عقل العويط: عيشة كلاب وميتة كلاب في جمهورية المواطنين – الكلاب

160

عيشة كلاب وميتة كلاب في جمهورية المواطنين – الكلاب
عقل العويط/النهار/12 تموز/18

المواطن العاديّ يختنق. يُهان. يُذَلّ. يُدعَس.
يجوع. يعطش. يمرض. يُقتَل. ويموت.
هذا المواطن العاديّ هو بالتأكيد كناية عن ثلاثة أرباع اللبنانيين. العدد ليس مهمّاً. أكثر أو أقلّ.
إنه يُعامَل كالكلاب التي يُسمَّم لها.
الفرق بينه وبينها، هو في الشكل، وليس في المضمون. النتيجة واحدة، على كلّ حال: عيشة كلاب وميتة كلاب.
لكنّ هذا المواطن العاديّ لا يريد هذا المصير. إنه يريد الحياة. الحياة الكريمة: الهواء النظيف، الماء النظيف، الطعام النظيف، الصحة، الدواء، الوظيفة، البيت، المدرسة، الجامعة، الضمان، الأمن، الحقّ، القانون. ويريد خصوصاً الكرامتَين الشخصيّة والوطنيّة.
هذا المواطن العاديّ، لا يطالب بشيءٍ خاصّ، أو إضافيّ. إنه يطالب بالحدّ الأدنى لكونه مواطناً في دولة، في جمهورية. تدعى الجمهورية اللبنانية.
لكنه يجب أن يعلم، أنه هو بالذات مسؤول جزئياً عن كونه كلباً في الجمهورية هذه، ويتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية هذا المصير الذي آل إليه وضعه. يهمّني دائماً أن أذكّره بهذه المسؤولية، وإن كان مرميّاً كالكلاب.
الجزء الثاني الكبير جداً من هذه المسؤولية، يقع على عاتق السلطات، التي من كثرة ما سمّيتُها بالاسماء والمواقع ومن دون استثناء، لم يعد تعنيني كثيراً الإشارة اليها.
يكفيني أنّي فعلتُ علناً وجهاراً، مراراً وتكراراً، لكنْ، متفادياً، بقوّة وبعزم، التجريح الشخصي أو الشتيمة، ملتزماً الحدود التي يمليها عليَّ وجع الكرامتَين الشخصية والوطنية.
عارٌ أن يعرف المواطن العاديّ أنه مسؤول، لكنه، على الرغم من ذلك، لا يفعل شيئاً. بل يتواطأ في أحيان، ضدّ نفسه، وضدّ مواطنه، وضدّ بلاده، خدمةً لجلاّديه. تفه عليك أيها المواطن، وإن تكن في مقبرة.
إنما العار الأكبر، هو أن يعرف المسؤول أنه مسؤول، ويظلّ يمعن في مسؤولية الارتكاب.
بصفتي كاتباً، ماذا ينبغي لي أن أفعل حيال هذا الوصف؟
هل يحقّ لي أن أسكت، أن أتواطأ، أن “أدوّر زوايا الكلام”، لئلاّ أتفوّه بما أؤمن أنها الحقيقة الكاملة، التي أخشى أن يجرّني مسؤولٌ ما، بسببها (هذه الحقيقة) إلى المحكمة، وأنا لا أريد أن أتبهدل، أكثر من البهدلة التي أقيم فيها كمواطن مجروح وممعوس ومذلول ومهان؟
هذا السؤال بالذات، أضعه على سبيل الإحراج المعنوي والمادي، أمام رئيس البلاد، وأمام رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأعضائهما. وأضع السؤال هذا، خصوصاً، أمام السلطة القضائية.
هل ينتفض أحد هؤلاء رفعاً للعار؟
أرجو أن “يرتكب” واحدٌ من هؤلاء المسؤولين والسلطات، “انتفاضة” كهذه، كي لا يضطر “مواطنٌ عاديّ” أن يصرخ الحقيقة المدويّة: نعيش عيشة الكلاب ونموت ميتة الكلاب، فكيف تقبلون المسؤولية في جمهورية المواطنين – الكلاب؟!