الدكتورة رندا ماروني: عصر هولاكو وجنكيزخان

360

عصر هولاكو وجنكيزخان
الدكتورة رندا ماروني/12 آب/18

شهر الدم في طهران يدعو المرء للتساؤل أنحن في القرن الواحد والعشرين أم أن الزمن قد عاد إلى عصر هولاكو وجنكيزخان؟

فإلى جانب عمليات القمع التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الإيرانية داخل إيران، فإن أذرعها الممتدة إقليميا ودوليا مرتبطة مباشرة بأوامر المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يرأسه علي خامنئي الولي الفقيه، فلقد كشف باندلي مايكو رئيس الوزراء الألباني السابق بأن السلطات الأميركية أكدت له أنه من الضروري أن يزيد من حمايته الشخصية نظرا لوجود معلومات تقضي بتهديدات ضده، وفي حين أكد باندلي بأن إستراتيجية النظام الإيراني في هذه المنطقة غير مسبوقة إلا ” إنني لا أخاف”.

وتأتي التهديدات الأمنية لباندلي نظرا لكون ألبانيا هي المقر الرئيسي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بعد أن كان مقره العراق، حيث كان للنظام الإيراني محاولات لإبادة أعضاء هذا المجلس هناك إلا أنه باء بالفشل، وهناك تخوف تجاه وجود هذا النظام في ألبانيا حيث أكدت المعارضة الإيرانية أن السفارة الإيرانية زادت عدد موظفيها وأرسلت ناشطين رفيعي المستوى في مجال الإستخبارات بما ان اعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة للنظام نقلت أعمالها في عام 2016 من العراق إلى ألبانيا.

وكانت الوكالة الاعلامية “دانا نيوز” التابعة لأجهزة خامنئي الأمنية ذكرت في مقال أحد المحللين التابعين للنظام بأن منظمة مجاهدي خلق حاضرة في إضطرابات الشوارع أكثر من أي وقت مضى، فلقد أظهرت مراجعة الخبراء للتجمعات غير القانونية الأخيرة أن منظمة مجاهدي خلق قامت بتغييرات في تكتيكاتها، فعلى سبيل المثال في إضطرابات الشهر الماضي كانت هناك حاجة لفاصل زمني من يوم إلى يومين لتحويل شعارات الناس من شعارات مطلبية إلى شعارات سياسية وشعارات لإسقاط النظام، لكن في التجمعات غير القانونية في الأيام القليلة الماضية بعد بضع دقائق من بدء المسيرة بدأ الحشد يردد شعارات تطالب بإسقاط النظام.

ووفق البيان الأخير الصادر عن وزارة الداخلية الإيرانية، فإنه وخلال الشهر الماضي صدرت عشرات الدعوات بإسم الإحتجاج على التكلفة العالية والوضع المعيشي البائس في الفضاء المجازي وبأعداد كبيرة معظمها كانت ذات أصل أجنبي، ولكن تم إعادة نشرها من قبل الأفراد داخل وخارج الشبكات الإجتماعية، لا يمكن الإنكار أن منظمة مجاهدي خلق حاضرة في إضطرابات الشوارع هذه المرة وأكثر من أي وقت مضى لتظهر بأن المنظمة هي التي تتبنى الإضطراب وتثير الشعب.

كما أن البرلمان الإيراني كان قد تحول إلى ساحة لإبداء المخاوف من الانتفاضة ومن مجاهدي خلق وكتبت وكالة قوات الحرس خبر لقاء خامنئي بعدد من اتباع النظام دون أن يتضح وقت ومكان اللقاء، كتبت ما يلي: في الأيام الأخيرة إلتقت مجموعة من النشطاء الثقافيين خارج البلاد مع قائد الثورة، عبر خلالها أحد الحضور عن قلقه وقلق أتباع النظام خلف الحدود من مستقبل البلاد، إلا أن قائد الثورة أجاب ” نحن لا نشعر بالقلق على الإطلاق بشأن وضعنا فلا يستطيع أي شخص إرتكاب أي حماقة، كونوا مطمئنين، لا شك في هذا، أخبروا الجميع بذلك”.وبالرغم من تأكيد ولي الفقيه على الإمساك الكلي بالأمن واطمئنانه إلا أن شهر الدم يشهد مواجهات متتالية.

ولربما الاطمئنان العارم لولي الفقيه يستند إلى الحنكة في حياكة المؤامرات في الأراضي الأوروبية، مع العلم بأن الإتحاد الأوروبي هو المساند لطهران في مواجهة سياسة ترامب القاضية بفرض العقوبات ووتيرتها التصاعدية، حيث أن إقرار فرض عقوبات جديدة على طهران حديثا أثار ردود فعل من قبل قادة أوروبا، وأكد كل من الإتحاد الأوروبي ووزراء الخارجية الفرنسي والألماني والبريطاني في بيان أصدروه قائلين: “رفع العقوبات الخاصة بالبرنامج النووي جزء هام من هذا الاتفاق” وتعهدوا بالحفاظ على الناشطين الاقتصاديين في أوروبا لخوض تجارة قانونية.

ولعل الاقتصاد في أوروبا يحتل سلم الأولويات في السياسات المتبعة، ففي حين تواجه أوروبا قرارات ترامب يقوم النظام الإيراني بتصدير الإرهاب إليها، فلقد ألقي القبض على دبلوماسي إيراني مقيم في فيينا وهو واحد من أربعة أشخاص متهمين بمحاولة تفجير في مؤتمر لمجموعات المعارضة الإيرانية في باريس.
وأكد المدعون العامون الألمان أن أسدالله أسدي هو عضو في وزارة المخابرات والأمن كان يتولى مهمة المراقبة والإشراف على هذه المجموعات من داخل وخارج إيران واتهم بكونه عميلا خارجيا وجاسوسا لعمليات القتل.

وقد أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خطط الاغتيالات منتقدا باريس التي تؤيد نوايا النظام الإيراني، قائلا: “ويؤيد ذلك كل ما نحتاج إليه أن نعلمه بشأن النظام الإيراني، وبينما يخططون سرا الهجمات الإرهابية في عقر دار أوروبا، يحاول متزامنا إقناع أوروبا للبقاء في الإتفاق النووي” كما اتهمت نيكي هايلي المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبي بأنه يقوم بالتلاعب السياسي بشأن هذه القضية وقالت: “يمكن للإتحاد الأوروبي أن يفعل ما يشاء ولكن لا يمكنكم التغاضي عن نشاطات إيران وبالتالي على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ القرار”

هذا التغاضي لأوروبا يقابله تأكيد لا ريب فيه من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ففي بيان صادر عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في هذا المجلس محمد محدثين أكد فيه بأن تخطيط الاغتيال تم إتخاذه من قبل قادة النظام الإيراني وشبه ما قام به النظام الإيراني من تخطيط لعمليات أحبطت في ألبانيا وباريس بالعمليات التي كان داعش ينفذها من حيث إستهداف الكمية الكبيرة من الجماهير وإصابة أعداد كبيرة من الافراد، مقاربتا لأفعال داعش بأفعال إيران، أو تلميحا، بأن داعش هي وليدة إيران، يملكان نفس الأسلوب، أسلوبا ذو نقلة نوعية خارقة للقرون، لترجع النظام إلى عصر هولاكو وجنكيزخان.
كان ما كان
قديم الزمان
عصر هولاكو
وجنكيزخان
جار بطش
حرض وخان
قتل ما قتل
وملك الزمان
وأصبح آمرا
ناهيا ديان
أضرم الرعب
نارا ودخان
نحر الربيع
أدمى الأقحوان
غضب داكن
غادر جبان
مر الدهر
عاد وبان
ليحبك الحبكة
وينص البيان
ويعلن أمره
مجابا مصان
كان ما كان
قديم الزمان
عصر هولاكو
وجنكيزخان.