الدكتورة رندا ماروني: لا تضيعوا العنوان كي لا تصبح السيادة نهائيا في خبر كان ويحتل هتلر الميدان

372

لا تضيعوا العنوان كي لا تصبح السيادة نهائيا في خبر كان ويحتل هتلر الميدان
الدكتورة رندا ماروني/21 نيسان/18

تركز الحملات الإنتخابية على مشارف بدء المعركة على عنوان بارز يكاد أن يكون وحيدا في المنازلة الإنتخابية، ألا وهو مكافحة الفساد.
عنوان عريض يحمله كل المشاركين في السباق الإنتخابي الموصوف بسباق الأثرياء نظرا للسقف المالي العالي المسموح به قانونيا، ونظرا لكمية الأموال المنظورة ورقا وإعلانات تغزو الطرقات.

وبالرغم من هدر الأموال كصورة أولية لعملية فساد مقوننة، يجتمع المشاركون من كافة الإتجاهات على تراشق الإتهامات، تهم بالجملة بين أركان السلطة فيما بينهم بالفساد، وتهم تطال جميع من هم في السلطة دون إستثناء من قبل من أطلق على نفسه إسم المجتمع المدني، ليذكرنا بالحقبة الهتلرية نوعا ما، إنما أكيد في ظروف مجتمعية مختلفة حيث نال هتلر أكثرية في إنتخابات ديمقراطية وفي بيئة ديمقراطية كان الشعب في وضعية الزاهد بالحكم الموجود، فأتى هتلر ليعده بنموذج مختلف وكان ما كان، ليحول الديمقراطية إلى توتاليتارية.

فهل إن زهد ويأس الشعب اللبناني من الطبقة السياسية الموجودة سيدفعه إلى تبني نموذج مختلف آخر عما هو موجود مهما كان هذا النموذج، أم إن الديمقراطية التعددية المنحرفة اليوم عن إلتزام الحد الأدنى في أصول الممارسة السياسية المفروض إتباعها ما زالت تشكل حصنا منيعا مانعا للغزوات؟
إن الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة اللبنانية هو أمر واقع اليوم بإعتراف أهل السلطة أنفسهم دون التبني أو الاعتراف بما تقترف أياديهم إنما بإلقاء اللوم دائما على الآخرين، وبعلم من المجتمع الدولي الذي يناشده أهل السلطة دائما تقديم المساعدات من خلال تنظيم المؤتمرات الداعمة، ويشكل مادة دسمة للمراشقة لمن يطرح نفسه بديلا عن السلطة الفاسدة التي أغرقت البلد بالديون وأهلكت المواطن بالضرائب وتآمرت عليه بالصفقات المالئة للجيوب وطمرته بالنفايات والتلوث البيئي.

إلا أن هذه المادة الدسمة المستخدمة في رشق السلطة الفاسدة وبالرغم من أهميتها وأحقيتها، هل تستطيع أن تختصر المشكلة الوجودية للدولة اللبنانية وأن تشكل خيارا بديلا مطروحا؟

لقد وعد حزب الله مناصريه على لسان قائده السيد حسن نصرالله بمحاربة الفساد بعد الإنتخابات البرلمانية القادمة، إلا أن الأسماء المتهمة من القاعدة المناصرة لحزب الله بممارسة الفساد والتي تعترض عليها هذه القاعدة، ما زالت هي التي تتصدر اللوائح المشكلة.

ما فعله حزب الله فعله أهل السلطة كل على طريقته كما يفعله من أطلق على نفسه إسم المجتمع المدني في غالبيته، إلا أن الجميع يتغاضى التطرق في خطابه الإنتخابي عن ذكر الفساد السياسي وأسبابه وكيفية معالجته، الذي هو أساس إصلاح البناء السياسي اللبناني والمفتاح الأول في عملية محاربة الفساد، فلا إصلاح مالي أو إقتصادي من دون إصلاح سياسي وفي ظل غياب أسس الدولة المتعارف عليها عالميا.

فإذا كان التغاضي عن الفساد السياسي وضرب أسس بناء الدولة من قبل أهل السلطة السياسية والطقم الحاكم معروف الأسباب والأهداف ألا وهو وضع اليد على أكبر قدر ممكن من المغانم والمنافع بالتآمر على الدولة مع المحتل، إلا أنه يشكل علامة إستفهام كبيرة على قسم وافر ممن أطلق على نفسه تسمية المجتمع المدني، حول الأهداف السياسية الحقيقية خاصة إن التغاضي عن الفساد السياسي لا يصب إلا في خدمة الفساد ولا يمكن تصنيفه في موقع آخر، فلا زالت المعركة سيادية والمنازلة وجودية، لا تضيعوا العنوان كي لا تصبح السيادة نهائيا في خبر كان ويحتل هتلر الميدان.
هتلر في الميدان
خارقا للكيان
مبدلا للقواعد
ينازل بإتقان
بكل الوسائل
عابرا للزمان
يصوب سهامه
يحدد المدان
يطلق إختبارا
وأدهى إمتحان
واصفا حرائق
نافخا دخان
يسأل يتسائل
كقارئ فنجان
يستهدف فسادا
ينغم ألحان
يستقطب السامع
ليفتن إفتتان
يصور وطنا
راقيا مصان
من الشوائب
ويطلق الرهان
مبدلا للقواعد
ينازل بإتقان
بكل الوسائل
عابرا للزمان.