الدكتورة رندا ماروني/العهد القوي والقانون

452

العهد القوي والقانون
الدكتورة رندا ماروني/03 حزيران/18

لقد إستخدم مصطلح ‘القوة” بكثرة في الآونة الأخيرة من قبل بعض السياسين اللبنانيين للتعبير عن حالة من التفوق، هذا التفوق الذي يخول صاحبه بإعتقاد هؤلاء التفرد بإتخاذ القرارات دون حسيب أو رقيب أو شريك أو قانون أعلى.
إن التشديد عامة على ظاهرة القوة في السياسة لا يعني أن القوة غاية بذاتها إنما وسيلة لتحقيق غاية سياسية، لذلك كان لا بد من وضع ضوابط لممارسة القوة وهذه الضوابط يعبر عنها القانون، أي مجموع القواعد الحقوقية التي تضعها السياسة من أجل إستعمال القوة في خدمة هدف السياسة بشكل أكثر فعالية.
وبدون القانون تصبح القوة غاية بذاتها وتتناقض مع غاية السياسة، وبدون القوة يصبح القانون مجرد قواعد لا قيمة لها عمليا.
فالقوة والقانون ليسا سوى وسيلتين لا معنى لهما بذاتهما إنما بالهدف المنوي تحقيقه، عبر التنظيم السياسي، والدولة بصفتها مؤسسة تجمع بين القوة والقانون.
وهذا الجمع يعطي السلطة السياسية الشرعية إذ إن القانون يقف في هذه الحالة كضابط حيث تخضع القوة في أحكامها للقانون.
فالسلطة التي لا تأبه بالقواعد الحقوقية تفقد الشرعية وتتحول إلى ديكتاتورية لأنها لا تعود تتركز إلا على مبدأ القوة غير المرتبطة بغاية السياسة الأساسية.
كما أن السلطة غير القادرة على تنفيذ القانون تفقد أيضا شرعيتها لأنه لا يمكنها تحقيق هذه الغاية فتدب الفوضى، التي هي إحدى الحالات التي تبين لنا مدى خطورة الإنفصال بين القوة والقانون.
وإذا كانت القوة الوسيلة الأساسية للسياسة لأنه لا غنى عنها في تنظيم المجتمع السياسي، فهذا الأخير لا يمكنه أن يستمر إلا إذا كانت قوة السلطة الحاكمة أقوى من القوى الداخلية الأخرى وقادرة على التصدي بفاعلية للمطامع الأجنبية التي تهدد أمنه واستقلاله.
وإذا نظرنا إلى السياسة الخارجية والسياسة الداخلية للعهد القوي نراهما وجهان لعملة واحدة، حيث يكفي أن نقرأ السياسة الخارجية لنعرف ما يدور في الأروقة الداخلية والأهداف المبتغاة.
عهد إستعان بالسلاح غير الشرعي المطعم بأطماع إقليمية للوصول الى السلطة،
عهد إرتضى التغاضي عن تنفيذ القرارات الدولية وخرج عن الإجماع العربي،
عهد يصف نفسه بالقوي دون وجود مقومات القوة الفعلية لديه حيث إرتضى المساكنة والتغطية والدفاع والتشريع لقوة داخلية إلى جانب قوة السلطة الحاكمة.
في ظل كل هذه التنازلات عن المبادئ والمسلمات نتساءل إذا ما زال هناك مكان للقانون في عملية تنظيم المجتمع السياسي الداخلي.
ولا عجب أن نستيقظ كل صباح على وقع فضيحة جديدة تظهر مدى جشع ولا مسؤولية وإستهتار الطقم السياسي الحاكم بالكيان اللبناني ومصالح الدولة ضاربا القانون بعرض الحائط مظهرا القوة أداة وحيدة في إدارة اللعبة السياسية الداخلية طمعا بالمنافع وصولا للإحتكار.
فمرسوم التجنيس الذي يحتوي على أسماء مقربة من الدائرة الضيقة للنظام السوري، وأسماء فلسطينيين، ليس سوى حلقة في سلسلة ستطول ما دام مفهوم القوة منفصل عن مفهوم القانون والقيادة تختصر بالقوة والتسلط والقانون يوصف بالشبح.
تسلط القيادة
وشبح القانون
في العهد القوي
نتراجع قرون
مفاهيم تتلاشى
في حضرة السكون
وأخرى تتقدم
تتفشي طاعون
ينظمها عبقري
يروجها مجنون
في أبهى حلل
جنونه فنون
الحكم يصيغه
والباقي آخرون
الهدف يرسمه
عله يكون
تسلط القيادة
شبح القانون
في العهد القوي
نتراجع قرون.