النصّ الكامل لتقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس حول مدى تطبيق القرار 1559

57

النصّ الكامل لتقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس حول مدى تطبيق القرار 1559

المركزية/25 أيار/18

حصلت “المركزية” على النص الكامل لتقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس  والذي يحمل الرقم 27  في اطار التقارير النصف سنوية التي ترفع  الى مجلس الامن الدولي حول مدى تطبيق القرار 1559 الصادر في العام 2004، وهذا نص التقرير:

تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 (2004)

تقرير الأمين العام نصف السنوي السابع والعشرون

١ –    هذا التقرير هو تقرير الأمين العام نصف السنوي السابع والعشرون المقدم عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 (2004). ويتضمن التقرير استعراضاً وتقييماً لتنفيذ القرار المذكور منذ صدور تقريري السابق بهذا الشأن في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017 (S/2017/867)، وهو يغطي ما حدث من تطورات حتى 10 أيار/مايو 2018.

أولا –   تنفيذ القرار 1559 (2004)

٢ –    منذ اعتماد مجلس الأمن قراره 1559 (2004) في ٢ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٤، تم تنفيذ عدة أحكام مما نص عليه القرار على النحو المبين في التقارير السابقة. غير أن عددا من أحكامه ما زال لم يُنفذ بعد، بما في ذلك ما يتعلق منها بوجود الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وأنشطتها.

ألف –   سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي

٣ –    سعى مجلس الأمن، باتخاذه القرار 1559 (2004)، إلى تعزيز سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة حكومــة لبنــان وحدها دون منازع في جميع أنحاء البلد، وفقا لاتفاق الطائف المبرم في عام 1989 الذي التزمت به جميع الأطراف السياسية في لبنان. وظل تحقيق ذلك الهدف هو الأولوية التي أتوخاها فيما أبذله من جهود.

٤ –    وكما ذكرتُ سابقاً في تقريري المؤرخ 8 آذار/مارس 2018 عن تنفيذ قرار مجلس الأمن ١٧٠١ (2006) (S/2018/210)، أعلن رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، من الرياض استقالته من منصبه في ٤ تشرين الثاني/نوفمبر 2017. وفي وقت لاحق، أصدر رئيس لبنان، ميشال عون، بياناً قال فيه إنه سينتظر عودة رئيس الوزراء إلى لبنان لتحديد الخطوات المقبلة، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية الوحدة الوطنية. وفي ٥ تشرين الثاني/نوفمبر، أصدرتُ بياناً أعرِب فيه عن قلقي إزاء هذا التطور وعن أملي في أن تركّز جميع الأطراف جهودها على دعم استمرارية مؤسسات الدولة في لبنان وفقاً لأحكام الدستور وعلى صون أمن البلد واستقراره، وأؤكد فيه من جديد التزام الأمم المتحدة بدعم أمن لبنان وسيادته وسلامته الإقليمية. وفي أعقاب اجتماع عُقد بين الرئيس عون ومجموعة الدعم الدولية للبنان في ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر، أعرب أعضاء المجموعة عن ”استمرار قلقهم إزاء الوضع والغموض السائد في لبنان“ ورحبوا ”بدعوة الرئيس لعودة رئيس الوزراء الحريري إلى لبنان“.

٥ –    وكما أشيرَ في تقريري عن تنفيذ القرار ١٧٠١ (2006) (المرجع نفسه)، عاد رئيس الوزراء الحريري إلى لبنان في ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر. وفي اليوم التالي، أعلن أنه قرر تعليق استقالته بناءً على طلب من الرئيس، ”لإفساح المجال لمزيد من التشاور بشأن أسبابها السياسية“ وأعرب عن أمله في أن يفضي ذلك إلى تجديد ”التمسك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني ومعالجة المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب“. وفي ٥ كانون الأول/ديسمبر، أصدر مجلس الوزراء اللبناني بياناً أكد فيه التزامه بالبيان الوزاري الصادر عنه في ٢٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٦، مشيراً إلى أن لبنان يجب أن ينأى بنفسه عن النزاعات الإقليمية والشؤون الداخلية للبلدان العربية ومؤكداً مرة أخرى التزامه بالقرار 1701 (2006) وباتفاق الطائف وميثاق جامعة الدول العربية. وفي وقت لاحق، سحب رئيس الوزراء استقالته.

٦ –    وفي ٨ كانون الأول/ديسمبر 2017، عقدت مجموعة الدعم الدولية للبنان اجتماعاً رفيع المستوى في باريس. وفي بيان مشترك، أعربت المجموعة عن ارتياحها لعودة رئيس الوزراء إلى بيروت، مشيرةً إلى قرار مجلس الوزراء بشأن سياسة النأي بالنفس عن أي نزاعات أو حروب إقليمية وعن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية وملاحِظةً أنها ”ستولي اهتماماً خاصاً لتنفيذ جميع الأطراف اللبنانية قرار المجلس“ ودعت ”جميع الأطراف اللبنانية إلى تنفيذ هذه السياسة الملموسة المتمثلة في النأي بالنفس عن النزاعات الخارجية وعدم التدخل فيها، باعتبارها أولوية هامة، وذلك وفقا لما ورد في الإعلانات السابقة وتحديدا في إعلان بعبدا لعام 2012“. وأعادت المجموعة تأكيد الحاجة إلى التنفيذ الكامل والاحترام التام لجميع قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القراران 1559 (2004) و 1701 (2006). وعزز مجلس الأمن تلك الرسائل في بيان صحفي صدر في 19 كانون الأول/ديسمبر بشأن الحالة في لبنان.

٧ –    وشدد رئيس الوزراء الحريري، في خطاب افتتاحي أدلى به في اجتماع ٨ كانون الأول/ديسمبر، على التزام حكومته بسياسة النأي بالنفس. ولاحظ الطابع الفريد لاتفاق الحكومة على قرار النأي بالنفس، فقال إن ”جميع الأحزاب السياسية اتفقت على سياسة النأي بالنفس، وكل حزب سياسي [ممثل] على طاولة مجلس الوزراء مسؤول عن النأي بالنفس. والضمان هو أن هذا القرار اتخذ بالإجماع“. وبعد اجتماع عُقد في ١٥ شباط/فبراير ٢٠١٨ مع ريكس تيلرسون، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، صرّح الرئيس عون حسب التقارير بأن ”لبنان يلتزم سياسة النأي بالنفس التزاماً تاماً ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكنه غير مسؤول عما يحدث من تدخلات من خارجه“.

٨ –    وفي اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان المعقود في كانون الأول/ديسمبر، طرحت المجموعة خارطة طريق طموحة تهدف إلى دعم لبنان، بما يشمل عقد مؤتمر وزاري لدعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي تستضيفه روما (”مؤتمر روما الثاني“) ومؤتمر اقتصادي يرمي إلى تنمية لبنان عن طريق الإصلاحات تستضيفه باريس.

٩ –    وفي خطوة تشكل تقدماً حيوياً نحو إعادة تنشيط مؤسسات الدولة اللبنانية، نسقت الحكومة عقد انتخابات نيابية استنادا إلى القانون الانتخابي الذي اعتُمد في حزيران/يونيه ٢٠١٧. وفي ٢٢ كانون الثاني/يناير 2018، وقّع الرئيس عون ورئيس الوزراء الحريري مرسوماً يدعو إلى إجراء انتخابات نيابية في ٦ أيار/مايو مع إعطاء المقيمين خارج البلد فرصةً للتصويت في ٢٧ و ٢٩ نيسان/أبريل. ومن أصل 597 مرشحا، بلغ عدد المرشحات 86 امرأة مثلن نسبة 14.4 في المائة من إجمالي المرشحين. وأفادت التقارير بأن فترة الحملات الانتخابية شهدت تصاعدا في الخطاب الطائفي.

١٠ –   وبلغ معدل إقبال الناخبين على انتخابات 6 أيار/مايو ما نسبته ٤٩,٢ في المائة. وأشارت النتائج الأولية، التي كانت متاحة وقت إعداد هذا التقرير، إلى انخفاض في تمثيل تيار المستقبل، وزيادة في تمثيل حزب القوات اللبنانية، وتوطيد لوجود حزب الله وحركة أمل في البرلمان. ومن بين ١٢٨ عضوا نيابيا منتخبا، حصلت ست نساء على مقاعد في المجلس النيابي. ووفقاً لما جاء على لسان المراقبين الانتخابيين التابعين للاتحاد الأوروبي، ”تم التصويت في اليوم المحدّد للانتخابات في أجواء سلمية عموماً واتسمت إدارة مراكز الاقتراع بالكفاءة، مع وجود وكلاء للمرشحين والقوائم الانتخابية تتنوع توجهاتهم السياسية. وجرى إحصاء الأصوات وتجميعها بصورة شفافة. وتمكن جميع المراقبين التابعين لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات من رصد عملية الاقتراع دون عوائق“.

١١ –   وفي بيان مؤرخ ٨ أيار/مايو، هنأتُ لبنان على إجرائه انتخابات نيابية هي الأولى منذ عام ٢٠٠٩. وأضفتُ أن ”الانتخابات تمثل خطوةً حيوية نحو تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية وتوطيد تقاليدها الديمقراطية“ وأنني أتطلع إلى تشكيل لبنان حكومته الجديدة. وفي بيان صدر في ٩ أيار/مايو، صرح المتحدث الرسمي باسم الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، متفقاً مع مراقبي الاتحاد الأوروبي فيما أشاروا إليه، بأن ”الانتخابات نُظمت بشكل جيد وجرت في أجواء سلمية عموماً، فيما يعد دلالةً واضحة على نضج المؤسسات الديمقراطية اللبنانية وعلى تطلعات الشعب اللبناني إلى التغلب على أوجه الهشاشة المزمنة بغية توحيد البلد تحت راية الديمقراطية“، وأضاف المتحدث أن زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية سيكون عاملا مهما في المستقبل. وفي بيان مؤرخ 10 أيار/مايو، قدمت مجموعةُ الدعم الدولية للبنان المجتمعة في بيروت التهنئة ”إلى الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية بمناسبة إتمام الانتخابات النيابية في 6 أيار/مايو … في أجواء هادئة وسلمية عموماً“، وشجعت ”على تشكيل حكومة جديدة سريعاً“ وأعربت عن تطلعها إلى ”العمل مع الحكومة الجديدة ما دامت تفي بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك التزاماتها الواردة في القرارين 1559 (2004) و 1701 (2006)“ وإلى ”استئناف حوار يقوده اللبنانيون للاتفاق على استراتيجية للدفاع الوطني في فترة ما بعد الانتخابات“.

١٢ –   وانخفض عدد اللاجئين المسجلين الوافدين من الجمهورية العربية السورية الذين يستضيفهم لبنان انخفاضا طفيفا عما كان عليه في الفترات المشمولة بالتقارير السابقة، إذ بلغ هذا العدد 942 986 لاجئا في 1 أيار/مايو 2018. وفي 1 شباط/فبراير، أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والأممُ المتحدة جولة عام 2018 الجديدة لخطة لبنان للاستجابة للأزمة، وناشدتا الجهات المانحة التبرع بمبلغ 2.68 بليون دولار من أجل دعم 2.8 مليون شخص من خلال تقديم المساعدة الإنسانية، ومن أجل الاستثمار في البنية التحتية الحكومية والخدمات والاقتصاد المحلي في لبنان. وفي مؤتمر بعنوان ”دعم مستقبل سورية والمنطقة“ عُقد في بروكسل في 24 و 25 نيسان/أبريل وتشارك في رئاسته الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، تعهد المانحون بتقديم ٤,٤ بلايين دولار للاستجابة لأزمة سورية، بما في ذلك في لبنان.

١٣ –   وشجع مجلس الأمن حكومةَ الجمهورية العربية السورية بقوة، في قراره 1680 (2006)، على الاستجابة للطلب الذي قدمته حكومة لبنان لترسيم حدودهما المشتركة. ويظل تحقيق ذلك أمرا حاسم الأهمية من أجل إتاحة المراقبة والإدارة السليمتين للحدود، بما يشمله ذلك من تنقل الأشخاص والعمليات المحتملة لنقل الأسلحة. ولئن كان إحراز تقدم في هذا الصدد لا يزال أمرا بعيد المنال لأسباب من بينها استمرار النزاع في الجمهورية العربية السورية، فقد حدث بعض التحسن الملحوظ منذ الفترة المشمولة بالتقرير الأخير من حيث توسيع الدولة اللبنانية نطاق وجودها على طول الحدود مع الجمهورية العربية السورية، بما في ذلك من خلال تشييد مراكز مراقبة حدودية تابعة للقوات المسلحة اللبنانية.

١٤ –   ولا يزال ترسيم حدود لبنان وتعليمها من العناصر الأساسية اللازمة لضمان السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية. ورغم أن ترسيم الحدود مسألة ثنائية، فإن إحراز التقدم بشأن تلك المسألة يبقى التزاماً منوطاً بلبنان والجمهورية العربية السورية وفقا للقرار 1680 (2006). وفي ١٤ كانون الأول/ديسمبر 2017، أعادت السلطات اللبنانية والسورية فتح معبر القاع – جوسية الحدودي الواقع في شمال شرق لبنان وذلك للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٢، وهو المعبر الحدودي الوحيد من بين خمسة معابر حدودية أخرى الذي ظل مغلقاً بسبب النزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية.

١٥ –   وتواصلت انتهاكات سيادة لبنان وسلامته الإقليمية عبر الحدود الشرقية والشمالية. وفي الفترة ما بين تشرين الأول/أكتوبر 2017 وآذار/مارس 2018، وردت أنباء عن وقوع حادثي إطلاق للنار عبر الحدود بين لبنان والجمهورية العربية السورية، فيما يشكل انخفاضا كبيرا مقارنةً بالفترات المشمولة بالتقارير السابقة.

١٦ –   وواصلت إسرائيل، في انتهاك لسيادة لبنان وللقرارين 1559 (2004) و 1701 (2006)، احتلال الجزء الشمالي من قرية الغجر ومنطقة متاخمة لها إلى الشمال من الخط الأزرق. وفي رسالتين متطابقتين وجِّهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ ١٣ نيسان/أبريل 2018، أحالت الممثلة الدائمة للبنان لدى الأمم المتحدة رسالةً من وزير الدفاع الوطني اللبناني أشار فيها إلى جملة أمور منها ”استمرار احتلال الجزء الشمالي من بلدة الغجر … وأراضٍ لبنانية على طول الخط الأزرق“.

١٧ –   ولم يُحرز أي تقدم فيما يتعلق بمسألة منطقة مزارع شبعا. وعلاوة على ذلك، لم يقدم أيٌّ من الجمهورية العربية السورية وإسرائيل رداً على التعريف المؤقت للمنطقة الذي ورد في تقريري الصادر في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2007 عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2007/641). وخلال جولة قام بها رئيس الوزراء الحريري في بلدة شبعا في جنوب لبنان في ١٣ نيسان/أبريل، قال إن ”استرداد مزارع شبعا وتلال كفر شوبا مسؤوليةُ الدولة“.

١٨ –   وواصلت طائرات قوات الدفاع الإسرائيلية المسيَّرة من دون طيار وطائراتها الثابتة الجناحين، بما فيها المقاتلات النفاثة، التحليق فوق أراضي لبنان بصفة يومية تقريباً خلال الفترة المشمولة بالتقرير، في انتهاك لســـــــيادة لبنان وللقرارين 1559 (2004) و 1701 (2006). وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ ٣٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧، ذكر الممثل الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة أن أربع طائرات إسرائيلية انتهكت المجال الجوي اللبناني في ٧ أيلول/سبتمبر في طريقها لشن هجوم استهدف الأراضي السورية، فيما وصفه بأنه ”انتهاك صارخ للسيادة اللبنانية“. وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 8 شباط/فبراير 2018 (A/72/742-S/2018/109)، نقلت الممثلة الدائمة للبنان لدى الأمم المتحدة رسالةً من حكومتها مفادها أنه ”تتكرر … انتهاكات إسرائيل للأجواء اللبنانية لتنفيذ غارات ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية“. وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن في 6 نيسان/أبريل 2018 (A/72/831-S/2018/336)، نقلت الممثلة الدائمة للبنان لدى الأمم المتحدة رسالةً من حكومتها جاء فيها أنه ”بتاريخ 31 آذار/مارس 2018، استخدمت إسرائيل طائرة من دون طيار، مزوّدة بأربعة صواريخ، لخرق الأجواء اللبنانية، وأتْبَعت ذلك بإرسال طائرة ثانية تولّت قصف الطائرة الأولى وإسقاطها“. وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ ١٠ نيسان/أبريل 2018 (A/72/832-S/2018/342)، نقلت الممثلة الدائمة للبنان رسالةً من حكومتها جاء فيها أنه ”بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018، خرقت الأجواءَ اللبنانية أربع طائرات حربية إسرائيلية … لتنفيذ غارات ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية“، وحذرت الحكومة من ”خطورة قيام إسرائيل بشكل متكرر بانتهاك الأجواء اللبنانية لتنفيذ غارات ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية“. وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ ١٢ نيسان/أبريل 2018 (S/2018/345)، ادعى الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة أن ”الانتهاكات اللبنانية لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) تُرتكب بشكل يومي“.

١٩ –   وعلى النحو المبين في تقريري عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2018/210)، قمتُ عملا بقرار مجلس الأمن 1757 (2007) بتمديد ولاية المحكمة الخاصة للبنان من ١ آذار/مارس ٢٠١٨ لفترة مدتها ثلاث سنوات أو إلى أن تنتهي المحكمة الخاصة من النظر في القضايا المعروضة عليها، أيهما أقرب.

باء –   بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية

٢٠ –   واصلت حكومة لبنان جهودها الرامية إلى بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية، على نحو ما دعا إليه اتفاق الطائف والقرار 1559 (2004). وظلت القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي في طليعة هذه الجهود، بما في ذلك عن طريق توسيع القوات المسلحة اللبنانية نطاق انتشارها. لكن هذه المساعي لا تزال تعترضها التحديات.

٢١ –   وفي البيان الصادر في ٨ كانون الأول/ديسمبر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان، أثنت المجموعة على ”الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة اللبنانية وجميع المؤسسات الأمنية للدولة في حماية البلد وحدوده وسكانه“. وأشارت إلى أن القوات المسلحة اللبنانية هي ”القوة المسلحة الشرعية الوحيدة في لبنان، وفق ما كرسه الدستور اللبناني واتفاق الطائف“. ودعت المجتمعَ الدولي إلى ”مواصلة تقديم دعمه لهذه المؤسسات وأن ينسق هذا الدعم ويكثفه“، ورحبت في ذلك السياق ”بعقد اجتماع روما الثاني المقرر أن تستضيفه إيطاليا“.

٢٢ –   وفي إطار الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لدعم المؤسسات اللبنانية والمساهمة في توسيع نطاق سلطة الدولة، عُقد مؤتمر روما الثاني في مدينة روما يوم ١٥ آذار/مارس ٢٠١٨ برعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان وبرئاسة الأمم المتحدة وإيطاليا وجمع المؤتمرُ ممثلي ٤٠ بلدا ومنظمة. وأكد رئيس الوزراء الحريري في المؤتمر الحاجة إلى بناء المؤسسات الأمنية للدولة بوصفها ”المدافعة الوحيدة عن سيادة لبنان“.

٢٣ –   وأبدى المشاركون في مؤتمر روما ”تأييدهم لرؤية الحكومة اللبنانية حيال القوات المسلحة اللبنانية بوصفها المدافع الوحيد عن الدولة اللبنانية والحامي لحدودها، وحيال دور قوى الأمن الداخلي كمفتاح لحصر استخدام القوة في يد الدولة اللبنانية دون سواها“.

٢٤ –   إضافة إلى ذلك، عمد المشاركون إلى ”التذكير بالأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف وقرارات مجلس الأمن 1559 (2004) و 1680 (2006) و 1701 (2006)، بما في ذلك الأحكام التي تنص على نـزع سلاح جميع الأطراف في لبنان حتى لا تكــون هناك أي أسلحــة غير أسلحة الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها، ومنع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته، ومنع مبيعات أو إمدادات العتاد المتصل بالأسلحة إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته“. ورحب المشاركون بالخطة المحدثة لتنمية قدرات القوات المسلحة اللبنانية وبالخطة الاستراتيجية لقوى الأمن الداخلي. وأعاد مجلس الأمن تأكيد تلك الرسائل في بيان صحفي صدر في 27 آذار/مارس 2018. وتعهد المشاركون في مؤتمر روما أيضاً بتقديم تبرعات مالية لدعم المؤسسات الأمنية.

٢٥ –   واستمرت القوات المسلحة اللبنانية في بذل الجهود للحفاظ على استقرار البلد. وفي ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أصيب خمسة جنود عندما تعرضت دوريةٌ للقوات المسلحة اللبنانية لنيران كثيفة أثناء اشتباك لها مع مسلحين في منطقة دار الواسعة في بعلبك. وتفيد التقارير بأن وحدات الجيش شنت غارات في المنطقة أسفرت عن مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر والقنابل والمخدرات. ووفقاً لبيان صادر عن مديرية التوجيه بالقوات المسلحة اللبنانية، تعرضت القوات المسلحة اللبنانية في ٤ كانون الثاني/يناير 2018 لهجوم من مسلحين أسفر عن إصابة جندي بجراح وإلحاق أضرار بمركبتين عسكريتين، وذلك أثناء تنفيذها عمليةً للقبض على أحد الجناة المزعومين للهجمات التي شُنت على هذه القوات وقوى الأمن الداخلي في عرسال في عام ٢٠١٧. وفي ٥ شباط/فبراير، نُفذت عملية ليلية للقبض على أحد المطلوبين المشتبه فيهم في طرابلس، لقي خلالها جندي لبناني مصرعه وأصيب عدد آخر بجراح. ولقي المشتبه فيه حتفه أيضا.

٢٦ –   واستمرت خلال الفترة المشمولة بالتقرير عمليات القبض على أشخاص بتهمة الإرهاب، بما في ذلك تهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكان معظم هذه العمليات مرتبط بمعركة عرسال التي وقعت في تموز/يوليه ٢٠١٧.

جيم –   حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها

٢٧ –   دعا مجلس الأمن في القرار 1559 (2004) إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وهذا حكم رئيسي في القرار لا يزال من المتعين تنفيذه. ويجسِّد هذا الحكم ويؤكد من جديد قراراً التزم به جميع اللبنانيين في اتفاق الطائف. ومن الأهمية بمكان أن تصون الأطراف كافة هذا الاتفاق وأن تنفذ أحكامه لتجنب شبح تجدد المواجهة بين المواطنين اللبنانيين ولتقوية مؤسسات الدولة. وينبغي للدولة اللبنانية أن تكثف جهودها لكي تحتكر لنفسها دون منازع حيازة الأسلحة وخيار استخدام القوة في جميع أنحاء أراضيها.

٢٨ –   ولا تزال الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية داخل البلد تعمل خارج نطاق مراقبة الحكومة، في انتهاك للقرار 1559 (2004). وبالرغم من أن عدة جماعات تنتمي إلى مختلف مكونات الطيف السياسي في لبنان تملك أسلحة خارج نطاق سيطرة الحكومة، فإن حزب الله هو أشد الميليشيات اللبنانية تسلحاً في البلد. وفي دولة ديمقراطية، يظل احتفاظ حزبٍ سياسي بمليشيات لا تخضع للمساءلة أمام المؤسسات الديمقراطية الحكومية للدولة، ولكنها قادرة على جرّ تلك الدولة إلى الحرب أمراً يشكل خللا جوهريا. ويطرح احتفاظُ حزب الله وجماعات أخرى بالسلاح، وتعزيزُ حزب الله لترساناته حسب المزاعم، تحدياً خطيراً لقدرة الدولة على ممارسة سيادتها وبسط سلطتها بشكل كامل على أراضيها. وإضافةً إلى ذلك، يظل عدد من الجماعات المسلحة الفلسطينية ناشطاً في البلد داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وخارجها.

٢٩ –   ولم يُحرز أي تقدم ملموس نحو حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها على نحو ما دعي إليه في اتفاق الطائف والقرار 1559 (2004). فمنذ اتخاذ ذلك القرار، لم تُتخذ خطوات محددة لمعالجة هذه المسألة الحيوية، التي تمس صميم سيادة لبنان واستقلاله السياسي. وما فتئت عدة أصوات من لبنان تندد باحتفاظ حزب الله بترسانة عسكرية خارج أي إطار قانوني وبتدخله في الجمهورية العربية السورية وتَعتبرُ هاتين المسألتين عاملين يزعزعان الاستقرار في البلد ويقوضان الديمقراطية. ويرى الكثير من اللبنانيين في استمرار وجود هذه الأسلحة تهديداً ضمنياً بإمكانية استخدامها داخل لبنان لأسباب سياسية.

٣٠ –   وكما أتى في تقريري عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (المرجع نفسه)، برز في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2017 تسجيلٌ مصور بالفيديو يظهر فيه قيس الخزعلي الذي ينتمي إلى ميليشيا عصائب أهل الحق الشيعية العراقية وهو يزور جنوب لبنان مرتدياً الزي العسكري برفقة ممثلي حزب الله. وفي ٩ كانون الأول/ ديسمبر، أصدر رئيس الوزراء الحريري بياناً يؤكد فيه أنه اتصل بمسؤولين عسكريين وأمنيين للتحقيق في الأمر واتخاذ التدابير اللازمة لمنع أي شخص من القيام بأنشطة عسكرية ومنع قيس الخزعلي من معاودة دخول لبنان. وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ ١٢ كانون الأول/ديسمبر 2017 (S/2017/1043)، ذكر الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة أن هذه الزيارة تشكّل انتهاكاً للقرارين 1701 (2006) و 1559 (2004). وفي 15 كانون الثاني/يناير 2018، صدر في لبنان أمرٌ بالقبض على قيس الخزعلي. وفي ٢٦ كانون الأول/ديسمبر 2017، تداولت وسائط التواصل الاجتماعي صورةً فوتوغرافية يظهر فيها الحاج حمزة (أبو العباس)، قائد ميليشيا ’لواء الإمام الباقر‘ الموالية للحكومة السورية والكائن مقرها في حلب، وهو يقف على مقربة من الخط الأزرق، حسب ما ورد في تقريري عن القرار 1701 (2006).

٣١ –   وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن في ٥ شباط/فبراير 2018 (S/2018/91)، ذكر الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة أن أحد كبار المسؤولين الإيرانيين، إبراهيم رئيسي، قام في ٢٨ كانون الثاني/يناير بزيارة إلى منطقة عمليات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان بالقرب من الخط الأزرق، وكان برفقته ”عناصر مسلحة من حزب الله ترتدي الزي العسكري“. وذكر الممثل الدائم أيضا أنه، قبل الزيارة التي قام بها رئيسي إلى الخط الأزرق، ”دعا إلى تعزيز ’محور المقاومة‘ الذي يضم إيران ولبنان وقوى أخرى“ في مواجهة إسرائيل. ورداً على تلك الرسالة، أشار وزير الدفاع الوطني اللبناني في الرسالة الآنفة الذكر المؤرخة ١٣ نيسان/أبريل 2018 إلى أن السيد رئيسي كان يصحبه عضوٌ في مجلس النواب ينتمي إلى حزب الله وأنه ”لم يلاحَظ أن مرافقه يحمل أسلحة“.

٣٢ –   وفي رسالتين متطابقتين وُجهتا إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 (S/2017/1000)، أعرب ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة عن قلقه إزاء ما أسماه تصريحاً من جانب قائد قوات حرس الثورة الإسلامية الإيرانية، اللواء محمد علي جعفري، عبّر فيه ”عما تعتزم إيران القيام به وعن الإجراءات التي تتخذها لمواصلة تسليح حزب الله“. وردا على ذلك، وفي رسالة موجهة إليّ بتاريخ ٥ كانون الأول/ديسمبر 2017 (S/2017/1019)، اتهم الممثل الدائم لجمهورية إيران الإسلامية لدى الأمم المتحدة إسرائيل بتوجيه ”اتهامات باطلة وواهية“.

٣٣ –   وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، جددت حكومة لبنان التزامها بإحراز تقدم في وضع استراتيجية للدفاع الوطني، بما في ذلك من خلال بيانات أدلى بها ممثلون على أرفع المستويات. وفي ٦ كانون الأول/ ديسمبر 2017، صدر عن مكتب الرئيس عون بيانٌ جاء فيه أنه ”من خلال الحوار بين اللبنانيين بشأن مختلف القضايا محل الاهتمام، لا سيما استراتيجية الدفاع، سنتمكن من التوصل لأرضية مشتركة تعزز الاستقرار وتقوي الوحدة“. ودعت مجموعة الدعم الدولية للبنان، في بيانها الصادر في ٨ كانون الأول/ ديسمبر، جميع الأطراف اللبنانية إلى استئناف المناقشات من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن استراتيجية للدفاع الوطني، ورحبَت بالبيان الصادر عن رئيس لبنان في هذا الصدد. وفي خطاب موجّه إلى الأمة في أعقاب الانتخابات النيابية بثه التلفاز في ٨ أيار/مايو 2018، ذكر الرئيس عون حسب التقارير أنه سيدعو الأطراف إلى الجلوس معا ومناقشة تنفيذ اتفاق الطائف علاوة على استراتيجية للدفاع الوطني.

٣٤ –   وقبيل انعقاد مؤتمر روما الثاني، شدد الرئيس عون في 12 آذار/مارس 2018 على أهمية تزويد القوات المسلحة اللبنانية بأسلحة نوعية ”تمكنها من أداء دورها من خلال استراتيجية الدفاع الوطني التي ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية التي ستجرى في شهر أيار/مايو المقبل والتي ستنبثق منها حكومة جديدة“. وأشار رئيس الوزراء الحريري، في الخطاب الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى التزام الرئيس عون بمناقشة استراتيجية الدفاع الوطني في أعقاب انتخابات أيار/مايو. كما انضم إلى الرئيس عون في دعوته المجتمع الدولي دعم القوات المسلحة اللبنانية ”من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وفقا لاستراتيجية الدفاع الوطني“. ودعا المشاركون في المؤتمر جميع الأطراف اللبنانية إلى استئناف المناقشات من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن استراتيجية للدفاع الوطني ورحبوا ببيان الرئيس الصادر في 12 آذار/مارس بهذا الصدد. وقد أعاد مجلس الأمن تأكيد تلك الرسالة في بيانه الصحفي السابق الذكر الذي صدر في ٢٧ آذار/مارس.

٣٥ –   وفي خطاب متلفز بُث في ٢١ آذار/مارس، عبر حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، عن انفتاح حزبه على إمكانية مناقشة استراتيجية للدفاع الوطني، مذكّرا بأن حزب الله قدم رؤيته في هذا الصدد أثناء الحوار الوطني الذي عُقد في عام ٢٠٠٦. وفي الخطاب نفسه، أعرب عن دعم حزب الله للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، مشدداً مع ذلك على أهمية أن تعطَى ”الأسلحة التي تمكنها من مواجهة التهديدات والهجمات الإسرائيلية“.

٣٦ –   ولا تزال مشاركة حزب الله وجماعات لبنانية أخرى في النـزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية تشكل خرقاً لسياسة النأي بالنفس ولمبادئ إعلان بعبدا.

٣٧ –   وظلت الحالة الأمنية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مستقرةً في الأغلب، وإن كانت متوترة نسبيا. وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2017، احتج اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات البداوي ونهر البارد وعين الحلوة والمية مية على قرار الولايات المتحدة في 6 كانون الأول/ديسمبر الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، فنظموا الاعتصامات والإضرابات السلمية. وفي 18 آذار/مارس 2018، شارك الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين حسب التقارير في حدث نظمته حماس في صيدا بمناسبة مرور 100 يوم على ذلك القرار. وفي خطاب ألقاه حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في ١١ كانون الأول/ديسمبر 2017 أمام تظاهرةٍ احتجاجية على قرار الولايات المتحدة، دعا إلى ”توحيد جميع فصائل المقاومة في المنطقة“ عن طريق وضع استراتيجية موحدة للمواجهة، وتعهد بأن يتحمل حزب الله مسؤولياتِه في هذا الصدد.

٣٨ –   وفي سياق منفصل، وقعت في مخيمي الرشيدية وشاتيلا للاجئين في أوائل آذار/مارس 2018 سلسلةٌ من الحوادث تبدو غير ذات صلة ببعضها البعض، كانت في الظاهر نتيجةً لخلافات شخصية تحولت إلى قتال بين الفصائل. ففي ٤ آذار/مارس، وقع حسب التقارير خلافٌ شخصي بين سوري ولاجئ فلسطيني في مخيم الرشيدية تطور ليصبح إطلاقاً للنار تورط فيه أفراد من جماعة جند أنصار الله الإسلامية مما أسفر عن مقتل شخصين وإضرام النيران في عدد من المنازل والمتاجر. وفي ٧ آذار/مارس، اندلعت حسب التقارير اشتباكات بالمدافع الرشاشة والقنابل الصاروخية بين تنظيم فتح – الانتفاضة وجماعات الصاعقة بمخيم شاتيلا للاجئين، مما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة آخرَيْن بجراح. ووردت أنباء أفادت بأن القوات المسلحة اللبنانية ألقت القبض على شخص مشتبه فيه بعد وقت قصير من وقوع الاشتباكات. وفي ١٧ آذار/مارس، أدى مقتل أحد أعضاء حركة فتح في مخيم المية مية، حسب التقارير، إلى وقوع اشتباكات مسلحة بين أعضاء حركة فتح وقوات الأمن بالمخيم، فضلا عن تفاقم حدة التوتر على صعيد المخيمات.

39 –  اتّسم الوضع في مخيّم عين الحلوة بهدوء نسبي خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وذلك لأسباب تعود فيما تعود إلى انخفاض حدّة التوتر بشكل ملحوظ بين حركة فتح والفصائل الإسلامية. وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 2017، قيل إنّ المدير العام لمديرية الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أبلغ وسائل الإعلام بأنّ القيادي الإسلامي، شادي المولوي، الضالع في الاشتباكات التي وقعت في طرابلس في عام 2014، بما في ذلك ضدّ القوات المسلّحة اللبنانية، قد غادر عين الحلوة إلى الجمهورية العربية السورية. ووفقاً لمعلومات يُقال إنّ بلال بدر نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في 2 كانون الثاني/يناير، غادر هذا الأخير عين الحلوة واستقر في الجمهورية العربية السورية. وفي 9 شباط/فبراير، أُفيد بأنّ اشتباكات مسلّحة في المخيم بين فتح وأعضاء إحدى الجماعات الإسلامية المسلّحة فد أسفرت عن إصابة ثلاثة أشخاص بجروح. وفي 4 نيسان/أبريل 2018، قُتل شخصان وأصيب ثلاثة آخرون في تبادل لإطلاق النار بين عضوين من الفصائل الإسلامية في عين الحلوة. وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، قام ثلاثة أنفار مطلوبين إلى السلطات اللبنانية بتسليم أنفسهم، فيما قامت القوة الفلسطينية المشتركة بتسليم شخص واحد. وأُلقي القبض على أربعة أشخاص من عين الحلوة، أحدهم في سنّ السابعة عشرة من عمره، بتهم تتعلّق بالإرهاب.

40 –  وقد واجهت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) صعوبات في القدرة على تقديم خدماتها الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية، بما في ذلك عقب إعلان الولايات المتحدة في 17 كانون الثاني/يناير 2018 عن قرارها خفض التمويلات التي تقدّمها للوكالة. وفي 15 آذار/مارس، شاركت مصر والأردن والسويد في رئاسة مؤتمر وزاري استثنائي في روما تحت عنوان ”الحفاظ على الكرامة وتقاسم المسؤولية – حشد العمل الجماعي من أجل دعم الأونروا“؛ وقد حضرتُ أنا هذا المؤتمر. وحتى أيار/مايو 2018، كان العجز الإجمالي في ميزانية الوكالة قد انخفض إلى أقلّ من 246 مليون دولار.

41 –  واستمرّ كذلك وجود الجماعات المسلّحة الفلسطينية خارج المخيمات. فرغم القرار الذي اتُخذ في عام 2006 ضمن سياق الحوار الوطني، وتم التأكيد عليه في جلسات الحوار الوطني اللاحقة، بشأن نزع سلاح الميليشيات الفلسطينية خارج المخيمات في غضون فترة ستة أشهر، لم يحرز أي تقدم خلال الفترة المشمولة بالتقرير فيما يتعلق بتفكيك القواعد العسكرية الموجودة في البلد والتابعة لكل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وتنظيم فتح الانتفاضة.

42 –  وفي 14 كانون الثاني/يناير 2018، قيل إنّ مسؤول حماس، محمد حمدان، أصيب بجروح في انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في صيدا. وجاء في بيان قيل إنّه صادر عن مكتب حماس الإعلامي أنّ ”التحقيقات الأولية تشير فيما يبدو إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجوم“. وفي أعقاب تحقيق قامت به السلطات اللبنانية واعتقال أحد الجناة المزعومين، أعلنت وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية في 26 كانون الثاني/يناير أن المشتبه به قد اعترف بالهجوم وذكر أنّه مكلّف من قبل وكالات الاستخبارات الإسرائيلية. ونفت إسرائيل بشدّة أي مشاركة لها في هذا الهجوم.

ثانيا –   الملاحظات

43 –  مرّ لبنان مؤخراً بعدّة أشهر مضطربة، تقدّم خلالها الزعماء اللبنانيون في صفّ واحد إلى الواجهة لمواجهة التحديات القائمة. أما المؤتمرات الدولية المعقودة لدعم لبنان فهي تشهد على الأهمية التي يوليها أعضاء المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار لبنان في منطقة تعاني من الاضطرابات. وأظهرت هذه المؤتمرات أيضا الجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات الفاعلة الدولية والزعماء اللبنانيون من أجل تعزيز مؤسسات الدولة، ولا سيما قوات الأمن الشرعية التابعة لها.

44 –  وكان التّشديد على سياسة النَّأي بالنّفس في مقدّمة رسالة المجتمع الدولي ضمن جهوده المبذولة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان. فالتقيّد بهذه السياسة وبإعلان بعبدا لعام 2012 ضروري لمنع انخراط لبنان في النزاعات الدائرة في المنطقة. وأنا أنوّه بالالتزام المتجدّد بسياسة النَّأي بالنّفس التي أعرب عنها بالإجماع مجلس الوزراء اللبناني، وكذلك الرئيس عون ورئيس الوزراء الحريري. وإنّي أُكرّر وأؤيّد الرسالة التي وجّهها رئيس الوزراء والتي مفادها أنّ كلّ طرف مسؤول عن تنفيذ سياسة النَّأي بالنّفس. وأضمّ صوتي إلى أصوات الجهات الفاعلة الدولية الأخرى في دعواتها المتكرّرة من أجل التعجيل بالتفعيل الملموس لسياسة النَّأي بالنّفس.

45 –  وقد كنتُ أشرتُ في تقريري عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2018/210) إلى أنّ الزيارات غير المأذون بها، التي يقوم بها أفراد من مليشيات أجنبية إلى جنوب لبنان، تُقوِّض سُلطة الدولة وتتنافى مع روح سياسة النَّأي بالنّفس.

46 –  وانتشار الأسلحة على نطاق واسع خارج سيطرة الدولة، مقترنا بوجود ميليشيات مدججة بالسلاح، يؤدي إلى تقويض أمن المواطنين اللبنانيين. فاحتفاظ حزب الله بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة خارج سيطرة حكومة لبنان ما زال يشكل مصدر قلق بالغ. لذلك أكرّر دعواتي التي وجهتها إلى جميع الأطراف المعنية للإسهام في الجهود الرامية إلى تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية. وأكرر أيضا دعوتي حزب الله وسائر الأطراف المعنية إلى الامتناع عن أي نشاط عسكري داخل لبنان أو خارجه، وفقاً لأحكام اتفاق الطائف والقرار 1559 (2004). وأواصل حثّ الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من اقتناء الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج نطاق سلطة الدولة، في انتهاك للقرار 1559 (2004).

47 –  وتُشكّل مشاركة حزب الله في النـّزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية خرقا لسياسة النَّأي بالنّفس ولمبادئ إعلان بعبدا لعام 2012. فتدخّل حزب الله في الجمهورية العربية السورية منذ عدّة سنوات يُظهر عدم تقيده بنزع سلاحه ورفضه الخضوع للمساءلة أمام مؤسسات الدولة المتوخى تعزيزها بتنفيذ القرار 1559 (2004).

48 –  وما زال القلق يساورني مما يتردد من أنباء عن انخراط حزب الله وعناصر لبنانية أخرى في القتال الدائر في أماكن أخرى من المنطقة، وهو ما يحمل في طياته خطر إقحام لبنان في النزاعات الإقليمية وخطر زعزعة استقراره واستقرار المنطقة. فهذه الأنشطة تعرقل إمكانية تنفيذ القرار 1559 (2004) تنفيذاً كاملاً. لذلك، أناشد بلدان المنطقة التي تربطها بحزب الله علاقات وثيقة أن تشجع على تحوّل هذه الجماعة المسلحة إلى حزب سياسي مدني صرف، وعلى نزع سلاحها، وفقاً لأحكام اتفاق الطائف والقرار 1559 (2004)، بما يخدم مصلحة السلام والأمن في لبنان والمنطقة على أفضل وجه.

49 –  وأهنئ لبنان على إجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار/مايو، التي هي بمثابة خطوة حيوية في تعزيز مؤسسات الدولة وتعزيز تقاليدها الديمقراطية. فتجديد برلمان البلد من خلال إجراء انتخابات لأول مرة منذ ما يقرب من 10 سنوات هو، بالأخص، أمر ضروري لكي يشعر المواطنون اللبنانيون بأنهم ممثلون تمثيلا كافيا. وإنني أحث جميع أعضاء البرلمان، حال توليهم مهامهم، على ضمان الكفاءة في عملية صنع القرارات السياسية بشأن القضايا التي تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى زيادة تطبيع أداء المؤسسات في البلد. وكما ذكرت، فإنّني أتطلّع إلى تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة، وأدعو القادة السياسيين في لبنان إلى العمل بروح من الوحدة من أجل النهوض ببرنامج العمل الطموح الذي حدّده البلد وشركاؤه الدوليون.

50 –  وأُرحّب بالجهود التي يبذلها لبنان من أجل تطوير وتحديث مؤسساته الأمنية، بما في ذلك من خلال وضع خطط استراتيجية تضبط رؤيته واحتياجاته من الموارد. وإنّي أؤيّد مجموعة الدعم الدولية للبنان التي أقرّت رؤية الحكومة الخاصة بالقوات المسلحة اللبنانية واعتبارها المدافع الوحيد عن الدولة اللبنانية وحامي حدودها، والخاصة بقوى الأمن الداخلي واعتبارها أداة رئيسية في العمل على جعل استعمال القوة حكرا على الدولة. وإنّي أرحّب بالتعهّدات في مجال تقديم الدعم المالي والتقني لتنفيذ هذه الخطط، وأدعو الشركاء إلى زيادة تعزيز دعمهم من أجل تلبية الاحتياجات التي حددتها الحكومة اللبنانية. وأجدد الدعوة الموجّهة من المشاركين إلى لبنان لكي ينفّذ بالكامل جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 1559 (2004).

51 –  وأرحّب بما التزم به الرئيس عون في 12 آذار/مارس من وضع استراتيجية دفاع وطنية بعد الانتخابات البرلمانية. وأني أشعر بالتفاؤل إزاء ثقة الرئيس في إمكانية بلوغ أرضية مشتركة بهذا الشأن من خلال الحوار، وأؤكد من جديد استعداد الأمم المتحدة لدعم هذه العملية. وأنوّه بالنداء الذي توجّه به المشاركون في مجموعة الدعم الدولية للبنان إلى جميع الأطراف اللبنانية من أجل استئناف المناقشات حول استراتيجية الدفاع الوطني، وأتطلّع إلى خطوات ملموسة مبكرة بهذا الشأن. لقد حان الوقت الآن لكي يستأنف لبنان الحوار الوطني كعملية يتولى زمامها وقيادتها اللبنانيون، تمشيا مع الالتزامات الدولية للبلد. ومن المهم أن تلبي هذه الاستراتيجية الحاجة إلى جعل حيازة الأسلحة واستخدامها واستخدام القوة حكرا على الدولة. وأشجع الرئيس عون على الاستمرار في أداء دور القيادة في توجيه هذا الجهود التي أدعو جميع الزعماء السياسيين إلى دعمها.

52 – ولا يزال يساورني قلق إزاء الضغوط المالية التي تمارس على الأونروا والتي من شأنها أن تعيق قدرتها على تقديم خدماتها الأساسية الصحية والتعليمية والاجتماعية وخدمات الإغاثة إلى اللاجئين الفلسطينيين الضعفاء للغاية. فخدمات الأونروا هي، في كثير من الحالات، خدمات منقذة للحياة بالنسبة للسكان الذين يتلقونها. وإنهاؤها ستكون له عواقب وخيمة على الأشخاص وأيضا على الاستقرار العام في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وفي المنطقة. وأنا أشعر بالامتنان للدول الأعضاء التي قدّمت التزاماتها السنوية، والتي قطعت تعهّدات في مؤتمر روما الوزاري الاستثنائي بتمكين الأونروا من مواصلة عملياتها في المستقبل القريب، وأتطلّع إلى توفير دعم مالي إضافي كبير. وليس في بذل هذه الجهود ما يخلّ بضرورة حلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين في نهاية المطاف ضمن سياق تسوية شاملة في المنطقة.

53 –  وتشكّل الهشاشة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بيئة مواتية لتحوّل النزاعات الشخصية إلى اقتتال بين الفصائل، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع إصابات. لذلك، أُجدّد دعوتي الحكومة إلى تنفيذ القرارات السابقة المتّخذة ضمن سياق الحوار الوطني في عام ٢٠٠٦ والمتعلّقة بنزع سلاح المليشيات الفلسطينية، على نحو ما دعت إليه الوثيقة المعنونة ”رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان“، التي أُشجِّع على تطبيقها.

54 –  وما زال لبنان يواجه على أرضه الآثار السياسية والأمنية والإنسانية والاجتماعية للنزاع في الجمهورية العربية السورية. وأنا أرحّب بكرم لبنان المستمر في سياق التصدي لهذه الأزمة. وأحثُّ الجهات المانحة على تزويده بالدعم الملموس بهذا الشأن.

55 –  كما أنّني أُدين كلّ انتهاك لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية. فمثل هذه الانتهاكات تقوّض أيضا مصداقية الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتشيع القلق في صفوف السّكان المدنيين. لذلك، أُجدّد الدعوات التي وجهتها إلى إسرائيل من أجل التقيّد بالتزاماتها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وسحب قواتها من الجزء الشمالي من قرية الغجر والمنطقة المتاخمة شمال الخط الأزرق، وكذلك التوقّف فورا عن تحليق طائراتها داخل المجال الجوي اللبناني.

56 –  وتجدر ملاحظة الانخفاض المسجَّل في عدد حوادث إطلاق النار والقصف والغارات الجوية والهجمات الصاروخية وعمليات التوغّل من الجمهورية العربية السورية. بيد أنّني ألاحظ أنّه لم يُحرَز أي تقدّم من جانب الجمهورية العربية السورية ولبنان في ترسيم حدودهما المشتركة، ذلك التّرسيم الذي يُعَدّ حاسما بالنسبة لمراقبة الحدود وإدارتها بشكل سليم يشمل مراقبة عمليات تنقّل الأشخاص والنقل المحتمل للأسلحة. وأهيبُ بجميع الأطراف المعنية أن تتوقّف عن انتهاكات الحدود وتحترم سيادة لبنان وسلامته الإقليمية.

57 –  لقد حظي لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية بقدر كبير من اهتمام المجتمع الدولي على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية. وتقع المسؤولية الآن على عاتق البلد في إحراز تقدّم ملموس بشأن مسائل السياسات العامة الرئيسية ذات الصلة بالقرار 1559 (2004)، بما في ذلك التّنفيذ الفعلي لسياسة النَّأي بالنّفس واستئناف الحوار حول استراتيجية الدفاع الوطني. لذلك، فإنني أُعوِّل على استمرار التزام حكومة لبنان بتعهداتها الدولية، وأُهيب بجميع الأطراف والجهات الفاعلة التّقيّد التام بالقرارات 1559 (2004) و 1680 (2006) و 1701 (2006). وستُواصل الأمم المتّحدة بذل جهودها من أجل تنفيذ تلك القرارات وسائر القرارات المتعلّقة بلبنان تنفيذاً تاماً.