سمير عبد الملك/نقلا عن موقع مدى الصوت: الناخبون الجدد 25 % مسيحيون و75 % مسلمون … إنها فرصة ثمينة للتغيير وهجرة الشباب نتيجة لحربَي “التحرير” و”الإلغاء” ومرسوم التجنيس

100

الناخبون الجدد 25 % مسيحيون و75 % مسلمون … إنها فرصة ثمينة للتغيير وهجرة الشباب نتيجة لحربَي “التحرير” و”الإلغاء” ومرسوم التجنيس
سمير عبد الملك/نقلا عن موقع مدى الصوت/02 أيار/18

قبل أن يُمدّد النواب ولايتهم في المرة الأخيرة، كان لا بد من تبرير للتمديد باعتماد قانون جديد للانتخابات.
في خلفية قانون الانتخابات الجديد:
أتاحت “الزركة” اقتراح قانون يتناسب أساسا مع مصالح فريق كان يحاول وضع يده على البلد، ليس بقوة السلاح وحده، وإنما أيضا بقوة الشرعية. فكان قانون النسبية مع الصوت التفضيلي الذي يُراعي التوزيع المذهبي والمناطقي للنواب، وإنما لا يتوافق أبداً مع واقعنا السياسي، لأنه يزيده تشرذماً ويُسّهل وضع اليد على البلد… وهو المشروع نفسه الذي كان قد اقترحه هذا الفريق في نيسان من العام 1999 في جريدة “السفير” عندما افتتَحَتْ المناقشات حول قانون جديد للانتخابات.
لمعرفة خلفيات طرح هذا القانون لا بد من عودة إلى حربْي التحرير والإلغاء، ومرسوم التجنيس:
عند نهاية ولاية الرئيس أمين الجميّل وتعثّر التوصل إلى الرئيس الوفاقي، اضطر الرئيس الجميّل في الساعات الأخيرة لولايته (22 أيلول 1988) إلى تشكيل حكومة عسكرية برئاسة قائد الجيش العماد ميشال عون، وكان اول رئيس عسكري لحكومة “يَنعَمْ” بقصر بعبدا لنحو سنتيْن.
وفِي شهر آذار من العام 1989 أعلَن العماد عون “حرب التحرير” من الجيش السوري، والتي انتهت بتوقيع اتفاق الطائف والتوافق على انتخاب رينه معوض رئيسا للجمهورية.
في 4 تشرين الثاني 1989 حلّ العماد عون مجلس النواب اللبناني. وبهدف السيطرة على مناطق “الشرقية”، اشتعلت مواجهات عنيفة في أواخر كانون الثاني 1990 سُميت بـ”حرب الإلغاء”، بين وحدات من الجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال عون و”القوات اللبنانية” بقيادة سمير جعجع. تبادل الطرفان خلالها احتلال المواقع والمناطق، حيث قتل المئات وأُصيب الآلاف من المدنيين وتسببت الحربان بهجرة شبابية كبيرة إلى خارج الوطن.
في العام 1990 اجتاح الجيش السوري، للمرة الأولى، المناطق المسيحية، مما أدى الى نفي العماد عون الى خارج لبنان.
وفي العام 1994 أي بعد ثلاث سنوات، دخل الدكتور سمير جعجع السجن، مما تسبّب مجددا بهجرة شبابية كبيرة الى الخارج.
وكان الحدث الأبرز صدور مرسوم التجنيس في حزيران 1994، إبان حكم الرئيس الياس الهراوي والرئيس رفيق الحريري، ممّا أدى الى انتفاخ إسلامي غير مسبوق بسبب تجنيس عشرات الآلاف ومعظمهم من المسلمين، الأمر الذي فاقم الخلل في الديموغرافيا والتوازن الوطني.
دفع المجتمع اللبناني بعامّة والمجتمع المسيحي بخاصّة، أثماناً باهظة لحربي التحرير والإلغاء ومرسوم التجنيس، تمّثَلت في هجرة كبيرة لأجياله الشابة وطاقاتها العلمية، وفِي انكفاء معظمها إلى درجة عدم التفكير في العودة إلى وطنها، وحتى في عدم تسجيل أسماء عائلاتها. وهي طاقات يحتاج إليها وطننا أشد الحاجة من أجل إعادة إعماره أخلاقياً وسياسياً وإنمائياً.
ويكفي النظر إلى قوائم الناخبين لانتخابات العام 2018 لتبيان أثر تلك الأحداث على مواليد ما بين 1988 و1997 الذين بلغوا 730 ألف ناخب جديد.

(مواليد ما بين 1988 و1997 من الناخبين الجدد: أي منذ تعيين العماد عون رئيسا للحكومة العسكرية الانتقالية مرورا بحرب التحرير مع السوريين وحرب الإلغاء مع سمير جعجع ومرسوم التجنيس)، وقد توزعوا على الشكل التالي:
– بلغ عدد الناخبين ألمسيحيين 181 ألف ناخب فقط، أي 25%.
– بينما بلغ عدد الناخبين المُسلمين 550 ألف ناخب، أي 75% .
في قراءة موضوعية لهذه الأرقام والنسب، نستنتج بوضوح تأثير تلك الأحداث في انخفاض أعداد المسيحيين نتيجة لتقديم قادتهم مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة، وانعدام الرؤية والمسؤولية الوطنية، واستعمال العنف لحل المشكلات بدل الحوار، والاستقواء بالخارج على حِسَاب أبناء الوطن.
قد يسأل قارئ لماذا التذكير الْيَوْمَ بتلك الأحداث الأليمة؟ وهل أن ذاكرة الشعب اللبناني، وبخاصة أجياله الشابة، قاصرة عن ربط الأحداث وتحميل المسؤوليات، في معرض الانتخابات النيابية نهاية هذا الأسبوع؟
الجواب كلا، ليست قاصرة. ويمكننا ان نتوقع من أجيالنا الشابة ان تصوّت مع المعارضة وضد الطبقة الحاكمة التي كانت السبب الأساسي في تهجيرها، والتي تَفَّهتْ ولا تزال مفهوم الدولة لمصلحة الطائفية والمحاصصة والزبائنية.
وأن تقلُب الطاولة خصوصاً على من أراد انتهاز فرصة الانتخابات لتشريع وضعه وسلاحه، ووضع يده على البلد.
إنها دعوة الى الشعب اللبناني ولا سيما إلى أجياله الشابة للتصويت بكثافة، لمصلحة الدولة المدنية القادرة والحديثة، لوطن يحلو العيش فيه بكرامة وحرية وعدالة.
إنها فرصة ثمينة للتغيير.
سمير عبد الملك/محامٍ وسياسي.
https://alsawt.org/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%AF-25-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8875-%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%86%D9%87/