الإعلان السياسي للمبادرة الوطنية: تطوير عمل وطني لمكافحة الاستيلاء الإيراني واستعادة التسوية الوطنية والعربية والدولية للبنان

69

الإعلان السياسي للمبادرة الوطنية: تطوير عمل وطني لمكافحة الاستيلاء الإيراني واستعادة التسوية الوطنية والعربية والدولية للبنان

حركة المبادرة الوطنية/المؤتمر العام
فندق البريستول/في 11/3/2018
من أجل حوار وطني جامع
بعد قراءة الاعلان السياسي فتح المجال للمداخلات والحوار الذي استغرق مدة ساعتين انتهى لتشكيل هيئة تنفيذية من السيدات والسادة (مع حفظ الألقاب) الذين واكبوا وساهموا بأعمال الهيئة التحضيرية وهم: ابراهيم الشحيمي، احمد الايوبي، احمد السنكري، الياس الزغبي، انطوان قسيس، ايلي الحاج، باسم عيتاني، توفيق كسبار، جهاد مغربي، حُسن عبود، ربيع دندشي، رضوان السيد، ريمون معلوف، زكريا الزعبي، شادية الحسن، طارق شندب، طوني الخواجه، عادل حرب، علي عبد الخالق، فارس سعيد، محمد عز الدين، مصطفى بنبوك، نديم اليمن، نوفل ضو، هيثم الطعيمي.

حركة المبادرة الوطنية/المؤتمر العام
الإعلان السياسي
فندق البريستول/في 11/3/2018
من أجل حوارٍ وطنيٍّ جامع
أيها السادة، أيها الإخوة والأحباء
نجتمعُ اليومَ من أجل شأنٍ وطنيٍّ كبير، حضرتم من أجله من جميع أنحاء لبنان. وهذا معنى العيش المشترك ومقتضياته. فاللبنانيون يلتقون في المنعطفات والأزمات من أجل العودة للأُصول والثوابت التي أنتجها وطوَّرها عيشُهُمُ المشترك الذي أَنتج الدولة والنظام، وأدَّى إلى توافُقاتٍ وطنيةٍ كبرى هي التي صاغت الشرعيات الثلاث التي صارت ميزة لبنان، وفاتحة آفاقِه الوارفة الظلال. وصحيح أنّ التوافقات والإجماعات على الأُصول والثوابت في النظام السياسي، كان إنتاجُها وتطويرُها شديد العُسْر، واقتضى ذلك دائماً الاستنادَ إلى العيش المشترك باعتباره هو الأصل، وكلُّ خروجٍ عليه يُهدِّد الدولةَ والنظام؛ لكنّ هذا العُسْر المُنتج بالذات، هو الذي أبقى على لبنانَ الذي نعرفُهُ، ويعرفُهُ أشقاؤنا العرب، ويعرفُهُ العالَم.
إنّ الشرعيات الثلاثَ التي نعنيها هي الشرعيةُ الوطنية، والشرعية العربية، والشرعية الدولية. وعندما نتحدثُ عن التوافقات والإجماعات الوطنية فإنما نقصِدُ هذه الشرعيات التي لا حياةَ للوطن والدولة بمعزلٍ عنها أو في خروجٍ عليها. تقوم الشرعية الوطنية على وثيقة الوفاق الوطني والطائف والدستور. وقد أنتجها إجماعُ اللبنانيين بعد نزاعٍ طويلٍ، ودماءٍ مهدورة، فأنْهت النزاعَ الداخليَّ، وأعادت جَمْعَ صفوف اللبنانيين على هدفين: – الأول استعادة الأمل والعمل على تحقيق الدولة القوية المستقلة والسيدة والعادلة، والديمقراطية، التي تصنعُ الإنماءَ المتوازن، وتصونُ الحريات الأساسية، وتُقيم الحياة السياسية على تعدديةٍ وتنوعٍ يضمُّ جميع المواطنين، ويضعُ مُهَلاً محدَّدةً لإنهاء كلّ أشكال التمييز والإقصاء، ويُصغي بالمناصفة في الإدارة إلى مقتضيات العيش المشترك، ويُنتجُ بالحكمة السياسية وإبداع اللبنانيين صورةً متجددةً للبنان لدى الأشقّاء العرب والعالم.
– أما الهدفُ الآخَر والذي طوَّره الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعاش من أجله ومات من أجله، فهو أنّ اللبنانيين تختلف تقديراتُهم للماضي، لكنهم يتفقون على المستقبل. ولذلك يكونُ على إدارة النظام أن تتشارك مع المجتمع في صناعة المستقبل الزاهر، الذي يريده اللبنانيون، ويتفانَون في بلوغ ذُراه. والنجاحُ في ذلك رغم العوائق والعقبات( كالوجود السوري آنذاك، والمصالح المستقرة)، يؤدي بالصبر، واستعادة العافية للدولة والمؤسسات والقطاعات الخاصة، إلى نجاح الدولة والنظام، وتصاعد صدقية النموذج اللبناني في العيش المشترك.
أما الشرعيةُ الثانيةُ للدولة والنظام فهي الشرعيةُ العربية. وهي لا تتمثل في الهوية والانتماء وحسْب، وهو الأمر الذي نصّ عليه الدستور، ولا بأنّ لبنانَ عضوٌ مؤسِّسٌ في الجامعة العربية وحسْب؛ بل وبأنّ العربَ وبخاصةٍ مصر والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات احتضنوا لبنانَ منذ استقلاله الذي أسهموا في تحقُّقه، وصار مستشفاهم ومدرستَهم وجامعتَهم ومصطافَهم، ومستقر مئات الآلاف من العاملين من أبنائه في بلدانهم، وقد تدخلوا دائماً لحلّ أزماته، وأعادت المملكة إعماره الوطني والسياسي والمالي والعمراني، بعد النزاع الداخلي، وفي الطائف، وبعد حرب العام 2006. ولذلك فإنّ عروبةَ لبنان هي جوهرُ وجودٍ وحياةٍ ومصالح. ولذلك فالذين يعتقدون أنّ علاقات لبنان العربية هي عبءٌ أو يمكن أن تكونَ كذلك، أو أنها تدخُّلٌ في شؤونه الداخلية أو إخلالٌ بسيادته، كُلُّ أولئك إنما يريدون استتباعَ وطنِنا ودولتنا للميليشيات وتحالفات الأقليات، التي لا يعتبرونها مُهدِّدةً للسيادة ولا للعيش المشترك. لا حياة للبنان بدون عروبته وعربيته وانتمائه الأصيل، وَمَنْ لا يصدّق ذلك، فليتأمَّل أعمالَ ميليشيات القتل والتهجير والتقسيم والإبادة في سورية والعراق واليمن. وأمّا الشرعية الثالثة، فهي الشرعية الدولية. فلبنان عضوٌ مؤسِّسٌ في الأُمم المتحدة، وقد أسهم في كتابة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومنذ العام 1948 ظهرت دولة الاحتلال الصهيوني على حدوده الجنوبية. وصار اعتمادُه الكلي في حماية حدوده على قرارات الشرعية الدولية. ومنذ العام 1978 صار هناك جنودٌ دوليون أرسلهم مجلس الأمن، كما أرسل
القوات الدولية عام 2006. لكنّ الشرعية الدولية تتجاوزُ مسألة إرسال العسكر للحماية أو المراقبة. فدولتنا جزءٌ من المجتمع الدولي، ونظامُنا المالي، ونقدُنا، وحركةُ مواطنينا في العالم، كلُّ ذلك، جزءٌ من هذه الشرعية، وجزءٌ من نظام العالم. وتظلُّ الشكوى واردة بالطبع كما يحصل مع كل الدول الصغيرة، وبخاصةٍ إذا كانت لها حدود مع دولة احتلال، وحدود أخرى مع دولةٍ فاشلة. إنّ الجيش اللبناني الذي يقال إنه ضعيفٌ ولذلك نحن محتاجون إلى ميليشيا مسلَّحة من خارجه لردع العدوان، هذا الجيش ظلّ لقرابة العقدين بعيداً عن الحدود مع العدو، ليس لأنّ اليهود منعوه، بل لأنّ السوريين وحلفاءَهم التحريريين حالوادون ذلك؛ لكي يصبح لبنان دولة فاشلة وغير قادرة على بسط سلطتها على كامل أراضيها. والقرار الدولي رقم 1701 الذي لا تحترمه سلطاتنا الآن هو الذي أعاد الجيش اللبناني إلى الحدود. لكنّ الحكم والحكومة ما يزالان يزعمان بالعجز وبالاقتناع أننا محتاجون للميليشيا لحماية الحدود!
أيها السادة، أيها الإخوة والأحباء
نحن نجتمع اليوم، كما يجتمع لبنانيون آخرون كثيرون في أماكنَ أُخرى، بسبب القلق الوطني الكبير؛ لأنّ الاختلالات تتهدد الشرعيات الثلاث: الوطنية والعربية والدولية؛ في ظلِّ هذا الحكم وهذه الحكومة. الشرعية الوطنية مهدَّدة لأنه لا مراعاةَ
للطائف والدستور ومقتضيات العيش المشترك. لقد جرت تسويةٌ انتُخب بمقتضاها رئيس الجمهورية، وتشكلت هذه الحكومة قبل عامٍ ونيِّف. لكنّ البلاد يُعاد تركيبُها بشروط فريقٍ واحدٍ مسلَّح. وتحت هذا السقف تحدث التجاذُباتُ التي تُضِرُّ بالعيش المشترك، وبمصالح المواطنين، بحيث ما عاد النظام يؤمِّن الخدمات الأساسية، والبنى التحتية، ولا يأبه للحاضر والمستقبل في الاقتصاد والتربية والتعليم، فضلاً عن الغرق الفظيع في الفساد. في الممارسة السياسية والإدارية هناك إصرارٌ على أنه في ظلّ الرئيس القوي لا بد أن يستعيد فريقٌ تلك الصلاحيات الموهومة التي أفقده إياها الدستور. وهناك من جهةٍ أُخرى طرفٌ مُسَلِّمٌ بهذا الوهم، مما أدى إلى نشر إحساسٍ بالمظلومية لدى شرائح واسعة من المواطنين من فئةٍ معينة. وفئةٌ ثالثةٌ تعتقد أنّ من حقّها أن تسود باعتبارها حاميةً لحمى الوطن. إنّ هذه الممارسات المخِلّة بالتوازن الوطني تتسارع وتطغى ولا رادعَ ولا مُحاسِب. إنّ العمل الحكومي في لبنان لا يصح أن يسير على قاعدة توازُن القوى، لأنها رجراجةٌ وكثيرة الاهتزاز، ولا يمكن الاعتماد عليها، بل إنها بسبب اختلالها بقوة السلاح هي سببُ الاضطراب السياسي والإداري الحاصل. في لبنان بجب الاعتماد على قوة التوازن، اوعدم الافتراق عن القواعد المتعارَف عليها والراسخة قبل الطائف وبعده. وقد خَبَرْنا ماذا يعني السلاح الميليشياوي، وقبله وبعده خبرنا ماذا يعني الرئيس القوي، إذ تسببت هذه المقولةُ في ثلاث حروبٍ داخلية: عام 1958، وعام 1975، وعام 1988-1989. والممارسات السياسية والإدارية الشاذة والفصامية كبيرةٌ وكثيرة. والكل يعرفُها ويتابعها. ونكتفي في هذا المعرِض بأمرين: قانون الانتخاب العجيب الغريب. وقد سمعتُ مسؤولاً كبيراً يتمدح به قبل أسبوعين، وذكر من ضمن حسنات الصوت التفضيلي، أنه يكشف عن المرشح القوي، كأنّ الأكثريَّ مثلاً لا يفعلُ ذلك! هناك ثلاث كبائر في قانون الانتخابات العتيد هي: النسبية الشاملة، والصوت التفضيلي، وتركيبات الدوائر الانتخابية. بل وهناك قضايا أُخرى كثيرة نشرت وتنشر الاختلال في الحياة السياسية والاجتماعية اللبنانية لسنواتٍ كثيرةٍ قادمة. ثم من هو المسؤول عن هذا الانقسام الفظِّ الذي يُرادُ فرضُهُ بين المسيحيين والمسلمين في بيروت وغير بيروت. قانون الانتخابات الحالي هو نفسه تقريباً مشروع القانون الأرثوذكسي. وأنا متأكِّدٌ أنّ الاستلذاذ الذي يمارسُهُ المستفيدون منه، يشبه استمتاع القط الذي يلحس المبرد. والأمر الآخر ملف الكهرباء الذي يشبه في هَوله قانون الانتخاب. فبعد سيطرة فريقٍ واحدٍ مع حلفائه على هذا الملف لحوالى العقدين، وهدر عشرات المليارات من الدولارات، نسمع نائباً من نفس الفريق يقول إنه يريد تأمين الكهرباء للناس أخيراً من البر أو البحر أو الجو، فلماذا هذا الحرص الآن، وعلى استمرار الهدر ومراكمة عجز الموازنة والدين العام؟ ونحن نذكر هذين الملفين للتمثيل، وإلاّ فما هي حالة الاتصالات، وحالة النفايات، وحالة المالية العامة، الخ. لقد قلنا إنّ الاختلال الحاصل ينال من الشرعية الوطنية لأي حكومةٍ في أي مكان، فكيف إذا كان هذا كله لا يدفع أحداً من أرباب التسوية، للتواضُع واعتبار انّ ما يحصل ليس معقولاً ولا مقبولاً!
ونصلُ إلى الشرعية العربية لدولتنا ونظامنا في حالتها الحاضرة. لا نريد العودة للماضي حتى لا يكونَ الحديث عن إنكار الجميل. فلا مَنَّ ولا انتظار لشيئٍ من هذا القبيل لدى العرب تُجاهنا! هم يريدون فقط عدم تعمُّد الإضرار بأمنهم. لكنّ المسيطرين على زمام الأمور، وليس من وراء ستارٍ بل علناً يجهرون بإرادة الإضرار. المملكة دولةُ قويةٌ وتستطيع حماية
أمنها وأمن مواطنيها، لكنْ ماذا يحدث لأمننا ومصالحنا، وسط تحمُّس الحكم والحكومة وتسارُعهما باتجاه المحور الإيراني. الممارسات الحكومية عكس النأي بالنفس تماماً، وأول ما تضر لبنان واللبنانيين في أمنهم واستقرارهم، وفي تعريض البلاد للحرب، وفي رؤية العالم للدولة والنظام.
ولنتحدث قليلاً عن الشرعية الدولية للبنان. كل أسبوع أو عشرة أيام، ومنذ بداية هذا العهد وهذه الحكومة، يخرجون علنيا بإيكال وظائف ومهمات جديدة للسلاح غير الشرعي. في الأول لردع إسرائيل، وفي الثاني لمكافحة الإرهاب. وأخيراً لحماية ثرواتنا النفطية والغازية. لقد سمعتم جميعاً الأمين العام للحزب. وسمعنا وزير خارجية لبنان يقول للصحافيين بعد خروج وزير الخارجية الأميركي من مكتبه: تخافون على السيادة والنفط وأنا في وزارة الخارجية؟! نعم أيها السادة إنّ ثرواتنا الوطنية محفوظة بين صواريخ الحزب والضمانة الشخصية لوزيرالخارجية! إنّ هذه الاختلالات الكبيرة في الشرعيات الثلاث، تُهدّد بلادنا بالتحول إلى دولةٍ فاشلة. وهذا فضلاً عن الآثار المفزعة التي تتركها على العيش المشترك، والتوازُن الوطني. وليس هذا تقديراً شخصياً، بل هذه هي ملامحُ التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي.
فما العمل؟
من أجل التصحيح، وللإسهام في الإنقاذ الوطني، والنهوض الوطني، وتحرير الطائف والدستور والعيش المشترك، من رهانات وارتهانات الحكم وحكومة التسوية، نُطلقُ اليومَ حركة المبادرة الوطنية. لقد أنجزتم أيها السادةُ الحاضرون عشرات الجمعيات الأهلية والمدنية العاملة في التنمية، وفي التوعية السياسية، ونحن نريد بعد تشاوُرٍ معكم، ومع شخصياتٍ وطنيةٍ كثيرةٍ، طوال الشهور الماضية، أن نطوِّر آلياتِ تنسيقٍ للجهود، فنعملَ معاً متضامنين تحدونا هذه الأهداف الوطنية الكبرى، المتمثلة فيما يلي:
– استعادة الوعي بالطائف والدستور والعيش المشترك.
– ومصالحة المواطنين الشبان وغيرهم مع الدولة الأُخرى، دولة الحكم الصالح والرشيد.
– والمكافحة بالكلام السياسي وبالعمل السياسي والثقافي والتنموي لكي لا نتحول إلى دولةٍ فاشلة، وذات انتماءٍ هجين.
– والتواصل مع القوى والأحزاب الوطنية التي صمدت من وراء الشرعيات الثلاث، بحيث نتشارك جميعاً في تطوير عملٍ وطنيٍ شاملٍ لمكافحة السلاح غير الشرعي، والاستيلاء الإيراني، والاختلال في التوازن الوطني، وغرق أطراف التسوية في فظائع الفساد، واستعادة التسوية الوطنية والعربية والدولية للبنان.
أما الآليات التي نتبناها لإنجاح المباردة، والإسهام في التغيير فتتمثل في :
– انتخاب هيئة تنفيذية للتخطيط والتقرير والتنسيق مع الأطراف والشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية.
– وإقامة ندوات ووُرش عمل للتفكير في التغيير.
– وتنظيم وُرش عمل للمتابعة النقدية لتصرفات الحكم والحكومة.
– وإطلاق مبادرات تنموية في المدن والأرياف.
– ودعم المواقع الإعلامية المؤثّرة في التوعية التنموية والسياسية.
– والمشاركة في الانتخابات من طريق دعم المرشحين الذين يمكن أن يشكلوا فارقاً.
– والسعي لتطوير خطة وطنية تنموية شاملة، مستعينين بمؤسساتٍ للدراسات.
لا نقبل، ولا يقبل شباب لبنان، ولا تقبل فعالياته العلمية والأخلاقية والثقافية والسياسية، وبعد كل هذه التضحيات بالدم والعمران أن يؤول وطننا إلى لقمةٍ سائغةٍ لسياسات الخضوع والإخضاع، وتدمير إنجازات اللبنانيين واستقرارهم واستقلالهم.