الدكتورة رندا ماروني: الهوية الضائعة وفائض الوعود

410

الهوية الضائعة وفائض الوعود
الدكتورة رندا ماروني/07 نيسان/18

نرى اليوم مع مروحة التحالفات التي تشهدها تركيب اللوائح الإنتخابية إنحدارا قيميا وأخلاقيا عنوانه إستغلال الفرص والمصالح الآناية ونحرا للبنان الهوية الراسخة وللسيادة والإستقلال، فبعد أن خيضت إنتخابات 2009 بعناوين سيادية واضحة وبفريق متماسك وبدعم شعبي كبير لتحصد أكثرية المقاعد في الندوة البرلمانية، لتظهر صلابة إرادة الشعب اللبناني بأغلبيته الساحقة بالتشبث بهويته الوطنية السيدة الحرة والمستقلة عن أية تبعية ولتظهر الثبات في خياراته التحررية مهما كثرت التضحيات، تشهد إنتخابات اليوم الضياع والتخبط في العناوين السيادية وتلاشيا للهوية السياسية.

فإذا كانت الهوية السياسية لدى غالبية الشعب اللبناني والتي ترجمتها ساحة 14 آذار، قلب لبنان النابض بالحياة، غير قابلة للمساومة أو المتاجرة بها، إلا أنها وفي جعبة الأغلبية الساحقة من الزعماء السياسيين عملة قابلة للصرف في سوق الحسابات والمصالح الخاصة، وإذا كانت مسؤولية بعض اليوضاسيين تفوق مسؤولية البعض الآخر منهم، في شرذمة ثورة الأرز وحركة 14 آذار التحررية، إلا أنهم جميعا وقعوا في الخطيئة وتنكروا لنبض الساحة الحي أبدا.

فمن الحلف الرباعي، إلى وثيقة مار مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله، إلى التغيير الإستراتيجي في سياسة تيار المستقبل وتبني ترشيح سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة، إلى أوعى خيك، وإلى بعض الطامحين ببعض المكاسب من هنا وهناك، إضافة إلى ما تخلل هذه الفترة من إستهداف لحركة 14 آذار من قبل بعض الراغبين بالوصول إلى سدة الرئاسة وقعوا في الخطيئة، وتنكروا لنبض الساحة واليوم شكلت اللوائح البعض منها فائق الوقاحة والبعض الآخر أعاد العناوين السيادية، نخص هؤلاء بالذكر وبالتساؤل، هل هي عودة إلى الثوابت أم لضرورات المعركة الإنتخابية؟ الإعتراف بالخطأ فضيلة ولم نسمع إعترافا، والأخطاء المستمرة تستدعي التنحي وفرز قيادات جديدة.

عناوين لوائح طنانة رنانة تغزو العقول وتستدعي الناخبين لإختيارها، الصفة الجامعة لأغلبها فقدان الهوية السياسية السيادية اللبنانية، يدور مضمونها في فلك التحالفات مع حزب الله وحلفائه، فلوائح لبنان القوي الذي يعدنا به التيار الوطني الحر هي في الواقع من أقوى اللوائح المجردة لبنان من هويته الحضارية ومضامينه الدستورية من خلال المروحة الواسعة للتحالفات مع حلفاء النظام السوري بلبنان، أما ما يسمى بالمجتمع المدني أو بالأحرى من ينسب نفسه للمجتمع المدني هو في الحقيقة في أغلبيته الساحقة ما عدا القليل من الشخصيات المعروفين والمعدودين لا يحمل أهدافا سيادية ولا هوية سياسية، ومن خلال طرحه لمشروع لبنان الدائرة الواحدة على قاعدة النسبية يتناغم مع المشروع السياسي لحزب الله، كما أنه في خطابه الإنتخابي لا يقرب السلاح الغير شرعي لا من قريب أو من بعيد، أما من يطرحون لوائح بعناوين سيادية في مكان، ويتحالفون مع غير سيادين في مكان آخر، أو من يطرحون لوائح بعناوين سيادية وفي الأمس القريب تنكروا لها قد ينالون تأييدا إنما ليس لإنجازاتهم الرائعة إنما لفقدان البديل وشتان ما بين الإثنان.

فالهوية السياسية السيادية اللبنانية ضائعة في أغلبية التشكيلات المطروحة عمليا لأنه في الواقع لا يكفي طرح العناوين السيادية لنيل السيادة إنما هي ممارسة وقد وضع المواطن ثقة سابقة في إنتخابات 2009 ولم يحصد نتائج إلا معاكسة لما كان مطروحا له، وعلى من يريد المشاركة في العملية الإنتخابية اليوم التي لا تقرب إلى الأصول الديمقراطية بشيء والتي تستدعي المقاطعة لا المشاركة، عليه التأني في إختيار الأقل ضررا وبعد مراجعة متأنية للتجارب السابقة.
هوية ضائعة
وفائض وعود
كائنات مسخة
بحسنها تجود
منشورة معلقة
صعودا سجود
طرقات مزروعة
كواكب قرود
أموال تهدر
ورقا مرصود
بميزانية ضخمة
وشهادة شهود
تصور الكهل
طفل مولود
وتقدم القديم
بأبهى البنود
هوية ضائعة
وفائض وعود
كائنات مسخة
بحسنها تجود
والطرقات مزروعة
كواكب قرود.