الدكتورة رندا ماروني/حزب الله المدني

418

حزب الله المدني
الدكتورة رندا ماروني/01 نيسان/18

نشهد اليوم، قبيل الإنتخابات النيابية تفشي ظاهرة جديدة تطلق على نفسها المجتمع المدني كانت حاضرة في التاريخ اللبناني في بعض الأحزاب التقليدية كالحزب الشيوعي على سبيل المثال لا الحصر، إنما اليوم دخلت بأسماء عديدة وجديدة اللعبة السياسية وأقدمت على ترشيح عدد كبير من المنضوين بين صفوفها لخوض غمار المعارك الإنتخابية المقبلة بتنظيم أكبر، وبإستثناء قلة قليلة منهم التي إلتزمت عند طرحها لبرامجها الإنتخابية أسس ومبادئ السيادة اللبنانية أولا، إلا أنها أي هذه القلة وفي غالبيتها ما لبثت أن إنسحبت لعدم إنسجامها عند تأليف اللوائح مع قوى أخرى لا تشاركها نفس الأهداف السيادية ونفس الأولويات.
وإذا نظرنا إلى البرامج الإنتخابية المطروحة ممن ينسب نفسه للمجتمع المدني نراها تتضمن غاية سياسية أولية ألا وهي ألغاء الطائفية السياسية، وإعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وتسجل بهذا الطرح تقاربا يجمعها مع برنامج حزب الله الإنتخابي في أهدافه السياسية التي أعلنها السيد حسن نصرالله بشكل واضح مؤخرا حيث أكد توجهه لإلغاء الطائفية السياسية وإعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة في المرحلة المقبلة وعند صياغة قانون إنتخابي جديد.
كما كان قد أعلنها رئيس حركة أمل الاستاذ نبيه بري منذ فترة عندما كان النقاش دائرا حول التوافق على إعتماد قانون إنتخابي وقبل ولادة القانون الحالي الهجين ولم يلقى الطرح قبولا بإجماع كل الأطراف اللبنانية المتحاورة ما عدا الثنائي الشيعي الحاكم.
إذا فما الذي يجمع بين برنامج من ينسب نفسه للمجتمع المدني وبرنامج السيد حسن نصرالله السياسي؟
مع العلم بأن النسبية في الدائرة الواحدة لا تلائم طبيعة لبنان التعددية حيث لا أحزاب سياسية على إمتداد الوطن، بل أحزاب ذو لون طائفي بالأغلب لون واحد وقد أثبتت تجربة التحالفات في اللوائح الحالية أنها خلطت الحابل بالنابل حيث لا توافقات ولا برامج سياسية مشتركة فكيف إذا كانت أيضا في دوائر أوسع؟
أولا فلنحدد ما غاية المجتمع المدني علميا.
تقوم غاية المجتمع المدني بإقامة دولة مدنية لا دور للعسكر فيها على الإطلاق، ولا لرجال الدين، ولا لأي جهاز أو مؤسسة غير مدنية(حزب الله )، وإلا يجب أن يكون هذا الدور تحت إرادة المدنيين وليس فوقها لأن الدولة لا تصبح مدنية إلا إذا حكمها مدنيون وتم منع الجيش ورجال الدين عن الحكم وأي شيء خارج النطاق المدني هو خارج العقد الإجتماعي، والإنتخابات مدنية ديمقراطية شفافة.
بإختصار الدولة المدنية لا يحكمها لا عسكر ولا رجال دين ولا أي أجهزة قد تقفز عن السلطة المدنية خارج العقد الإجتماعي، كما أن العقد الإجتماعي المعمول به حتى اليوم في لبنان يتجسد في الميثاق الوطني القائم على توزيع المناصب بين الطوائف ولم يتم حتى الآن التوافق على أي صيغة جديدة، فكيف يبغي من ينسب لنفسه المدنية تغيير الميثاق والصيغة تحت وطأة السلاح؟ وبعدم موافقة من الأطراف كافة ما عدا الطرف المسلح، خاصة إن لبنان دولة تعددية وسبل تطوير الدول التعددية معروف علميا ومتعارف عليه عالميا، فكيف يتم القفز فوق كل هذه المعطيات ولمصلحة من؟
أمور تثير الريبة لتزرع يقينا في برنامج سياسي مشبوه يحضر للبنان أكان ترهيبا عن طريق السلاح، أم ترغيبا عن طريق إستقطاب مهمشين ودمجمهم في مشروع مبتغى التحقيق لإستكمال السيطرة.
من هذا المنطلق فإذا نظرنا إلى أولويات العمل المتبعة ممن يدعي بأنه مجتمع مدني نراها تتغاضى عن الأسس الواجب التصويب عليها لاصلاحها أولا، ألا وهي موضوع السلاح الغير شرعي وممارساته الشاذة المؤثرة في عملية صنع القرار، كما تسليط الضوء على تدخلات بعض رجال الدين في الحياة السياسية وتأثيرها على مجريات الأمور أكانت إنتخابية أم سياسية أم تحريضية.
وهذا الدور الأولي الذي يجب أن يلعبه من يدعي بأنه مجتمع مدني ليس وارد لا في أولوياته ولا في حساباته حتى.. والأولى ممن يسعى للمدنية بأن يسعى لتحرير الوطن من براثن الإحتلال، إحتلال السلاح غير الشرعي قبل أن يساهم هو نفسه في تشريعه، كما عليه أن يسعى لتحرير المواطن في قراره قبل أن يسلب نهائيا القرار.
إن تطلعات من يدعي المدنية هي تطلعات غير سيادية، وليست أكثر من قوم ت “أقعد محلك” فأنت حرامي جيوب أما أنا فحرامي أوطان بفرد مرة.
سرقة جيوب
سرقة أوطان
خطط تحاك
في كل مكان
عجز وصفها
أفصح لسان
تأتيك غفلة
كغدر الزمان
ممتطية صهوة
أسرع حصان
تبتسم وتلسع
لسعة ثعبان
شفائها نادر
سمها ظمآن
يرشف دما
ويقول إقحوان
ويحجز شعب
خلف القضبان
خطط تحاك
في كل مكان
سرقة جيوب
سرقة أوطان.