الياس بجاني/نعم لمشروع قانون باسيل الخاص بتجنيس أولاد اللبنانيات المتزوجات من فلسطينين وسوريين

197

نعم لمشروع قانون باسيل الخاص بتجنيس أولاد اللبنانيات المتزوجات من فلسطينين وسوريين
الياس بجاني/22 آذار/18

نحن ومنذ العام 2006 وبقوة وعلناً ودون مواربة أو خجل نحن كنا ولا زلنا ضد كل خيارات جبران باسيل وحزبه الوطنية والإستراتجية والإنتهازية والمصلحية وخصوصاً ذوبانه الذمي والكلي والمصلحي في مشروع حزب الله الملالوي والإيراني بإمتياز..

ولكن نحن مع جبران باسيل في طرحه مشروع قانون تجنيس أولاد اللبنانيات المتزوجات من سوريين وفلسطينيين اذ يبلغ عدد هؤلاء مع فروعهم وأصولهم ما يقارب مليون و200 ألف..طبقاً لدراسات كانت نشرت السنة الماضية.

أما من يزايدون من القادة والسياسيين المسيحيين ومنهم الموارنة تحديداً لمجرد المزايدة والنكايات وادعاء الخوف على العدل والمساواة وحقوق الإنسان فهؤلاء يرتكبون جريمة ديموغرافية ووجودية في مواقفهم المدمرة لأسس التعايش والتميز..ونقة على السطر.

باختصار، إن من يطالب بتجنيس أولاد اللبنانيات المتزوجات من سوريين وفلسطينيين عليه أن يعي أن موقفه هذا مدمر لأن ما يؤيده هو نفس قانون التجنيس الجريمة الذي فرضه النظام السوري سنة 1994 ولكن مضروب بعشرة..

فكفى البعض مزايدة وضرب للوجود وللكيان والهوية ولكل مميزات لبنان التعايشية والحضارية.

مشروع قانون جبران باسيل
باسيل: سيتم اصدار مرسوم لتنظيم الحالات المستحقة للجنسية
وكالات/الأربعاء 21 آذار 2018
غرّد وزير الخارجية جبران باسيل، قائلا: “كما اعلنت سابقاً في المؤتمر الصحفي الذي انعقد صباحاً، سوف يتم إصدار مرسوم تنظيمي بالاتفاق مع معالي وزير الداخلية والبلديات لتنظيم الحالات المستحقة للجنسية اللبنانية من قبل مواطني دول الجوار. وذاك كأجراء مكمل لمشروع القانون الذي أرسلته اليوم إلى مجلس الوزراء”. وكان باسيل قد اطلق لمناسبة عيد الأمهات، مبادرة مهمة للمرأة اللبنانية، حيث أعلن في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الخارجية عن تقدمه للحكومة بمشروع قانون يجيز للمرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني حق منحها الجنسية اللبنانية لأولادها باستثناء دول الجوار للبنان منعا للتوطين، وما يمنع عن المرأة يمنع عن الرجل باستثناء هذه الدول. حضر المؤتمر وزير العدل سليم جريصاتي، الأمين العام للخارجية هاني الشميطلي، رئيسة مصلحة السير هدى سلوم، مدير عام التعاونيات غلوريا ابو زيد، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، عضو المجلس الاعلى في الجمارك غراسيا قزي، وحشد من النساء المرشحات للانتخابات النيابية. وألقى باسيل كلمة شرح فيها مشروع القانون الذي يهدف للمساواة بين الرجل والمرأة وقال: “اللقاء اليوم هو لمناسبة عيد الام، التي هي أغلى شيء في الحياة، ونحن اخترنا هذا التاريخ السنوي المتكرر لأننا فكرنا بالام اللبنانية التي تعطي كل شيء، هي المحرومة من اشياء كثيرة في هذا البلد”. أضاف: “منذ ان توليت وزارة الخارجية وضعت مجموعة اهداف تتعلق بالانتماء الى لبنان واسميناها رابطة الانتماء التي هي اللبنانية أو ليبانيتي. أنا اعتبرت ان هذا ما يجمعنا كلبنانيين ويضعنا فوق الطوائف والاحزاب وفوق كل اختلافاتنا، ويغنينا من خلال تنوعنا، لكن تحت وحدتنا. واعتبرت أننا حين نوظف هذا الانتماء ونتكلم عنه، يكون هو عصبنا الاساسي امام كل الغرائز الاخرى التي تبعدنا عن لبنان ولبنانيتنا وتشدنا اكثر لانتماء هو حقيقي ويميزنا ويجمعنا”.
وتابع: “من هنا وبموجب واجباتي وصلاحياتي الدستورية، عملت على موضوع المنتشرين اللبنانيين في العالم لجمعهم في هذا الانتماء ووصلهم مع بعضهم البعض، وكذلك وصلهم مع لبنان. وقمنا بمجموعة خطوات منها قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من اصل لبناني لنتمكن من ان نساوي ولو بشكل جزئي بين اللبنانيين المقيمين ولديهم الجنسية، وبين اللبنانيين المنتشرين وليس لديهم الجنسية، لتكون لديهم امكانية استعادة الجنسية. مع العلم ان القانون الذي اقررناه ناقص ولا يشمل كل اللبنانيين الذين تركوا لبنان منذ 150 سنة بل يشمل اللبنانيين الذين طالهم الاحصاء في الاعوام 1921 1924 و 1932. بالتالي منذ اقرار هذا القانون والبدء بتطبيقه، نعمل لتعديله ليشمل بقية اللبنانيين الذين كلما قمنا بزيارة الى دول العالم نجد ان هذا القانون لا يشملهم. وقد عالجنا هذا الموضوع في جانب منه ونأمل ان نعالج الجانب الآخر”.
وأردف: “نحن اليوم نعالج جانبا آخر يتعلق بالام اللبنانية وهو موضوع نقاش قديم، فأنا ومن خلال وجودي في الحكومة وفي اكثر من جلسة في سنة واحدة، ناقشنا الموضوع مطولا وقاربناه من جميع نواحيه. ولما تسلمت وزارة الخارجية كنت كل يوم وفي كل سفرة لي اسأل لماذا لا تستطيع الام اللبنانية منح اولادها الجنسية اذا كانت متزوجة من اجنبي، خصوصا واني اعايش هذا الوضع جيدا لان اختي متزوجة من اجنبي ودائما تطرح علي هذا السؤال ويكون جوابي انت مثل غيرك من اللبنانيات المحرومات من هذا الحق”.
وقال باسيل: “اليوم وبموجب واجباتي وصلاحياتي الدستورية أتقدم بهذه المبادرة التي تطاول مبدأ المساواة بين كل اللبنانيين نساء ورجالا، من خلال مبدأ منصوص عنه في الدستور اللبناني في المادة السابعة من الفقرة ج في مقدمة الدستور والتي تنص على موضوع المساواة من دون الاشارة الى اي عنصر من عناصر التمييز المبني على اساس الجنس بين المرأة والرجل. ومنصوص عنه ايضا في الاتفاقات الدولية وهي لها نفس القيمة الدستورية حيث ان الفقرة ب من مقدمة الدستور أوجبت على الدولة اللبنانية تجسيد مبادىء المواثيق الدولية ما يجعل هذه النصوص الدولية ذات قيمة ومفعول دستوري، وتحديدا نحن نتكلم عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أقر في العام 1948 وعن العهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1966، وكذلك عن الميثاق العربي لحقوق الانسان”.
أضاف: “في اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والتي صادقت عليها الدولة اللبنانية سنة 2008 بموجب القانون رقم 1 وتعهدت من خلالها بموجب احكام المادة 2 من هذه الاتفاقية بتعديل والغاء القوانين والانظمة المعمول بها في لبنان، والتي تشكل تمييزا ضد المرأة. وكذلك لدينا في قوانيننا احكام تمييزية غير منطقية منها ان الولد غير الشرعي من ام لبنانية يعطى جنسية امه في حين ان الولد الشرعي من أم لبنانية ومتزوجة لاجنبي لا يمنح الجنسية ما يشكل حالة غريبة وغير مقبولة. وكذلك الولد القاصر الذي توفي والده وحصلت أمه الاجنبية على الجنسية باستطاعتها منحها لولدها وهذا غير منطقي. ان هذا الموضوع يجعلنا نقول ومن باب المساواة، ان ما يتمتع به الرجل اللبناني المتزوج من امرأة غير لبنانية وله الحق بإعطاء الجنسية لاولاده. وبموجب كل ما تحدثت عنه ومن باب المساواة ومن خلال تعديل القانون يجب اعطاء المرأة الحق بمنحها جنسيتها لاولادها اذا كانت متزوجة من غير لبناني تماما مثلها مثل الرجل اللبناني المتزوج من امرأة غير لبنانية”.
وتابع: “في دستورنا اللبناني، الفقرة ج من مقدمته تحظر التوطين بصورة قاطعة، وتعتبر ان خطره مواز لخطر التقسيم والتجزئة وكلنا كلبنانيين نقر انه خطر وجودي وكياني. وبالتالي الدولة اللبنانية متمسكة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وللنازحين السوريين، ما يحتم علينا الأخذ بالاعتبار تداعيات منح الجنسية بشكل جماعي للسوريين وللفلسطينيين، والتجنيس الجماعي وجه من اوجه التوطين واللبنانيون مجمعون انه يكون تمهيدا في كل الاخطار التي نراها وآخرها ما حدث في الاونروا وما يحدث معنا في موضوع النزوح السوري. فهو يشكل خطرا كبيرا على وجود الكيان اللبناني ونحن نعرف جيدا حساسية هذا الموضوع للبنانيين”.
وأردف: “لذلك نحن اليوم نتقدم بمشروع قانون يقدمه وزير الخارجية والمنتشرين اللبنانيين، بموجب صلاحياته الى الحكومة اللبنانية، لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل واعطاء المرأة الحق بمنحها الجنسية لاولادها اذا كانت متزوجة من غير لبناني، ومساواة الرجل بها في ذلك لكل الجنسيات، باستثناء دول الجوار للبنان بسبب احترام الدستور ومنع التوطين. ما يعني وانطلاقا من مبدأ المساواة ان ما يمنع عن المرأة يمنع عن الرجل باستثناء هذه الدول. وبالتالي انا اليوم أتقدم من مجلس الوزراء بمشروع قانون يرمي الى تعديل قانون الجنسية الصادر في سنة 1925 بحيث يعتبر لبنانيا كل شخص مولود من اب او من ام لبنانية. واعتبر ان هذا انصاف للمرأة اللبنانية ومساواة بين المرأة والرجل، وانصاف لعدة اجيال من اللبنانيين المولودين من ام لبنانية ومتزوجة من غير لبناني”.
وقال: “أعرف جيدا ان هذا القانون سيثير جدلا كبيرا، وقد فكرت في ذلك جيدا، ومنذ ان واجهناه داخل الحكومة انا ووزير العدل سليم جريصاتي الذي ساعدني في هذا الامر وله الفضل الكبير في كتابته، وبالمقاربة نفسها القانونية والحقوقية والكيانية، اعرف كم سيثير الجدل لكني قررت ان أتجرأ واطرحه وأوقع عليه رغم كل الجدل الذي سيثيره. يكفي نقاشا في هذا الموضوع وحان الوقت لاقراره”.
أضاف: “هذا القانون الذي نقدمه، مفتوح للنقاش مع المعنيين فيه، وخصوصا مع وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسبيان والهيئة الوطنية لشؤون المرأة، والاحزاب والنواب وجمعيات المجتمع المدني لاقراره”.
وتابع: “لقد اخترت هذا اليوم ليس فقط لانه عيد المرأة والأم بل لاننا اليوم نحن مقبلون على انتخابات وهذه مناسبة لوضع النواب الحاليين امام امر اقراره واذا تعاطوا معه من الجهة الانتخابية فلا مانع، وكذلك للمرشحين للانتخابات، ومنهم انتم الموجودين هنا فليلتزموا بإقراره اذا ما انتخبوا نوابا. اعود وأذكر اننا نعطي المرأة او الام حقها، ونساوي بين الرجل والمرأة بمعنى ان الرجل ايضا لا يعطي الجنسية لاولاده للدول المستثناة التي هي دول الجوار وتشكل خطر التوطين على لبنان، فنحن نحافظ على وجودية الكيان اللبناني من خلال منع التوطين”.
وأردف: “اضافة الى ذلك، لاحظنا في القانون قضية أخرى فأنتم تعرفون انه من الممكن اعطاء الجنسية في حالات فردية بموجب مرسوم جمهوري موقع من رئيسي الجمهورية والحكومة ومن وزير الداخلية، وبالتأكيد هي لا تغطي الالاف من حالات الامهات لكنها تحصل بشكل فردي. لحظنا في القانون امكانية وضع مرسوم تطبيقي من قبل وزيري الداخلية والخارجية ينص على الشروط التي على اساسها يمكن لحظ اعطاء الجنسية لدول الجوار ضمن شروط معينة افراديا لاني اعرف تماما ان هناك حالات تستحق بالمعنى الزمني والولادة والمصلحة الوطنية للبنان، لكن المشكلة هي في حالات التجنيس الجماعي. واتمنى على الجميع ان يطلعوا من وزارة الداخلية على الارقام التي من الممكن ان تحصل على الجنسية بعشرات الآلاف اذا لم نستثنِ هذه الدول ما يشكل خطرا وجوديا وكيانيا على لبنان”.
وختم: “اليوم وانا اقدم هذا القانون، افكر بكل ام اعطتنا كل شيء في هذه الحياة واعطت للبنان تماسك مجتمعه في كل المخاطر التي مرت عليه، وآمل ان نعطي المرأة والام اللبنانية جزءا من حقها وصولا الى اقرار كامل بالحقوق اللبنانية، وكذلك وصولا الى المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في لبنان”.
في نهاية المؤتمر الصحافي، وزعت على الحاضرين نسخ من مشروع القانون والاسباب الموجبة له، وجاء فيه:
“مشروع القانون الرامي الى تعديل “قانون الجنسية اللبنانية” – القرار رقم 15 الصادر بتاريخ 1911925
المادة الأولى: تعدل المادة الأولى من القرار رقم 151925 بحيث تصبح كالآتي:
“يعد لبنانيا:
1- كل شخص مولود من أب لبناني أو أم لبنانية.
2- كل شخص مولود في أراضي لبنان الكبير قبل 19/1/1925 ولم يثبت أنه اكتسب بالبنوة عند الولادة تابعية أجنبية.
3- كل شخص يولد في لبنان من والدين مجهولين او مجهولي التابعية ويثبت قضاء هوية أحد والديه ونسبه وتابعيته اللبنانية.
المادة الثانية: تعدل المادة 2 من القرار رقم 151925 بحيث تصبح كالآتي:
إن الولد غير الشرعي الذي تثبت بنوته وهو قاصر يتخذ التابعية اللبنانية إذا كان أحد والديه الذي ثبتت البنوة بالنظر إليه، لبنانيا.
المادة الثالثة: تعدل المادة 5 من القرار رقم 151925 بحيث تصبح كالآتي:
كل شخص أجنبي يقترن بشخص من التابعية اللبنانية يصبح لبنانيا بعد مرور سنة على تاريخ تسجيل الزواج في قلم النفوس بناء على طلبه.
المادة الرابعة: يضاف المادة التالية الى أحكام القانون رقم 151925
منعا للتوطين المحظر دستورا وتمسكا بحق العودة، يستثنى من الأحكام المنصوص عليها في المادتين 1 و5 من القرار رقم 151925، الشخص اللبناني الذي يقترن بشخص أجنبي دخل الى لبنان لاجئا أو نازحا، لا سيما من الدول المجاورة للبنان.
المادة الخامسة: تعدل المادة 13 من القرار رقم 15/1925 لتصبح كالتالي:
تتولى وزارة الداخلية والبلديات، بالإشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، وضع المراسيم والقرارات التطبيقية الآيلة الى تنفيذ أحكام هذا القانون، لا سيما ما يتعلق بالشروط الواجب توافرها في الحالات الافرادية التي تستحق التجنيس لمواطني الدول المستثناة.
المادة السادسة: ينشر هذا القانون ويعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية”.
وجاء في الأسباب الموجبة للقانون الرامي الى منح المرأة اللبنانية المتأهلة من أجنبي الحق بإعطاء الجنسية لأولادها ولزوجها.
“إن مبدأ المساواة بين جميع اللبنانين، نساء ورجالا، في التمتع بالحقوق المدنية وتحمل الموجبات عينها هو مبدأ منصوص عنه في:
1- الدستور اللبناني.
الإتفاقيات الدولية ذات القيمة الدستورية.
2- إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها الدولة اللبنانية بموجب القانون رقم 1 الصادر في 5/9/2008.
فمن ناحية أولى، كرست الفقرة “ج” من مقدمة الدستور والمادة 7 منه مبدأ المساواة بين جميع اللبنانيين في الحقوق والواجبات من دون الإشارة الى أي عنصر من عناصر التمييز المبني على أساس الجنس بين المرأة والرجل، الأمر الذي يستفاد منه بصورة واضحة لا لبس فيها أن الدستور اللبناني أعطى المرأة اللبنانية الحقوق عينها التي يتمتع بها الرجل وعلى قدم المساواة معه، ومن ضمنها حكما الحق بإعطاء الجنسية اللبنانية لأولادها ولزوجها الأجانب.
وبالفعل نص الفقرة “ج” من مقدمة الدستور على أن “لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”.
كما أن المادة 7 من الدستور نصت أيضا على مبدأ المساواة بين اللبنانيين من دون التمييز بين الرجل والمرأة حيث جاء فيها أن “كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم”.
ومن ناحية ثانية، فإن الفقرة “ب” من مقدمة الدستور اللبناني نصت على أن “لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادىء في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء”، الأمر الذي يجعل من جميع النصوص الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية المشار إليها أعلاه نصوصا متمتعة بالقيمة الدستورية، وهذا ماأكد عليه اجتهاد المجلس الدستوري الذي أقر بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية (1966) والميثاق العربي لحقوق الإنسان الوارد ذكرها في مقدمة الدستور، إنما هي صكوك دولية تتمتع أحكامها بقيمة دستورية موازية لمختلف أحكام الدستور الأخرى.
لذلك فإن الدولة اللبنانية ملزمة، بموجب أحكام الفقرة “ب” من مقدمة الدستور اللبناني، بتجسيد مبادىء هذه المواثيق الدولية في جميع الحقوق والمجالات من دون أي إستثناء، أي أنها ملزمة بتجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في التمتع بالحقوق المدنية عينها ومن ضمنها الحق بمنح أولادها وزوجها الأجنبي الجنسية اللبنانية على قدم المساواة مع الرجل اللبناني والمكرس في أحكام المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المصادق عليه من قبل الدولة اللبنانية بموجب المرسوم الرقم 3855 الصادر في 1/9/1972) والمادة 3 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان (المصادق عليه من قبل الدولة اللبنانية بموجب القانون الرقم 1 صادر في 5/9/2008).
أما من ناحية ثالثة، ولئن تحفظت الدولة اللبنانية على أحكام البند “2” من المادة 9 من إتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المتعلق بمنح المرأة حقا “مساويا” لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، إلا أنها تعهدت، من دون تحفظ، وبموجب أحكام المادة 2 من الإتفاقية عينها بتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة المعمول بها في لبنان والتي تشكل تمييزا ضد المرأة.
وبما أن أحكام الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار رقم 15 الصادر في 19 كانون الثاني 1925 (قانون الجنسية)، وبعدما أن اعتمدت رابطة الدم كمعيار للحصول على الجنسية اللبنانية، عادت وحرمت الأم اللبنانية من حقها في إعطاء الجنسية لأولادها لزوجها الأجنبي، إسوة بالأب اللبناني، ما يشكل مخالفة لأحكام الفقرة “ج” من الدستور وأحكام المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 3 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمادة 2 من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي يفترض أن تكون القوانين الصادرة عن المجلس النيابي متوافقة مع أحكامها بموجب أحكام الفقرة “ب” من الدستور والمادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية (التي نصت على قاعدة هرمية القوانين).
وبما أنه وفضلا عما تقدم، يتبين أن القانون اللبناني نص على أحكام تمييزية غير منطقية يستفيد منها الولد غير الشرعي من أم لبنانية بحيث يعطى جنسية أمه، في حين أن الولد الشرعي من أب أجنبي لا يحق له أن يستفيد من جنسية أمه اللبنانية.
وبما أن القانون اللبناني أعطى أيضا الولد القاصر الجنسية اللبنانية إذا اتخذت أمه الاجنبية الجنسية اللبنانية بعد وفاة زوجها غير اللبناني، مما يشكل أيضا وضعا قانونيا تمييزيا غير منطقي بحق المرأة اللبنانية.
وبما أن الهواجس الديموغرافية عند بعض الجهات السياسية يجب أن يصار الى تفهمها من دون أن يؤدي ذلك الى الإجحاف بحقوق المرأة وإبقائها محرومة من حق إعطاء أولادها الجنسية اللبنانية،
وبما أن الدولة اللبنانية، وعملا بالقرارات الدولية ذات الصلة، متمسكة باحترام حق العودة للاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين الذين حضروا الى لبنان بسبب الأزمات السياسية والحروب التي يعانون منها في بلادهم،
وبما الدستور اللبناني، في الفقرة “ط” من مقدمته قد حظر التوطين بصورة قطعية وساوى خطره بخطري التقسيم والتجزئة، الأمر الذي يحتم على المشرع أن يأخذ بعين الإعتبار تداعيات منح الجنسية على حق عودة الفلسطينيين والسوريين الى أرضهم وعدم المساهمة في توطينهم عن طريق التجنيس،
وبما ان القانون أصلا يجيز منح الجنسية بمرسوم جمهوري في الحالات الافرادية،
لذلك، نتقدم باقتراح القانون المرفق لتعديل قانون الجنسية اللبنانية بمساواة المرأة بالرجل في إعطاء الجنسية لأولادها وزوجها الأجنبي، بعد المواءمة بين المستلزمات الدستورية المشار إليها أعلاه ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة المنصوص عنه في الدستور عينه وفي الإتفاقيات الدولية ذات القيمة الدستورية”.