران أطاحت العبادي… وعبد المهدي مرشّح النجف لخلافته
حازم الأمين/الدرج/16 أيلول/18

رجّح سياسي عراقي رفض الكشف عن اسمه لـ”درج”، أن الأميركيين سيوافقون، على عادل عبد المهدي، مرشّحَ تسوية لرئاسة الحكومة في العراق، لا بل من المرجّح أنهم وافقوا عليه، وهم بذلك أطاحوا بالرئيس الحالي للحكومة حيدر العبادي الذي خاضت طهران معارك سياسية هائلة في بغداد بهدف عدم التجديد له لولاية ثانية.

وروت مصادر أخرى قريبة من الحكومة العراقية تفاصيل ما حصل في الأيام القليلة الفائتة في بغداد فقالت: “السيد محمد رضا السيستاني نجل آية الله علي السيستاني رشّح عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء في العراق وذلك بطلب من إيران، على رغم أن عادل عبد المهدي قد احتل مواقع سيادية كثيرة في العراق، وهو من الوجوه القديمة جداً والتي لا تملك شعبية، وبالتالي لا ينطبق عليه ما نشر من مواصفات مطلوبة لرئيس الوزراء من قبل المرجعية الدينية”.

يُذكر أن عبد المهدي كان مقرّباً من زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الراحل محمد باقر الحكيم، وشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في العراق وقبلها كان وزيراً للنفط.

وأضاف المصدر المقرّب من الحكومة العراقية: “من أجل تحقيق الرغبة الإيرانية، سعى السيد محمد رضا السيستاني إلى استخدام مقتدى الصدر لإضعاف العبادي، وذلك بمسرحية ومؤامرة جلسة مجلس النواب المخصّصة لمناقشة مشكلات البصرة، التي حضرها العبادي بطيب نية لعرض ما أنجزته حكومته، إلا أنه جُوبِه بأمر مدبّر للإساءة إليه، وبالتالي الدعوة إلى استبداله، من خلال حملات إعلامية منظّمة، رغم ما أنجزه العبادي في استقرار البصرة، مع أن معظم مشكلاتها سببه تلكّؤ حكومتها المحلية، إضافة إلى تراكمات وإهمال لسنين طويلة من قبل حكومات سابقة”.

يكشف هذا الكلام العالي اللّهجة حيال النجف وحيال من كان يجمعه حتى الأمس بالعبادي تحالف انتخابي، أي مقتدى الصدر الذي مثّل حصان المهمّة الإيرانية في العراق، مستوى الاحتقان في الوسط الشيعي العراقي. واللافت هنا أن الصدر شكّل في المرحلة السابقة على انعطافته الأخيرة، طموحاً لخصوم طهران من العراقيين والعرب، ذاك أنه رفع الصوت عالياً في وجه النفوذ الإيراني، لكنه ما لبث أن استجاب مع الرغبة الإيرانية بالإطاحة بحليفه. كما شهدت جلسة البرلمان الأخيرة المخصّصة للبحث بأوضاع مدينة البصرة، شبه إعلان رسمي عن تخلّي الصدر عن العبادي. وقالت مصادر الحكومة العراقية لـ”درج” إن لديها معلومات موثّقة عن أن إحراق مقار الأحزاب والقنصلية الإيرانية في البصرة، تم ضمن خطة إيرانية بهدف الضغط على فريق العبادي وإسقاطه، وإن المنفّذين كانوا مجموعات منشقّة عن التيار الصدري.

“بحسب مقرّبين من المرجعية، فإن موافقة طهران على عبد المهدي هي جزء من عملية مناورة للتغطية على مرشّحها الفعلي، وهو مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض”

لكن ما يكشفه كلام “المصدر المقرّب من الحكومة” العالي اللّهجة حيال موقف المرجعية، هو المرارة التي يشعر بها المحيطون بالعبادي جراء التحوّل في موقف المرجعية، وهي مرارة ردّت عليها أوساط هذه المرجعية بنفي تبنّيها أي مرشّح، وسعيها إلى التعامل مع الأمر الواقع، “لا سيما بعد أحداث البصرة وما نجم عنها من تغيير في مواقف أقرب حلفاء العبادي، وهو السيد مقتدى الصدر”.

عادل عبد المهدي إذاً مرشّح النجف لرئاسة الحكومة، لكن وبحسب مقرّبين من المرجعية، فإن موافقة طهران عليه هي جزء من عملية مناورة للتغطية على مرشّحها الفعلي، وهو مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض، المقرّب من طهران ومن نوري المالكي. وطهران إذ تُلمح إلى قبولها بعبد المهدي لطمأنة النجف، فإنها تسعى إلى عدم حرق ورقتها الحقيقية، وهي فالح الفياض. في المقابل، ترى المرجعية أن قبولها بعبد المهدي هو استباق لاحتمال فرض طهران الفياض.

ووسط هذه التجاذبات، وهي شيعية في معظمها، يقف الأكراد متفرّجين على من يشعرون بأنهم حلفاء الأمس، ممّن تخلّوا عن تحالفهم “التاريخي” مع الأكراد وانقضّوا عليهم في كركوك، فيما السنّة العرب لا يبدون الكثير من الاكتراث لهوية رئيس الحكومة لجهة قربه من طهران أو بعده منها، وينتظرون من يمكنهم أن يعقدوا معه صفقة تحد من الخسائر التي لحقت بهم في السنوات القليلة الفائتة، بغض النظر عن قربه من طهران أو بعده منها.
لكن أكثر ما يلفت في الحدث العراقي الراهن هو ضعف تأثير واشنطن فيه، لا بل ضعف رغبتها في الحضور وسط هذا التجاذب، على رغم أنها العنوان الرئيسي للانقسام الشيعي، وعلى رغم أن حرب طهران على العبادي بدأت فعلاً بعدما أطلق مواقفه حيال العقوبات الأميركية على طهران.