الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون: التيار يريد الثلث المعطل وإلغاء دور رئيس الحكومة

106

الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون: التيار يريد الثلث المعطل وإلغاء دور رئيس الحكومة
البيان/28 تموز/18

نحن في مكانك راوح منذ أشهر، فلم تتشكِّل الحكومة، ولم ينطلق العمل في المجلس النيابي، ولم يتغير شيء في البلد، كل يوم يزداد وضعنا الإقتصادي والمعيشي سوءًا، وكل المسؤولين، وهم غير مسوؤلين، يتصارعون ويتبارون في وسائل الإعلام على شد الحبال ورفع سقف الخطاب الناري، وجميعهم متفقون على المحاصصة، ولا أحد منهم يفقه لا بأمر البلاد ولا بأمر العباد.
تناولت “البيان” مع الوزير السابق الدكتور عبد الحميد بيضون أسباب جمود الحراك السياسي وعدم تشكيل الحكومة، وطرحنا معه نقاطاً وملفات لبنانية وعربية أخرى.
بداية، طرحنا على الدكتور عبد الحميد بيضون السؤال التالي:
ماذا ينتظرون لتأليف الحكومة؟ وما هي العراقيل التي تحول دون إنجاز هذا الاستحقاق؟
واضح جداً أن مطلب التيار الوطني الحر هو الحصول على الثلث المعطل لتصبح الحكومة بذلك رهينة لديهم. وهذا أمر يمس بصلاحيات رئيس الحكومة بشكل مباشر، ويلغي دوره بشكل أساسي. هذه هي العقدة الرئيسية التي تحول دون تأليف الحكومة. أما العقدة الثانية، فهي أن جميع الأطراف متشاركون في النظر الى تأليف الحكومة على أنها محاصصة. بينما يقول إتفاق الطائف إبحثوا عن الكفاءات، والمنطق يقول أيضاً إن الحكومة يجب أن تأتي من كفاءات ولا أحد ينكر ان يكون فيها تمثيل سياسي، لكن من الضروري ان تحتوي الحكومة في نواتها على كفاءات أساسية توحي بالثقة. بينما كل الأسماء المتداولة حالياً لتأليف الحكومة الجديدة لا توحي بالثقة. الرئيس سعد الحريري موضوع أمام عقدتيْن كبيرتيْن: العقدة الأولى أنهم يريدون سلبه صلاحياته كرئيس للحكومة لتصبح استقالة الحكومة بيد غيره، والعقدة الثانية هي أنهم يفرضون عليه أسماء تبعد عنه نيل الثقة. وهذه الأجواء مجتمعة لا تبشر بالخير.
هل ستدفع هذه الضغوطات بالرئيس المكلف سعد الحريري الى الإعتذارعن تشكيل الحكومة؟
لا يستطيع أن يفعل ذلك لأن في الأمر مسؤولية كبيرة، وقد نال 111 صوتاً حين كلف لتشكيل الحكومة. هذه المسؤولية لا تسمح له بالاعتذار. إن اعتذار الرئيس الحريري سيهز البلد والاستقرار فيه. غير مسموح له بالاعتذار، ولكن في الوقت نفسه يفرضون عليه شروطاً تعجيزية وغير مقبولة. نسمع اليوم ان كل الأحزاب والتيارات والقوى السياسية في حرب ضروس مع الفساد، والمحاصصة هي رأس هذا الفساد، وجميع القوى السياسية مشاركة في المحاصصة. من يريد محاربة الفساد عليه ان يبدأ بإسقاط سياسة المحاصصة من قاموسه وحساباته، بينما هم يعملون على تعزيز هذه المحاصصة باسم الحقوق المهدورة. سمعنا آخر تصريح للرئيس الحريري من إسبانيا صرح فيه أن الحكومة لن تكون إلا بالتوافق. وجاء ذلك على أثر ما يمارسه التيار الوطني الحر الذي يريد أن يلغي القوات والكتائب ولا يريد ان يتمثلا في الحكومة. ان التيار الوطني الحر يعمل بطريقة لإلغاء كل الأطراف المسيحيين الآخرين. لهذا فإن العونيين يضغطون على الرئيس الحريري لأنهم لا يريدون وزراء قواتية أو كتائبية. لا يستطيع الرئيس الحريري الرضوخ لطرف يريد ان يلغي أطرافاً أخرى، وهو ليس بأداة تُستخدم بحرب الإلغاء. لهذا يحاول الرئيس الحريري ان يبث أجواء تفاؤلية وتوافقية لكي تنجلي الصورة بشكل نهائي.
على الرئيس الحريري أن يجد صيغة لتاليف الحكومة، لكن يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن صيغة تكون هي السبب في إفشاله. عليه إيجاد صيغة تضمن له ثقة اللبنانيين. أنصح الرئيس الحريري ان يؤلف حكومة مصغرة من 10 وزراء من بينهم أربعة وجوه تعمل بشكل جدي وتبث الثقة بالناس ويوزع الـ6 وزراء الباقيين على القوى السياسية.
أين رئيس الجمهورية من كل ما يحصل؟
إنهم يخلقون أعرافاً جديدة غير دستورية. أولاً في الحديث عن حصة للرئيس، فإن هذا الأمر غير دستوري لأن لا حصة لرئيس الجمهورية. ثانياً، ان الدستور والطائف يقولان إن السلطة التنفيذية مناطة بمجلس الوزراء. يعني ذلك ان رئيس الجمهورية ليس جزءًا من السلطة التنفيذية. إذا حضر رئيس الجمهورية جلسة مجلس الوزراء فهو يترأسها ولكن لا يصوت. الدستور اللبناني أعطى رئيس الجمهورية مهمة التحكيم ولم يعطِه الحق ليكون من السلطة التنفيذية. ما نعيشه اليوم أنهم يحاولون قلب الأمور ويوحون وكأن رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفذية. هذا أمر خطير جداً وله انعكاسات سلبية داخلياً وعلى مستقبل البلد.
كيف تقيم علاقة لبنان بالدول العربية في هذه المرحلة؟
إنها علاقة سيئة جداً. لبنان موضوع تحت الخيمة الإيرانية بقوة السلاح والمال. تمول إيران 17 حزباً في لبنان. إذاً بقوة السلاح والمال وضعت إيران يدها على لبنان، وعملياً إيران تحتل لبنان. هذا الوضع يجعل من جميع العرب قلقين من لبنان وعليه. لذلك فإن وضع لبنان تحت الاحتلال الإيراني يساهم في قتل الاقتصاد اللبناني. يعتمد اقتصاد لبنان على التدفقات المالية من الخارج أكانت من خلال السياحة أم التجارة. ان هذه التدفقات الخارجية تنقص وتتراجع كلما تبين ان لبنان تحت قبضة إيران أكثر فأكثر. ونحن نعاني منذ سنوات من هذا التناقص. من هنا اضطر البنك المركزي لاعتماد هندسة مالية قامت على جلب الدولار من الخارج. لو كنا في وضع طبيعي كما في السابق لما كان اضطر البنك المركزي لاعتماد هذه الطريقة.
ماذا عن قانون تشريع الحشيشة المطروح موخراً؟
الخوف كل الخوف من تشريع الحشيشة بغرض طبي ليصلوا بعد ذلك الى تشريع الكوكايين والهيرويين أي تشريع زراعة الأفيون. يريد الطرفان الشيعيان إرضاء أهل البقاع بأي ثمن. لكن في الواقع نحن ذاهبون نحو كارثة حقيقية. فمن يضمن ضبط هذا القطاع كما يصرّحون؟ لا يمكن ان تضبط هذه الأمور ومصانع الكوبتاغون أكبر مثال على ما أقوله. مصانع الكوبتاغون منتشرة في كل لبنان ولا أحد يستطيع ان يصادرها ويقفلها. إنهم يستعملون أسوأ الوسائل ليضحكوا بها على الناس. لنتكلم بصراحة: مزارع الحشيشة لا يحصل على مردود مالي مهم، ولو كان الهدف من كل ذلك مساعدة قطاع المزارعين لكانوا أمّنوا لهم زراعات بديلة وأسواق تسويق وتصريف. إنهم يعملون بشكل رخيص جداً لاسترضاء الجمهور دون مبادئ أخلاقية ودون ان يحصل الجمهور على شيء مهم.
كما ان موضوع العفو عن الموقوفين في تهمة المخدرات والحشيشة مطروح بقوة وسيصدر لاحقاً لأنهم متفقون عليه قبل الانتخابات. كما أن ملف الموقوفين الإسلاميين لن يتركه الرئيس الحريري وسيعمد الى إصدار عفو عام لهم أيضاً.
ماذا عن الكلام الذي يطرح في موضوع عودة العلاقات اللبنانية- السورية؟
سياسياً لا أعتقد ان للبنان مصلحة بإعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية بينه وبين النظام السوري. هناك علاقات بين الطرفين من خلال قنوات أمنية. لكن، في الوقت الراهن لا مصلحة للبنان بفتح باب العلاقات مع سوريا في وقت يعتبر العالم بأكمله ان الأسد مرتكب جرائم حرب وبحق الإنسانية. لا أحد يقبل وضع يده اليوم بيد الأسد. حتى نبيه بري صنيعة السوريين لم يزر الأسد منذ فترة طويلة وهو بعيد عنه.
يعيش النظام السوري أزمة تجنيد، لهذا يريد العائلات النازحة في لبنان، ومن هنا نرى أن حزب الله يعد اللوائح بأسمائهم، يريد الشباب من تلك العائلات الذين هم في سن التجنيد. ما يحصل اليوم هو عملية فرز للنازحين السوريين. كل واحد لا يريده النظام يرميه في لبنان. أما العائلات التي لديها شباب في سن التجنيد فيريد أن يضمهم الى جيشه الذي تضاءل عدده بشكل كبير. حزب الله مهمته انتقاء العائلات التي لديها شباب في سن التجنيد العسكري، وهذه مؤامرة تحاك على النازحين من قبل هذا الحزب.