ماذا ينتظر معطّلو الانتخابات الرئاسية انتصار إيران أم عقد مؤتمر تأسيسي؟

326

ماذا ينتظر معطّلو الانتخابات الرئاسية انتصار إيران أم عقد مؤتمر تأسيسي؟

اميل خوري/النهار

28 تشرين الأول 2014

مطران مارواني يمضي آخر أيام حياته في الصلاة والتأمل بعدما عاش زمن الانتداب الفرنسي، وزمن الحروب الداخلية، وزمن الوصاية السورية وزمن ما بعد انتهاء هذه الوصاية، يختصر كل هذه المراحل بالقول آسفاً “إن كل زمن يترحم على ما قبله”. وعندما يسمع ويقرأ عن الأسباب التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية يتساءل ماذا ينتظر معطلو الانتخاب. وهل يعلمون الى أين يذهبون بلبنان وبالدولة اذا استمر التعطيل وطال الانتظار!

إن بعض من يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية يقولون انهم يريدون رئيساً قوياً يصنعونه هم وليس اي خارج لئلا يكون ضعيفاً ولا طعم له ولا لون ولا رائحة. فلماذا لا يتفقون اذاً على تسمية هذا الرئيس ولا يلقون اللوم على الآخرين ولا سيما على الشريك المسلم لأنه لا يساعد على انتخاب هذا الرئيس القوي كي يتساوى الرئيس الماروني بالقوة مع الرئيس السني والرئيس الشيعي وينسى هؤلاء ان الشيعة اتفقوا على مرشح واحد لرئاسة المجلس والسنة اتفقوا على مرشح واحد لرئاسة الحكومة اما الموارنة فلم يتفقوا على أي مرشح وطلبوا من الشريك المسلم ان ينتخب احد المرشحين الاربعة الاقوياء من 8 و14 آذار. ولكن ما العمل اذا توزعت اصوات النواب على هؤلاء المرشحين ولم ينل اي منهم الأكثرية النيابية المطلوبة؟ قد يكون من حقهم لوم الشريك المسلم لو انهم اتفقوا على مرشح واحد للرئاسة الاولى او على مرشحين اثنين من الاقطاب، ولا بد عندئذ من ان يفوز أحدهم بأكثرية الاصوات المطلوبة، أما أن يتعذر الاتفاق على أي مرشح ثم يقع اللوم على الشريك المسلم، فهذا عيب. وتابع المطران تساؤله هل ينتظرون تعديل الدستور لجهة انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب وهو تعديل يطول البحث فيه وقد يفتح الباب لتعديلات أخرى. وثمة من يقول إن انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب يأتي حكماً برئيس قوي والأكثرية الناخبة لم تعد مسيحية بل أصبحت اسلامية وهي التي تأتي بالرئيس حتى وان كان قوياً فان يكون من خطها السياسي الذي يتعارض مع خط الأكثرية المسيحية. وهو ما حصل عندما انقسم اللبنانيون بين من هم مع المقاومة الفلسطينية في لبنان ومن هم ضد هذه المقاومة. ومن هم مع “التيار الناصري” ومن هم ضده، وبين من هم مع بقاء الوجود العسكري السوري في لبنان ومن هم ضد بقائه. وها هم اليوم ينقسمون بين مؤيد للنظام السوري ومناهض له. وعلى افتراض تقرر انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب فالفائز قد يكون مؤيداً لهذا النظام لأن اصوات المسيحيين تتوزع بين المرشحين القويين في حين تصب أكثرية أصوات المسلمين على المرشح الذي تريده فيزداد الانقسام الداخلي سياسياً ومذهبياً وتنهار الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي، في حين أن انتخاب الرئيس بواسطة النواب قد يأتي في هذه الحالة برئيس مستقل لا يكون في انتخابه غالب ومغلوب وتأييد الأكثرية التابعة الساحقة له من كل الاتجاهات يجعله قوياً وقادراً على الحكم بعدل واعتدال.

هل ينتظرون اجراء انتخابات نيابية حتى على أساس قانون الستين، فمن يضمن في هذه الحالة الا تعود تركيبة مجلس النواب المنبثقة منها كما هي حالياً بين 8 و14 آذار فتبقى أزمة انتخاب رئيس للجمهورية على حالها. واذا كان مطلوباً اجراء انتخابات على أساس قانون جديد فمتى يصير اتفاق عليه والى متى تظل البلاد بلا رئيس، الى ان يتم التوصل الى هذا الاتفاق ولماذا لم يفكر هؤلاء بما يقترحونه اليوم قبل انتهاء ولاية الرئيس سليمان كي يكون متسع من الوقت للبحث والمناقشة ولا يمر الوقت على حساب الشغور الرئاسي؟ هل ينتظرون نتائج التطورات الجارية في المنطقة على أمل ان تكون في مصلحتهم فيأتون بالرئيس الذي هو من خطهم السياسي: وماذا لو طال انتظار هذه النتائج، هل يظل لبنان بلا رئيس، وهل يستطيعون بالتالي فرض رئيس غالب على مغلوب في لبنان الذي لا يحكم، نظراً لتركيبته الدقيقة، الا بالتوافق والتسويات.

ويختم المطران بالقول إن معطلي انتخاب رئيس الجمهورية اذا كانوا يقدمون فعلاً مصلحة لبنان على أي مصلحة فما عليهم سوى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت بمعزل عما يجري في المنطقة كي يأخذ الرئيس الجديد على عاتقه مهمة النهوض بلبنان في كل المجالات وعزل أزمات المنطقة عن الداخل فيه.

والسؤال الذي يبقى مثيراً للقلق ولهواجس الناس هو: الى متى يبقى لبنان محكوماً بمجلس ممدد له ولا يشرع الا للضرورات وبحكومة تقف على كف عفاريت، ولا احد يعرف في كف أي عفريت ستسقط فيكون الفراغ الشامل الذي لا خروج منه الا بعقد مؤتمر تأسيسي كأمر واقع، يعيد النظر في اتفاق الطائف وربما بصيغة لبنان حتى اذا ما صار خلاف على ذلك عادت الحرب وعاد الكلام على “الفيدرالية” والكونفيدرالية؟ او يكون الاتفاق على اعتماد الحياد هو السبيل الوحيد لحماية استقلال لبنان وسيادته وحريته، وهو الذي يساعد على إلغاء الطائفية وعلى اقامة الدولة المدنية القادرة والعادلة التي تساوي بين الجميع في تطبيق القوانين، وأخيراً؟